denno
10-12-2010, 10:40 PM
اعزائي اعضاء منتدانا الغالي, احببت ان تشاركوني بفصل من كتاب قرأته أرجو أن ينال اعجابكم:
كوابيس قرآنية
عكس السير، باتجاه الأعماق، يغزوني الكابوس ويشدني إلى قمة الوعي.وبدلا من نوم رتيب، يساعدني على يومي المرهق، يأتيني نوم محمل بالكوابيس. كوابيس تجعلني أرى صحوي، بطريقة مختلفة – ربما افضل….وبدلا من آيات “النفس المطمئنة”، والأخرى “الراضية المرضية”، تأتى الآيات الجهنمية لتغزو نومي وصحوي وتستحيل أشواكا ومسامير أتقلب عليها..وتشتعل النار في فراشي، ووسادتي، وفي الستائر – كلها منطلقة من رأسي المسكون بكوابيس جهنمية..
* * *
يصرخون.. ويصرخون..واهبط إلى القعر كما في مصعد مصمم للهبوط فقط.أرى وجوها كثيرة. بعضها أليفة. بعضها مألوفة. بعضها أكاد أميزها واصرخ بأسمائها. والبعض الآخر يبدو غريبا كما لو كنت أراه للمرة الأولى.لكنهم جميعا يصرخون ويصرخون. ملامحهم تنبأ بألم عظيم، وصراخهم هو مجرد محاولة للإعلان عن هذا الألم. لكنه صراخ لا يجدي. لا ينفع. انه ألم مختلف – الصراخ لا يخففه، ولا يعبر عنه. ألم صادر عن كل خلية عصبية في الجسم، عن كل عقدة منتشرة على طول الجهاز العصبي..انه ألم تسقط الكلمات والأحرف وهي تحاول أن تعبر عنه.كطبيب أسنان أتعجب واستغرب. أذن هناك ألم لم يمر بنا نحن أطباء الأسنان.لماذا كان مرضاي يؤكدون دوما انه لا يوجد (ألم) – في الدنيا كلها – مثل ألم الأسنان؟.قبل أن استغرق في شماتتي المهنية، أتذكر انهم على حق. لان هذا الألم ليس في الدنيا.. ولكن في....وقبل أن اكمل يفلت مني وجه مميز أكاد اقسم إني رايته من قبل، لا اعرف أين. أتلفت محاولا أن اركز عليه اكثر. لكن مصعدي اللعين يستمر في الهبوط. هذا الوجه اعرفه. اقسم أني اعرفه.لا اعرف أين ولا متى ولا كيف.لكني اعرفه.
* * *
يصرخون.. ويصرخون.. واصرخ معهم.الأغلال في أعناقهم – أحسها غليظة في عنقي -، يسحبون منها – أكاد اسحب معهم – لا يعرفون إلى أين – لا اعرف أنا أيضا – أحاول أن أغش قليلا فسأتذكر الآيات لأعرف إلى أين سيأخذوننا -؟. (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ). نعم. الأغلال إلى الأذقان، هذا صحيح وان انتبهت إليه بعد أن غششت قليلا. مقمحون؟. ما معنى مقمحون؟. ]أندم قليلا لأني لم أحاول أن اقرأها في التفسير – أم تراني قرأتها ولم اركز[. لا اعرف ما معنى مقمحون. لكن يبدو انه شئ رهيب. فوضعهم كله رهيب. نعم. لا بد انهم مقمحون. بل ومقمحون جدا، مهما عنى ذلك.لكن أين أين أين سيأخذوننا؟. أحاول أن استذكر بقية الآيات، لكني اعجز، كما لو أن النار قد دخلت في دماغي وحرقت هذا الجزء من ذاكرتي بالذات.واستذكر – بهلع خرافي – كل الأهوال التي تسكن ذاكرتي الافتراضية – والتي يمكن أن تكون تتمة الآية: المكان الذي يسحبوننا إليه بينما الأغلال في أعناقنا فهي إلى الأذقان فنحن مقمحون..هذه المرة: اصرخ أنا. ويصرخون هم – معي.
* * *
اتأمل في الاغلال..لا اشعر انها غريبة جدا عني..اشعر انها لم توضع هنا في جهنم..بل كانت موضوعة اصلا في الدنيا..وضعها اصحاب الاعناق بملئ ارادتهم او بما يتصورون انها ملئ ارادتهم..انها اغلال دنيوية جدا..لكنها في الدنيا كانت تأخذ اشكالا اخرى..ربما هوايات ، ربما عادات، ربما انماط حياة، ربما عبودية لمفهوم او ايدلوجيات..المهم انها اغلال ، في الاعناق، و هم مقمحون ..لا يستطيعون ان يروا شيئا لأن الاغلال لا تدعهم اصلا ان يروا شيئا..تلك الاغلال “هناك” :هي نسخ اخروية من اغلال “هنا”: نحن نضعها بأيدينا في اعنقنا..و نملك ان نفكها..لو اردنا..
************************
وجوه.. وجوه.. وجوه.تمر بي كما في شريط سينمائي مؤلم وموجع – لأنك ترى كل الوجوه التي عرفتها في حياتك، وهي مكدسة وملقاة في مكان لا تجب أن تجدها فيه..وجوه الذين عاشرتهم وعاشروك. وجوه الذين تربيت معهم وتربوا معك. وجوه الذين أحببتهم و أحبوك. والذين كرهتهم وكرهوك. أولئك الذين كانوا أصدقاء أوفياء والآخرين الذين اثبتوا انهم أنذال.وجوه أحببتها – بصمت – ولم تلق لك بالا.ووجوه أحبتك – بصمت – ولم تلق لها بالا. وجوه غدرت بك ووجوه غدرت أنت بها.وجوه، فوق وجوه، تحت وجوه.وكلها في مكان لا تحب أن تكون فيه.وكلها تصرخ. وتصرخ.وتصرخ أنت معها..
* * *
وتلك الوجوه الغالية..وجوه أولئك الذين أحببتهم حقا في حياتك: وجوه أهل أقارب.. ]عندما لا يكونون عقارب[.ووجوه أصدقاء نادرين أضاءوا بصداقتهم حياتك…. والوجوه الغالية الغالية، اثمن ما عندك في الكون، وجوه صغارك – كنزك الحقيقي والوحيد..كلها وجوه – كان يمكن في وضع آخر – أن تدفع بحياتك ثمنا لكي تمنع عنها حريقا من الدرجة الأولى…. هاهي مكدسة. ولا شئ يمكن فعله.. بل تستمر في تقليب الوجوه…. وتصرخ..
* * *
ووجوه أخرى..كرهتها فعلا طيلة حياتك. حقدت عليها بصدق. وتمنيت لها هذا المكان من كل قلبك. وطالما اسكن آلامك أن تقول أن مأواها جهنم وبئس المصير.. وجوه ظلمة وفسقة ظلموك وظلموا غيرك..هاهي مكدسة أمامك لكن: لا شماتة. لا لسمو أخلاقك ، بل لأنك تخاف أن يكون الوجه التالي هو وجهك.أو انك تخاف أصلا أن يكون وجهك في طبقة اسفل!.لذلك: تصرخ أيضا. وتصرخ الوجوه معك.
* * *
في مكان ما، اسمع أصواتا – بعضها يبدو مألوفا، لا ادري لماذا لكن يخيل لي أني سمعتها قبل: ربما في الهاتف، وربما في حوار – ربما كان صوتي – لا ادري ولا أرى شيئا، هذه النار سوداء، ودخانها خانق – لا أرى. لكن اسمع أصواتا – يعذبني أنها مألوفة بغموض دون أن أستطيع تمييزها. أحاول أن اركز اكثر..إنها مجموعة أصوات ]وهذا يغيض اكثر، لأنها صارت كلها تبدو مألوفة دفعة واحدة، كما لو كانت أصوات ناس تعرفهم معا – لكنني الآن عاجز تماما عن تمييزها[.أنصت: انهم يستصرخون شخصا ما. يطلبون منه النجدة والمساعدة. أحاول أن اركز في اسم الشخص الذي يستصرخونه – من اجل أن اصرخ معهم أنا أيضا، واطلب مساعدته.اركز اكثر: هل يا ترى يصرخون باسمي؟. هل يعرفون أني هنا؟. وهل يتصورون أني أستطيع لهم شيئا؟. هل يعني ذلك انني لست معهم هناك – خلف السور وعبر الدخان؟.لكن لا. اسمع الآن الاسم بوضوح اكثر: مالك. انهم يصرخون: يا مالك.يبدو الاسم مألوفا. أفتش بقايا ذاكرتي التي لم تحرقها النيران الممتدة إلى دماغي. من هو مالك؟ - لا اعرف أحدا معينا اسمه مالك يمكن أن تربطه صلة بهؤلاء الذين اشك إني اعرفهم خلف السور وعبر الدخان..أصغي السمع عبر فحيح النيران الملتهبة: يا مالك – يا مالك – تصرخ الأصوات المألوفة. اصرخ معها: يا مالك..يسرب الزفير الملتهب جملة واحدة واضحة – بصوت يقتلني كم هو مألوف: يا مالك. ليقضِ علينا ربك..الآن تذكرت! مالك – انه خازن النار - ]كيف نسيته؟ لعلها ذاكرتي المحروقة..[.وهاهي الأصوات المألوفة تناديه وتتوسل إليه – وقد ناديته معها – افهم الآن معنى هذا التوسل. لم يطلبوا منه أن يخرجهم من النار. لم يطلبوا منه أن يتشفع أو يتوسط.كان أقصى أمانيهم أن يقضى عليهم..اعي الآن برعب معنى ذلك.سنوات وسنوات وسنوات وأنا أمر على الآيات (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ..). أحيانا بخشوع وأحيانا بلا مبالاة وأحيانا من اجل الختمة وكلها من اجل الأجر – لكن لم يمر أبدا في بالي أني سأصادفها وأكون جزءا منها..برعب أفكر، أذن سيكون أولئك الذين نادوا يا مالك أناس عرفتهم ألفتهم أحببتهم.برعب اكثر أفكر: لعلي كنت معهم.. لعل صوتي كان من ضمن مجموعة الأصوات التي كانت تنادي – خلف السور وعبر الدخان – يا مالك… وبرعب ابحث في ذاكرتي المشتعلة عن تتمة الآية. ماذا أجابهم مالك – ماذا أجابنا مالك؟..لكن ذاكرتي لا تنقذني. إني سيئ الحفظ أساسا (وحتى في أوضاع افضل من هذه) – لكن صوت مالك يصلني قويا، مستخفا، شبه هازئ: إذ يقول.. ببرود: إنكم ماكثون.
* * *
ماكثون!.اصرخ أنا. واسمع الأصوات: خلف السور وعبر الدخان تصرخ أيضا.ماكثون…ويبدو أن الصراخ ماكث أيضا.واصرخ!.
* * *
في زحام الوجوه، لم أر وجها واحدا يسال عني.أتفهم ذلك الآن. طالما سمعت بذلك. لكنني الآن أعيه – ولاني لم اصبح بعد جزءً أصيلا من المشهد – فإني أستطيع أن أتفرج هنا، أتجول هناك، واسأل عن هذا أو ذاك – ما دمت في كابوس – ما دام لا زال عندي (فرصة للرجوع)..لكني افهم بوضوح: عندما أكون معهم، لن اسأل عن أحد.في زحام الوجوه، لن ترى وجها واحدا يسال عنك.في زحام الوجوه: لا أحد!.
* * *
بين شهيق النار الهائل وزفيرها.. اسمع أصواتا أخرى.ومرة أخرى أحسها مألوفة. بشكل اكثر وضوحا – أحاول أن أصغي السمع لكن شهيق النار أعلى صوتا..انهم ينادون الخزنة – دونما تحديد هذه المرة – لعل مالكا لم يكن موجودا، لعله في مكان آخر.. اعي تماما أن مناداة الخزنة دون اسم لا يعني أن الأمر بخير – ها أنت بيد حراس وزبانية وخزنة تجهل حتى أسماؤهم – على الأقل مع مالك كان هناك نوع من الحميمية ورفع الكلفة في النداء والتوسل.. أما هنا – فالخزنة اكثر غموضا ورهبة – انهم بلا أسماء.. وربما بلا وجوه!.وتبدو الأصوات اكثر ارتجافا – وتظل مألوفة وتلح على الذاكرة التي لا تزال النار تشتعل فيها – هذا الصوت تعرفه، واسم صاحبه على طرف لسانك – لكن النار وصلت إلى لسانك الآن، لذلك فهو لن يسعفك في اسم صاحب الصوت الذي تعرفه..بين الشهيق والزفير اركز، محاولا أن اعرف ماذا يصرخون – لعلي بينهم هناك خلف السور وعبر الدخان – ولعلي اصرخ معهم. فلأحاول أن اعرف ماذا أقول..(..ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ..).هذا هو أقصى طموح هنا!.على الأقل مع مالك – كان هناك هدف اوجه.. (لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ..).يقضي وينتهي الأمر. شئ مثل موت لا قيامة بعده..مع هؤلاء الخزنة الغامضين، الطموح اشد تواضعا، والطلب ابسط..أن الأصوات ]التي يقتلني كم هي مألوفة[ تطالب بتخفيف العذاب.. ليوم واحد!.يوم واحد فقط – وأمامها الأزل بأكمله..يتوسلون وينادون ويدعون من اجل تخفيف عذاب يوم واحد – بعدها يعودون للعذاب الأزلي..لا أحاول أن استذكر تتمة الآية. إني في عمقها وأتابع الحدث بشكل مباشر. هاهم الخزنة – الغامضين الذين لا أسماء لهم وربما لا وجوه – يراوغون ويجادلون.. – على الأقل لديهم أصوات.. ثم (فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).استمروا في الدعاء. استمروا في التوسل والنداء. اقضوا الأزل كله وانتم تطلبون تخفيف العذاب ليوم واحد فقط.. لن ينقضي أبدا…. وتستمر الأصوات المألوفة – التي تقرع أبواب الذاكرة بشدة – في النداء والتوسل: يوم واحد فقط.. يوم واحد فقط – الأزل كله سيظلون يتوسلون تخفيف العذاب ليوم واحد – عذاب آخر سيضاف إلى قائمة عذاباتهم..الأزل كله.. استمروا في التوسل.برعب أرى ذلك. برعب افهم الآية للمرة الأولى.
* * *
كل الأصوات التي كانت تصرخ – من خلف أسوار الجحيم – كانت مألوفة.. لكن بينها صوت واحد كان مميزا بشكل مرعب..صوت واحد كان يلح علي لأعرفه. يكاد يقول لي: احزرني من أنا..أحاول أن أحزر – لكن هذه النار – وهذه الذاكرة – من؟ من؟ من؟..- لا اعرف..- لعله صوتي – لا ادري، لم اسمعه كثيرا، ولم اركز فيه كثيرا – عندما نتكلم ونثرثر ونلغو فإننا نحاول عادة أن نحصد الإعجاب ونرصد ردود الأفعال عند سامعينا – ولا نحاول أن نركز في صوتنا – لم اكن ادري أني سأقف خلف أسوار النار أتنصت على الأصوات أحاول أن اعزل صوتي بينها.لا ادري. لعله صوتي.(أم لعله صوتك أنت يا صديق – انه يبدو مألوف وحميم كما يبدو صوتك على الهاتف..)لعله يشبه صوت ابني – عندما يبكي خاصة – فيه شئ منه، وان كنت لا ادري كيف سيبدو صوته عندما يكبر، لكن شئ فيه، في حرقته، في لوعته. هناك شئ منه..أم لعل هذا الصوت عالق في أعماق لاوعيي – ويشبه الصوت الذي لا اذكره لوالدي..- لا اعرف!.صوت ما، مميز، خلف أسوار النار يصرخ.صوت ما، لشخص اعرفه ويعرفني، ربما أنا، ربما أنت، ربما ابني، وربما والدي..
* * *
يا مالك..قل لي كيف احمي نفسي وأحبابي من هذا المصير.يا مالك..قل لي كيف أتحاشى مقابلتك وزملائك الغامضين الذين لا أسماء لهم ولا وجوه..قل لي كيف لا انتهي ولا أحبتي في هذا الدرك.يا مالك.. قل لي كيف أقي أحبتي من هذه النار التي تتأجج وتشتعل في رأسي..يا مالك.. قل لنا كيف، ادع لنا ربك ليبين لنا كيف.. ما دام لي (خط رجعة)، ادعه فليبين كيف لا انتهي إلى هنا – أنا والذين احبهم واعرفهم..لكن مالكا لا يجيب. على الأقل فورا، وبعد نظرة طويلة غامضة ومدمرة، يجيب: إنكم ماكثون.. (يبدو انه مبرمج على هذه الكلمة فحسب) – وقبل أن ألح اكثر و أتوسل اكثر، المح في زحام الوجوه ذاك الوجه الذي رايته قبل قليل.. أحاول أن أتفرس فيه اكثر لأميزه، لكنه يفلت مني ثانية..لكني اعرفه. اقسم إني اعرفه. ولولا أن النار – على ما يبدو قد التهمت هذا الجزء من ذاكرتي لكنت صرخت باسمه.لكن الوجه اعرفه. اذكره. الملامح.. التفصيلات. هناك علامة فارقة لا أنساها..لكن – من؟. وجه من؟.
لعله وجه صديق حميم؟ - من أولئك الأصدقاء الذين أضاءوا حياتي..أحاول أن أستذكرهم واحدا واحدا من عهد الطفولة الغابرة – يدهشني كيف أن كل اسم أسمائهم يعذبني مثل سكين جارح في الأعماق..- رغم كل العذاب المحيط بي – لا يزال هناك عذاب اكثر، ومجرد استذكار أسماء الأحبة – وفكرة انهم هنا في هذه النار – يعذب بشكل خرافي –اكثر حتى من هذه النار التي تشتعل في رأسي..حتى تلك الصداقات القصيرة المضيئة مثل الشهب – تسعفني ذاكرتي بها لعلني اذكر الوجه المألوف: ويمزقني أن أتذكر..- في أعماقي اعرف انه مجرد كابوس، وانه عندما تقع الواقعة ويصير الحق حقا فإني لن أسال عن أحد. ولن أتذكر أحدا – ولن يسال عني أحد أو يتذكرني أحد..تظل سكين الذاكرة تجوس في أعصابي – كل اسم يعذبني، يصير العذاب أسطوريا مع أسماء أصدقاء النضج والشباب.(وبين الأسماء يأتي اسمك يا صديق. تراه وجهك؟.أحاول أن اركز اكثر. نعم، فيك شئ من هذا الوجه. لكني لست متأكدا.هذه المرة تجوس السكين في شئ اسمه الضمير – معك بالذات، لقد حاولت أن امنع هذا المصير وهذه النار عن وجهك – حاولت ربما بإخلاص، لكن إذا كان هذا الوجه وجهك يا صديق – فمحاولتي كانت فاشلة، وإخلاصي لم يكن كافيا).عذاب الاستذكار صار لا يصدق.يا مالك.. قل لي لمن هذا الوجه الذي اقسم أني اعرفه؟.قل لي اسم صاحبه وارحمني – لا بد انك تعرفه – لا بد أن لديكم سجلات ووثائق وصور وأشياء من هذا القبيل.قبل أن يجيبني مالك – واعرف انه سيقول لي: إنكم ماكثون – يأتيني خاطر مرعب يصير معه كل العذاب السابق هينا: هذا الوجه المألوف تراني كنت أراه سابقا في المرآة؟؟.
* * *
**** ****** *****
مراسلكم في جهنم يحييكم ويهديكم اخطر تحذيراته، ويقول لكم: لا تأتوا. فالأوضاع أسوأ مما تتصورون. أسوأ مما تتخيلون. أسوأ من أسوأ كوابيسكم. أسوأ من كل ما فهمتم من النذر. أسوأ من كل ما جسمتموه من الآيات التي تهرولون بها من اجل الختمة والأجر.مراسلكم في جهنم، يقول لكم: ما دمتم تستطيعون، فلا تأتوا.ما دام لا يزال هناك وقت. ومجال. فاحرصوا أن لا تأتوا. لا أستطيع أن أقول كم هي سيئة الأمور..مراسلكم في جهنم يكاد يحترق، فاسألوه قبل أن تفقدوه..
* * *
.. يا مالك.. فليقض ربك على هذا الكابوس.. فلينهه.. فليطفئ النار المشتعلة في رأسي ووعيي وذاكرتي وذكرياتي..يا مالك.. دعني أصحو من الكابوس. إنني أتعذب مثلما يتعذبون. واصرخ مثلما يصرخون. لكن وقتي لم يحن بعد. انه مجرد كابوس.يا مالك.. يا مالك..ويلتفت إلي، ويجيب جوابه الأوحد والوحيد: إنكم ماكثون.
* * *
محاكمة ما، في القعر، استجواب هو في واقعه عذاب. أدس بوجهي بين الرؤوس المحتشدة بفضول وبخوف.فضول لأنها طبيعتي البشرية. وخوف أن تكون المحاكمة منعقدة من اجلي! أتنهد بارتياح! لست أنا. انه شخص آخر.يبدو مألوفا جدا. يبدو واحدا من اولئك الناس الذين قد تلتقي بهم في السوق او على الناصية او درسوا معك في المدرسة..لا يبدو شريرا او مجرما – انه مجرد شخص عادي.اقول مع نفسي ان المظاهر خداعة. و ان الرجل قد يكون مجرما او ابنا عاقا او مختلسا كبيرا او اي شئ آخر..الرجل يصرخ بينما يضعونه على المنصة قائلا “انه لم يفعل شيئا “..، لا يبدو ذلك غريبا ابدا..كل المذنبين يقولون ذلك.. ، لا اتصور ابدا ان مذنبا سيقف على المنصة و يصرخ : خذوني، حاكموني.. لقد اذنبت فعلا..كلهم يؤكدون براءتهم ، و ستكون نبرتهم نبرة صدق ..لدهشتي ، و لدهشة المتهم، بينما هو لا يزال يصرخ “انه لم يفعل شيئا” يقال له انه لم يفعل شيئا بالفعل ..للحظات تبدو علائم الارتياح على وجه المتهم كما لو ان حكم البراءة قد صدر بحقه..لكن سرعان ما يقال له بحسم : ان تلك هي تهمته بالتحديد ..”انه لم يفعل شيئا” ..اذهل و يذهل هو ايضا..دوما كنا نتصور اننا سنحاسب على افعالنا ..و ها هي الحقيقة تكشف لنا اننا سنحاسب ايضا على ما لم نفعله ..على ما كان يجب ان نفعله و لم نفعل..
يبدو الامر مشوشا و مرعبا ..احاول ان استرجع ذاكرتي من النيران لاعرف :هل فعلت شيئا ..ام اني لم افعل ؟
شخص آخر ..على منصة مماثلة..مجرد شخص آخر يشبه سابقه و يشبهني و يشبهك ايضا يا صديق بطريقة ما..على المنصة يصر المتهم على برائته ، بالتأكيد ، كما سنفعل جميعا عندما نقف هناك، من بين شفتيه ، يقول المتهم انه كان دوما “مطيعا” – ينفذ ما يقال له” بالحرف الواحد ” تحسبا ليوم كهذا..بالذات كي لا يكون هنا..لدهشته ، و لدهشتي انا ايضا ، سيقال له ان هذا ما اودى به تحديدا..انه كان يتبع كل ما يقال له دون ان يدقق ..دون ان يحاول ان يتأكد ليغير او يصصح ..احتج المتهم بأنه كان” بلا علم” …و كان عليه ان ينفذ ما يقال..يأتيه الرد انه كان قد اخبر سلفا ان لا “يقتف ما ليس به علم ” من اجل ان يتعلم لا من اجل ان يسلم رأسه للأخرين..سيقال له ان تهمته الاصلية هي “اساءة استخدام الادوات الموجودة عنده”..سيبدو مرتبكا و هو يحاول ان يفهم، متاملا ان يكون هناك في الامر خطأ ما و انه ليس الشخص المقصود.. يسأل عن الاداة المقصودة على ذلك الامل : فيشار الى رأسه و يقال له ” انت متهم بأساءة استخدام عقلك “..يندفع المتهم لدفع التهمة..فيقسم اغلظ الايمان انه “اصلا لم يستخدم عقله في شئ مهم ” ..و يأتيه الرد سريعا و حاسما..”هذا هو..عدم الاستخدام هو اسوء استخدام يمكن تصورة .
يأتي شخص آخر..شكله مسكين و مظلوم..و قبل ان يصعد على المنصة سيبدأ بسرد المظالم التي تعرض لها في حياته..ستشعر بالتعاطف معه..و ستتصور ان صعوده على المنصة كان من اجل استدراج من ظلموه ..او على الاقل انه احضر كشاهد و ليس كمتهم..هو على الاقل يبدو واثقا من ذلك..قبل ان يستمر في سرد مظالمه ، و كيف انه كان الضحية دوما، يأتيه صوت حاسم آخر يقول ان تهمته بالذات هي محضر دفاعه..و ان كل تلك التفاصيل التي يسردها هي ادلة ضده لا معه..يبدو مذهولا و هو يحرك رأسه يمينا و شمالا..”لقد كنت انا المظلوم هنا”..يردون عليه بسرعة: لقد ظلمت نفسك بالسماح لهم بظلمك….انت من سمح لهم بان يفعلوا ذلك ابتداءا..و عندما تمادوا..كان ذلك لانك لم توقفهم عند حد معين”" كنت مظلوما “..يردد المتهم و هو ينتحب..يردون عليه “كنت ظالما لنفسك لانك سمحت لنفسك ان تبقى بهذه الخانة..لقد ركنت لها و ارتحت ايضا..كنت ظالما بأستسلامك لجلادك..كل ضحية ظالمة ما لم تكف عن لعب دور الضحية”…قبل ان يسحب بعيدا..يلتفت ليقول ان هذا هو ما افهموه اياه طيلة حياته..ان يكون مظلوما كي لا يكون ظالما..سيقولون له بسرعة: نعم ..و ستراهم هنا ايضا على نفس المنصة قريبا..لقد افهموك ان العالم يتكون من خانتين فقط..خانة الظالم و خانة المظلوم..لم يقولوا لك ان هناك خيارات اخرى..
برعب اراقب ما يدور:اتامل منصة يوم الحساب ، اتأمل الافراد الذين يصعدون عليها : انهم لا يمثلونا كأشخاص فقط ..بل يمثلون الثقافة التي انتجتنا ايضا و جعلتنا بهذا الشكل..
التهمة الاكثر رواجا لن تكون من تلك التهم التي تأتي تقليديا في تصورنا عن الموضوع، ستكون تلك التهم موجودة طبعا، لكنها ستكون ضمن حيثيات تهم اخرى رئيسية..التهمة الاكثر رواجا ستكون ما نسميه اليوم بلغتنا الحديثة “تهربا وظيفيا”..او تهربا من اداء الوظيفة…مجاميع هائلة ، بلا عدد و لا حصر، ستحشر من اجل تلك التهمة..سيبدون مشدوهين و هم لا يدركون الامر بالضبط ..اي وظيفة هذه التي تهربوا منها؟ بعضهم سيؤكد انه كان ملتزما جدا بوظيفته…و البعض الاخر سيقول انه كان عاطلا عن العمل و لم يجد اصلا وظيفة ليتهرب منها..بين هذا و ذاك و في خضم حشر لا يمكن تشبيهه بالعيد…ستسري بين الجموع المنتظرة للمحاكمة، اشاعة عن الوظيفة التي عينوا فيها اصلا و تهربوا من ادائها..سيقولون ، مدهوشين، و الدهشة تكون احيانا نوع من العذاب ، سيقولون،”يقال اننا تهربنا من اداء تلك الوظيفة..وظيفة خليفة الله في الارض..
يتبع بإذن الله
كوابيس قرآنية
عكس السير، باتجاه الأعماق، يغزوني الكابوس ويشدني إلى قمة الوعي.وبدلا من نوم رتيب، يساعدني على يومي المرهق، يأتيني نوم محمل بالكوابيس. كوابيس تجعلني أرى صحوي، بطريقة مختلفة – ربما افضل….وبدلا من آيات “النفس المطمئنة”، والأخرى “الراضية المرضية”، تأتى الآيات الجهنمية لتغزو نومي وصحوي وتستحيل أشواكا ومسامير أتقلب عليها..وتشتعل النار في فراشي، ووسادتي، وفي الستائر – كلها منطلقة من رأسي المسكون بكوابيس جهنمية..
* * *
يصرخون.. ويصرخون..واهبط إلى القعر كما في مصعد مصمم للهبوط فقط.أرى وجوها كثيرة. بعضها أليفة. بعضها مألوفة. بعضها أكاد أميزها واصرخ بأسمائها. والبعض الآخر يبدو غريبا كما لو كنت أراه للمرة الأولى.لكنهم جميعا يصرخون ويصرخون. ملامحهم تنبأ بألم عظيم، وصراخهم هو مجرد محاولة للإعلان عن هذا الألم. لكنه صراخ لا يجدي. لا ينفع. انه ألم مختلف – الصراخ لا يخففه، ولا يعبر عنه. ألم صادر عن كل خلية عصبية في الجسم، عن كل عقدة منتشرة على طول الجهاز العصبي..انه ألم تسقط الكلمات والأحرف وهي تحاول أن تعبر عنه.كطبيب أسنان أتعجب واستغرب. أذن هناك ألم لم يمر بنا نحن أطباء الأسنان.لماذا كان مرضاي يؤكدون دوما انه لا يوجد (ألم) – في الدنيا كلها – مثل ألم الأسنان؟.قبل أن استغرق في شماتتي المهنية، أتذكر انهم على حق. لان هذا الألم ليس في الدنيا.. ولكن في....وقبل أن اكمل يفلت مني وجه مميز أكاد اقسم إني رايته من قبل، لا اعرف أين. أتلفت محاولا أن اركز عليه اكثر. لكن مصعدي اللعين يستمر في الهبوط. هذا الوجه اعرفه. اقسم أني اعرفه.لا اعرف أين ولا متى ولا كيف.لكني اعرفه.
* * *
يصرخون.. ويصرخون.. واصرخ معهم.الأغلال في أعناقهم – أحسها غليظة في عنقي -، يسحبون منها – أكاد اسحب معهم – لا يعرفون إلى أين – لا اعرف أنا أيضا – أحاول أن أغش قليلا فسأتذكر الآيات لأعرف إلى أين سيأخذوننا -؟. (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ). نعم. الأغلال إلى الأذقان، هذا صحيح وان انتبهت إليه بعد أن غششت قليلا. مقمحون؟. ما معنى مقمحون؟. ]أندم قليلا لأني لم أحاول أن اقرأها في التفسير – أم تراني قرأتها ولم اركز[. لا اعرف ما معنى مقمحون. لكن يبدو انه شئ رهيب. فوضعهم كله رهيب. نعم. لا بد انهم مقمحون. بل ومقمحون جدا، مهما عنى ذلك.لكن أين أين أين سيأخذوننا؟. أحاول أن استذكر بقية الآيات، لكني اعجز، كما لو أن النار قد دخلت في دماغي وحرقت هذا الجزء من ذاكرتي بالذات.واستذكر – بهلع خرافي – كل الأهوال التي تسكن ذاكرتي الافتراضية – والتي يمكن أن تكون تتمة الآية: المكان الذي يسحبوننا إليه بينما الأغلال في أعناقنا فهي إلى الأذقان فنحن مقمحون..هذه المرة: اصرخ أنا. ويصرخون هم – معي.
* * *
اتأمل في الاغلال..لا اشعر انها غريبة جدا عني..اشعر انها لم توضع هنا في جهنم..بل كانت موضوعة اصلا في الدنيا..وضعها اصحاب الاعناق بملئ ارادتهم او بما يتصورون انها ملئ ارادتهم..انها اغلال دنيوية جدا..لكنها في الدنيا كانت تأخذ اشكالا اخرى..ربما هوايات ، ربما عادات، ربما انماط حياة، ربما عبودية لمفهوم او ايدلوجيات..المهم انها اغلال ، في الاعناق، و هم مقمحون ..لا يستطيعون ان يروا شيئا لأن الاغلال لا تدعهم اصلا ان يروا شيئا..تلك الاغلال “هناك” :هي نسخ اخروية من اغلال “هنا”: نحن نضعها بأيدينا في اعنقنا..و نملك ان نفكها..لو اردنا..
************************
وجوه.. وجوه.. وجوه.تمر بي كما في شريط سينمائي مؤلم وموجع – لأنك ترى كل الوجوه التي عرفتها في حياتك، وهي مكدسة وملقاة في مكان لا تجب أن تجدها فيه..وجوه الذين عاشرتهم وعاشروك. وجوه الذين تربيت معهم وتربوا معك. وجوه الذين أحببتهم و أحبوك. والذين كرهتهم وكرهوك. أولئك الذين كانوا أصدقاء أوفياء والآخرين الذين اثبتوا انهم أنذال.وجوه أحببتها – بصمت – ولم تلق لك بالا.ووجوه أحبتك – بصمت – ولم تلق لها بالا. وجوه غدرت بك ووجوه غدرت أنت بها.وجوه، فوق وجوه، تحت وجوه.وكلها في مكان لا تحب أن تكون فيه.وكلها تصرخ. وتصرخ.وتصرخ أنت معها..
* * *
وتلك الوجوه الغالية..وجوه أولئك الذين أحببتهم حقا في حياتك: وجوه أهل أقارب.. ]عندما لا يكونون عقارب[.ووجوه أصدقاء نادرين أضاءوا بصداقتهم حياتك…. والوجوه الغالية الغالية، اثمن ما عندك في الكون، وجوه صغارك – كنزك الحقيقي والوحيد..كلها وجوه – كان يمكن في وضع آخر – أن تدفع بحياتك ثمنا لكي تمنع عنها حريقا من الدرجة الأولى…. هاهي مكدسة. ولا شئ يمكن فعله.. بل تستمر في تقليب الوجوه…. وتصرخ..
* * *
ووجوه أخرى..كرهتها فعلا طيلة حياتك. حقدت عليها بصدق. وتمنيت لها هذا المكان من كل قلبك. وطالما اسكن آلامك أن تقول أن مأواها جهنم وبئس المصير.. وجوه ظلمة وفسقة ظلموك وظلموا غيرك..هاهي مكدسة أمامك لكن: لا شماتة. لا لسمو أخلاقك ، بل لأنك تخاف أن يكون الوجه التالي هو وجهك.أو انك تخاف أصلا أن يكون وجهك في طبقة اسفل!.لذلك: تصرخ أيضا. وتصرخ الوجوه معك.
* * *
في مكان ما، اسمع أصواتا – بعضها يبدو مألوفا، لا ادري لماذا لكن يخيل لي أني سمعتها قبل: ربما في الهاتف، وربما في حوار – ربما كان صوتي – لا ادري ولا أرى شيئا، هذه النار سوداء، ودخانها خانق – لا أرى. لكن اسمع أصواتا – يعذبني أنها مألوفة بغموض دون أن أستطيع تمييزها. أحاول أن اركز اكثر..إنها مجموعة أصوات ]وهذا يغيض اكثر، لأنها صارت كلها تبدو مألوفة دفعة واحدة، كما لو كانت أصوات ناس تعرفهم معا – لكنني الآن عاجز تماما عن تمييزها[.أنصت: انهم يستصرخون شخصا ما. يطلبون منه النجدة والمساعدة. أحاول أن اركز في اسم الشخص الذي يستصرخونه – من اجل أن اصرخ معهم أنا أيضا، واطلب مساعدته.اركز اكثر: هل يا ترى يصرخون باسمي؟. هل يعرفون أني هنا؟. وهل يتصورون أني أستطيع لهم شيئا؟. هل يعني ذلك انني لست معهم هناك – خلف السور وعبر الدخان؟.لكن لا. اسمع الآن الاسم بوضوح اكثر: مالك. انهم يصرخون: يا مالك.يبدو الاسم مألوفا. أفتش بقايا ذاكرتي التي لم تحرقها النيران الممتدة إلى دماغي. من هو مالك؟ - لا اعرف أحدا معينا اسمه مالك يمكن أن تربطه صلة بهؤلاء الذين اشك إني اعرفهم خلف السور وعبر الدخان..أصغي السمع عبر فحيح النيران الملتهبة: يا مالك – يا مالك – تصرخ الأصوات المألوفة. اصرخ معها: يا مالك..يسرب الزفير الملتهب جملة واحدة واضحة – بصوت يقتلني كم هو مألوف: يا مالك. ليقضِ علينا ربك..الآن تذكرت! مالك – انه خازن النار - ]كيف نسيته؟ لعلها ذاكرتي المحروقة..[.وهاهي الأصوات المألوفة تناديه وتتوسل إليه – وقد ناديته معها – افهم الآن معنى هذا التوسل. لم يطلبوا منه أن يخرجهم من النار. لم يطلبوا منه أن يتشفع أو يتوسط.كان أقصى أمانيهم أن يقضى عليهم..اعي الآن برعب معنى ذلك.سنوات وسنوات وسنوات وأنا أمر على الآيات (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ..). أحيانا بخشوع وأحيانا بلا مبالاة وأحيانا من اجل الختمة وكلها من اجل الأجر – لكن لم يمر أبدا في بالي أني سأصادفها وأكون جزءا منها..برعب أفكر، أذن سيكون أولئك الذين نادوا يا مالك أناس عرفتهم ألفتهم أحببتهم.برعب اكثر أفكر: لعلي كنت معهم.. لعل صوتي كان من ضمن مجموعة الأصوات التي كانت تنادي – خلف السور وعبر الدخان – يا مالك… وبرعب ابحث في ذاكرتي المشتعلة عن تتمة الآية. ماذا أجابهم مالك – ماذا أجابنا مالك؟..لكن ذاكرتي لا تنقذني. إني سيئ الحفظ أساسا (وحتى في أوضاع افضل من هذه) – لكن صوت مالك يصلني قويا، مستخفا، شبه هازئ: إذ يقول.. ببرود: إنكم ماكثون.
* * *
ماكثون!.اصرخ أنا. واسمع الأصوات: خلف السور وعبر الدخان تصرخ أيضا.ماكثون…ويبدو أن الصراخ ماكث أيضا.واصرخ!.
* * *
في زحام الوجوه، لم أر وجها واحدا يسال عني.أتفهم ذلك الآن. طالما سمعت بذلك. لكنني الآن أعيه – ولاني لم اصبح بعد جزءً أصيلا من المشهد – فإني أستطيع أن أتفرج هنا، أتجول هناك، واسأل عن هذا أو ذاك – ما دمت في كابوس – ما دام لا زال عندي (فرصة للرجوع)..لكني افهم بوضوح: عندما أكون معهم، لن اسأل عن أحد.في زحام الوجوه، لن ترى وجها واحدا يسال عنك.في زحام الوجوه: لا أحد!.
* * *
بين شهيق النار الهائل وزفيرها.. اسمع أصواتا أخرى.ومرة أخرى أحسها مألوفة. بشكل اكثر وضوحا – أحاول أن أصغي السمع لكن شهيق النار أعلى صوتا..انهم ينادون الخزنة – دونما تحديد هذه المرة – لعل مالكا لم يكن موجودا، لعله في مكان آخر.. اعي تماما أن مناداة الخزنة دون اسم لا يعني أن الأمر بخير – ها أنت بيد حراس وزبانية وخزنة تجهل حتى أسماؤهم – على الأقل مع مالك كان هناك نوع من الحميمية ورفع الكلفة في النداء والتوسل.. أما هنا – فالخزنة اكثر غموضا ورهبة – انهم بلا أسماء.. وربما بلا وجوه!.وتبدو الأصوات اكثر ارتجافا – وتظل مألوفة وتلح على الذاكرة التي لا تزال النار تشتعل فيها – هذا الصوت تعرفه، واسم صاحبه على طرف لسانك – لكن النار وصلت إلى لسانك الآن، لذلك فهو لن يسعفك في اسم صاحب الصوت الذي تعرفه..بين الشهيق والزفير اركز، محاولا أن اعرف ماذا يصرخون – لعلي بينهم هناك خلف السور وعبر الدخان – ولعلي اصرخ معهم. فلأحاول أن اعرف ماذا أقول..(..ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ..).هذا هو أقصى طموح هنا!.على الأقل مع مالك – كان هناك هدف اوجه.. (لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ..).يقضي وينتهي الأمر. شئ مثل موت لا قيامة بعده..مع هؤلاء الخزنة الغامضين، الطموح اشد تواضعا، والطلب ابسط..أن الأصوات ]التي يقتلني كم هي مألوفة[ تطالب بتخفيف العذاب.. ليوم واحد!.يوم واحد فقط – وأمامها الأزل بأكمله..يتوسلون وينادون ويدعون من اجل تخفيف عذاب يوم واحد – بعدها يعودون للعذاب الأزلي..لا أحاول أن استذكر تتمة الآية. إني في عمقها وأتابع الحدث بشكل مباشر. هاهم الخزنة – الغامضين الذين لا أسماء لهم وربما لا وجوه – يراوغون ويجادلون.. – على الأقل لديهم أصوات.. ثم (فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).استمروا في الدعاء. استمروا في التوسل والنداء. اقضوا الأزل كله وانتم تطلبون تخفيف العذاب ليوم واحد فقط.. لن ينقضي أبدا…. وتستمر الأصوات المألوفة – التي تقرع أبواب الذاكرة بشدة – في النداء والتوسل: يوم واحد فقط.. يوم واحد فقط – الأزل كله سيظلون يتوسلون تخفيف العذاب ليوم واحد – عذاب آخر سيضاف إلى قائمة عذاباتهم..الأزل كله.. استمروا في التوسل.برعب أرى ذلك. برعب افهم الآية للمرة الأولى.
* * *
كل الأصوات التي كانت تصرخ – من خلف أسوار الجحيم – كانت مألوفة.. لكن بينها صوت واحد كان مميزا بشكل مرعب..صوت واحد كان يلح علي لأعرفه. يكاد يقول لي: احزرني من أنا..أحاول أن أحزر – لكن هذه النار – وهذه الذاكرة – من؟ من؟ من؟..- لا اعرف..- لعله صوتي – لا ادري، لم اسمعه كثيرا، ولم اركز فيه كثيرا – عندما نتكلم ونثرثر ونلغو فإننا نحاول عادة أن نحصد الإعجاب ونرصد ردود الأفعال عند سامعينا – ولا نحاول أن نركز في صوتنا – لم اكن ادري أني سأقف خلف أسوار النار أتنصت على الأصوات أحاول أن اعزل صوتي بينها.لا ادري. لعله صوتي.(أم لعله صوتك أنت يا صديق – انه يبدو مألوف وحميم كما يبدو صوتك على الهاتف..)لعله يشبه صوت ابني – عندما يبكي خاصة – فيه شئ منه، وان كنت لا ادري كيف سيبدو صوته عندما يكبر، لكن شئ فيه، في حرقته، في لوعته. هناك شئ منه..أم لعل هذا الصوت عالق في أعماق لاوعيي – ويشبه الصوت الذي لا اذكره لوالدي..- لا اعرف!.صوت ما، مميز، خلف أسوار النار يصرخ.صوت ما، لشخص اعرفه ويعرفني، ربما أنا، ربما أنت، ربما ابني، وربما والدي..
* * *
يا مالك..قل لي كيف احمي نفسي وأحبابي من هذا المصير.يا مالك..قل لي كيف أتحاشى مقابلتك وزملائك الغامضين الذين لا أسماء لهم ولا وجوه..قل لي كيف لا انتهي ولا أحبتي في هذا الدرك.يا مالك.. قل لي كيف أقي أحبتي من هذه النار التي تتأجج وتشتعل في رأسي..يا مالك.. قل لنا كيف، ادع لنا ربك ليبين لنا كيف.. ما دام لي (خط رجعة)، ادعه فليبين كيف لا انتهي إلى هنا – أنا والذين احبهم واعرفهم..لكن مالكا لا يجيب. على الأقل فورا، وبعد نظرة طويلة غامضة ومدمرة، يجيب: إنكم ماكثون.. (يبدو انه مبرمج على هذه الكلمة فحسب) – وقبل أن ألح اكثر و أتوسل اكثر، المح في زحام الوجوه ذاك الوجه الذي رايته قبل قليل.. أحاول أن أتفرس فيه اكثر لأميزه، لكنه يفلت مني ثانية..لكني اعرفه. اقسم إني اعرفه. ولولا أن النار – على ما يبدو قد التهمت هذا الجزء من ذاكرتي لكنت صرخت باسمه.لكن الوجه اعرفه. اذكره. الملامح.. التفصيلات. هناك علامة فارقة لا أنساها..لكن – من؟. وجه من؟.
لعله وجه صديق حميم؟ - من أولئك الأصدقاء الذين أضاءوا حياتي..أحاول أن أستذكرهم واحدا واحدا من عهد الطفولة الغابرة – يدهشني كيف أن كل اسم أسمائهم يعذبني مثل سكين جارح في الأعماق..- رغم كل العذاب المحيط بي – لا يزال هناك عذاب اكثر، ومجرد استذكار أسماء الأحبة – وفكرة انهم هنا في هذه النار – يعذب بشكل خرافي –اكثر حتى من هذه النار التي تشتعل في رأسي..حتى تلك الصداقات القصيرة المضيئة مثل الشهب – تسعفني ذاكرتي بها لعلني اذكر الوجه المألوف: ويمزقني أن أتذكر..- في أعماقي اعرف انه مجرد كابوس، وانه عندما تقع الواقعة ويصير الحق حقا فإني لن أسال عن أحد. ولن أتذكر أحدا – ولن يسال عني أحد أو يتذكرني أحد..تظل سكين الذاكرة تجوس في أعصابي – كل اسم يعذبني، يصير العذاب أسطوريا مع أسماء أصدقاء النضج والشباب.(وبين الأسماء يأتي اسمك يا صديق. تراه وجهك؟.أحاول أن اركز اكثر. نعم، فيك شئ من هذا الوجه. لكني لست متأكدا.هذه المرة تجوس السكين في شئ اسمه الضمير – معك بالذات، لقد حاولت أن امنع هذا المصير وهذه النار عن وجهك – حاولت ربما بإخلاص، لكن إذا كان هذا الوجه وجهك يا صديق – فمحاولتي كانت فاشلة، وإخلاصي لم يكن كافيا).عذاب الاستذكار صار لا يصدق.يا مالك.. قل لي لمن هذا الوجه الذي اقسم أني اعرفه؟.قل لي اسم صاحبه وارحمني – لا بد انك تعرفه – لا بد أن لديكم سجلات ووثائق وصور وأشياء من هذا القبيل.قبل أن يجيبني مالك – واعرف انه سيقول لي: إنكم ماكثون – يأتيني خاطر مرعب يصير معه كل العذاب السابق هينا: هذا الوجه المألوف تراني كنت أراه سابقا في المرآة؟؟.
* * *
**** ****** *****
مراسلكم في جهنم يحييكم ويهديكم اخطر تحذيراته، ويقول لكم: لا تأتوا. فالأوضاع أسوأ مما تتصورون. أسوأ مما تتخيلون. أسوأ من أسوأ كوابيسكم. أسوأ من كل ما فهمتم من النذر. أسوأ من كل ما جسمتموه من الآيات التي تهرولون بها من اجل الختمة والأجر.مراسلكم في جهنم، يقول لكم: ما دمتم تستطيعون، فلا تأتوا.ما دام لا يزال هناك وقت. ومجال. فاحرصوا أن لا تأتوا. لا أستطيع أن أقول كم هي سيئة الأمور..مراسلكم في جهنم يكاد يحترق، فاسألوه قبل أن تفقدوه..
* * *
.. يا مالك.. فليقض ربك على هذا الكابوس.. فلينهه.. فليطفئ النار المشتعلة في رأسي ووعيي وذاكرتي وذكرياتي..يا مالك.. دعني أصحو من الكابوس. إنني أتعذب مثلما يتعذبون. واصرخ مثلما يصرخون. لكن وقتي لم يحن بعد. انه مجرد كابوس.يا مالك.. يا مالك..ويلتفت إلي، ويجيب جوابه الأوحد والوحيد: إنكم ماكثون.
* * *
محاكمة ما، في القعر، استجواب هو في واقعه عذاب. أدس بوجهي بين الرؤوس المحتشدة بفضول وبخوف.فضول لأنها طبيعتي البشرية. وخوف أن تكون المحاكمة منعقدة من اجلي! أتنهد بارتياح! لست أنا. انه شخص آخر.يبدو مألوفا جدا. يبدو واحدا من اولئك الناس الذين قد تلتقي بهم في السوق او على الناصية او درسوا معك في المدرسة..لا يبدو شريرا او مجرما – انه مجرد شخص عادي.اقول مع نفسي ان المظاهر خداعة. و ان الرجل قد يكون مجرما او ابنا عاقا او مختلسا كبيرا او اي شئ آخر..الرجل يصرخ بينما يضعونه على المنصة قائلا “انه لم يفعل شيئا “..، لا يبدو ذلك غريبا ابدا..كل المذنبين يقولون ذلك.. ، لا اتصور ابدا ان مذنبا سيقف على المنصة و يصرخ : خذوني، حاكموني.. لقد اذنبت فعلا..كلهم يؤكدون براءتهم ، و ستكون نبرتهم نبرة صدق ..لدهشتي ، و لدهشة المتهم، بينما هو لا يزال يصرخ “انه لم يفعل شيئا” يقال له انه لم يفعل شيئا بالفعل ..للحظات تبدو علائم الارتياح على وجه المتهم كما لو ان حكم البراءة قد صدر بحقه..لكن سرعان ما يقال له بحسم : ان تلك هي تهمته بالتحديد ..”انه لم يفعل شيئا” ..اذهل و يذهل هو ايضا..دوما كنا نتصور اننا سنحاسب على افعالنا ..و ها هي الحقيقة تكشف لنا اننا سنحاسب ايضا على ما لم نفعله ..على ما كان يجب ان نفعله و لم نفعل..
يبدو الامر مشوشا و مرعبا ..احاول ان استرجع ذاكرتي من النيران لاعرف :هل فعلت شيئا ..ام اني لم افعل ؟
شخص آخر ..على منصة مماثلة..مجرد شخص آخر يشبه سابقه و يشبهني و يشبهك ايضا يا صديق بطريقة ما..على المنصة يصر المتهم على برائته ، بالتأكيد ، كما سنفعل جميعا عندما نقف هناك، من بين شفتيه ، يقول المتهم انه كان دوما “مطيعا” – ينفذ ما يقال له” بالحرف الواحد ” تحسبا ليوم كهذا..بالذات كي لا يكون هنا..لدهشته ، و لدهشتي انا ايضا ، سيقال له ان هذا ما اودى به تحديدا..انه كان يتبع كل ما يقال له دون ان يدقق ..دون ان يحاول ان يتأكد ليغير او يصصح ..احتج المتهم بأنه كان” بلا علم” …و كان عليه ان ينفذ ما يقال..يأتيه الرد انه كان قد اخبر سلفا ان لا “يقتف ما ليس به علم ” من اجل ان يتعلم لا من اجل ان يسلم رأسه للأخرين..سيقال له ان تهمته الاصلية هي “اساءة استخدام الادوات الموجودة عنده”..سيبدو مرتبكا و هو يحاول ان يفهم، متاملا ان يكون هناك في الامر خطأ ما و انه ليس الشخص المقصود.. يسأل عن الاداة المقصودة على ذلك الامل : فيشار الى رأسه و يقال له ” انت متهم بأساءة استخدام عقلك “..يندفع المتهم لدفع التهمة..فيقسم اغلظ الايمان انه “اصلا لم يستخدم عقله في شئ مهم ” ..و يأتيه الرد سريعا و حاسما..”هذا هو..عدم الاستخدام هو اسوء استخدام يمكن تصورة .
يأتي شخص آخر..شكله مسكين و مظلوم..و قبل ان يصعد على المنصة سيبدأ بسرد المظالم التي تعرض لها في حياته..ستشعر بالتعاطف معه..و ستتصور ان صعوده على المنصة كان من اجل استدراج من ظلموه ..او على الاقل انه احضر كشاهد و ليس كمتهم..هو على الاقل يبدو واثقا من ذلك..قبل ان يستمر في سرد مظالمه ، و كيف انه كان الضحية دوما، يأتيه صوت حاسم آخر يقول ان تهمته بالذات هي محضر دفاعه..و ان كل تلك التفاصيل التي يسردها هي ادلة ضده لا معه..يبدو مذهولا و هو يحرك رأسه يمينا و شمالا..”لقد كنت انا المظلوم هنا”..يردون عليه بسرعة: لقد ظلمت نفسك بالسماح لهم بظلمك….انت من سمح لهم بان يفعلوا ذلك ابتداءا..و عندما تمادوا..كان ذلك لانك لم توقفهم عند حد معين”" كنت مظلوما “..يردد المتهم و هو ينتحب..يردون عليه “كنت ظالما لنفسك لانك سمحت لنفسك ان تبقى بهذه الخانة..لقد ركنت لها و ارتحت ايضا..كنت ظالما بأستسلامك لجلادك..كل ضحية ظالمة ما لم تكف عن لعب دور الضحية”…قبل ان يسحب بعيدا..يلتفت ليقول ان هذا هو ما افهموه اياه طيلة حياته..ان يكون مظلوما كي لا يكون ظالما..سيقولون له بسرعة: نعم ..و ستراهم هنا ايضا على نفس المنصة قريبا..لقد افهموك ان العالم يتكون من خانتين فقط..خانة الظالم و خانة المظلوم..لم يقولوا لك ان هناك خيارات اخرى..
برعب اراقب ما يدور:اتامل منصة يوم الحساب ، اتأمل الافراد الذين يصعدون عليها : انهم لا يمثلونا كأشخاص فقط ..بل يمثلون الثقافة التي انتجتنا ايضا و جعلتنا بهذا الشكل..
التهمة الاكثر رواجا لن تكون من تلك التهم التي تأتي تقليديا في تصورنا عن الموضوع، ستكون تلك التهم موجودة طبعا، لكنها ستكون ضمن حيثيات تهم اخرى رئيسية..التهمة الاكثر رواجا ستكون ما نسميه اليوم بلغتنا الحديثة “تهربا وظيفيا”..او تهربا من اداء الوظيفة…مجاميع هائلة ، بلا عدد و لا حصر، ستحشر من اجل تلك التهمة..سيبدون مشدوهين و هم لا يدركون الامر بالضبط ..اي وظيفة هذه التي تهربوا منها؟ بعضهم سيؤكد انه كان ملتزما جدا بوظيفته…و البعض الاخر سيقول انه كان عاطلا عن العمل و لم يجد اصلا وظيفة ليتهرب منها..بين هذا و ذاك و في خضم حشر لا يمكن تشبيهه بالعيد…ستسري بين الجموع المنتظرة للمحاكمة، اشاعة عن الوظيفة التي عينوا فيها اصلا و تهربوا من ادائها..سيقولون ، مدهوشين، و الدهشة تكون احيانا نوع من العذاب ، سيقولون،”يقال اننا تهربنا من اداء تلك الوظيفة..وظيفة خليفة الله في الارض..
يتبع بإذن الله