رامون
08-24-2010, 06:17 PM
عندما فكرت في كتابة بحث موثق وجدي عن الغجر في الوطن العربي ، واجهت صعوبات كثيرة في الحصول على المعلومات التاريخية الكافية والموقنعة قبل محاولة الاقتراب من واقعهم المعاصر.. فرغم انتشار هذه الفئة العرقية في ارجاء العالم المعاصر ،إلا انها لازالت محتفظة باسرار نشاتها وحياتها ماضيا وحاضرا، مع الامتناع عن التحدث عن انفسهم مع اي باحث او منقب ، رغم كل المحاولات التي تبذل لإقناعهم بان المعلومات التي يدلون بها لن تضرهم في شيء، وان الهدف هو التعريف بهم وبحياتهم وبكل ما يمت إليهم بصلة، ناهيك عن ندرة المصادر والمراجع ، التي تتحدث عن الغجر , وهذا المقال هو جزء من كتاب طور الاعداد عن اصول المصريين وتاريخهم ، ولكننا سوف نتحدث عن الغجر في الوطن العربي فقط في هذا المقال رغم وجودهم في معظم بلاد العالم .
11187
تاريخ الغجر واصولهم :
ان تاريخ هذه القبائل يعود إلى ما قبل ثلاثة آلاف سنة . فقد تجمعت آنذاك على شواطئ الهندوس قبيلة يتقن افرادها صنع المعادن ، ويعرفون اسرار البرونز . تلك الاسرار التي اطلعوا عليها شعوباً اخرى لاحقا، عندما بداو بالهجرة حوالي سنة 1000 ق.م ، و كان سبب هجرتهم من الهند نحو الغرب هي الغزوات البربرية انذاك. وهم من الشعوب القوقازية السمراء من حيث التصنيف العرقي.
وقد شق الغجر طريقهم الى الحياة عبر عشرة قرون في اربعين بلدا وسارت قوافلهم محملة بالحرير والشاي والافكار والتقاليد والعادات وتوجهوا نحو آسيا الصغرى . ومن هناك تفرقوا إلى قوافل وفروع ،فاتجهت قافلة الي جزيرة كريت وبلاد البلقان ، وتقدمت اخرى نحو مصر وافريقيا الشمالية لتصل اخيراً إلى اسبانيا . وتفرع عنها قسم اجتاز شبه الجزيرة الإيطالية ، وعبر منها إلى سويسرا وفرنسا والمانيا وبلجيكا، ومن هناك إلى انكلترا ، ثم انطلقت فروع في اتجاهات عدة فبلغت اوروبا الشمالية والدانمارك والسويد ، وهنا يجب لفت النظر الي انة ليس كل دولة بها غجر هي دولة من اصول غجرية بل انها كانت هدفا لموجة هجرة الغجر الكبرى القادمة كما اسلفنا من الهند في الشرق ، ولا ننسي في معرض الحديث عن اصل الغجر ان ندون ماقالة بعضهم عن اصلهم حيث اكدو انهم اولاد قابيل ابن ادم علية السلام والذي كتب علية الترحال بعد قتلة اخية هابيل ودعاء ادم علية بالشتات والترحال وعدم الاستقرار، فتراث هذا الشعب الرّحّال ، تراث شفهي كله ، ينتقل من الام إلى ابنتها ، ولا يمكن معرفة شيء عنه ، سوى ما يقبل الغجر بكشفه.
ومن الجديربذكر انه قد تردد الحديث عن إنشاء دولة مستقلة للغجر في الستينات ،ولكن لم يسفر عن اية نتيجة رغم تدخل الامم المتحدة والسبب اغرب من ان يصدق وهو ان عشرات الالوف من الغجر عارضوا هذا المشروع.إن الغجر يعتبرون انفسهم «اولاد الطرقات ، وشهود الزمان ، ابناء الرياح … الشعب المختار»و يقول مثل غجري «إذا قطعت غجرياً إلى عشرة اقسام ، فلا تظن انك قتلته وإنما انت في الحقيقة قد صنعت منه عشرة غجريين» وهناك مقولة عمرها نصف قرن تقول ان الغجر ، حين تحين ساعتهم ، وينتهي الناس البلهاء من إفناء بعضهم بعضاً ، بإطلاقهم قوى عشواء ، ينزلون من جبال تيبت ، ويصبحون ينبوع حياة جديدة على الارض. وتقول ايضا موروثاتهم الشعبية عندما سئل الغجر لماذا يسرقون ؟ اجابوـ إننا كنا عند صلب المسيح فسرق جدنا الاكبر احد المسامير التي كان يجب ان تدق في جسد المسيح، فخففنا عنه الالم، ومن يومها ونحن نسرق،
وقد جاء في العهد القديم (التوراة) عن سلالة الغجر انهم سلالة قابيل عامل المعدن في اللغات السامية حيث انهم السلالة الملعونة وورد في الاصحاح الرابع عدد 12 (متى عملت الارض لا تعيد تعطيك قوتها تائها هاربا تكون في الارض) الاصحاح الرابع عدد 15 (وجعل الرب لقابين علامة كي لا يقتله كل من وجده) وهي علامة (t) وهي يقال ان الغجر يضعون علامة التمييز لشخص بانه ينتمي الى عشيرة معينة ويعتبر الثار من العقائد الثابتة عند الغجر ، وقد حدد الاصحاح الرابع العدد 19-22 مهنة الغجر (المفروض على ابناء قابيل) والنص هو (واتخذ لامك لنفسه امراتين اسم واحدة عاده واسم الاخرى صله فولدت عادة يابال الذي كان ابا لساكني الخيام ورعاة المواشي. واسم اخيه يوبال وكان ابا لكل ضارب عود ومزمار، وولدت صلة توبال قابين الضارب كل آلة من نحاس او حديد).
11188
اسماء الغجر في بلاد العرب :
اسماء عديدة اطلقها العرب قديماً على الغجر ومنها الدوم والزط والسبابجة و القرباط و الغجار بينما يطلق عليهم في العراق الكاولية وفي بلاد الشام النوّر وفي بعض مناطق الخليج الصلبي ، والسبابجة صفة اطلقت على الزط كلهم في اول الامر او على مجموعة منهم بسبب لون بشرتهم الاسمر الداكن، والفرد من هذه الجماعة يقال له (سبيجي او سابج) ، وهم يستاجرون ليكونوا مقاتلين مرتزقة ، فهم يتقنون فنون قتال الهند التي لا يعرفها العرب، وقد اشتغلوا في البصرة كشرطة وحراس سجون ، ولغتهم من لغات الهند ، اختصوا ايضا بالعمل في الملاحة البحرية، وقد استقر بعض السبابجة مع ذراريهم في البصرة حتى ان احد احيائها حمل اسمهم ، فيما قطن الزط اهوار العراق ليعملوا في الزراعة الرعوية.
ويعرف العرب لغتهم على انها اللغة العصفورية. ولغتهم هي الدوماري ، وهي لغة شفهية غير مكتوبة ، يتكلم بها كبار السن من الغجر وتبدو كانها خليط من الفارسية والتركية والهندية والعربية ، وهي لغة تكاد تندثر ، والغجر عادة يتحدثون بلغات ولهجات الشعوب التي يعيشون بالقرب منها .وبعد الهجرات والحروب المتعاقبة للغجر في بلاد العرب بقي منهم عدد قليل في بلاد العرب ، والتجمعات الاكبر منهم الان في الاردن و سوريا والعراق.
كيف جاء الغجر الي بلاد العرب :
الغجر قبائل هندية الاصل وبالتحديد من حوض نهر السند، و كانوا يعرفون بـزنوج الهند بسبب بشرتهم السمراء، وكانت لهم حلاقة وازياء خاصة ودخلت المجتمع العربي عن طريق بلاد فارس . فيحكى ان الملك الفارسي بهرام جور كان لديه مجلس يزخر بالمتع ، ولكن بلا موسيقى ، فارسل يطلب من ملك الهند (ثانغول) بعض الموسيقيين ، فارسل إليه اثني عشر الف موسيقي من الرجال والنساء ، فاعطاهم بهرام بقرا وقمحا ، وبعد ان نفد ما لديهم، شرعوا يتنقلون في البلاد يرقصون في النهار لكسب الرزق ، وفي الليل يسرقون بمساعدة حيواناتهم المدربة , وحين نزلو بلاد العربية اختاروا بطائح جنوب العراق ومستنقعاته وهذا يؤيد انهم قدمو من بلاد فارس اولا كما اسلفنا وانتشروا نحو الغرب حتى وصلوا بادية الشام ليعيشوا حياة بداوة الصحراء ، فاخذوا يربّون سلالات من الحمير وكلاب الصيد السلوقية ، وقد عرف العرب الزط قبل الإسلام إذ اختلطت قبيلة تميم بهم وجاورتهم قبيلة عبدالقيس في جنوب العراق ، وبعد مجيء الإسلام وانتشاره
11189
عشيرة الصُليب في الشام والعراق ونجد:
و تناقل الناس رواية فحواها ان عشيرة منهم بدوية تتجول في بوادي الشام والعراق ونجد ، وهذه العشيرة عرفت بالصُليب ، وافرادها كالبدو في هيئتهم ولباسهم وبعض طرائق حياتهم ، ولكنهم لا يتزوجون ولا يزوّجون إلا من عشيرتهم ، وهم يسالمون الجميع ويمتازون بالبساطة والنشاط ، ويعتمدون في معيشتهم على الصيد ويربّون قطعان الحمير البيضاء ليتاجروا بها ويتاجروا بالملح ايضا وهم اطباء البادية ، ثيابهم زاهية وحفلاتهم الراقصة كثيرة، نساؤهم يرقصن ويغنين في حضرة الغرباء على نقرات الإيقاع باصابع ذويهم ، وقد اشتهروا بقرض الشعر مديحاً وغزلاً برفقة آلة الربابة ، ويقولون إنهم من المسلمين ولا يؤدون شعائر المسلمين ، زعيمهم الكبير كان في النصف الاول من القرن العشرين في بادية العراق معروفاً بالشيخ معيذف الملقب بـ(تل اللحم) لكرمه، ولغتهم عربية خليطة بكلمات تركية وفارسية وسنسكريتية , والتكوين الجسدي لصُلَيبيون انهم نحيفو الاجسام وسيطو القامة ، شديدو السمرة، شعرهم اسود ، تغيرت حياتهم الآن بسبب انعدام الصيد وسنوات الجفاف المتوالية ، فلجاوا إلى القرى والمدن وقد امتهن معظمهم البيع.
الغجر في بلاد الشام :
الغجر في سورية يشكل مجموعة بشرية متجانسة ، يتوزعون في المحافظات الداخلية السورية والحدود اللبنانية ـ السورية ، ويسمون بالقرباط والنور ، فيما يطلق عليهم في الساحل السوري «المطاربة»، ومن المدن ، التي ينتشرون فيها دير الزور، حمص ، حماة ، وحلب ، ففي محافظة الحسكة التي تقع في اقصى الشمال الشرقي ، بجوار الحدود العراقية - التركية يعيش ما بين 2000 و 3000 عائلة غجرية ، وفي محافظة دير الزور التي تجاور الحدود العراقية تعيش نحو 1700 عائلة ، وفي محافظة الرقة يرتفع العدد إلى الضعف تقريبا ، ومثله في محافظة حلب ، إلا ان عددهم يزداد بكثرة ملحوظة في باديتى حمص وحماه ، ففي حماه يصل عددهم إلى 4000 عائلة وربما اكثر وفي محافظة حمص وتحديدا في جورة العرايس ، ينتشرون بكثرة ، ولهم ايضا وجود في منطقة تدمر الاثرية التابعة لمحافظة حمص ، وتنتشر اعداد قليلة منهم في بقية المحافظات والمناطق .و يسكن الغجر في الغالب بجوار المدن ، لان عدد السكان يكون اكثر ، مما يدر عليهم ربحا اكبر ، خاصة لمن يمتهن التسول في الشوارع وامام المساجد ودور العبادة وفي الساحات وعند المفارق والجسور وفي الاحياء وعلى ابواب المنازل . ويتكلمون إضافة للعربية «لغة العصفورة» الخاصة بهم ، وفي لبنان يتوزع الغجر حول حزام المدن ، ولهم تسميات شبيهة بتسميات غجر سورية ، وتعود اصول شريحة واسعة منهم إلى غجر فلسطين ، الذين نزحوا عام 1948م بعد النكبة ، ورغم ان الغالبية العظمى منهم الآن مواطنون سوريون يحملون بطاقات هوية مع هذا بقي الغجر حتى الآن يعيشون في مجتمع خاص بهم ، منغلق عليهم لم ينسلخوا عن عاداتهم وطرق معيشتهم التي ورثوها عن اجدادهم انسلاخا تاما.
يتبع
11187
تاريخ الغجر واصولهم :
ان تاريخ هذه القبائل يعود إلى ما قبل ثلاثة آلاف سنة . فقد تجمعت آنذاك على شواطئ الهندوس قبيلة يتقن افرادها صنع المعادن ، ويعرفون اسرار البرونز . تلك الاسرار التي اطلعوا عليها شعوباً اخرى لاحقا، عندما بداو بالهجرة حوالي سنة 1000 ق.م ، و كان سبب هجرتهم من الهند نحو الغرب هي الغزوات البربرية انذاك. وهم من الشعوب القوقازية السمراء من حيث التصنيف العرقي.
وقد شق الغجر طريقهم الى الحياة عبر عشرة قرون في اربعين بلدا وسارت قوافلهم محملة بالحرير والشاي والافكار والتقاليد والعادات وتوجهوا نحو آسيا الصغرى . ومن هناك تفرقوا إلى قوافل وفروع ،فاتجهت قافلة الي جزيرة كريت وبلاد البلقان ، وتقدمت اخرى نحو مصر وافريقيا الشمالية لتصل اخيراً إلى اسبانيا . وتفرع عنها قسم اجتاز شبه الجزيرة الإيطالية ، وعبر منها إلى سويسرا وفرنسا والمانيا وبلجيكا، ومن هناك إلى انكلترا ، ثم انطلقت فروع في اتجاهات عدة فبلغت اوروبا الشمالية والدانمارك والسويد ، وهنا يجب لفت النظر الي انة ليس كل دولة بها غجر هي دولة من اصول غجرية بل انها كانت هدفا لموجة هجرة الغجر الكبرى القادمة كما اسلفنا من الهند في الشرق ، ولا ننسي في معرض الحديث عن اصل الغجر ان ندون ماقالة بعضهم عن اصلهم حيث اكدو انهم اولاد قابيل ابن ادم علية السلام والذي كتب علية الترحال بعد قتلة اخية هابيل ودعاء ادم علية بالشتات والترحال وعدم الاستقرار، فتراث هذا الشعب الرّحّال ، تراث شفهي كله ، ينتقل من الام إلى ابنتها ، ولا يمكن معرفة شيء عنه ، سوى ما يقبل الغجر بكشفه.
ومن الجديربذكر انه قد تردد الحديث عن إنشاء دولة مستقلة للغجر في الستينات ،ولكن لم يسفر عن اية نتيجة رغم تدخل الامم المتحدة والسبب اغرب من ان يصدق وهو ان عشرات الالوف من الغجر عارضوا هذا المشروع.إن الغجر يعتبرون انفسهم «اولاد الطرقات ، وشهود الزمان ، ابناء الرياح … الشعب المختار»و يقول مثل غجري «إذا قطعت غجرياً إلى عشرة اقسام ، فلا تظن انك قتلته وإنما انت في الحقيقة قد صنعت منه عشرة غجريين» وهناك مقولة عمرها نصف قرن تقول ان الغجر ، حين تحين ساعتهم ، وينتهي الناس البلهاء من إفناء بعضهم بعضاً ، بإطلاقهم قوى عشواء ، ينزلون من جبال تيبت ، ويصبحون ينبوع حياة جديدة على الارض. وتقول ايضا موروثاتهم الشعبية عندما سئل الغجر لماذا يسرقون ؟ اجابوـ إننا كنا عند صلب المسيح فسرق جدنا الاكبر احد المسامير التي كان يجب ان تدق في جسد المسيح، فخففنا عنه الالم، ومن يومها ونحن نسرق،
وقد جاء في العهد القديم (التوراة) عن سلالة الغجر انهم سلالة قابيل عامل المعدن في اللغات السامية حيث انهم السلالة الملعونة وورد في الاصحاح الرابع عدد 12 (متى عملت الارض لا تعيد تعطيك قوتها تائها هاربا تكون في الارض) الاصحاح الرابع عدد 15 (وجعل الرب لقابين علامة كي لا يقتله كل من وجده) وهي علامة (t) وهي يقال ان الغجر يضعون علامة التمييز لشخص بانه ينتمي الى عشيرة معينة ويعتبر الثار من العقائد الثابتة عند الغجر ، وقد حدد الاصحاح الرابع العدد 19-22 مهنة الغجر (المفروض على ابناء قابيل) والنص هو (واتخذ لامك لنفسه امراتين اسم واحدة عاده واسم الاخرى صله فولدت عادة يابال الذي كان ابا لساكني الخيام ورعاة المواشي. واسم اخيه يوبال وكان ابا لكل ضارب عود ومزمار، وولدت صلة توبال قابين الضارب كل آلة من نحاس او حديد).
11188
اسماء الغجر في بلاد العرب :
اسماء عديدة اطلقها العرب قديماً على الغجر ومنها الدوم والزط والسبابجة و القرباط و الغجار بينما يطلق عليهم في العراق الكاولية وفي بلاد الشام النوّر وفي بعض مناطق الخليج الصلبي ، والسبابجة صفة اطلقت على الزط كلهم في اول الامر او على مجموعة منهم بسبب لون بشرتهم الاسمر الداكن، والفرد من هذه الجماعة يقال له (سبيجي او سابج) ، وهم يستاجرون ليكونوا مقاتلين مرتزقة ، فهم يتقنون فنون قتال الهند التي لا يعرفها العرب، وقد اشتغلوا في البصرة كشرطة وحراس سجون ، ولغتهم من لغات الهند ، اختصوا ايضا بالعمل في الملاحة البحرية، وقد استقر بعض السبابجة مع ذراريهم في البصرة حتى ان احد احيائها حمل اسمهم ، فيما قطن الزط اهوار العراق ليعملوا في الزراعة الرعوية.
ويعرف العرب لغتهم على انها اللغة العصفورية. ولغتهم هي الدوماري ، وهي لغة شفهية غير مكتوبة ، يتكلم بها كبار السن من الغجر وتبدو كانها خليط من الفارسية والتركية والهندية والعربية ، وهي لغة تكاد تندثر ، والغجر عادة يتحدثون بلغات ولهجات الشعوب التي يعيشون بالقرب منها .وبعد الهجرات والحروب المتعاقبة للغجر في بلاد العرب بقي منهم عدد قليل في بلاد العرب ، والتجمعات الاكبر منهم الان في الاردن و سوريا والعراق.
كيف جاء الغجر الي بلاد العرب :
الغجر قبائل هندية الاصل وبالتحديد من حوض نهر السند، و كانوا يعرفون بـزنوج الهند بسبب بشرتهم السمراء، وكانت لهم حلاقة وازياء خاصة ودخلت المجتمع العربي عن طريق بلاد فارس . فيحكى ان الملك الفارسي بهرام جور كان لديه مجلس يزخر بالمتع ، ولكن بلا موسيقى ، فارسل يطلب من ملك الهند (ثانغول) بعض الموسيقيين ، فارسل إليه اثني عشر الف موسيقي من الرجال والنساء ، فاعطاهم بهرام بقرا وقمحا ، وبعد ان نفد ما لديهم، شرعوا يتنقلون في البلاد يرقصون في النهار لكسب الرزق ، وفي الليل يسرقون بمساعدة حيواناتهم المدربة , وحين نزلو بلاد العربية اختاروا بطائح جنوب العراق ومستنقعاته وهذا يؤيد انهم قدمو من بلاد فارس اولا كما اسلفنا وانتشروا نحو الغرب حتى وصلوا بادية الشام ليعيشوا حياة بداوة الصحراء ، فاخذوا يربّون سلالات من الحمير وكلاب الصيد السلوقية ، وقد عرف العرب الزط قبل الإسلام إذ اختلطت قبيلة تميم بهم وجاورتهم قبيلة عبدالقيس في جنوب العراق ، وبعد مجيء الإسلام وانتشاره
11189
عشيرة الصُليب في الشام والعراق ونجد:
و تناقل الناس رواية فحواها ان عشيرة منهم بدوية تتجول في بوادي الشام والعراق ونجد ، وهذه العشيرة عرفت بالصُليب ، وافرادها كالبدو في هيئتهم ولباسهم وبعض طرائق حياتهم ، ولكنهم لا يتزوجون ولا يزوّجون إلا من عشيرتهم ، وهم يسالمون الجميع ويمتازون بالبساطة والنشاط ، ويعتمدون في معيشتهم على الصيد ويربّون قطعان الحمير البيضاء ليتاجروا بها ويتاجروا بالملح ايضا وهم اطباء البادية ، ثيابهم زاهية وحفلاتهم الراقصة كثيرة، نساؤهم يرقصن ويغنين في حضرة الغرباء على نقرات الإيقاع باصابع ذويهم ، وقد اشتهروا بقرض الشعر مديحاً وغزلاً برفقة آلة الربابة ، ويقولون إنهم من المسلمين ولا يؤدون شعائر المسلمين ، زعيمهم الكبير كان في النصف الاول من القرن العشرين في بادية العراق معروفاً بالشيخ معيذف الملقب بـ(تل اللحم) لكرمه، ولغتهم عربية خليطة بكلمات تركية وفارسية وسنسكريتية , والتكوين الجسدي لصُلَيبيون انهم نحيفو الاجسام وسيطو القامة ، شديدو السمرة، شعرهم اسود ، تغيرت حياتهم الآن بسبب انعدام الصيد وسنوات الجفاف المتوالية ، فلجاوا إلى القرى والمدن وقد امتهن معظمهم البيع.
الغجر في بلاد الشام :
الغجر في سورية يشكل مجموعة بشرية متجانسة ، يتوزعون في المحافظات الداخلية السورية والحدود اللبنانية ـ السورية ، ويسمون بالقرباط والنور ، فيما يطلق عليهم في الساحل السوري «المطاربة»، ومن المدن ، التي ينتشرون فيها دير الزور، حمص ، حماة ، وحلب ، ففي محافظة الحسكة التي تقع في اقصى الشمال الشرقي ، بجوار الحدود العراقية - التركية يعيش ما بين 2000 و 3000 عائلة غجرية ، وفي محافظة دير الزور التي تجاور الحدود العراقية تعيش نحو 1700 عائلة ، وفي محافظة الرقة يرتفع العدد إلى الضعف تقريبا ، ومثله في محافظة حلب ، إلا ان عددهم يزداد بكثرة ملحوظة في باديتى حمص وحماه ، ففي حماه يصل عددهم إلى 4000 عائلة وربما اكثر وفي محافظة حمص وتحديدا في جورة العرايس ، ينتشرون بكثرة ، ولهم ايضا وجود في منطقة تدمر الاثرية التابعة لمحافظة حمص ، وتنتشر اعداد قليلة منهم في بقية المحافظات والمناطق .و يسكن الغجر في الغالب بجوار المدن ، لان عدد السكان يكون اكثر ، مما يدر عليهم ربحا اكبر ، خاصة لمن يمتهن التسول في الشوارع وامام المساجد ودور العبادة وفي الساحات وعند المفارق والجسور وفي الاحياء وعلى ابواب المنازل . ويتكلمون إضافة للعربية «لغة العصفورة» الخاصة بهم ، وفي لبنان يتوزع الغجر حول حزام المدن ، ولهم تسميات شبيهة بتسميات غجر سورية ، وتعود اصول شريحة واسعة منهم إلى غجر فلسطين ، الذين نزحوا عام 1948م بعد النكبة ، ورغم ان الغالبية العظمى منهم الآن مواطنون سوريون يحملون بطاقات هوية مع هذا بقي الغجر حتى الآن يعيشون في مجتمع خاص بهم ، منغلق عليهم لم ينسلخوا عن عاداتهم وطرق معيشتهم التي ورثوها عن اجدادهم انسلاخا تاما.
يتبع