سارة
10-22-2010, 10:16 PM
سافر التاجر الصالح إلى حلب للتجارة ، وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى 1914م ، وفي الطريق هطل ثلج كثير فسد الطرق ، فطرق باب أحد البيوت فلم تكن هناك فنادق يأوي إليها المسافرون ... لقد كان الغريب أو المسافر يطرق أي دار من دور المكان الذي يصل إليه ثم يحل ضيفاً بين ظهراني أهله ينام كما ينامون ويتناول من طعامهم بدون أجر أو مقابل ، ففتح له الباب رب الدار فأخبره بأنه ضيف الله ، فرحب به صاحب الدار وأدخله وتجارته إلى صحن داره وقدم الطعام للضيف ، وكان صاحب الدار فقيراً معدوماً ، وكان متزوجاً وله ولد واحد في العقد الثاني من عمره ، وكان في داره غرفتان ، غرفة يأوي إليها هو وزوجته ، والأخرى لولده واجتمعت العائلة حول الضيف وعرف المضيف من خلال الحديث مع الضيف أنه يحمل مبلغاً من المال للتجارة ، وفي الهزيع الثاني من الليل آوى المضيف مع زوجته إلى غرفتهما وآوى الضيف إلى غرفة ولد المضيف ، فنام الولد على فراشه في الزاوية اليمنى من الغرفة وآوى الضيف إلى فراشه في الزاوية اليسرى من الغرفة . وهمست الزوجة لزوجها : إلى متى نبقى في فقر شديد ، هذا الضيف غني ونحن في أشد الحاجة إلى ماله وتجارته ، إننا مقبلون على مجاعة شديدة وسنموت فيها بدون ريب ، إن الفرصة اليوم سانحة ولن تعود ، هلم إلى الضيف فاسلبه ماله وخذ تجارته حتى تبقي على حياتنا وحياة ولدنا الوحيد ، وتردد الرجل ، وألحت المرأة وكان الشيطان ثالثهما وقالت : إن ما نفعله ضرورة لإنقاذنا من الموت الأكيد والضرورات تبيح المحظورات ، واقتنع الرجل أخيراً ، وعزم على قتل الضيف وسلب ما لديه من مال وتجارة . كان الوقت في الثلث الأخير من الليل ، وقصد الرجل خنجره وشحذه ثم توجه ناحية غرفة الضيف وابنه ، ومن وراءه زوجه تشجعه ، ومشى رويداً رويداً واتجه شطر الزاوية اليسرى من الغرفة حيث يرقد الضيف وتحسس جسمه حتى تلمس رقبته ثم ذبحه كما يذبح الشاة .. وجاءت الزوجة وتعاونا على سحب الجثة الهامدة إلى خارج الغرفة .. حيث اكتشفا هناك أنهما ذبحا ابنهما الوحيد فشهق الرجل والمرأة شهقة عظيمة وسقطا مغشياً عليهما ، وعلى صوت الجلبة استيقظ الضيف واستيقظ الجيران ليجدا ابن الرجل قتيلاً ، وسارع الضيف والجيران بالماء البارد يرشونه على وجه الرجل وزوجته ، فلما أفاقا أخذ يبكيان بكاء مراً ، ، وجاءت الشرطة .. وعرفت ما حدث ، لقد قام الابن إلى فراش الضيف بعد أن غادر أباه الغرفة وأخذ الرجلان يتجاذبان أطراف الحديث وطال الحديث حتى نام الولد على فراش الضيف بعد أن غلبه النعاس ، ولم يشأ الضيف أن يوقظ ابن مضيفه فترك له فراشه بعد أن أحكم عليه الغطاء لبرودة الجو ثم أوى إلى فراش ابن المضيف فنام عليه .. وحين قدم المضيف إلى غرفة الضيف وابنه كان متأكد من موضع فراش كل واحد منهما فذبح ابنه وهو يريد الضيف ، ودفن الجيران الولد القتيل ، واستقر والده في السجن .