ibrahem706
12-14-2010, 05:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
- الخداع والاحتيال صفتان مذمومتان في الحياة وهما من أمراض المجتمعات الإنسانية الخطيرة والقبيحة. وترى الناس تبعد عن مثل هذه الصفات المكروهة وعن أصحابها. لكن مثل هذه الصفات المرفوضة لا توجد في عالم الإنسان لوحده وإنما تتواجد في عالم الحيوانات وبالأخص الطيور.
ومن أشهر هذه الطيور طائر الوقواق (الكوكو) - Cuckoo فهذا الطائر المحتال، يأخذ في الصياح عندما تدفئ شمس الصباح الجو قليلاً، مرسلاً صوته المدوي عبر المروج، وفوق أسياج النباتات، ومن خلال تشابك الغابات. وكثيراً ما يبدأ الطائر هذا الصياح قبل الخامسة صباحاً، ولا ينال منه التعب حتى التاسعة مساءً وكل هذه الأصوات من أجل كسب ود احدى الإناث. وبعد التزاوج يتم احتضان البيض بالوكالة وهي صفة شاذة ليست مألوفة في أي نوع آخر عدا طيور البقر الأمريكية (المسماة باللاتينية: مولوبرس - Molobrus) التي لا تربطها بطيور الوقواق صلة، والتي تستغل أنواع عديدة منها أعشاش الطيور الأخرى وتنتفع بخدماتها الكريمة. ويتميز كثير من الأنواع التي تنتمي إلى جنس الوقواق (cuculus)، وإلى الأجناس المقاربة له، بعادة يمكن وصفها بأنها ((طفيلية))، وهي دس بيضها على الطيور الأخرى. لقد أحرز الوقواق نجاحاً في تلك العادة الغريبة، ألا وهي التنصل من الواجبات الأبوية، وتأمين حضانة بيضه ورعاية أفراخه بالتوكيل. وعلينا أن نتساءل عما إذا كانت لهذا الطائر خصائص أخرى تلقي أي ضوء على نجاحه في هذا الانحراف الغريب عن العادة والتعود. وهناك تفسيرات طريفة: فقد أشار الدكتور ادوارد جنر الذي اهتم بهذه الطيور قدر اهتمامه بمرض جدري البقر، إلى أن الوقواق الأوروبي لا تكون أمامه إلا فسحة ضيقة من الوقت ليمضي فترة تصييفه، بينما يكون عليه أن يؤدي الكثير من العمل في هذه الفترة القصيرة، فهو يصل عادة في شهر أبريل (نيسان) ويرحل في شهر أغسطس (اب). والشيء المحير للألباب أن الآباء بالتبني الذين فرضت عليهم كفالة صغار الوقواق يظلون يطعمونها حتى بعد أن تبرح أعشاشها. ولقد شاهد الكثيرون ذلك المنظر الشاذ لطائر الجشنة أو طائر الرياض (Meadow Pipit) وهو عصفور يشبه القنابر، ينتمي إلى المكاوات Genus Anthus أو لعصفور اسياج النبات أو طائر أبو الحناء وهو يطعم وقواقا فتياً أضخم منه بكثير، وذا شهية فائقة للأكل، أما الأماكن التي تمضي فيها طيور الوقواق فترة الشتاء فلا يعرف عنها إلا القليل، وقد شوهد بعضها يصل إلى وسط أفريقيا وجنوبها، وكذلك إلى الشرق الأوسط، في الخريف ويزورها في الشتاء.
وهناك ظاهرة أخرى قد تلقى بعض الضوء على سبب استغلال هذا الطائر لأعشاش بعض الطيور الأخرى ولكرم ضيافتها، هي أن عملية وضع البيض تستغرق وقتاً أطول من المعتاد. والانثى تظهر عناية فائقة في توزيع بيضها. وقد أمكن التحقق من طريقتين لهذا التوزيع فهي أحياناً تضع بيضها على الأرض، ثم تحمله بمنقارها، وتطير به إلى عش مناسب، فتسقطه فيه، وقد يكون لون البيض شبيهاً ببيض الطيور الكافلة، بحيث يصعب تمييزه، وفي أحيان أخرى يكون بيض الوقواق مختلفاً اختلافاً بيناً، فليس من المحتمل اذن أن يكون تناسب البيض أو تباينه ذا مغزى كبير، وأنثى الوقواق تضع بيضها في عش تختاره بنفسها كعش طائر الجشنة مثلاً، وان وجود قشر بيض يمكن تحديد نوعه، في القناة الهضمية لأنثى الوقواق التي صيدت في أثناء موسم وضع البيض، هو دليل يؤيد هؤلاء الذين شاهدوا الطير وهو يفسح لبيضه مكاناً في عش كان مليئاً من قبل. ويجب مع ذلك ملاحظة أن بيض الوقواق قد وجد في أعشاش عصفور الجنة، وصداح الغاب (Reed- Warbler) والطائر المتسلق الأشجار، وغيرها من الأعشاش الصغيرة التي لا يمكن أن تبيض فيها الأنثى، والتي لا بد أنها قد أسقطت بيضها بداخلها.
وينضج بيض الوقواق الذي تفرخه الطيور الكافلة نضجاً سريعاً نسبياً، وفي أغلب الأحيان يكون فرخ الوقواق بعد فقسه مباشرة كبير الحجم بمقارنته بالعش (الغريب). ولا يعوز هذا الطائر تأكيد الذات، الذي تزيده وضوحاً تلك الحساسية العالية للمس، خصوصاً فوق منطقة الظهر، والتي تستمر حوالي أحد عشر يوماً. فإذا ما لمس أحد سكان العش الشرعيين - على فرض أن أحدهم لا يزال موجوداً - ظهر الوقواق الصغير فإنه يثير فيه انتفاضات شبيهة بالصرع، تسفر غالباً عن طرد طائر الجشنة الصغيرة، أو أي طائر آخر يكون في العش.
ويشير الكثير من علماء الطيور إلى سلوك غريب لدى هذه الطيور المجرمة وهي أن عدد الذكور أكبر بكثير من عدد الإناث وبالتالي ينتج عن ذلك تعدد الأزواج، أي أن الأنثى تقبل، بل هي في الواقع تدعو ذكوراً كثيرين، ليس بينهم زوج دائم، وبهذا تطغى غريزة الجنس أو طباع الجنس على غريزة أو طباع الأبوة في أنواع هذا الطائر التي أصبحت (طفيلية) تماماً، فقد اختفت في هذا الطائر من بين صفاته الموروثة غريزتا بناء العش وحضانة البيض. وأصبح يحتال ويخادع في سبيل بقاء جنسه وأنواعه عن طريق فرض الواقع على طيور أخرى لتربية فراخه
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
- الخداع والاحتيال صفتان مذمومتان في الحياة وهما من أمراض المجتمعات الإنسانية الخطيرة والقبيحة. وترى الناس تبعد عن مثل هذه الصفات المكروهة وعن أصحابها. لكن مثل هذه الصفات المرفوضة لا توجد في عالم الإنسان لوحده وإنما تتواجد في عالم الحيوانات وبالأخص الطيور.
ومن أشهر هذه الطيور طائر الوقواق (الكوكو) - Cuckoo فهذا الطائر المحتال، يأخذ في الصياح عندما تدفئ شمس الصباح الجو قليلاً، مرسلاً صوته المدوي عبر المروج، وفوق أسياج النباتات، ومن خلال تشابك الغابات. وكثيراً ما يبدأ الطائر هذا الصياح قبل الخامسة صباحاً، ولا ينال منه التعب حتى التاسعة مساءً وكل هذه الأصوات من أجل كسب ود احدى الإناث. وبعد التزاوج يتم احتضان البيض بالوكالة وهي صفة شاذة ليست مألوفة في أي نوع آخر عدا طيور البقر الأمريكية (المسماة باللاتينية: مولوبرس - Molobrus) التي لا تربطها بطيور الوقواق صلة، والتي تستغل أنواع عديدة منها أعشاش الطيور الأخرى وتنتفع بخدماتها الكريمة. ويتميز كثير من الأنواع التي تنتمي إلى جنس الوقواق (cuculus)، وإلى الأجناس المقاربة له، بعادة يمكن وصفها بأنها ((طفيلية))، وهي دس بيضها على الطيور الأخرى. لقد أحرز الوقواق نجاحاً في تلك العادة الغريبة، ألا وهي التنصل من الواجبات الأبوية، وتأمين حضانة بيضه ورعاية أفراخه بالتوكيل. وعلينا أن نتساءل عما إذا كانت لهذا الطائر خصائص أخرى تلقي أي ضوء على نجاحه في هذا الانحراف الغريب عن العادة والتعود. وهناك تفسيرات طريفة: فقد أشار الدكتور ادوارد جنر الذي اهتم بهذه الطيور قدر اهتمامه بمرض جدري البقر، إلى أن الوقواق الأوروبي لا تكون أمامه إلا فسحة ضيقة من الوقت ليمضي فترة تصييفه، بينما يكون عليه أن يؤدي الكثير من العمل في هذه الفترة القصيرة، فهو يصل عادة في شهر أبريل (نيسان) ويرحل في شهر أغسطس (اب). والشيء المحير للألباب أن الآباء بالتبني الذين فرضت عليهم كفالة صغار الوقواق يظلون يطعمونها حتى بعد أن تبرح أعشاشها. ولقد شاهد الكثيرون ذلك المنظر الشاذ لطائر الجشنة أو طائر الرياض (Meadow Pipit) وهو عصفور يشبه القنابر، ينتمي إلى المكاوات Genus Anthus أو لعصفور اسياج النبات أو طائر أبو الحناء وهو يطعم وقواقا فتياً أضخم منه بكثير، وذا شهية فائقة للأكل، أما الأماكن التي تمضي فيها طيور الوقواق فترة الشتاء فلا يعرف عنها إلا القليل، وقد شوهد بعضها يصل إلى وسط أفريقيا وجنوبها، وكذلك إلى الشرق الأوسط، في الخريف ويزورها في الشتاء.
وهناك ظاهرة أخرى قد تلقى بعض الضوء على سبب استغلال هذا الطائر لأعشاش بعض الطيور الأخرى ولكرم ضيافتها، هي أن عملية وضع البيض تستغرق وقتاً أطول من المعتاد. والانثى تظهر عناية فائقة في توزيع بيضها. وقد أمكن التحقق من طريقتين لهذا التوزيع فهي أحياناً تضع بيضها على الأرض، ثم تحمله بمنقارها، وتطير به إلى عش مناسب، فتسقطه فيه، وقد يكون لون البيض شبيهاً ببيض الطيور الكافلة، بحيث يصعب تمييزه، وفي أحيان أخرى يكون بيض الوقواق مختلفاً اختلافاً بيناً، فليس من المحتمل اذن أن يكون تناسب البيض أو تباينه ذا مغزى كبير، وأنثى الوقواق تضع بيضها في عش تختاره بنفسها كعش طائر الجشنة مثلاً، وان وجود قشر بيض يمكن تحديد نوعه، في القناة الهضمية لأنثى الوقواق التي صيدت في أثناء موسم وضع البيض، هو دليل يؤيد هؤلاء الذين شاهدوا الطير وهو يفسح لبيضه مكاناً في عش كان مليئاً من قبل. ويجب مع ذلك ملاحظة أن بيض الوقواق قد وجد في أعشاش عصفور الجنة، وصداح الغاب (Reed- Warbler) والطائر المتسلق الأشجار، وغيرها من الأعشاش الصغيرة التي لا يمكن أن تبيض فيها الأنثى، والتي لا بد أنها قد أسقطت بيضها بداخلها.
وينضج بيض الوقواق الذي تفرخه الطيور الكافلة نضجاً سريعاً نسبياً، وفي أغلب الأحيان يكون فرخ الوقواق بعد فقسه مباشرة كبير الحجم بمقارنته بالعش (الغريب). ولا يعوز هذا الطائر تأكيد الذات، الذي تزيده وضوحاً تلك الحساسية العالية للمس، خصوصاً فوق منطقة الظهر، والتي تستمر حوالي أحد عشر يوماً. فإذا ما لمس أحد سكان العش الشرعيين - على فرض أن أحدهم لا يزال موجوداً - ظهر الوقواق الصغير فإنه يثير فيه انتفاضات شبيهة بالصرع، تسفر غالباً عن طرد طائر الجشنة الصغيرة، أو أي طائر آخر يكون في العش.
ويشير الكثير من علماء الطيور إلى سلوك غريب لدى هذه الطيور المجرمة وهي أن عدد الذكور أكبر بكثير من عدد الإناث وبالتالي ينتج عن ذلك تعدد الأزواج، أي أن الأنثى تقبل، بل هي في الواقع تدعو ذكوراً كثيرين، ليس بينهم زوج دائم، وبهذا تطغى غريزة الجنس أو طباع الجنس على غريزة أو طباع الأبوة في أنواع هذا الطائر التي أصبحت (طفيلية) تماماً، فقد اختفت في هذا الطائر من بين صفاته الموروثة غريزتا بناء العش وحضانة البيض. وأصبح يحتال ويخادع في سبيل بقاء جنسه وأنواعه عن طريق فرض الواقع على طيور أخرى لتربية فراخه