Abu anas
06-11-2010, 10:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم الدكتور : محمدسعيد رمضان البوطي
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه «من الفكر والقلب» - فصل الدين والحب:
(الحب هو من جملة الانفعالات القسرية التي لا سلطان عليها)، أي أن الحب يدخل إلى قلب الإنسان دون إرادة صاحبه، فلا يملك أن يمنعه من الدخول إلى قلبه، أو أن يجلبه إليه متى شاء.
ومن هنا جاء دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تؤاخذني فيما لا أملك)،
وكان يعني ميل قلبه صلى الله عليه وسلم إلى عائشة رضي الله عنها أكثر من بقية نسائه، بمعنى أنه حين يعلق قلب الإنسان بامرأة لا يأتي الإسلام ويقول له: يجب عليك أن تُخرج هذا الحب من قلبك
. وإنما يضع الإسلام أمامه المنهي عنه في قضايا التعامل مع المرأة مثل النهي عن النظروالمصافحة والخلوة وما هو أكثر من ذلك..
وفي المقابل يفسح المجال له في الزواج ممن أحب. فالحب لا يدخل في دائرتي الحلال والحرام، فلا نستطيع أن نقول أن الحب حلال أوأن الحب حرام. ولكن إن وقع المسلم في الحب فعليه الالتزام بتعاليم الإسلام الخاصة بتعامل الرجل مع المرأة.
والحب من العواطف الإنسانية الموجودة في الإنسان كالحزن والفرح والغضب وغيرها.. وعلى المسلم أن يهذّب هذه العاطفة ويوجّهها الوجهة الصحيحة التي تتفق مع الشرع.
والمسلمون في العصور السابقة لم ينظروا إلى عاطفة الحب كما ينظر إليها المسلم المتديّن اليوم،فعلى سبيل المثال ألّف ابن حزم - وهو من الأئمة المجتهدين - كتاباً عن الحب وسماه (طوق الحمامة في الأُلفة والأُلاف)،
وألّف ابن القيمالجوزية كتاباً آخر عن الحب اسمه
(روضة المحبين ونزهةالمشتاقين)، وهذان الكتابان يتناولان الحب ودواعيه والشوق والوصال والهجرانوكل مفردات الحب ومعانيه.
ومما يُروى في زمن التابعين أن العابد عبد الرحمن بن عبد الله المكي - وهو من رجال مسلم - الذي اشتهر بلقب (القس) لشدة عبادته، أنه أحب الجارية المغنية (سلامة)، لكن هذا الحب لم يُوقعه في المحرمات، بل حدث العكس من ذلك فقد قدّم أُنموذجاً رائعاً للمؤمن الذي يقع في الحب دون أن يقع في المحرمات، وهو لم يستطع الزواج منها، وإنما صبر واحتسب وأرجأ وصالها إلى يومالقيامة،
مستدلاً بقول الله تعالى: <الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين>الزخرف آية 67،
وقال أحد الشعراء علىلسانه:
قالوا أحب القسُّ سلاّمة وهو التقي الناسك الطاهرُ
كأنما لم يدر قلبي الهوى إلا الغويّ الفاتك الفاجرُ
يـا قومُ إني بشر مثلكم وفاطري ربكم الفاطرُ
لـي كبد تهفو كأكبادكم ولي فؤاد مثلكم شاعرُ
وتبعاً لماذكرته عن الحب فإن شعر الحب والغزل لا شيء فيه إن وُجّه الوجهة الصحيحة التي تتفقمع مفاهيم الشرع،
وقد وضع العلماء شرطين لشعرالحب والغزل:
الأول - أن لا يكون غزلاًفاحشاً.
الثاني - أن لا يكون في امرأة معينة ، حفظاً لأعراض الناس.
لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن شعر الغزل، وسيرته تحكي عنه أن كان يسمع شعرالغزل كأي غرض من أغراض الشعر
ومن المشهور أيضاً أن بعض قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه التي قالها في صدر الإسلام كان يبدأها بمقدمة غزلية، وكان ينشد هذه القصائد أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قصيدته التي مطلعها:
تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقي الضجيع بباردبسّامِ
وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على الغزل في الأعراس، فقد روى الطبراني وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أنها زوّجت يتيمة من الأنصار، وكانت عائشة فيمن أهداها إلى زوجها،قالت: فلما رجعنا قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قلتم يا عائشة؟ فقالت سلّمنا ودعونا بالبركة ثم انصرفنا. فقال لنا عليه الصلاة والسلام: إن الأنصار قوم فيهم غزل، ألا قلتم يا عائشة:
أتيناكـم أتيناكــم فحيونـا نحييكـم
ولولا الحبة السمراء مـا حلت بواديكم
ومعنى البيت الثاني: ولولا عروستكم الجميلة ما جئنا إليكم وخطبنامنكم.
وأنا أعجب من حال المسلم اليوم الذي يرفض سماع شعر الحب والغزل، فإذا كان الأنصار رضوان اللهعليهم فيهم الغزل، فما المانع أن يكون فينا الغزل أو أن نسمع شعرالغزل؟
والمشكلة أن بعض المتديّنين يرفض شعر الغزل حتى وإن ثبت له أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمعه ويبيحه، فهو يشعر بصعوبة الاقتناع بذلك بعد أن عاش ردحاً من الزمن رافضاً له. فلماذا لا نكون وقّافين عند حدود الله؟
بقلم الدكتور : محمدسعيد رمضان البوطي
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه «من الفكر والقلب» - فصل الدين والحب:
(الحب هو من جملة الانفعالات القسرية التي لا سلطان عليها)، أي أن الحب يدخل إلى قلب الإنسان دون إرادة صاحبه، فلا يملك أن يمنعه من الدخول إلى قلبه، أو أن يجلبه إليه متى شاء.
ومن هنا جاء دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تؤاخذني فيما لا أملك)،
وكان يعني ميل قلبه صلى الله عليه وسلم إلى عائشة رضي الله عنها أكثر من بقية نسائه، بمعنى أنه حين يعلق قلب الإنسان بامرأة لا يأتي الإسلام ويقول له: يجب عليك أن تُخرج هذا الحب من قلبك
. وإنما يضع الإسلام أمامه المنهي عنه في قضايا التعامل مع المرأة مثل النهي عن النظروالمصافحة والخلوة وما هو أكثر من ذلك..
وفي المقابل يفسح المجال له في الزواج ممن أحب. فالحب لا يدخل في دائرتي الحلال والحرام، فلا نستطيع أن نقول أن الحب حلال أوأن الحب حرام. ولكن إن وقع المسلم في الحب فعليه الالتزام بتعاليم الإسلام الخاصة بتعامل الرجل مع المرأة.
والحب من العواطف الإنسانية الموجودة في الإنسان كالحزن والفرح والغضب وغيرها.. وعلى المسلم أن يهذّب هذه العاطفة ويوجّهها الوجهة الصحيحة التي تتفق مع الشرع.
والمسلمون في العصور السابقة لم ينظروا إلى عاطفة الحب كما ينظر إليها المسلم المتديّن اليوم،فعلى سبيل المثال ألّف ابن حزم - وهو من الأئمة المجتهدين - كتاباً عن الحب وسماه (طوق الحمامة في الأُلفة والأُلاف)،
وألّف ابن القيمالجوزية كتاباً آخر عن الحب اسمه
(روضة المحبين ونزهةالمشتاقين)، وهذان الكتابان يتناولان الحب ودواعيه والشوق والوصال والهجرانوكل مفردات الحب ومعانيه.
ومما يُروى في زمن التابعين أن العابد عبد الرحمن بن عبد الله المكي - وهو من رجال مسلم - الذي اشتهر بلقب (القس) لشدة عبادته، أنه أحب الجارية المغنية (سلامة)، لكن هذا الحب لم يُوقعه في المحرمات، بل حدث العكس من ذلك فقد قدّم أُنموذجاً رائعاً للمؤمن الذي يقع في الحب دون أن يقع في المحرمات، وهو لم يستطع الزواج منها، وإنما صبر واحتسب وأرجأ وصالها إلى يومالقيامة،
مستدلاً بقول الله تعالى: <الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين>الزخرف آية 67،
وقال أحد الشعراء علىلسانه:
قالوا أحب القسُّ سلاّمة وهو التقي الناسك الطاهرُ
كأنما لم يدر قلبي الهوى إلا الغويّ الفاتك الفاجرُ
يـا قومُ إني بشر مثلكم وفاطري ربكم الفاطرُ
لـي كبد تهفو كأكبادكم ولي فؤاد مثلكم شاعرُ
وتبعاً لماذكرته عن الحب فإن شعر الحب والغزل لا شيء فيه إن وُجّه الوجهة الصحيحة التي تتفقمع مفاهيم الشرع،
وقد وضع العلماء شرطين لشعرالحب والغزل:
الأول - أن لا يكون غزلاًفاحشاً.
الثاني - أن لا يكون في امرأة معينة ، حفظاً لأعراض الناس.
لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن شعر الغزل، وسيرته تحكي عنه أن كان يسمع شعرالغزل كأي غرض من أغراض الشعر
ومن المشهور أيضاً أن بعض قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه التي قالها في صدر الإسلام كان يبدأها بمقدمة غزلية، وكان ينشد هذه القصائد أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قصيدته التي مطلعها:
تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقي الضجيع بباردبسّامِ
وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على الغزل في الأعراس، فقد روى الطبراني وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أنها زوّجت يتيمة من الأنصار، وكانت عائشة فيمن أهداها إلى زوجها،قالت: فلما رجعنا قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قلتم يا عائشة؟ فقالت سلّمنا ودعونا بالبركة ثم انصرفنا. فقال لنا عليه الصلاة والسلام: إن الأنصار قوم فيهم غزل، ألا قلتم يا عائشة:
أتيناكـم أتيناكــم فحيونـا نحييكـم
ولولا الحبة السمراء مـا حلت بواديكم
ومعنى البيت الثاني: ولولا عروستكم الجميلة ما جئنا إليكم وخطبنامنكم.
وأنا أعجب من حال المسلم اليوم الذي يرفض سماع شعر الحب والغزل، فإذا كان الأنصار رضوان اللهعليهم فيهم الغزل، فما المانع أن يكون فينا الغزل أو أن نسمع شعرالغزل؟
والمشكلة أن بعض المتديّنين يرفض شعر الغزل حتى وإن ثبت له أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمعه ويبيحه، فهو يشعر بصعوبة الاقتناع بذلك بعد أن عاش ردحاً من الزمن رافضاً له. فلماذا لا نكون وقّافين عند حدود الله؟