M-AraBi
10-14-2010, 11:48 PM
ترجمة/ الإسلام اليوم
خلفَ مكتب بسيط يطلُّ على مدينة بيت جالا يجلس ضابط خدمات أمن مجهول يتبع جهاز (شين بيت)، يشعر بالرضا عن نفسه، لأنه منذ قليل أنقذ الشعب اليهودي في إسرائيل من خطر أمني محقَّق حينما منع مسنَّة فلسطينيَّة تبلغ من العمر 47 عامًا، لخمسة أسابيع حتى الآن، من السفر لإجراء فحوصات طبيَّة عاجلة!
ربما لا يكون الضابط بدعًا في هذا التصرُّف, المهمُّ في الأمر أن "خالدة جرار", من سكان مدينة البيرة, لم تستطع الذهاب إلى عمان لإجراء فحوص تشخيصيَّة دماغيَّة, لا يمكن القيام بها في الضفَّة الغربيَّة بسبب نقْص المعدَّات الطبيَّة اللازمة.
كتبتُ عن قضيَّة هذه السيدة التي تنتمي لعائلة "جرار", للمرة الأولى منذ شهر، حينما أخبرَها طبيب من رام الله في 19 يوليو أن بإمكانها الخضوع للفحوصات الطبيَّة الضروريَّة إما في إسرائيل أو الأردن، وأخبرتها وزارة الصحَّة الفلسطينيَّة أنها لن تدفع ثمن الفحوصات إذا أُجرِيت لها في إسرائيل.
وكانت جرار, عضو المجلس التشريعي الفلسطيني باسم الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين, قد مُنعت من المغادرة في عام 2008، عندما كان من المفترض مشاركتها في محادثات المصالحة بين الفصائل الفلسطينيَّة في القاهرة, أما هذه المرة فقد وعدها المسئولون في السلطة الفلسطينيَّة بترتيب تصريح خروج لها لإجراء فحوص طبيَّة مع معارفهم في إسرائيل.. وعدوا بذلك ثم تواروا عن الأنظار.
بعد نحو ثلاثة أسابيع, توجَّه بعض أصدقائها مباشرةً إلى الإدارة المدنيَّة محاولين اكتشاف كيفية استخراج تصريح خروج لها, وبعد تأخُّر أسبوعين جاء الردُّ مكتوبًا: (جرار.. لا توجد ملاحظة بشأنها تمنعها من الخروج).
وبعد اعتماد ضابط الإدارة المدنيَّة على مدخلات الكمبيوتر التي يقدمها "الشين بيت", أجهزة الأمن الإسرائيلي, قام بتحديد تاريخ 30 أغسطس, موعد خروج لـ "جرار" إلى جسر اللنبي, وهناك أظهرت أجهزة رقابة الحدود الإسرائيليَّة بيانات مختلفة: "جرار" ممنوعة من الخروج! فما كان مسموحًا منذ ساعات قليلة صار ممنوعًا لدى وصولها إلى الحدود، وفي هذا الوقت قال "الشين بيت": إن جرار كان ينبغي عليها التقدُّم بطلب للحصول على تصريح خروج عبر منسق الصحة في الإدارة المدنيَّة.
ما ذكرناه سابقًا لا يزيد على كونه مجرد غيض من فيض معاناة الفلسطينيين تحت الحكم الأجنبي, لكن هذه الملاحظة الهامشيَّة هي فصلٌ آخر مميّز في تاريخ المجتمع الإسرائيلي: إنه مجتمع ديمقراطي يمنح التابعين لـ "شين بيت" الرائعين صكًّا مفتوحًا لينتهجوا سلوك كبار الطغاة الذين يتلاعبون وينكِّلون بحياة الأشخاص, بانتقائيَّة ودون رقابة أو نقد, فكلمتهم مقدَّسة, إذا ما زعموا أن المعلومات بشأن "جرار" تشير إلى أنها تشكِّل خطرًا على إسرائيل لدى خروجها, فلا بد علينا من الترحيب بهذه المعلومات والتسليم بها.
وإذا كانت خطيرة, كما يقولون, لماذا لم يتمّ اعتقالها منذ فترة طويلة, حيث أن عنوانها معروف؟! ومن هنا كانت ثرثرة "شين بيت" حول ما تسميه "معلومات ذات صلة" بأنها تمثِّل خطرًا على نحو ما سوف يتحقق في الخارج فحسب, ما الدليل على ذلك؟ وما التفسيرات؟ وأين العقل السليم؟... ليسوا بحاجة إليه, فهم وبعد كل شيء سيتقاضون راتبًا من جيوب دافعي الضرائب الإسرائيليَّة من أجل ابتكار أنواع جديدة من العقاب والتعذيب.
ما الداعي للتأجيل اللانهائي لإجراء اختبارات طبيَّة عاجلة إذا لم يكن الغرض منه تعذيب سيدة مريضة وعائلتها؟ وما الدافع وراء تأخير العلاج, إن لم يكن عقابًا لمن يعارض قوانينك؟!
حتى ست أو ثماني سنوات مضت, كان تقرير صحفي لوضع مشابه يحرج شخصًا ما في أعلى السلم الأمني؛ ومن ثم يتمُّ استخراج إذن الخروج لأسباب طبيَّة برغم "الاعتبارات الأمنيَّة", أما اليوم فقد تلاشى حتى الشعور بالخجل من ذلك.
خلفَ مكتب بسيط يطلُّ على مدينة بيت جالا يجلس ضابط خدمات أمن مجهول يتبع جهاز (شين بيت)، يشعر بالرضا عن نفسه، لأنه منذ قليل أنقذ الشعب اليهودي في إسرائيل من خطر أمني محقَّق حينما منع مسنَّة فلسطينيَّة تبلغ من العمر 47 عامًا، لخمسة أسابيع حتى الآن، من السفر لإجراء فحوصات طبيَّة عاجلة!
ربما لا يكون الضابط بدعًا في هذا التصرُّف, المهمُّ في الأمر أن "خالدة جرار", من سكان مدينة البيرة, لم تستطع الذهاب إلى عمان لإجراء فحوص تشخيصيَّة دماغيَّة, لا يمكن القيام بها في الضفَّة الغربيَّة بسبب نقْص المعدَّات الطبيَّة اللازمة.
كتبتُ عن قضيَّة هذه السيدة التي تنتمي لعائلة "جرار", للمرة الأولى منذ شهر، حينما أخبرَها طبيب من رام الله في 19 يوليو أن بإمكانها الخضوع للفحوصات الطبيَّة الضروريَّة إما في إسرائيل أو الأردن، وأخبرتها وزارة الصحَّة الفلسطينيَّة أنها لن تدفع ثمن الفحوصات إذا أُجرِيت لها في إسرائيل.
وكانت جرار, عضو المجلس التشريعي الفلسطيني باسم الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين, قد مُنعت من المغادرة في عام 2008، عندما كان من المفترض مشاركتها في محادثات المصالحة بين الفصائل الفلسطينيَّة في القاهرة, أما هذه المرة فقد وعدها المسئولون في السلطة الفلسطينيَّة بترتيب تصريح خروج لها لإجراء فحوص طبيَّة مع معارفهم في إسرائيل.. وعدوا بذلك ثم تواروا عن الأنظار.
بعد نحو ثلاثة أسابيع, توجَّه بعض أصدقائها مباشرةً إلى الإدارة المدنيَّة محاولين اكتشاف كيفية استخراج تصريح خروج لها, وبعد تأخُّر أسبوعين جاء الردُّ مكتوبًا: (جرار.. لا توجد ملاحظة بشأنها تمنعها من الخروج).
وبعد اعتماد ضابط الإدارة المدنيَّة على مدخلات الكمبيوتر التي يقدمها "الشين بيت", أجهزة الأمن الإسرائيلي, قام بتحديد تاريخ 30 أغسطس, موعد خروج لـ "جرار" إلى جسر اللنبي, وهناك أظهرت أجهزة رقابة الحدود الإسرائيليَّة بيانات مختلفة: "جرار" ممنوعة من الخروج! فما كان مسموحًا منذ ساعات قليلة صار ممنوعًا لدى وصولها إلى الحدود، وفي هذا الوقت قال "الشين بيت": إن جرار كان ينبغي عليها التقدُّم بطلب للحصول على تصريح خروج عبر منسق الصحة في الإدارة المدنيَّة.
ما ذكرناه سابقًا لا يزيد على كونه مجرد غيض من فيض معاناة الفلسطينيين تحت الحكم الأجنبي, لكن هذه الملاحظة الهامشيَّة هي فصلٌ آخر مميّز في تاريخ المجتمع الإسرائيلي: إنه مجتمع ديمقراطي يمنح التابعين لـ "شين بيت" الرائعين صكًّا مفتوحًا لينتهجوا سلوك كبار الطغاة الذين يتلاعبون وينكِّلون بحياة الأشخاص, بانتقائيَّة ودون رقابة أو نقد, فكلمتهم مقدَّسة, إذا ما زعموا أن المعلومات بشأن "جرار" تشير إلى أنها تشكِّل خطرًا على إسرائيل لدى خروجها, فلا بد علينا من الترحيب بهذه المعلومات والتسليم بها.
وإذا كانت خطيرة, كما يقولون, لماذا لم يتمّ اعتقالها منذ فترة طويلة, حيث أن عنوانها معروف؟! ومن هنا كانت ثرثرة "شين بيت" حول ما تسميه "معلومات ذات صلة" بأنها تمثِّل خطرًا على نحو ما سوف يتحقق في الخارج فحسب, ما الدليل على ذلك؟ وما التفسيرات؟ وأين العقل السليم؟... ليسوا بحاجة إليه, فهم وبعد كل شيء سيتقاضون راتبًا من جيوب دافعي الضرائب الإسرائيليَّة من أجل ابتكار أنواع جديدة من العقاب والتعذيب.
ما الداعي للتأجيل اللانهائي لإجراء اختبارات طبيَّة عاجلة إذا لم يكن الغرض منه تعذيب سيدة مريضة وعائلتها؟ وما الدافع وراء تأخير العلاج, إن لم يكن عقابًا لمن يعارض قوانينك؟!
حتى ست أو ثماني سنوات مضت, كان تقرير صحفي لوضع مشابه يحرج شخصًا ما في أعلى السلم الأمني؛ ومن ثم يتمُّ استخراج إذن الخروج لأسباب طبيَّة برغم "الاعتبارات الأمنيَّة", أما اليوم فقد تلاشى حتى الشعور بالخجل من ذلك.