سوسن
04-28-2010, 11:47 PM
يا لها من أيام عصيبة وليالٍ مريبة تلك التي يقضيها الإنسان بعيداً عن وطنه الذي يضم أهله وأصدقائه وذكريات الطفولة، وكيف كانت تداعبه أكف أحبته بكل حنان حتى يشب ويصبح يافعاً يعتمد على نفسه، وليته يدري بما يخبأ له القدر من رزايا كثيرة ستعصف به وترميه الرياح العاتيّة في غياهب الظلمة، نعم تلك هي الأيام التي تنتظر ذلك المواطن الإنسان إنها ( الغربة ).
يتعرض المغترب للكثير من الضغوطات التي تنهك كاهله وتحول أيامه إلى هم وحزن، ولعدم توافر الأهل والأصدقاء في بلد الغربة، فقد يزيد "الطين بلّه" فلمن يا ترى يشكو همومه؟ ويستند لمن عندما يشتد عليه المرض؟ ومن يستمع تأوهاته عندما تخرج من فمه؟ حاملة الكثير من مصدرها ألا وهو القلب فالقلب يختلج الكثير من هذه التأوهات فلمن يطلقها في غربتهِ إذاً؟.
ويصف الإمام الشافعي مشاعر المغترب حيث يقول:
إن الغريب له مخافة سارق .. وخضوع مديون وذلة موثق
فإذا تذكر أهـلـه وبـلاده ... ففؤاده كجنـاح طير خافق
فهل ضاقت الأوطان بأهلها؟ فقد كثر المغتربون فمنهم من هاجر طوعاً وبمحيض إرادته لدراسةٍ كانت أو لكسب الرزق وقد تتعدد الأسباب ولكن تبقى "الغربة" هيَ هيَ !!! .
كثُر الحديثُ عن الغربة والمغتربين فلم تسع كتب الأدباء والشعراء لوصفها، بل غدت الغربة هي من تصنع الأدباء والشعراء، وتكتبهم في سطورها التي ليس لها نهاية فلكل غريب مشهد يدمي القلب، وما أكثر المغتربين وما أكثر المشاهد التي تسبق الغربة فأي المشاهد نرويها فمعظمها كتبت بالدموع إن لم تكن جميعها ؟!!
ففي الغربة تخرج الروح من الجسد لتحلق حول الوطن من بُعيّد أيامٍ وليالٍ وبكل ما في هذا النَزع للروح من ألم فتّاك، يعيش "المغترب" على أمل العودة للوطن.
ولكن إذا كانت الغربة في الوطن فأنّا له أن يعود؟ !! هنا يزداد الألم أضعافاً مضاعفة لأن روحة تتعذب داخل جسده بلا انتزاع , يقول الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام:
(( الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن ))
وهذا ما يعانيه المواطن الذي يعيش "الغربة" في وطنه عندما تتكالب عليه قوى الشر وفق معطيات القهر والفقر والمرض ...الخ.
فثقل هم "الغريب" يزداد، ويزداد ألمه وفقره وجوعه، وربما ينتزع الأمل من ذاته و يعيش بهذه "الغربة" طيلة حياته، وما عليه سوى أن ينتظر قدره حتى يوافيه الأجل.
لهذا نجد خروج المغترب من وطنه أمراً لا بد منه فطلب الرزق وطلب العلم أمر واجب علينا لهذا ذكر الإمام الشافعي فضل التغرّب بقوله:
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ** ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطنـه** وفي التغرب محمول على العنـق
والكحل نوع من الأحجار تنظره ** في أرضه وهو مرمى على الطرق
والكـحل نوع مـن الأحجار تنـره ** فصار يحمل بين الجفن والـدق
وفي موقع آخر له, أي الشافعي يحث فيه الإنسان على الغربة لما فيها من عزّة وشموخ في ظل القهر الذي يعيشه الغريب في وطنه, لذا نجد الأدباء والشعراء والمثقفون والفلاسفة يتكيفون مع الأجواء التي تميّز الغربة عن الوطن فتراهم يخرجون من أوطانهم بعزة وكبرياء قل نظيره, فيسطرون أروع معاني العزة في غربتهم حتى في ظل شغفهم ولهفتهم على أوطانهم وسُكناها.
لذلك تجد ذوي العقول والأدباء يغتربون ليواصلون إبداعاتهم التي ربما تدفن عندما يظلون في أوطانهم .
لذا قال الإمام الشافعي في هذا الموضع :
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب ** من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه ** وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصـب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده ** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطـب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست ** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ** لملَّها الناس من عجم ومن عــرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه ** والعود في أرضه نوع من الحطـب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبــه ** وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهـب
لقد تناولنا في مجمل حديثنا بشكل مفصل ما يعانيه المغترب في غربته سواءً كان في وطنه أو خارجه, ولو أردنا التوسع في هذا المجال لملأنا المكاتب من الكتب التي تتحدث عن الغربة فلكل غريبٍ قصة ولكل غريبة حكاية فأيها نتناول وأيها نفصل, لهذا تحدثنا بشكل عام تقريباً مع أننا خصصنا في آخر حديثنا المغتربون من الأدباء والمثقفين .
وهناك نوع من آخر من الأغتراب وهو يحتاج لسرد آخر قد لا أستطيع التطرق إليه وهو الإحساس بالغربة بين أهلك وأحبابك وهو شعور قد يكون أصاب الكثير منا وخاصةً عندما تتكالب عليه الأيام والليالي ويمر بمنعطف خطير في حياته أو يقع في مشكلة تحتاج لمن يستند عليه ليزيح عنه ثقل هذه المشكلة فعندما يتخلى عنه أقرب المقربين إليه أو أنه لا يشعر بمعاناته فينعزل بفكره وقلبه بعيداً عن من حولة ولا يشعر به أحد غير الواحد القهار الذي ليس كمثلهِ شيء وعليه المعوّل في الشدة والرخاء .
غريبٌ بين أهلي
وفي وسط داري
أبحث عن قلبٍ
يحفظ أسراري
ويكون نفسي
يحن إلى داري
معي ولكنه
يشغل أفكاري
يكون معي
ويرتل أشعاري
يلومني
لو شكوت لجاري
عن محنةٍ
كانت بأقداري
يتعرض المغترب للكثير من الضغوطات التي تنهك كاهله وتحول أيامه إلى هم وحزن، ولعدم توافر الأهل والأصدقاء في بلد الغربة، فقد يزيد "الطين بلّه" فلمن يا ترى يشكو همومه؟ ويستند لمن عندما يشتد عليه المرض؟ ومن يستمع تأوهاته عندما تخرج من فمه؟ حاملة الكثير من مصدرها ألا وهو القلب فالقلب يختلج الكثير من هذه التأوهات فلمن يطلقها في غربتهِ إذاً؟.
ويصف الإمام الشافعي مشاعر المغترب حيث يقول:
إن الغريب له مخافة سارق .. وخضوع مديون وذلة موثق
فإذا تذكر أهـلـه وبـلاده ... ففؤاده كجنـاح طير خافق
فهل ضاقت الأوطان بأهلها؟ فقد كثر المغتربون فمنهم من هاجر طوعاً وبمحيض إرادته لدراسةٍ كانت أو لكسب الرزق وقد تتعدد الأسباب ولكن تبقى "الغربة" هيَ هيَ !!! .
كثُر الحديثُ عن الغربة والمغتربين فلم تسع كتب الأدباء والشعراء لوصفها، بل غدت الغربة هي من تصنع الأدباء والشعراء، وتكتبهم في سطورها التي ليس لها نهاية فلكل غريب مشهد يدمي القلب، وما أكثر المغتربين وما أكثر المشاهد التي تسبق الغربة فأي المشاهد نرويها فمعظمها كتبت بالدموع إن لم تكن جميعها ؟!!
ففي الغربة تخرج الروح من الجسد لتحلق حول الوطن من بُعيّد أيامٍ وليالٍ وبكل ما في هذا النَزع للروح من ألم فتّاك، يعيش "المغترب" على أمل العودة للوطن.
ولكن إذا كانت الغربة في الوطن فأنّا له أن يعود؟ !! هنا يزداد الألم أضعافاً مضاعفة لأن روحة تتعذب داخل جسده بلا انتزاع , يقول الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام:
(( الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن ))
وهذا ما يعانيه المواطن الذي يعيش "الغربة" في وطنه عندما تتكالب عليه قوى الشر وفق معطيات القهر والفقر والمرض ...الخ.
فثقل هم "الغريب" يزداد، ويزداد ألمه وفقره وجوعه، وربما ينتزع الأمل من ذاته و يعيش بهذه "الغربة" طيلة حياته، وما عليه سوى أن ينتظر قدره حتى يوافيه الأجل.
لهذا نجد خروج المغترب من وطنه أمراً لا بد منه فطلب الرزق وطلب العلم أمر واجب علينا لهذا ذكر الإمام الشافعي فضل التغرّب بقوله:
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ** ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطنـه** وفي التغرب محمول على العنـق
والكحل نوع من الأحجار تنظره ** في أرضه وهو مرمى على الطرق
والكـحل نوع مـن الأحجار تنـره ** فصار يحمل بين الجفن والـدق
وفي موقع آخر له, أي الشافعي يحث فيه الإنسان على الغربة لما فيها من عزّة وشموخ في ظل القهر الذي يعيشه الغريب في وطنه, لذا نجد الأدباء والشعراء والمثقفون والفلاسفة يتكيفون مع الأجواء التي تميّز الغربة عن الوطن فتراهم يخرجون من أوطانهم بعزة وكبرياء قل نظيره, فيسطرون أروع معاني العزة في غربتهم حتى في ظل شغفهم ولهفتهم على أوطانهم وسُكناها.
لذلك تجد ذوي العقول والأدباء يغتربون ليواصلون إبداعاتهم التي ربما تدفن عندما يظلون في أوطانهم .
لذا قال الإمام الشافعي في هذا الموضع :
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب ** من راحة فدع الأوطان واغتـرب
سافر تجد عوضـا عمن تفارقــه ** وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصـب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده ** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطـب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست ** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ** لملَّها الناس من عجم ومن عــرب
والتِّبرُ كالتُّـرب مُلقى في أماكنـه ** والعود في أرضه نوع من الحطـب
فإن تغرّب هـذا عـَزّ مطلبــه ** وإن تغرب ذاك عـزّ كالذهـب
لقد تناولنا في مجمل حديثنا بشكل مفصل ما يعانيه المغترب في غربته سواءً كان في وطنه أو خارجه, ولو أردنا التوسع في هذا المجال لملأنا المكاتب من الكتب التي تتحدث عن الغربة فلكل غريبٍ قصة ولكل غريبة حكاية فأيها نتناول وأيها نفصل, لهذا تحدثنا بشكل عام تقريباً مع أننا خصصنا في آخر حديثنا المغتربون من الأدباء والمثقفين .
وهناك نوع من آخر من الأغتراب وهو يحتاج لسرد آخر قد لا أستطيع التطرق إليه وهو الإحساس بالغربة بين أهلك وأحبابك وهو شعور قد يكون أصاب الكثير منا وخاصةً عندما تتكالب عليه الأيام والليالي ويمر بمنعطف خطير في حياته أو يقع في مشكلة تحتاج لمن يستند عليه ليزيح عنه ثقل هذه المشكلة فعندما يتخلى عنه أقرب المقربين إليه أو أنه لا يشعر بمعاناته فينعزل بفكره وقلبه بعيداً عن من حولة ولا يشعر به أحد غير الواحد القهار الذي ليس كمثلهِ شيء وعليه المعوّل في الشدة والرخاء .
غريبٌ بين أهلي
وفي وسط داري
أبحث عن قلبٍ
يحفظ أسراري
ويكون نفسي
يحن إلى داري
معي ولكنه
يشغل أفكاري
يكون معي
ويرتل أشعاري
يلومني
لو شكوت لجاري
عن محنةٍ
كانت بأقداري