M-AraBi
01-03-2011, 09:36 PM
انهـا دمــشــق
( كما يصفها الشاعر العراقي مظفر النواب )
شــقيقة بغداد اللدودة،
ومصيدة بيروت،
حـسـد القاهرة،
وحلم عمّان،
ضمير مكة،
غيرة قرطبة،
مقلة القدس،
مغناج المدن وعكاز تاريخ لخليفة هرم.
إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات،
وخمسة أسماء وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي
ومدرسة عشرين نبي،
وفكرة خمسة عشر إله خرافي لحضارات شــنقت نفسها على
أبوابها.
إنها دمشق الأقدم والأيتم،
ملتقى الحلم ونهايته،
بداية الفتح وقوافله،
شـــرود القصيدة ومصيدة الشعراء.
من على شرفتها أطلّ هشام ليغازل غيمة أموية عابرة،"أنى تهطلي خيرك لي "
بعد أن فرغ من إرواء غوطتها بالدم،
ومنها طار صقر قريش حالماً،
ليدفن تحت
بلاطة في جبال البرينيه.
إنها دمشق التي تحملت الجميع،
متقاعسين وحالمين،
صغار كسبة وثوريين،
عابرين
ومقيمين،
مدمني عضها
مقلمي أظفارها وخائبين وملوثين،
طهرانين
وشهوانيين....
رَضَّعت حتى جفَّ بردى،
فسارعت بدمها بشجرها وظلالها،
ولما نفقت الغوطة،
أسلمت قاسيونها (شامتها الأثيرة) يلعقونه يتسلقونه،
يطلون منه على جسدها،
ويدعون كل السفلة ليأخذوا حصتهم من براءتها،
حتى باتت هذه مهنة من يحبها
ومن لا يقوى على ذلك لكنها دمشق
تعود فتية كلما شُرِقَ نقي عظامها.
إنها دمشق أيها العرب العاربة والمستعربة قِبلة سياحكم،
ومحط مطيكم،
تمنح
لقب الشيخ لكل من لبس صندلا واعتمر دشداشة
ولا تعترف إلا بشيخها محي
الدين بن عربي ،هو من لم تتسع له الأرض،
حضنته دمشق تحت ثديها وألبسته
حياً من أحيائها فغنى لها " كل ما لا يؤنث لا يعول عليه"
إنها دمشق لا تعبأ باثنين،
الجلادين والضحايا،
تؤرشفهم وتعيدهم بعد لأي
على شكل منمنمات تزين بها جدرانها أو أخباراً في صفحات كتبها،
فيتململ
ابن عساكر قليلا يغسل يديه ويتوضأ لوجه الله ويشرع بتغطيس الريشة في
المحبرة، لا ليكتب بل ليمرر الحبر على حروف دمشق المنجمة في كتابها
دمشق التي تتقن كل اللغات ولا أحد يفهم عليها إلا الله جل شأنه وملائكة عرشه.
دمرَّ هولاكو بغداد وصار مسلماً في دمشق،
حرر صلاح الدين القدس
وطاب
موتاً في دمشق،
قدم لها يوحنا المعمدان وجعفر البرمكي
رؤوسهم كي ترضى دمشق،
وما بين قبر زينب وقبر يزيد خمس فراسخ
ودفلى على
طريقة دمشق.
إنها دمشق لا تحب أحداً،
ولا تعبأ بكارهيها،
متغاوية ووقحة تركت عشاقها
خارجاً بقسوة نادرة كي لا ينسفح الكثير من دمهم،
وتتفرغ للغرباء الذين
ظنوا أنفسهم أسيادها
ليستفيقوا فجأة وإذ بهم عالقين تحت أظافرها.
لديها من الغبار ما يكفي لتقص أثر من سرقها فتحيله متذرذراً على جسدها.
لديها من العشاق ما يكفي حبر العالم.
من الأزرق ما يكفي لتغرق
القارات الخمس .
لديها من المآذن ما يكفي ليتنفس ملحديها عبق الملائكة،
ومن المداخن
ما يكفي "لتشحير" وجه الكون.
ولديها من الوقت ما يكفي لترتب قبلة مع مُذنَّب عابر،
ومن الشهوة ما يدعو
نحل الكون لرحيقها.
( كما يصفها الشاعر العراقي مظفر النواب )
شــقيقة بغداد اللدودة،
ومصيدة بيروت،
حـسـد القاهرة،
وحلم عمّان،
ضمير مكة،
غيرة قرطبة،
مقلة القدس،
مغناج المدن وعكاز تاريخ لخليفة هرم.
إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات،
وخمسة أسماء وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي
ومدرسة عشرين نبي،
وفكرة خمسة عشر إله خرافي لحضارات شــنقت نفسها على
أبوابها.
إنها دمشق الأقدم والأيتم،
ملتقى الحلم ونهايته،
بداية الفتح وقوافله،
شـــرود القصيدة ومصيدة الشعراء.
من على شرفتها أطلّ هشام ليغازل غيمة أموية عابرة،"أنى تهطلي خيرك لي "
بعد أن فرغ من إرواء غوطتها بالدم،
ومنها طار صقر قريش حالماً،
ليدفن تحت
بلاطة في جبال البرينيه.
إنها دمشق التي تحملت الجميع،
متقاعسين وحالمين،
صغار كسبة وثوريين،
عابرين
ومقيمين،
مدمني عضها
مقلمي أظفارها وخائبين وملوثين،
طهرانين
وشهوانيين....
رَضَّعت حتى جفَّ بردى،
فسارعت بدمها بشجرها وظلالها،
ولما نفقت الغوطة،
أسلمت قاسيونها (شامتها الأثيرة) يلعقونه يتسلقونه،
يطلون منه على جسدها،
ويدعون كل السفلة ليأخذوا حصتهم من براءتها،
حتى باتت هذه مهنة من يحبها
ومن لا يقوى على ذلك لكنها دمشق
تعود فتية كلما شُرِقَ نقي عظامها.
إنها دمشق أيها العرب العاربة والمستعربة قِبلة سياحكم،
ومحط مطيكم،
تمنح
لقب الشيخ لكل من لبس صندلا واعتمر دشداشة
ولا تعترف إلا بشيخها محي
الدين بن عربي ،هو من لم تتسع له الأرض،
حضنته دمشق تحت ثديها وألبسته
حياً من أحيائها فغنى لها " كل ما لا يؤنث لا يعول عليه"
إنها دمشق لا تعبأ باثنين،
الجلادين والضحايا،
تؤرشفهم وتعيدهم بعد لأي
على شكل منمنمات تزين بها جدرانها أو أخباراً في صفحات كتبها،
فيتململ
ابن عساكر قليلا يغسل يديه ويتوضأ لوجه الله ويشرع بتغطيس الريشة في
المحبرة، لا ليكتب بل ليمرر الحبر على حروف دمشق المنجمة في كتابها
دمشق التي تتقن كل اللغات ولا أحد يفهم عليها إلا الله جل شأنه وملائكة عرشه.
دمرَّ هولاكو بغداد وصار مسلماً في دمشق،
حرر صلاح الدين القدس
وطاب
موتاً في دمشق،
قدم لها يوحنا المعمدان وجعفر البرمكي
رؤوسهم كي ترضى دمشق،
وما بين قبر زينب وقبر يزيد خمس فراسخ
ودفلى على
طريقة دمشق.
إنها دمشق لا تحب أحداً،
ولا تعبأ بكارهيها،
متغاوية ووقحة تركت عشاقها
خارجاً بقسوة نادرة كي لا ينسفح الكثير من دمهم،
وتتفرغ للغرباء الذين
ظنوا أنفسهم أسيادها
ليستفيقوا فجأة وإذ بهم عالقين تحت أظافرها.
لديها من الغبار ما يكفي لتقص أثر من سرقها فتحيله متذرذراً على جسدها.
لديها من العشاق ما يكفي حبر العالم.
من الأزرق ما يكفي لتغرق
القارات الخمس .
لديها من المآذن ما يكفي ليتنفس ملحديها عبق الملائكة،
ومن المداخن
ما يكفي "لتشحير" وجه الكون.
ولديها من الوقت ما يكفي لترتب قبلة مع مُذنَّب عابر،
ومن الشهوة ما يدعو
نحل الكون لرحيقها.