M-AraBi
11-15-2010, 01:26 AM
بقلم : سلطان الذيب
ورد تعريف العنصرية في المعاجم العربية بأنها مذهب المتعصبين لعنصرهم، أي جنسهم أو لمذهبهم، والتمييز العنصري مَذْهَبٌ قَائِمٌ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ بِحَسَبِ أُصُولِهِمُ الْجِنْسِيَّةِ وَلَوْنِهِمْ..
و تُعرّف العنصرية في نصوص المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) على أنها: أيّ تمييز أو استثناء أو قيد أو تفضيل مبنيّ على الجنس أو اللون أو الوراثة أو القومية أو الأصل العرقي.
إذاً العنصرية هي التعصب للقبيلة أو النسب أو العرق أو اللون.. مع احتقار الطرف الآخر، والعنصرية تجرّ بصاحبها إلى الإيمان و التصديق بتفوق جنس معين أو مجموعة عرقية معينة، سواء من الناحية الأخلاقية أو الحيوية على باقي الأعراق و الأجناس، وأن المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها. وقد يبلغ التعصّب حدّاً متطرفاً فيولّد الاضطهاد أو الازدراء لأفراد أو فئات أخرى.
وما يحزّ في النفس أن أغلب مجتمعاتنا العربية لاتزال العنصرية العرقية والقبلية فيها هي الظاهرة الأساسية التي تتحكم في حركة هذه المجتمعات، وهى بلا شك ظاهرة لها عواملها ومسبّباتها وأصولها، ولها دورها ووظيفتها الفردية والاجتماعية.
ترتبط العنصرية في مجتمعاتنا ارتباطاً وثيقاً بنزعة الإنسان النفسية بصفة عامة إلى التفاخر والتملك، فالكل يقول أنا الأفضل، أنا الأحسن، أنا الأهم، أنا الأساس، أنا المرجع، أنا الموجود، أنا الأسمى. أصلي هو الأشراف، أو نحن الأفضل، ابني هو الأفضل، بلدي هو الأفضل، جنسي هو الأفضل، وهذا أساس العنصرية والطائفية والقبلية والتميز، وهو أصل ومرجع لأغلب الصراعات بين فئات هذا المجتمع للسعي للتفوق على الآخرين من أبناء نفس المجتمع، أو على من غير أبناء المجتمع.
العنصرية ضد اللون أو الشكل أو الجنس أو البلد أو القبيلة أو المذهب.. كل هذه الأنواع من أنواع العنصرية التي تنتشر في الأوساط الاجتماعية في مجتمعاتنا العربية مما لا يرضاها الشرع، ولا يقرّها؛ إذ إن ديننا يبغض العصبية القبلية، ويؤكد على أن قيمة الإنسان عمله وتقواه.
بل وتتنافى مع سنن الكون في تحقيق الوحدة والتعايش بين الناس، بل ونقيض لآية من آيات الله في كتابه العزيز هي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). إذاً من يجعل ميزان التفاضل هو الغنى أو الجنسية أو المهنة أو.....أو فهو مخالف لصريح الآية.
مصيبة أن تجد أحدهم ملتزماً (كما يظهر) يصلي الصلوات الخمس في المسجد، ويصوم رمضان، ويؤدي كل الفرائض، لكنه يرتدي نظّارة سوداوية ينظر بها بدونية إلى من لا يشاركه الجنسية أو العائلة أو المذهب، وتجده في جانب المعاملة شيئاً آخر وإنساناً غير ذاك المصلي. ما أودّ إيصاله هو أن البعض منا اهتم بالدين كشكليات وعبادات محضة، وهذا واجب وجيد، لكنه في الجانب الآخر، أي المعاملات لم يفلح فتجده مثلاً بَخَس حقَّ هذا، وظلم ذلك العامل، وضرب تلك الخادمة، فحدث تناقض ومفارقة بين شيئين يجب أن يكونا متلازمين.
العنصرية قد لا تكون في التمييز بين الأعراق والأنساب ولون البشرة وحسب، بل قد تكون في التعامل بشكل عام بين البشر، فحين نقسم البشر إلى طبقات، وعندما نعامل الآخر بأقل مما نحب أن نُعامَل به، فهذا ضرب من ضروب العنصرية، بل وصل البعض بعنصريته إلى أن كل من لا يكون أنا فهو أقل شأناً، بمعنى آخر لا يستحق أن يكون إنساناً.
بعضنا يقسّم الناس حسب اللون أو القبيلة، وتتضح هذه الإشكالية بشكل كبير عند الزواج، فنحن لا نزوج إلاّ من يملك الحسب والنسب، ومن هو من القبيلة المعينة والأسرة الفلانية، والأخطر أن التقسيمات موجودة حتى عند الأطفال الصغار في المدارس، وهي طبعاً انعكاسات لما تتبناه الأسر من قيم.
إذاً قد نطبق مسلمات العنصرية ونحن لا نشعر؛ فالعنصرية ليست حصراً على أنساب وألقاب وحضارات، وإنما هي كل ما نتلفظ به أو نعامل به الآخر.
العنصرية ضد الأجنبي (طبعاً الأجنبي لفظ للأسف الشديد يُطلق حتى على الأخ من قطر عربي آخر مجاور)، وغلبة النظرة الدونية والاستعلاء وعدم الاحترام، وتبدأ هذه من داخل بيوتنا مع خدمنا وعمالنا أياً كانوا، وقد تصل إلى حد الازدراء والاضطهاد التي توصل البعض منا لممارسة القهر والظلم ضد الوافد الأجنبي. ونورثها ببساطة لأولادنا، هذا من أبسط الأمثلة على العنصرية في مجتمعاتنا.
من وجهة نظري أصبحت العنصرية في بعض المجتمعات العربية جزءاً من العادات والتقاليد التي يجب أن يتوارثها الأبناء عن الآباء كابراً عن كابر، تلك الأفكار المترسبة في عقولنا منذ زمن بعيد، تلك الأفكار التي اغتالت مكارم الأخلاق في المهد، وما زالت تلازمنا حتى اللحد، فبعض العادات والتقاليد هي التي كرّست مفهوم العنصرية.
العنصرية الآن موجودة وبشكل أكبر بفعل بعض القنوات الفضائية، سواء الرسمية أو الشعبية، كالتي تهتم بالشعر، و ما يسمى بالتراث الشعبي، وهي بحد ذاتها لا ضير فيها، ولكن هذه القنوات أصبحت تُستخدم في التفاخر بين أبناء القبائل و التعصب لشاعر القبيلة، ومن يمثلها مع الانتقاص من الآخرين مما يبثّ الفرقة، ويولّد العداء، ويكرس العصبية.
ومن صور العنصرية والمناطقية ما استشرى في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؛ فعندما تجد مديراً لمؤسسة ما من منطقة معينة، أو من قبيلة معينة، أو من أسرة معينة، أو طائفة معينة تجد معظم الموظفين أو من يوكل إليهم العمل من أقارب وعائلة وقبيلة ذلك المدير، وذلك جزاء لما قاموا به من تأييد كامل ومساندة لوصوله إلى ذلك المنصب، دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة أو القدرة على العطاء عند شغل أي من المناصب الوظيفية داخل المجتمع، وصرف النظر عما سيقوم به لخدمة المجتمع، أو ما قام به، المهم ضمان اعتلائه المنصب، واستمراره فيه، وعدم تركه إلاّ للمعاش أو الوفاة.
أليست هذه العنصرية والمناطقية واستشراؤها في مؤسسات المجتمع ستكون في جانب كبير منها على حساب الكفاءة الوظيفية والأهلية؛ إذ أصبح المعيار والمحك هو المناطقية لا الجدارة والاستحقاق، وهو ما سينعكس سلباً على الإنتاج والتنمية في مجتمعاتنا، التي يجب أن تكون مصلحة الوطن فوق كل هذه الاعتبارات المناطقية، ناهيك عما ينجم عنه ابتداءً من الظلم وبخس حقوق الآخرين؟!
من خلال ما سبق يتحتم علينا مجتمعات وحكومات أن نعترف بأن وجود العنصرية كظاهرة بيننا هي داء لا يقل خطره عن بقية المشاكل الأخرى كالبطالة والفقر وغيرها، وبالتالي يجب علينا معالجة هذا الداء ونشر قيم التسامح بين أفراد المجتمع، وسأقترح بعض النقاط التي من شأنها القضاء على ظاهرة العنصرية وهي كالتالي:
1- العمل على تعزيز قيم التسامح ونبذ العنصرية القبلية في مختلف مستويات الحياة الدراسية منذ مرحلة الابتدائية حتى الجامعية، وإحداث تغييرات جوهرية في المناهج وطرق التدريس لحماية النشء من خطر العنصرية بشتى صورها.
2- العمل على توظيف ثقافي وتربوي للإعلام وطاقاته في مواجهة هذا التحدي الخطير الذي يواجه المجتمع إزاء مظاهر العنصرية، وصوغ قيم تعمل على إيجاد الاحترام الكامل بين كافة فئات المجتمع لمختلف الثقافات.
3- محاربة الشعارات التي تُبنى على أسس عنصرية، ومعاقبة كل من يردّدها وينشرها، سواء كانوا أشخاصاً أو مؤسسات أو جماعات.
4- عقد الندوات والمناظرات والمناقشات الجماعية لمواجهة ظاهرة العنصرية القبلية وبيان آثارها، ومن خلالها حل مشاكل المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم القبلي أو العشائري لتحقيق الاستقرار المنشود بين كافة عناصر المجتمع والقضاء على التوتر والاضطراب الناشئ بين أبناء المجتمع.
5- العمل على دعم نشاطات الأسر الطلابية والاتحادات الطلابية، وتفعيلها داخل المؤسسات التعليمية بالمجتمع، بحيث تعالج مثل هذه القضايا والمفاهيم الخاطئة عن العنصرية القبلية.
6- العمل على تعديل أساليب التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة، وإكساب الأبناء الاتجاهات الإيجابية تجاه الجماعات الأخرى لتساهم فى توقف توارث هذه العنصرية بين الأجيال، وحتى يمكن القضاء عليها نهائياً.
7- العمل على تشجيع انتشار المصاهرة بين القبائل المختلفة للتخفيف من حدة العنصرية القبلية، وتعميق روح التعاون بين الفئات المختلفة.
8- العمل على تشجيع مشاركة جميع عناصر المجتمع في تنمية المجتمع، وأن تكون بدافع ذاتي لدى الفرد، والمصلحة العامة، وليس بتوجيه من العائلة أو القبيلة.
ورد تعريف العنصرية في المعاجم العربية بأنها مذهب المتعصبين لعنصرهم، أي جنسهم أو لمذهبهم، والتمييز العنصري مَذْهَبٌ قَائِمٌ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَشَرِ بِحَسَبِ أُصُولِهِمُ الْجِنْسِيَّةِ وَلَوْنِهِمْ..
و تُعرّف العنصرية في نصوص المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) على أنها: أيّ تمييز أو استثناء أو قيد أو تفضيل مبنيّ على الجنس أو اللون أو الوراثة أو القومية أو الأصل العرقي.
إذاً العنصرية هي التعصب للقبيلة أو النسب أو العرق أو اللون.. مع احتقار الطرف الآخر، والعنصرية تجرّ بصاحبها إلى الإيمان و التصديق بتفوق جنس معين أو مجموعة عرقية معينة، سواء من الناحية الأخلاقية أو الحيوية على باقي الأعراق و الأجناس، وأن المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها. وقد يبلغ التعصّب حدّاً متطرفاً فيولّد الاضطهاد أو الازدراء لأفراد أو فئات أخرى.
وما يحزّ في النفس أن أغلب مجتمعاتنا العربية لاتزال العنصرية العرقية والقبلية فيها هي الظاهرة الأساسية التي تتحكم في حركة هذه المجتمعات، وهى بلا شك ظاهرة لها عواملها ومسبّباتها وأصولها، ولها دورها ووظيفتها الفردية والاجتماعية.
ترتبط العنصرية في مجتمعاتنا ارتباطاً وثيقاً بنزعة الإنسان النفسية بصفة عامة إلى التفاخر والتملك، فالكل يقول أنا الأفضل، أنا الأحسن، أنا الأهم، أنا الأساس، أنا المرجع، أنا الموجود، أنا الأسمى. أصلي هو الأشراف، أو نحن الأفضل، ابني هو الأفضل، بلدي هو الأفضل، جنسي هو الأفضل، وهذا أساس العنصرية والطائفية والقبلية والتميز، وهو أصل ومرجع لأغلب الصراعات بين فئات هذا المجتمع للسعي للتفوق على الآخرين من أبناء نفس المجتمع، أو على من غير أبناء المجتمع.
العنصرية ضد اللون أو الشكل أو الجنس أو البلد أو القبيلة أو المذهب.. كل هذه الأنواع من أنواع العنصرية التي تنتشر في الأوساط الاجتماعية في مجتمعاتنا العربية مما لا يرضاها الشرع، ولا يقرّها؛ إذ إن ديننا يبغض العصبية القبلية، ويؤكد على أن قيمة الإنسان عمله وتقواه.
بل وتتنافى مع سنن الكون في تحقيق الوحدة والتعايش بين الناس، بل ونقيض لآية من آيات الله في كتابه العزيز هي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). إذاً من يجعل ميزان التفاضل هو الغنى أو الجنسية أو المهنة أو.....أو فهو مخالف لصريح الآية.
مصيبة أن تجد أحدهم ملتزماً (كما يظهر) يصلي الصلوات الخمس في المسجد، ويصوم رمضان، ويؤدي كل الفرائض، لكنه يرتدي نظّارة سوداوية ينظر بها بدونية إلى من لا يشاركه الجنسية أو العائلة أو المذهب، وتجده في جانب المعاملة شيئاً آخر وإنساناً غير ذاك المصلي. ما أودّ إيصاله هو أن البعض منا اهتم بالدين كشكليات وعبادات محضة، وهذا واجب وجيد، لكنه في الجانب الآخر، أي المعاملات لم يفلح فتجده مثلاً بَخَس حقَّ هذا، وظلم ذلك العامل، وضرب تلك الخادمة، فحدث تناقض ومفارقة بين شيئين يجب أن يكونا متلازمين.
العنصرية قد لا تكون في التمييز بين الأعراق والأنساب ولون البشرة وحسب، بل قد تكون في التعامل بشكل عام بين البشر، فحين نقسم البشر إلى طبقات، وعندما نعامل الآخر بأقل مما نحب أن نُعامَل به، فهذا ضرب من ضروب العنصرية، بل وصل البعض بعنصريته إلى أن كل من لا يكون أنا فهو أقل شأناً، بمعنى آخر لا يستحق أن يكون إنساناً.
بعضنا يقسّم الناس حسب اللون أو القبيلة، وتتضح هذه الإشكالية بشكل كبير عند الزواج، فنحن لا نزوج إلاّ من يملك الحسب والنسب، ومن هو من القبيلة المعينة والأسرة الفلانية، والأخطر أن التقسيمات موجودة حتى عند الأطفال الصغار في المدارس، وهي طبعاً انعكاسات لما تتبناه الأسر من قيم.
إذاً قد نطبق مسلمات العنصرية ونحن لا نشعر؛ فالعنصرية ليست حصراً على أنساب وألقاب وحضارات، وإنما هي كل ما نتلفظ به أو نعامل به الآخر.
العنصرية ضد الأجنبي (طبعاً الأجنبي لفظ للأسف الشديد يُطلق حتى على الأخ من قطر عربي آخر مجاور)، وغلبة النظرة الدونية والاستعلاء وعدم الاحترام، وتبدأ هذه من داخل بيوتنا مع خدمنا وعمالنا أياً كانوا، وقد تصل إلى حد الازدراء والاضطهاد التي توصل البعض منا لممارسة القهر والظلم ضد الوافد الأجنبي. ونورثها ببساطة لأولادنا، هذا من أبسط الأمثلة على العنصرية في مجتمعاتنا.
من وجهة نظري أصبحت العنصرية في بعض المجتمعات العربية جزءاً من العادات والتقاليد التي يجب أن يتوارثها الأبناء عن الآباء كابراً عن كابر، تلك الأفكار المترسبة في عقولنا منذ زمن بعيد، تلك الأفكار التي اغتالت مكارم الأخلاق في المهد، وما زالت تلازمنا حتى اللحد، فبعض العادات والتقاليد هي التي كرّست مفهوم العنصرية.
العنصرية الآن موجودة وبشكل أكبر بفعل بعض القنوات الفضائية، سواء الرسمية أو الشعبية، كالتي تهتم بالشعر، و ما يسمى بالتراث الشعبي، وهي بحد ذاتها لا ضير فيها، ولكن هذه القنوات أصبحت تُستخدم في التفاخر بين أبناء القبائل و التعصب لشاعر القبيلة، ومن يمثلها مع الانتقاص من الآخرين مما يبثّ الفرقة، ويولّد العداء، ويكرس العصبية.
ومن صور العنصرية والمناطقية ما استشرى في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؛ فعندما تجد مديراً لمؤسسة ما من منطقة معينة، أو من قبيلة معينة، أو من أسرة معينة، أو طائفة معينة تجد معظم الموظفين أو من يوكل إليهم العمل من أقارب وعائلة وقبيلة ذلك المدير، وذلك جزاء لما قاموا به من تأييد كامل ومساندة لوصوله إلى ذلك المنصب، دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة أو القدرة على العطاء عند شغل أي من المناصب الوظيفية داخل المجتمع، وصرف النظر عما سيقوم به لخدمة المجتمع، أو ما قام به، المهم ضمان اعتلائه المنصب، واستمراره فيه، وعدم تركه إلاّ للمعاش أو الوفاة.
أليست هذه العنصرية والمناطقية واستشراؤها في مؤسسات المجتمع ستكون في جانب كبير منها على حساب الكفاءة الوظيفية والأهلية؛ إذ أصبح المعيار والمحك هو المناطقية لا الجدارة والاستحقاق، وهو ما سينعكس سلباً على الإنتاج والتنمية في مجتمعاتنا، التي يجب أن تكون مصلحة الوطن فوق كل هذه الاعتبارات المناطقية، ناهيك عما ينجم عنه ابتداءً من الظلم وبخس حقوق الآخرين؟!
من خلال ما سبق يتحتم علينا مجتمعات وحكومات أن نعترف بأن وجود العنصرية كظاهرة بيننا هي داء لا يقل خطره عن بقية المشاكل الأخرى كالبطالة والفقر وغيرها، وبالتالي يجب علينا معالجة هذا الداء ونشر قيم التسامح بين أفراد المجتمع، وسأقترح بعض النقاط التي من شأنها القضاء على ظاهرة العنصرية وهي كالتالي:
1- العمل على تعزيز قيم التسامح ونبذ العنصرية القبلية في مختلف مستويات الحياة الدراسية منذ مرحلة الابتدائية حتى الجامعية، وإحداث تغييرات جوهرية في المناهج وطرق التدريس لحماية النشء من خطر العنصرية بشتى صورها.
2- العمل على توظيف ثقافي وتربوي للإعلام وطاقاته في مواجهة هذا التحدي الخطير الذي يواجه المجتمع إزاء مظاهر العنصرية، وصوغ قيم تعمل على إيجاد الاحترام الكامل بين كافة فئات المجتمع لمختلف الثقافات.
3- محاربة الشعارات التي تُبنى على أسس عنصرية، ومعاقبة كل من يردّدها وينشرها، سواء كانوا أشخاصاً أو مؤسسات أو جماعات.
4- عقد الندوات والمناظرات والمناقشات الجماعية لمواجهة ظاهرة العنصرية القبلية وبيان آثارها، ومن خلالها حل مشاكل المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم القبلي أو العشائري لتحقيق الاستقرار المنشود بين كافة عناصر المجتمع والقضاء على التوتر والاضطراب الناشئ بين أبناء المجتمع.
5- العمل على دعم نشاطات الأسر الطلابية والاتحادات الطلابية، وتفعيلها داخل المؤسسات التعليمية بالمجتمع، بحيث تعالج مثل هذه القضايا والمفاهيم الخاطئة عن العنصرية القبلية.
6- العمل على تعديل أساليب التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة، وإكساب الأبناء الاتجاهات الإيجابية تجاه الجماعات الأخرى لتساهم فى توقف توارث هذه العنصرية بين الأجيال، وحتى يمكن القضاء عليها نهائياً.
7- العمل على تشجيع انتشار المصاهرة بين القبائل المختلفة للتخفيف من حدة العنصرية القبلية، وتعميق روح التعاون بين الفئات المختلفة.
8- العمل على تشجيع مشاركة جميع عناصر المجتمع في تنمية المجتمع، وأن تكون بدافع ذاتي لدى الفرد، والمصلحة العامة، وليس بتوجيه من العائلة أو القبيلة.