عاشق الوطنية
07-06-2010, 07:20 PM
أبصرتها ، و الشمس عند شروقها فرأيتها مغمورة بالنار و رأيتها عند الغروب غريقه في لجّة من سندس و نضار و رأيتها تحت الدجى ، فرأيتها في بردتين : سكينة ووقار فتنبّهت في النفس أحلام الصبى و غرقت في بحر من التّذكار ...
نفسي لها من جنّة خلّابة نسجت غلائلها يد الأمطار أنّى مشيت نشقت مسكا أزفرا في أرضها و سمعت صوت هزار ...
ذات الجبال الشّامخات إلى العلا يا ليت في أعلى جبالك داري لأرى الغزالة قبل سكان الحمى و أعانق النّسمات في الأسحار لأرى رعاتك في المروج و في الربى و الشّاء سارحة مع الأبقار لأرى الطيور الواقعات على الثرى و النحل حائمة على الأزهار لأساجل الورقاء في تغريدها و تهزّ روحي نفحة المزمار لأسامر الأقمار في أفلاكها تحت الظّلام إذا غفا سمّاري لأراقب " الدلوار " في جريانه و أرى خيال البدر في " الدلوار " ...
بئس المدينة إنّها سجن النّهى و ذوي النّهى ، و جهنّم الأحرار لا يملك الإنسان فيها نفسه حتّى يروّعه ضجيج قطار وجدت بها نفسي المفاسد و الأذى في كلّ زاوية و كلّ جدار لا يخدعنّ الناظرين برجها تلك البروج مخابيء للعار لو أنّ حاسد أهلها لاقى الذي لاقيت لم يحسد سوى " بشّار " غفرانك اللّهم ما أنا كافر فلم تعذّب مهجتي بالنّار ؟ ...
لله ما أشهى القرى و أحبّها لفتى بعيد مطارح الأفكار إن شئت تعرى من قيودك كلّها فانظر إلى صدر السّماء العاري و امش على ضوء الصّباح ، فإن خبا فامش على ضوء الهلال السّاري عش في الخلا تعش خليّا هانئا كالطّير ... حرا ، كالغدير الجاري عش في الخلاء كما تعيش طيوره الحرّ يأبى العيش تحت ستار ! ...
شلّال " ملفرد " لا يقرّ قراره و أنا لشوقي لا يقرّ قراري فيه من السيف الصقيل بريقه و له ضجيج الجحفل الجرّار أبدا يرش صخوره بدموعه أتراه يغسلها من الأوزار ؟ فاذا تطاير ماؤه متناثرا أبصرت حول السفح شبه غبار كالبحر ذي التّيار يدفع بعضه و يصول كالضرغام ذي الأظفار من قمّة كالنهد ، أيّ فتى رأى نهدا يفيض بعارض مدرار ؟ فكأنّما هي منبر و كأنّه " ميراب " بين عصائب الثوّار من لم يشاهد ساعة و ثباته لم يدر كيف تغطرس الجبّار ما زلت أحسب كلّ صمت حكمة حتّى بصرت بذلك الثرثار أعددت ، قبل أراه ، وقفة عابر لاه فكانت وقفة استعبار ! .. ...
يا أخت دار الخلد ؛ يا أم القرى ، يا ربّة الغابات و الأنهار لله يوم فيك قد قضّيته مع عصبة من خيرة الأنصار نمشي على تلك الهضاب ودوننا بحر من الأغراس و الأشجار تنساب فيه العين بين جداول و خمائل و مسالك و ديار آنا على جبل مكين راسخ راس ، و آنا فوق جرف هار تهوي الحجارة تحتنا من حالق و نكاد أن نهوي مع الأحجار لو كنت شاهدنا نهرول من عل لضحكت منّا ضحكة استهتار الريح ساكنة و نحن نظنّنا للخوف مندفعين مع إعصار و الأرض ثابتة و نحن نخالها تهتزّ مع دفع النسيم السّاري مازال يسند بعضنا بعضا كما يتماسك الروّاد في الأسفار ويشدّ هذا ذاك من أزراره فيشدّني ذيّاك من أزراري حتى رجعنا سالمين و لم نعد لو لم يمدّ الله في الأعمار و لقد وقفت حيال نهرك بكرة و الطير في الركنات و الأوكار متهيّبا فكأنّني في هيكل و كأنّه سفر من الأسفار ما كنت من يهوى السكوت و إنّما عقلت لساني رهبة الأدهار مرّ النسيم به فمرّت مقلتي منه بأسطار على أسطار فالقلب مشتغل بتذكاراته و الطرف مندفع مع التيّار حتى تجلّت فوق هاتيك الربى شمس الصباح تلوح كالدّينار فعلى جوانبه وشاح زبرجد و على غراربه و شاح بهار لو أبصرت عيناك فيه خيالها لرأيت مرآة بغير إطار يمّمته سحرا و أسراري معي و رجعت في أعماقه أسراري ! .. ...
إنّي حسدت على القرى أهل القرى و غبطت حتّى نافخ المزمار ليل و صبح بين إخوان الصّفا ما كان أجمل ليلتي و نهاري !
نفسي لها من جنّة خلّابة نسجت غلائلها يد الأمطار أنّى مشيت نشقت مسكا أزفرا في أرضها و سمعت صوت هزار ...
ذات الجبال الشّامخات إلى العلا يا ليت في أعلى جبالك داري لأرى الغزالة قبل سكان الحمى و أعانق النّسمات في الأسحار لأرى رعاتك في المروج و في الربى و الشّاء سارحة مع الأبقار لأرى الطيور الواقعات على الثرى و النحل حائمة على الأزهار لأساجل الورقاء في تغريدها و تهزّ روحي نفحة المزمار لأسامر الأقمار في أفلاكها تحت الظّلام إذا غفا سمّاري لأراقب " الدلوار " في جريانه و أرى خيال البدر في " الدلوار " ...
بئس المدينة إنّها سجن النّهى و ذوي النّهى ، و جهنّم الأحرار لا يملك الإنسان فيها نفسه حتّى يروّعه ضجيج قطار وجدت بها نفسي المفاسد و الأذى في كلّ زاوية و كلّ جدار لا يخدعنّ الناظرين برجها تلك البروج مخابيء للعار لو أنّ حاسد أهلها لاقى الذي لاقيت لم يحسد سوى " بشّار " غفرانك اللّهم ما أنا كافر فلم تعذّب مهجتي بالنّار ؟ ...
لله ما أشهى القرى و أحبّها لفتى بعيد مطارح الأفكار إن شئت تعرى من قيودك كلّها فانظر إلى صدر السّماء العاري و امش على ضوء الصّباح ، فإن خبا فامش على ضوء الهلال السّاري عش في الخلا تعش خليّا هانئا كالطّير ... حرا ، كالغدير الجاري عش في الخلاء كما تعيش طيوره الحرّ يأبى العيش تحت ستار ! ...
شلّال " ملفرد " لا يقرّ قراره و أنا لشوقي لا يقرّ قراري فيه من السيف الصقيل بريقه و له ضجيج الجحفل الجرّار أبدا يرش صخوره بدموعه أتراه يغسلها من الأوزار ؟ فاذا تطاير ماؤه متناثرا أبصرت حول السفح شبه غبار كالبحر ذي التّيار يدفع بعضه و يصول كالضرغام ذي الأظفار من قمّة كالنهد ، أيّ فتى رأى نهدا يفيض بعارض مدرار ؟ فكأنّما هي منبر و كأنّه " ميراب " بين عصائب الثوّار من لم يشاهد ساعة و ثباته لم يدر كيف تغطرس الجبّار ما زلت أحسب كلّ صمت حكمة حتّى بصرت بذلك الثرثار أعددت ، قبل أراه ، وقفة عابر لاه فكانت وقفة استعبار ! .. ...
يا أخت دار الخلد ؛ يا أم القرى ، يا ربّة الغابات و الأنهار لله يوم فيك قد قضّيته مع عصبة من خيرة الأنصار نمشي على تلك الهضاب ودوننا بحر من الأغراس و الأشجار تنساب فيه العين بين جداول و خمائل و مسالك و ديار آنا على جبل مكين راسخ راس ، و آنا فوق جرف هار تهوي الحجارة تحتنا من حالق و نكاد أن نهوي مع الأحجار لو كنت شاهدنا نهرول من عل لضحكت منّا ضحكة استهتار الريح ساكنة و نحن نظنّنا للخوف مندفعين مع إعصار و الأرض ثابتة و نحن نخالها تهتزّ مع دفع النسيم السّاري مازال يسند بعضنا بعضا كما يتماسك الروّاد في الأسفار ويشدّ هذا ذاك من أزراره فيشدّني ذيّاك من أزراري حتى رجعنا سالمين و لم نعد لو لم يمدّ الله في الأعمار و لقد وقفت حيال نهرك بكرة و الطير في الركنات و الأوكار متهيّبا فكأنّني في هيكل و كأنّه سفر من الأسفار ما كنت من يهوى السكوت و إنّما عقلت لساني رهبة الأدهار مرّ النسيم به فمرّت مقلتي منه بأسطار على أسطار فالقلب مشتغل بتذكاراته و الطرف مندفع مع التيّار حتى تجلّت فوق هاتيك الربى شمس الصباح تلوح كالدّينار فعلى جوانبه وشاح زبرجد و على غراربه و شاح بهار لو أبصرت عيناك فيه خيالها لرأيت مرآة بغير إطار يمّمته سحرا و أسراري معي و رجعت في أعماقه أسراري ! .. ...
إنّي حسدت على القرى أهل القرى و غبطت حتّى نافخ المزمار ليل و صبح بين إخوان الصّفا ما كان أجمل ليلتي و نهاري !