محمد عبد الوهاب جسري
01-03-2011, 09:28 PM
قصص من شعوب أخرى
بقلم محمد عبد الوهاب جسري
الجزء الأول
أنا من بلاد السين، كتبت قصتي دون أن أستخدم الحبر، لقد استخدمت دمع العين.... لن أطيل عليكم
فأنا من بلدة صغيرة تحيط بها عدة قرى، قد أصف بلدتي بالجمال والروعة لأنها بلدتي أنا، لكن الجيش الألماني عندما وصل في الحرب العالمية الأولى إلى هنا قال إنها جنة الأرض، والعرب يعتبرونها الأندلس الثانية...
في بلدتي كانت هناك بضعة مدارس ابتدائية ومدرستان ثانويتان ومعهد مهني، كنت طالبا متميزا في المرحلة الثانوية في مادة الرياضيات حتى أصبحوا ينادوني العبقري...لا ينافسني أحد في التفوق في عالم الأرقام فتم ترشيحي إلى المسابقة في العاصمة...
لا شك أن أهالي البلدة اجتمعوا جميعا أمام التلفزيون وقت المسابقة ليشاهدوا ابن بلدتهم العبقري وقد فزت بالدرجة الثانية على مستوى الدولة كلها.... عدت أحمل معي وساما ومكافأة صغيرة وحقيـبة جميلة وبعض الصور التذكارية....
كان أول المستقبلين رفيق عمري فنحن أصدقاء منذ بداية المرحلة الابتدائية ولا يفرقنا شيء ، أينما وجدت وجد هو، وبالفعل كنا مضرب المثل في التفاني و الاخلاص لصداقة بدأت منذ الطفولة.....كنا مثـل الكتاب المجلد عندما يكون هو صفحة ما، يجب أن أكون أنا الصفحة التالية إن لم أكن الصفحة السابقة...
بعد ظهور تفوقي على مستوى الدولة اقتربت مني تلك الشقراء الخجولة تعبر لي عن فرحتها بانجازي وتخبرني بأنها على علم بنظرات الاعجاب التي كنت أكنها لها وبأنها تبادلني ذلك الاعجاب.....
عامان كاملان من الحب الأول، علمت كل البلدة بحبنا، رسمت صورها، غنيت لها،أهديتها أطواق الورود، ساعدتها على النجاح والتفوق، بادلتني الحب وصنعت مني اسطورة في هذه البلدة ، ومن أجلها ومن أجل فرحتها أجهدت نفسي لأفوز بسباق الدراجات بالمرتبة الأولى بين شباب بلدتنا.....لكنني لم أفترق عن رفيق عمري، كان يحدثنا كيف ستكون سعادته يوم حفلة زواجنا ولأنه من عائلة ميسورة ومرموقة فإنه سيقدم لنا كل امكانياته وإمكانيات أسرته لتكون حفلة تشهد لها البلدة....حتى أنه أخبرنا أن أباه وافق على أن تكون سيارته الجديدة هي التي ستنقل العروس وستكون بخدمتنا مع السائق منذ صباح يوم العرس.
كنت أسعد الناس فقد كانت حبيبتي هي الأرض التي تأويني وصديق عمري هو السماء التي تغطيني....
مضى شهر على ظهور نتائج الثانوية، أمضيته في الحقول بعيدا عن البلدة أساعد جدي في جني المحصول، علمني كيف أقود الجرار وكيف أعتني بالماشية، فقد أذهب بعدها إلى المدينة لمتابعتي دراستي الجامعية وربما لن أعود أبدا...
عدت إلى البلدة بنشاط وحيوية وسواعد مفتولة أنتظر أخبار القبول في الجامعة ومنذ وصولي وأنا أسير من محطة الباص إلى بيتي بدأت ألاحظ في عيون الناس نظرات غير مفهومة إلى أن وصلت بيتي حيث استقبلتني أمي تحتضنني بطريقة عجيبة، وتقول لي بشفاه مرتعشة مبروك يا مهندس المستقبل، بدأت أشتم رائحة كارثة... بدأت عيوني تدور تبحث عن تفسير لما رأته منذ وصولي البلدة، قلت شكرا يا أمي لكن شيئا ما سلب مني فرحتي مالأمر؟؟ قالت صديقك .... صديقك قد حصل على بعثة إلى أمريكا و.... وماذا ؟ انطقي .... وصديقتك أيضا وقد قررا الزواج وذهبوا إلى العاصمة لاستكمال اجراءات السفر......
من ذروة النجاح والأمل إلى حضيض اليأس والفشل.......
قد تتصورون حالي لكنكم لم تعيشوا حالتي .... استجمعت قواي والتحقت بصفوف الجيش لأنني قررت قرارا نهائيا .... لن أحب بعد اليوم صغيرا.... سأحب وطني ووطني فقط وسأضع روحي بين كفي أقدمها له هدية في أول فرصة....
في بلاد السين هذه ... وفي جيش بلادي الذي أفتخر به وجدت نفسي من جديد ، وحصلت على لقب جديد فصاروا ينادونني بالعبقري الشرس....أنهيت دوراتي التدريبية والتحقت بوحدتي العسكرية، كان قائد وحدتي رجلا بكل ما تعنيه الرجولة من معنى، كان يهتم بنا فردا فردا ويهتم بخصوصياتنا وكأننا أبناءه، سرعان ما اكتشف الرجل أنني الشخص الوحيد الذي لا تصلني رسائل من صديقة أو حبيبة وبأنني الشاب الوحيد الذي ينأى عن التحدث عن الحب وهذا أمر غير عادي في مجتمع الشباب، فعلم أن في الأمر سرا، أرسل إلي محاولا فتح حديث ودي معي....كنت بحاجة إلى من يسمعني فقصصت عليه قصتي.... صمت قليلا ثم سألني أتدري لم أحببت أن أعرف قصتك ؟؟ قلت لا يا سيدي ، قال لقد وصلتك اليوم رسالة من أمريكا.....
عبرت عيناي عن غضب شديد فاستأذنت بالانصراف دون أن أستلم الرسالة فأذن لي، مرت أربعة أيام شديدة السواد، جراح ليس لها أن تلتئم، وقد جاء الوقت لصب الزيت عليها.... أرسل يطلبني مجددا، عندما دخلت إلى مكتبه قال لي أدعوك إلى شرب القهوة، قلت وإلى استلام الرسالة وفتحها...قال أتظن أنها منه أم منها؟؟؟ قلت لا أدري ربما من كليهما فكلاهما كان عندي أغلى من مما أتصور، طيب!! ألا يدفعك الفضول لمعرفة المرسل وما تحتويه الرسالة ؟؟ قلت ساخرا ربما رزقا مولودا !!!
لم يستطع أن يقنعني قائد وحدتي باستلام الرسالة وقراءتها، عندئذ أخرج دفتر مذكراته وراح يقلب فيه ويطلعني على حالات كثيرة مرت عليه خلال عمله الطويل هذا... وقال لي اقرأ ما تشاء وكلما احتجت إلى قراءة مذكراتي تفضل إلى مكتبي سيكون بابه مفتوحا لك دوما.... مرت الشهور وصلتني رسالة ثانية وثالثة..... وأنا لم أتوصل إلى رغبة بفتح أي رسالة والتعرف إلى مضمونها. حتى جاء اليوم الذي بدأت حركات انفصال بعض الأقاليم في شمال البلاد تتجه إلى الانفصال ودخلت البلاد في حرب أهلية، وتأهبت جميع القوات ونحن ننتظر الأوامر بالتحرك.... قال لي قائد وحدتي ، سنتحرك الليلة، اعلم أننا قد لا نعود إلى هنا أبدا، أنا سأحمل معي دفتر مذكراتي ورسائلك التي لم تستلمها وظرفين فارغين سأستعمل أحدهما وسأترك الآخر لك إن غيرت رأيك.....
في أتون تلك الحرب مررنا بظروف صعبة جدا، فقدنا الكثير من عناصرنا وعتادنا وكان كل يوم كان يذكرني، قد نموت غدا...ألا تريد أن تفتح رسائلك ؟؟ وأنا .... وأنا لا أجيب، إلى أن أصيب الرجل وهو يبعد عني أقل من ثلاثة أمتار سارعت إليه فإذا هو يشير إلى حقيبته، أحضرتها له قال هي أمانة عندك توصلها لبيتي وتخبرهم بالحقيقة وتقول لهم أنني مت هنا ويدي غير ملوثة بدماء المدنيين والأبرياء... وأرجوك أرجوك أن تقرأ رسائلك وترد عليها .... لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي، حملته وحملت محفظته تلك الأمانة الثقيلة التي أورثني إياها....
لاأدري مالذي حدث بعدها، اذا فتحت عيني لأجد نفسي مصابا في المشفى أتلقى العلاج، اقترب مني أحد الأطباء وقال لي أهنئك بالسلامة أيها العبقري الشرس، هكذا قال عنك رفاقك....هذه حقيبتك التي وصلتنا معك هي بجانبك، نظرت إليها وقلت له نعم حقيبتي....
في فترة وجودي في المشفى كان لدي وقت طويل لأعد عدد المرات التي مت فيها في تلك الحرب دون أن أموت وكان لدي الوقت لأقرأ جميع مذكرات قائد وحدتي الذي افتقدته، وكان لدي الوقت أيضا لأفكر بسبب اصراره على فتح الرسائل وقراءتها....
وتذكرت الأمانة....ايصال الحقيبة، إخبار ذويه بأنه مات ويديه غير ملوثة بدماء الأبرياء ورسائلي.... فتحت الرسائل لأقرأها.....
نحن نعيش حياة قاتمة هنا، كل من حولنا يعيشون بسعادة إلا نحن، حاولنا بناء سعادتنا على حساب تعاستك، فشلنا ..... نحن نقترب من الجنون، نحن نفتقر إليك.... إلى كلماتك.... إلى غنائك..... إلى بسمتك الرقيقة .....إلى قلبك الطيب.... أنت من اجتمعنا على حبك ...... هل لنا من مغفرة ؟؟ ...
يتبع
بقلم محمد عبد الوهاب جسري
الجزء الأول
أنا من بلاد السين، كتبت قصتي دون أن أستخدم الحبر، لقد استخدمت دمع العين.... لن أطيل عليكم
فأنا من بلدة صغيرة تحيط بها عدة قرى، قد أصف بلدتي بالجمال والروعة لأنها بلدتي أنا، لكن الجيش الألماني عندما وصل في الحرب العالمية الأولى إلى هنا قال إنها جنة الأرض، والعرب يعتبرونها الأندلس الثانية...
في بلدتي كانت هناك بضعة مدارس ابتدائية ومدرستان ثانويتان ومعهد مهني، كنت طالبا متميزا في المرحلة الثانوية في مادة الرياضيات حتى أصبحوا ينادوني العبقري...لا ينافسني أحد في التفوق في عالم الأرقام فتم ترشيحي إلى المسابقة في العاصمة...
لا شك أن أهالي البلدة اجتمعوا جميعا أمام التلفزيون وقت المسابقة ليشاهدوا ابن بلدتهم العبقري وقد فزت بالدرجة الثانية على مستوى الدولة كلها.... عدت أحمل معي وساما ومكافأة صغيرة وحقيـبة جميلة وبعض الصور التذكارية....
كان أول المستقبلين رفيق عمري فنحن أصدقاء منذ بداية المرحلة الابتدائية ولا يفرقنا شيء ، أينما وجدت وجد هو، وبالفعل كنا مضرب المثل في التفاني و الاخلاص لصداقة بدأت منذ الطفولة.....كنا مثـل الكتاب المجلد عندما يكون هو صفحة ما، يجب أن أكون أنا الصفحة التالية إن لم أكن الصفحة السابقة...
بعد ظهور تفوقي على مستوى الدولة اقتربت مني تلك الشقراء الخجولة تعبر لي عن فرحتها بانجازي وتخبرني بأنها على علم بنظرات الاعجاب التي كنت أكنها لها وبأنها تبادلني ذلك الاعجاب.....
عامان كاملان من الحب الأول، علمت كل البلدة بحبنا، رسمت صورها، غنيت لها،أهديتها أطواق الورود، ساعدتها على النجاح والتفوق، بادلتني الحب وصنعت مني اسطورة في هذه البلدة ، ومن أجلها ومن أجل فرحتها أجهدت نفسي لأفوز بسباق الدراجات بالمرتبة الأولى بين شباب بلدتنا.....لكنني لم أفترق عن رفيق عمري، كان يحدثنا كيف ستكون سعادته يوم حفلة زواجنا ولأنه من عائلة ميسورة ومرموقة فإنه سيقدم لنا كل امكانياته وإمكانيات أسرته لتكون حفلة تشهد لها البلدة....حتى أنه أخبرنا أن أباه وافق على أن تكون سيارته الجديدة هي التي ستنقل العروس وستكون بخدمتنا مع السائق منذ صباح يوم العرس.
كنت أسعد الناس فقد كانت حبيبتي هي الأرض التي تأويني وصديق عمري هو السماء التي تغطيني....
مضى شهر على ظهور نتائج الثانوية، أمضيته في الحقول بعيدا عن البلدة أساعد جدي في جني المحصول، علمني كيف أقود الجرار وكيف أعتني بالماشية، فقد أذهب بعدها إلى المدينة لمتابعتي دراستي الجامعية وربما لن أعود أبدا...
عدت إلى البلدة بنشاط وحيوية وسواعد مفتولة أنتظر أخبار القبول في الجامعة ومنذ وصولي وأنا أسير من محطة الباص إلى بيتي بدأت ألاحظ في عيون الناس نظرات غير مفهومة إلى أن وصلت بيتي حيث استقبلتني أمي تحتضنني بطريقة عجيبة، وتقول لي بشفاه مرتعشة مبروك يا مهندس المستقبل، بدأت أشتم رائحة كارثة... بدأت عيوني تدور تبحث عن تفسير لما رأته منذ وصولي البلدة، قلت شكرا يا أمي لكن شيئا ما سلب مني فرحتي مالأمر؟؟ قالت صديقك .... صديقك قد حصل على بعثة إلى أمريكا و.... وماذا ؟ انطقي .... وصديقتك أيضا وقد قررا الزواج وذهبوا إلى العاصمة لاستكمال اجراءات السفر......
من ذروة النجاح والأمل إلى حضيض اليأس والفشل.......
قد تتصورون حالي لكنكم لم تعيشوا حالتي .... استجمعت قواي والتحقت بصفوف الجيش لأنني قررت قرارا نهائيا .... لن أحب بعد اليوم صغيرا.... سأحب وطني ووطني فقط وسأضع روحي بين كفي أقدمها له هدية في أول فرصة....
في بلاد السين هذه ... وفي جيش بلادي الذي أفتخر به وجدت نفسي من جديد ، وحصلت على لقب جديد فصاروا ينادونني بالعبقري الشرس....أنهيت دوراتي التدريبية والتحقت بوحدتي العسكرية، كان قائد وحدتي رجلا بكل ما تعنيه الرجولة من معنى، كان يهتم بنا فردا فردا ويهتم بخصوصياتنا وكأننا أبناءه، سرعان ما اكتشف الرجل أنني الشخص الوحيد الذي لا تصلني رسائل من صديقة أو حبيبة وبأنني الشاب الوحيد الذي ينأى عن التحدث عن الحب وهذا أمر غير عادي في مجتمع الشباب، فعلم أن في الأمر سرا، أرسل إلي محاولا فتح حديث ودي معي....كنت بحاجة إلى من يسمعني فقصصت عليه قصتي.... صمت قليلا ثم سألني أتدري لم أحببت أن أعرف قصتك ؟؟ قلت لا يا سيدي ، قال لقد وصلتك اليوم رسالة من أمريكا.....
عبرت عيناي عن غضب شديد فاستأذنت بالانصراف دون أن أستلم الرسالة فأذن لي، مرت أربعة أيام شديدة السواد، جراح ليس لها أن تلتئم، وقد جاء الوقت لصب الزيت عليها.... أرسل يطلبني مجددا، عندما دخلت إلى مكتبه قال لي أدعوك إلى شرب القهوة، قلت وإلى استلام الرسالة وفتحها...قال أتظن أنها منه أم منها؟؟؟ قلت لا أدري ربما من كليهما فكلاهما كان عندي أغلى من مما أتصور، طيب!! ألا يدفعك الفضول لمعرفة المرسل وما تحتويه الرسالة ؟؟ قلت ساخرا ربما رزقا مولودا !!!
لم يستطع أن يقنعني قائد وحدتي باستلام الرسالة وقراءتها، عندئذ أخرج دفتر مذكراته وراح يقلب فيه ويطلعني على حالات كثيرة مرت عليه خلال عمله الطويل هذا... وقال لي اقرأ ما تشاء وكلما احتجت إلى قراءة مذكراتي تفضل إلى مكتبي سيكون بابه مفتوحا لك دوما.... مرت الشهور وصلتني رسالة ثانية وثالثة..... وأنا لم أتوصل إلى رغبة بفتح أي رسالة والتعرف إلى مضمونها. حتى جاء اليوم الذي بدأت حركات انفصال بعض الأقاليم في شمال البلاد تتجه إلى الانفصال ودخلت البلاد في حرب أهلية، وتأهبت جميع القوات ونحن ننتظر الأوامر بالتحرك.... قال لي قائد وحدتي ، سنتحرك الليلة، اعلم أننا قد لا نعود إلى هنا أبدا، أنا سأحمل معي دفتر مذكراتي ورسائلك التي لم تستلمها وظرفين فارغين سأستعمل أحدهما وسأترك الآخر لك إن غيرت رأيك.....
في أتون تلك الحرب مررنا بظروف صعبة جدا، فقدنا الكثير من عناصرنا وعتادنا وكان كل يوم كان يذكرني، قد نموت غدا...ألا تريد أن تفتح رسائلك ؟؟ وأنا .... وأنا لا أجيب، إلى أن أصيب الرجل وهو يبعد عني أقل من ثلاثة أمتار سارعت إليه فإذا هو يشير إلى حقيبته، أحضرتها له قال هي أمانة عندك توصلها لبيتي وتخبرهم بالحقيقة وتقول لهم أنني مت هنا ويدي غير ملوثة بدماء المدنيين والأبرياء... وأرجوك أرجوك أن تقرأ رسائلك وترد عليها .... لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي، حملته وحملت محفظته تلك الأمانة الثقيلة التي أورثني إياها....
لاأدري مالذي حدث بعدها، اذا فتحت عيني لأجد نفسي مصابا في المشفى أتلقى العلاج، اقترب مني أحد الأطباء وقال لي أهنئك بالسلامة أيها العبقري الشرس، هكذا قال عنك رفاقك....هذه حقيبتك التي وصلتنا معك هي بجانبك، نظرت إليها وقلت له نعم حقيبتي....
في فترة وجودي في المشفى كان لدي وقت طويل لأعد عدد المرات التي مت فيها في تلك الحرب دون أن أموت وكان لدي الوقت لأقرأ جميع مذكرات قائد وحدتي الذي افتقدته، وكان لدي الوقت أيضا لأفكر بسبب اصراره على فتح الرسائل وقراءتها....
وتذكرت الأمانة....ايصال الحقيبة، إخبار ذويه بأنه مات ويديه غير ملوثة بدماء الأبرياء ورسائلي.... فتحت الرسائل لأقرأها.....
نحن نعيش حياة قاتمة هنا، كل من حولنا يعيشون بسعادة إلا نحن، حاولنا بناء سعادتنا على حساب تعاستك، فشلنا ..... نحن نقترب من الجنون، نحن نفتقر إليك.... إلى كلماتك.... إلى غنائك..... إلى بسمتك الرقيقة .....إلى قلبك الطيب.... أنت من اجتمعنا على حبك ...... هل لنا من مغفرة ؟؟ ...
يتبع