سارة
02-10-2011, 02:44 PM
"النص الكامل " للمقابلة التي أجرتها صحيفة وول ستريت جورنال مع السيد الرئيس بشار الأسد
http://a6.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/hs255.snc6/180359_107169902694430_105525832858837_46319_48830 85_n.jpg
وول ستريت جورنال: كان لدينا الكثير من الأسئلة الأسبوع الماضي أردنا أن نطرحها عليكم. والآن أصبح لدينا المزيد من أسئلة.
السيد الرئيس: هذا هو الشرق الأوسط، حيث كل أسبوع هناك شيء جديد. وهكذا، مهما كان ما تتكلم عنه هذا الأسبوع، فإنه سيصبح لا قيمة له الأسبوع المقبل. سورية من الناحية الجغرافية والسياسية في وسط منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فنحن على احتكاك مع أغلب المشاكل فيها إلى الأبد، لنقل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وول ستريت جورنال: نشكرك ثانية لاستقبالنا، ونحن نقدر ذلك. ربما نستطيع أن نبدأ من الوضع الإقليمي الذي يطغى على جميع الأخبار. كرئيس لسورية، كيف ترى ما يحدث في تونس ومصر والجزائر والأردن؟ كيف ترى المنطقة تتغير؟ وأخيرا، ماذا يعني ذلك لسورية نفسها؟
السيد الرئيس: هذا يعني أنه في حال كان لديك مياه راكدة، فسيكون لديك تلوث وميكروبات؛ وبسبب وجود هذا الركود، وعلى مدى عقود، خاصة في العقد الأخير، وعلى الرغم من التغيرات الضخمة التي تحيط بالعالم وببعض المناطق في الشرق الأوسط، بما فيها العراق، وفلسطين، وأفغانستان. لأن لدينا هذا الركود فقد ابتلينا بالميكروبات، ولذلك فإن ما تراه في هذه المنطقة هو نوع من المرض. هكذا نرى الأمر.
إذا أردت أن تتحدث عن تونس ومصر، فنحن خارج هذا الأمر. وفي النهاية، نحن لسنا تونسيين ولسنا مصريين. ولكنني أستطيع الحديث عن المنطقة بشكل عام أكثر من الحديث عن تونس أو مصر لأننا نشكّل منطقة واحدة. نحن لسنا نسخاً عن بعضنا، لكن لدينا الكثير من الأمور المشتركة. إذن اعتقد أن الأمر يتعلق باليأس؛ وكلما كان لديك ثورة فإن من الثابت أنه سيكون هناك غضب، لكن هذا الغضب يتغذى من اليأس. اليأس مرتبط بعاملين داخلي وخارجي. الداخلي هو ما نلام عليه كدول ومسؤولين، أما الخارجي فهو ما تلامون أنتم بشأنه كقوى عظمى أو ما تدعونه في الغرب بالمجتمع الدولي، بينما بالنسبة إليهم فان المجتمع الدولي مكوّن من الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، ولكن ليس العالم كله. لذلك دعنا نشير إلى الأخير باسم القوى العظمى المنخرطة في هذه المنطقة منذ عقود.
أما بالنسبة للعامل الداخلي فان الأمر يتعلق بالقيام بشيء لتغيير المجتمع، وعلينا أن نواكب ونجاري هذا التغيير كدولة ومؤسسات. عليك أن تطوّر نفسك مع تطور المجتمع. لابد أن يكون هناك شي ما لتحقيق هذا التوازن، وهذا هو العنوان الأكثر أهمية. أما فيما يتعلق بالغرب فإن الأمر مرتبط بالمشكلات التي لدينا في منطقتنا، مثل غياب السلام، وغزو العراق، وما يحدث في أفغانستان، والآن تداعياته على باكستان ومناطق أخرى. وهذا أفضى إلى اليأس والغضب. ما أخبرك به الآن هو مجرد عناوين رئيسية، أما من ناحية التفاصيل فربما يكون لدينا تفاصيل للحديث عنها لأيام، في حال أردت المواصلة. أنا أعطيك فقط الطريقة التي ننظر فيها إلى الوضع بشكل عام.
وول ستريت جورنال: أي نوع من التغيير؟ ما هو تعريفك للتغييرات التي تجري؟
السيد الرئيس: دعنا نتحدث عما لم يتغير حتى اليوم. حتى الآن لدينا أمران جديدان فقط، ولكن إن أردت الحديث حول أمر جديد في حياتنا، فلديك آمال جديدة وحروب جديدة. لديك الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلى سوق العمل وهم بدون وظائف ولديك الحروب التي تولد اليأس.
إذا فهناك تغييرات داخلية وأخرى خارجية. بالطبع إذا أردت الحديث عن التغييرات داخلياً فلابد أن يكون هناك نوع مختلف من التغييرات: سياسية واقتصادية وإدارية. هذه هي التغييرات التي نحتاجها، لكن وفي الوقت نفسه عليك أن تطور المجتمع وهذا لا يعني أن تطوره من الناحية التقنية من خلال تطوير الكفاءات فقط، بل يعني أن تفتح العقول.
في الحقيقة، المجتمعات خلال العقود الثلاثة الماضية ولاسيما منذ فترة الثمانينات أصبحت أكثر انغلاقا بسبب تزايد انغلاق العقول، ما أدى إلى التطرف. هذا التيار سيفضي إلى تداعيات تتسم بإبداع أقل وتنمية أقل وانفتاح أقل. لا يمكنك إصلاح مجتمعك أو مؤسستك بدون أن تفتح عقلك. إذاً فإن القضية الجوهرية هي كيف تجعل العقل منفتحاً والمجتمع بكامله منفتحاً، وهذا يعني الجميع في المجتمع، وهذا يشمل كل فرد فيه. أنا لا أتكلم عن الدولة أو عن الناس العاديين؛ أنا أتحدث عن كل شخص، لأنك عندما تغلق عقلك كمسؤول لا يمكنك أن تتطور والعكس صحيح.
هذا من الداخل، أما من الخارج، فما هو دور الغرب؟ لقد مر الآن نحو عشرين عاماً منذ بدأنا عملية السلام عام 1991. ما الذي حققناه؟ إن الطريقة السهلة للإجابة على هذا السؤال تتمثل في القول: هل الوضع أفضل أم أسوأ؟ أستطيع أن أقول لك بصراحة إن الوضع أسوأ بكثير، ولذلك هناك المزيد من اليأس. هذه هي النتيجة النهائية. وإذا أردت الحديث عن المقاربة فأنا أتحدث دائماً عن أن الأمر يمضي إلى حلقة مفرغة من اليأس، وخصوصاً عندما تتكلم عن السلام. إنني أتحدث الآن عن السلام. لديك عوامل أخرى: لديك المفاوضات، و من ثم الآمال المبالغ فيها، والتي أعقبها الفشل. ومن ثم يأتي أمل آخر وفشل آخر. وهكذا فإن الخط البياني، ومع مرور الوقت، أخذ بالهبوط. وهذا ما يحدث قدراً قليلاً من الارتفاع وقدراً أكبر من الهبوط. وهذا أحد الأمثلة عن السلام.
أما داخلياً، فإن الأمر يتعلق بالإدارة وبمشاعر الشعب وكرامته، بمشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات المتعلقة ببلدهم. إن الأمر متعلق بقضية مهمة أخرى. أنا لا أتحدث بالنيابة عن التونسيين أو المصريين. أنا أتحدث بالنيابة عن السوريين، وهو أمر نتبناه دائما. لدينا ظروف أصعب من مما لدى أغلب الدول العربية، ولكن على الرغم من ذلك فان سورية مستقرة. لماذا؟ لأنك يجب أن تكون مرتبطاً بشكل وثيق جداً بمعتقدات المواطنين. هذه هي
المسالة الجوهرية. عندما يكون هناك اختلاف بين سياستك وبين معتقدات الناس ومصالحهم سيصبح لديك هذا الفراغ الذي يخلق الاضطراب. إذاً فالناس لا يعيشون فقط على المصالح بل أيضا على المعتقدات، وخصوصاً في الميادين العقائدية، ولن يكون بإمكانك فهم ما يجري في المنطقة إلاّ إذا فهمت الأوجه العقائدية للمنطقة.
وول ستريت جورنال:إذا كانت سورية في صف واحد مع شعبها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فلماذا يشكل الإصلاح السياسي مثل هذا التحدي داخلياً؟ هذا أمر تعمل عليه لكن الناس يشعرون بأنه لم يتم تحقيق تقدم كبير فيه.
السيد الرئيس: بدأنا الإصلاح منذ أصبحت رئيساً. لكن الطريقة التي ننظر بها إلى الإصلاح مختلفة عن الطريقة التي تنظرون بها أنتم إليها. إذا أردت أن تبدأ، يجب أن تبدأ ب 1-2-3-4 لا يمكنك أن تبدأ بـ 6 ومن ثم تعود إلى الواحد. بالنسبة لي الرقم/1/ هو تماماً ما ذكرته للتو: كيف تطور المجتمع بكامله. بالنسبة إلي كدولة ومؤسسات، الأمر الوحيد الذي يمكن عمله هو، لنقل، إصدار بعض المراسيم والقوانين. من الناحية الفعلية، هذا ليس إصلاحاً. الإصلاح يمكن أن يبدأ ببعض المراسيم لكن الإصلاح الحقيقي يتعلق بكيف تجعل المجتمع منفتحاً وكيف تبدأ حواراً.
المشكلة مع الغرب هي أنهم يبدؤون بالإصلاح السياسي ومن ثم التوجه نحو الديمقراطية. إذا كنت تريد المضي نحو الديمقراطية فان أول أمر يجب أن تفعله هو إشراك الشعب في صنع القرار لا أن تقوم بإصدار القرار. هذه ليست ديمقراطيتي كشخص بل هي ديمقراطيتنا كمجتمع. إذاً كيف تبدأ؟ تبدأ بإقامة حوار. كيف تقيم حواراً؟ نحن لم يكن لدينا في الماضي إعلام خاص ولم يكن لدينا إنترنت أو جامعات أو مصارف خاصة. كل شيء كانت تديره الدولة. لا يمكنك أن تقيم الديمقراطية التي تسأل عنها بهذه الطريقة. لديك طرق مختلفة لإقامة الديمقراطية.
وول ستريت جورنال: هل الشعور بأنك عندما تفعل ذلك قبل أن تفتح عقول المواطنين فإن النتيجة ستكون التطرف؟
السيد الرئيس: لا، ليس لهذا السبب، بل السبب هو أن الحوار ممارسة، وعليك أن تدرب نفسك على كيفية إجراء الحوار. وعندما تكون لا تتكلم، وفجأة تتكلم، فان ما يحدث هو أنك لا تتكلم بالطريقة الملائمة أو الطريقة البناءة. نحن نتعلم، ولكن نتعلم من أنفسنا. لا من أي شخص في هذا العالم. وعندما يكون لديك إصلاح لابد أن يكون إصلاحا وطنياً. يمكنك أن تتعلم إذا رغبت من تجارب الآخرين أو من أحد مظاهر هذه التجارب، ولكن لا يمكنك أن تعتنق التجربة بكاملها. أول أمر يجب أن تتعلمه هو كيف تجري حواراًوكيف تجعله بناءاً. وهكذا بدأنا نجري حواراً في سورية من خلال الإعلام قبل ست أو سبع سنوات. اليوم أفضل من ست سنوات مضت. لكنه ليس الوضع الأمثل. لا زال أمامنا طريق طويل، لأن الأمر هو عملية متواصلة. هذا أولاً. ثانياً، في سورية لدينا مبدأ مهم للغاية أتبناه شخصيا. وهو إذا أردت أن تكون شفافاً مع شعبك، لا تفعل أي شيء تجميلي سواء كان الهدف خداع شعبك أو لتحصل على بعض التصفيق من الغرب. هم يريدون انتقادك. دعهم ينتقدون ولا تقلق. فقط كن شفافاً مع شعبك واخبرهم أن هذا هو الواقع. ما تفعله اليوم قد يكون سيئاً الآن، ولكن جيد جداً العام المقبل. إذن الوقت مهم بالنسبة للإصلاح، وذلك يعتمد على مدى ما يمكنك المضي به إلى الأمام. وبالعودة إلى عامل الركود، نحتاج إلى مياه متدفقة، ولكن كم ستكون سرعة تدفقها. إذا كانت سريعة جداً يمكن أن تكون مدمرة أو يمكن أن تتسبب بفيضان. لذلك لابد أن تجري المياه بسلاسة.
وول ستريت جورنال: مما رأيناه في تونس ومصر خلال الأسابيع الماضية، هل يجعلك ذلك تفكر بأن هناك بعض الإصلاحات التي يجب أن تقوم بتسريعها؟ وهل هناك أي قلق من أن ما يحدث في مصر يمكن أن يصيب سورية؟
السيد الرئيس: إذا لم تكن قد رأيت حاجة للإصلاح قبل أن يحدث ما حدث في مصر وفي تونس فان الوقت سيكون قد تأخر كثيراً للقيام بأي إصلاح. هذا أولاً. ثانياً، إذا قمت بالإصلاح فقط بسبب ما حدث في مصر و تونس فسيكون مجرد رد فعل وليس فعلاً. وطالما كان ما تفعله هو رد فعل فإنك ستفشل. إذاً من الأفضل أن تفعل ذلك عن قناعة: لأنك مقتنع به. وهذا أمر نتحدث عنه في كل مقابلة وكل اجتماع. نحن دائماً نقول إننا نحتاج إلى الإصلاح، ولكن أي نوع من الإصلاح. هذا أولاً ثانياً، إذا أردت أن تجري مقارنة بين ما يجري في مصر وسورية، فعليك أن تنظر من زاوية مختلفة. لماذا سورية مستقرة على الرغم من أن لدينا ظروفاً أكثر صعوبة؟ مصر مدعومة مالياً من الولايات المتحدة فيما نحن تحت الحظر الذي تفرضه غالبية دول العالم. لدينا نمو على الرغم من أننا لا نملك الكثير من الاحتياجات الأساسية للناس. وعلى الرغم من كل هذا لا تجد الناس يخرجون في انتفاضة. لذلك فالأمر لا يتعلق فقط بالاحتياجات وليس فقط بالإصلاح، ولكنه متعلق بالعقيدة والمعتقدات والقضية. هناك فرق بين أن تكون لديك قضية وبين أن يكون هناك فراغ. إذاً، وكما قلت، لدينا الكثير من الأمور المشتركة، لكن وفي الوقت نفسه لدينا بعض الاختلافات.
وول ستريت جورنال: إذاً، وبطريقة ما، يجب أن يكونوا قادرين على التحرك بسرعة أكبر، أليس كذلك؟
السيد الرئيس: بالضبط. وما يحدث هو العكس. إنهم يطلبون منك المضي في الإصلاح بشكل أسرع ويفرضون في الوقت نفسه حظراً. إن جزءاً من التحرك بسرعة أكبر ذو طبيعة تقنية. وجزء من المشكلة هو كيف تطور إدارتك، لأنه وفي النهاية كل شيء في المجتمع سيكون مرتبطاً بالإدارة مثل القوانين، والنظام القضائي وقضايا تقنية أخرى. وما لم تفعل ذلك من أجل اقتصاد أفضل وأداء أفضل، فإن الناس لن يكونوا راضين. والنقطة الأكثر أهمية في أي إصلاح هي المؤسسات. لا يمكن أن تكون لديك ديمقراطية بدون مؤسسات. لا يمكن أن يكون لديك ديمقراطية على أساس أمزجة لأشخاص ذوي مصلحة خاصة. إذاً فالبداية تكمن في الحوار والمؤسسات.
وول ستريت جورنال: هل تريد القول إن بعض الإصلاحات هنا أفسدتها وأضعفتها الحرب على العراق، لأنك أتيت إلى الحكم عندما بدأت المرحلة تصبح صعبة جداً والآن يبدو أن هذه المرحلة اقتربت من نهايتها، في لبنان أيضا؟
السيد الرئيس: بالتأكيد. وسأقول لك كيف. لقد تكلمت للتو عن العقول المنفتحة والعقول المنغلقة. لا يمكن أن يكون لديك إصلاح فيما أنت منغلق العقل. بالطبع سيكون عليك أن تكون فاعلاً وليس سلبياً لأنك لن تنتظر حتى ينفتح العقل بنفسه. عليك أن تقوم بشيء فعال بهدف مواجهة هذه الحالة. ولكن عندما يكون هناك حروب سيكون هناك يأس و توتر. وعندما يكون لديك توتر ستصبح منطوياً وليس منفتحاً ولن يكون بإمكانك الخلق أو التطوير. لذلك فان الإصلاح يجب أن يجري على أساس العقل المنفتح. وانفتاح العقل لا يأتي من خلال المراسيم أو القوانين. إنه يأتي من مجموعة كاملة من الظروف والتي، في حال لم تكن تمتلكها، فإن أي شيء تفعله لن يكون مثمراً أو ستكون له نتائج عكسية.
وول ستريت جورنال:هل لديك إطار زمني للمضي في هذا الاتجاه؟
السيد الرئيس: هذا يعتمد على ما إذا كنت الربان الوحيد للسفينة. ونحن لسنا الربان الوحيد. لقد شرحت للتو كيف تأثرنا بالوضع في العراق أو في لبنان. كان هناك الكثير من الأشياء التي أردنا فعلها عام /2005/ ونحن نخطط لفعلها عام/2012/ أي بعد سبع سنوات. ليس من الواقعية أن تحدد إطاراً زمنيا لأنك لا تعيش في وضع حيث بإمكانك التحكم بالإحداث. لقد بدأت بالقول إنه وكل أسبوع لدينا شيء جديد. لذلك لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث العام المقبل. بالطبع أنت دائما تضع إطاراً زمنياً ولكن من النادر أن تستطيع تنفيذه.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد بأننا نمضي نحو حقبة جديدة كلياً مع قوى جديدة مثل تركيا وسورية؟
السيد الرئيس: إنها حقبة جديدة ولكنها لم تبدأ الآن. هذه هي النقطة. لقد بدأت مع الثورة الإيرانية. ولكن تلك هي المشكلة فنحن دائما ننسى. نحن ننسى أن أمراً حدث في إيران عام/1979/ ومن ثم و لأنه لم يحدث أي أمر مماثل فيما بعد نسينا. ولكن هذه نفس الحقبة. إنها انتفاضة ضد أي شخص يريد معارضة ما يؤمن به الشعب. وكما قلت أنا شخص يرى الأمور من الخارج الآن ولا أستطيع الحديث عما يحدث في الداخل هناك و أريد أن أكون محدداً وموضوعياً. ولكن هذه ليست بداية حقبة. ربما في العالم العربي هي كذلك، ولكن إيران جزء من منطقتنا فهي على حدود العراق. وكان لدينا انتفاضة في العراق عام/1991/ ضد صدام لكنه جرى قمعها بدعم من الولايات المتحدة وخصوصاً في الجنوب. لقد منعوه من اضطهاد الأكراد لكنهم سمحوا له باضطهاد السكان في الجنوب، وهم الشيعة في ذلك الوقت.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد بأنه وخلال هذه الحقبة وما تتضمنه سيكون للولايات المتحدة نفوذ أقل؟
السيد الرئيس: في هذه الحقبة كان لدينا إيران ولدينا الانتفاضة في فلسطين عام /1987/ وأيضا عام/1993/ و الآن تجدها في العالم العربي. إذاً هو نفس المفهوم، ويتمحور حول اليأس والغضب. في فلسطين هناك إحباط بسبب اتفاق أوسلو، وقبل أوسلو، لأنه ليست لديهم حقوق. والآن الانتفاضة هي ضد ما يحدث في العالم العربي. والجديد فيها هو أنها تحدث داخل بلدان مستقلة في العالم العربي. إنه أمر جديد ولكنني لن ادعوها حقبة جديدة لأنها ليست حقبة جديدة، بل هي شيء جديد سيغير الكثير من الأشياء، على الأقل في الطريقة التي نفكر بها كحكومات و كمسؤولين فيما يتعلق بشعوبنا. هذه هي أهم نقطة. والأمر الآخر الذي سيتغير هو الطريقة التي سينظر بها الغرب والقوى العظمى إلى منطقتنا والطريقة التي سينظرون بها إلى دولنا ومسؤولينا. هل تريد شيئاً فقط ليسترضيك أم تريد شيئاً يسترضي الناس؟ هذا هو السؤال. أي منهما ستختار؟ هذا هو السؤال الذي على الغرب أن يجيب عليه بأسرع وقت ممكن من أجل أن يعرف كيف يتعامل مع مصالحه في المنطقة. إذاً هو أهم أمر بالنسبة إلينا، وهو الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى الوضع، وما الدروس التي سيتعلمونها.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد أن الغرب أو الولايات المتحدة سيكون لها تأثير أقل أو قدرة أقل على الإملاء بسبب هذه التغيرات؟
السيد الرئيس: هذه هي المرة الأولى التي نسمع كلمة "إملاء" من الغرب في حين يطلق علينا لقب الدكتاتورات، والدكتاتور هو الذي ينبغي أن يملي الأوامر. والجواب هو نعم، لأنكم تملون من خلال المسؤولين والحكومات ولكنكم لا تستطيعون الإملاء من خلال الشعب. و طالما أن الشعب ستكون له الكلمة العليا في المستقبل، فسيكون رأيكم ثانوياً في الولايات المتحدة، وليس فقط في الولايات المتحدة، بل إن ذلك ينطبق على كل من يريد أن يؤثر في المنطقة من الخارج.
http://a6.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/hs255.snc6/180359_107169902694430_105525832858837_46319_48830 85_n.jpg
وول ستريت جورنال: كان لدينا الكثير من الأسئلة الأسبوع الماضي أردنا أن نطرحها عليكم. والآن أصبح لدينا المزيد من أسئلة.
السيد الرئيس: هذا هو الشرق الأوسط، حيث كل أسبوع هناك شيء جديد. وهكذا، مهما كان ما تتكلم عنه هذا الأسبوع، فإنه سيصبح لا قيمة له الأسبوع المقبل. سورية من الناحية الجغرافية والسياسية في وسط منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فنحن على احتكاك مع أغلب المشاكل فيها إلى الأبد، لنقل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وول ستريت جورنال: نشكرك ثانية لاستقبالنا، ونحن نقدر ذلك. ربما نستطيع أن نبدأ من الوضع الإقليمي الذي يطغى على جميع الأخبار. كرئيس لسورية، كيف ترى ما يحدث في تونس ومصر والجزائر والأردن؟ كيف ترى المنطقة تتغير؟ وأخيرا، ماذا يعني ذلك لسورية نفسها؟
السيد الرئيس: هذا يعني أنه في حال كان لديك مياه راكدة، فسيكون لديك تلوث وميكروبات؛ وبسبب وجود هذا الركود، وعلى مدى عقود، خاصة في العقد الأخير، وعلى الرغم من التغيرات الضخمة التي تحيط بالعالم وببعض المناطق في الشرق الأوسط، بما فيها العراق، وفلسطين، وأفغانستان. لأن لدينا هذا الركود فقد ابتلينا بالميكروبات، ولذلك فإن ما تراه في هذه المنطقة هو نوع من المرض. هكذا نرى الأمر.
إذا أردت أن تتحدث عن تونس ومصر، فنحن خارج هذا الأمر. وفي النهاية، نحن لسنا تونسيين ولسنا مصريين. ولكنني أستطيع الحديث عن المنطقة بشكل عام أكثر من الحديث عن تونس أو مصر لأننا نشكّل منطقة واحدة. نحن لسنا نسخاً عن بعضنا، لكن لدينا الكثير من الأمور المشتركة. إذن اعتقد أن الأمر يتعلق باليأس؛ وكلما كان لديك ثورة فإن من الثابت أنه سيكون هناك غضب، لكن هذا الغضب يتغذى من اليأس. اليأس مرتبط بعاملين داخلي وخارجي. الداخلي هو ما نلام عليه كدول ومسؤولين، أما الخارجي فهو ما تلامون أنتم بشأنه كقوى عظمى أو ما تدعونه في الغرب بالمجتمع الدولي، بينما بالنسبة إليهم فان المجتمع الدولي مكوّن من الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، ولكن ليس العالم كله. لذلك دعنا نشير إلى الأخير باسم القوى العظمى المنخرطة في هذه المنطقة منذ عقود.
أما بالنسبة للعامل الداخلي فان الأمر يتعلق بالقيام بشيء لتغيير المجتمع، وعلينا أن نواكب ونجاري هذا التغيير كدولة ومؤسسات. عليك أن تطوّر نفسك مع تطور المجتمع. لابد أن يكون هناك شي ما لتحقيق هذا التوازن، وهذا هو العنوان الأكثر أهمية. أما فيما يتعلق بالغرب فإن الأمر مرتبط بالمشكلات التي لدينا في منطقتنا، مثل غياب السلام، وغزو العراق، وما يحدث في أفغانستان، والآن تداعياته على باكستان ومناطق أخرى. وهذا أفضى إلى اليأس والغضب. ما أخبرك به الآن هو مجرد عناوين رئيسية، أما من ناحية التفاصيل فربما يكون لدينا تفاصيل للحديث عنها لأيام، في حال أردت المواصلة. أنا أعطيك فقط الطريقة التي ننظر فيها إلى الوضع بشكل عام.
وول ستريت جورنال: أي نوع من التغيير؟ ما هو تعريفك للتغييرات التي تجري؟
السيد الرئيس: دعنا نتحدث عما لم يتغير حتى اليوم. حتى الآن لدينا أمران جديدان فقط، ولكن إن أردت الحديث حول أمر جديد في حياتنا، فلديك آمال جديدة وحروب جديدة. لديك الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلى سوق العمل وهم بدون وظائف ولديك الحروب التي تولد اليأس.
إذا فهناك تغييرات داخلية وأخرى خارجية. بالطبع إذا أردت الحديث عن التغييرات داخلياً فلابد أن يكون هناك نوع مختلف من التغييرات: سياسية واقتصادية وإدارية. هذه هي التغييرات التي نحتاجها، لكن وفي الوقت نفسه عليك أن تطور المجتمع وهذا لا يعني أن تطوره من الناحية التقنية من خلال تطوير الكفاءات فقط، بل يعني أن تفتح العقول.
في الحقيقة، المجتمعات خلال العقود الثلاثة الماضية ولاسيما منذ فترة الثمانينات أصبحت أكثر انغلاقا بسبب تزايد انغلاق العقول، ما أدى إلى التطرف. هذا التيار سيفضي إلى تداعيات تتسم بإبداع أقل وتنمية أقل وانفتاح أقل. لا يمكنك إصلاح مجتمعك أو مؤسستك بدون أن تفتح عقلك. إذاً فإن القضية الجوهرية هي كيف تجعل العقل منفتحاً والمجتمع بكامله منفتحاً، وهذا يعني الجميع في المجتمع، وهذا يشمل كل فرد فيه. أنا لا أتكلم عن الدولة أو عن الناس العاديين؛ أنا أتحدث عن كل شخص، لأنك عندما تغلق عقلك كمسؤول لا يمكنك أن تتطور والعكس صحيح.
هذا من الداخل، أما من الخارج، فما هو دور الغرب؟ لقد مر الآن نحو عشرين عاماً منذ بدأنا عملية السلام عام 1991. ما الذي حققناه؟ إن الطريقة السهلة للإجابة على هذا السؤال تتمثل في القول: هل الوضع أفضل أم أسوأ؟ أستطيع أن أقول لك بصراحة إن الوضع أسوأ بكثير، ولذلك هناك المزيد من اليأس. هذه هي النتيجة النهائية. وإذا أردت الحديث عن المقاربة فأنا أتحدث دائماً عن أن الأمر يمضي إلى حلقة مفرغة من اليأس، وخصوصاً عندما تتكلم عن السلام. إنني أتحدث الآن عن السلام. لديك عوامل أخرى: لديك المفاوضات، و من ثم الآمال المبالغ فيها، والتي أعقبها الفشل. ومن ثم يأتي أمل آخر وفشل آخر. وهكذا فإن الخط البياني، ومع مرور الوقت، أخذ بالهبوط. وهذا ما يحدث قدراً قليلاً من الارتفاع وقدراً أكبر من الهبوط. وهذا أحد الأمثلة عن السلام.
أما داخلياً، فإن الأمر يتعلق بالإدارة وبمشاعر الشعب وكرامته، بمشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات المتعلقة ببلدهم. إن الأمر متعلق بقضية مهمة أخرى. أنا لا أتحدث بالنيابة عن التونسيين أو المصريين. أنا أتحدث بالنيابة عن السوريين، وهو أمر نتبناه دائما. لدينا ظروف أصعب من مما لدى أغلب الدول العربية، ولكن على الرغم من ذلك فان سورية مستقرة. لماذا؟ لأنك يجب أن تكون مرتبطاً بشكل وثيق جداً بمعتقدات المواطنين. هذه هي
المسالة الجوهرية. عندما يكون هناك اختلاف بين سياستك وبين معتقدات الناس ومصالحهم سيصبح لديك هذا الفراغ الذي يخلق الاضطراب. إذاً فالناس لا يعيشون فقط على المصالح بل أيضا على المعتقدات، وخصوصاً في الميادين العقائدية، ولن يكون بإمكانك فهم ما يجري في المنطقة إلاّ إذا فهمت الأوجه العقائدية للمنطقة.
وول ستريت جورنال:إذا كانت سورية في صف واحد مع شعبها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فلماذا يشكل الإصلاح السياسي مثل هذا التحدي داخلياً؟ هذا أمر تعمل عليه لكن الناس يشعرون بأنه لم يتم تحقيق تقدم كبير فيه.
السيد الرئيس: بدأنا الإصلاح منذ أصبحت رئيساً. لكن الطريقة التي ننظر بها إلى الإصلاح مختلفة عن الطريقة التي تنظرون بها أنتم إليها. إذا أردت أن تبدأ، يجب أن تبدأ ب 1-2-3-4 لا يمكنك أن تبدأ بـ 6 ومن ثم تعود إلى الواحد. بالنسبة لي الرقم/1/ هو تماماً ما ذكرته للتو: كيف تطور المجتمع بكامله. بالنسبة إلي كدولة ومؤسسات، الأمر الوحيد الذي يمكن عمله هو، لنقل، إصدار بعض المراسيم والقوانين. من الناحية الفعلية، هذا ليس إصلاحاً. الإصلاح يمكن أن يبدأ ببعض المراسيم لكن الإصلاح الحقيقي يتعلق بكيف تجعل المجتمع منفتحاً وكيف تبدأ حواراً.
المشكلة مع الغرب هي أنهم يبدؤون بالإصلاح السياسي ومن ثم التوجه نحو الديمقراطية. إذا كنت تريد المضي نحو الديمقراطية فان أول أمر يجب أن تفعله هو إشراك الشعب في صنع القرار لا أن تقوم بإصدار القرار. هذه ليست ديمقراطيتي كشخص بل هي ديمقراطيتنا كمجتمع. إذاً كيف تبدأ؟ تبدأ بإقامة حوار. كيف تقيم حواراً؟ نحن لم يكن لدينا في الماضي إعلام خاص ولم يكن لدينا إنترنت أو جامعات أو مصارف خاصة. كل شيء كانت تديره الدولة. لا يمكنك أن تقيم الديمقراطية التي تسأل عنها بهذه الطريقة. لديك طرق مختلفة لإقامة الديمقراطية.
وول ستريت جورنال: هل الشعور بأنك عندما تفعل ذلك قبل أن تفتح عقول المواطنين فإن النتيجة ستكون التطرف؟
السيد الرئيس: لا، ليس لهذا السبب، بل السبب هو أن الحوار ممارسة، وعليك أن تدرب نفسك على كيفية إجراء الحوار. وعندما تكون لا تتكلم، وفجأة تتكلم، فان ما يحدث هو أنك لا تتكلم بالطريقة الملائمة أو الطريقة البناءة. نحن نتعلم، ولكن نتعلم من أنفسنا. لا من أي شخص في هذا العالم. وعندما يكون لديك إصلاح لابد أن يكون إصلاحا وطنياً. يمكنك أن تتعلم إذا رغبت من تجارب الآخرين أو من أحد مظاهر هذه التجارب، ولكن لا يمكنك أن تعتنق التجربة بكاملها. أول أمر يجب أن تتعلمه هو كيف تجري حواراًوكيف تجعله بناءاً. وهكذا بدأنا نجري حواراً في سورية من خلال الإعلام قبل ست أو سبع سنوات. اليوم أفضل من ست سنوات مضت. لكنه ليس الوضع الأمثل. لا زال أمامنا طريق طويل، لأن الأمر هو عملية متواصلة. هذا أولاً. ثانياً، في سورية لدينا مبدأ مهم للغاية أتبناه شخصيا. وهو إذا أردت أن تكون شفافاً مع شعبك، لا تفعل أي شيء تجميلي سواء كان الهدف خداع شعبك أو لتحصل على بعض التصفيق من الغرب. هم يريدون انتقادك. دعهم ينتقدون ولا تقلق. فقط كن شفافاً مع شعبك واخبرهم أن هذا هو الواقع. ما تفعله اليوم قد يكون سيئاً الآن، ولكن جيد جداً العام المقبل. إذن الوقت مهم بالنسبة للإصلاح، وذلك يعتمد على مدى ما يمكنك المضي به إلى الأمام. وبالعودة إلى عامل الركود، نحتاج إلى مياه متدفقة، ولكن كم ستكون سرعة تدفقها. إذا كانت سريعة جداً يمكن أن تكون مدمرة أو يمكن أن تتسبب بفيضان. لذلك لابد أن تجري المياه بسلاسة.
وول ستريت جورنال: مما رأيناه في تونس ومصر خلال الأسابيع الماضية، هل يجعلك ذلك تفكر بأن هناك بعض الإصلاحات التي يجب أن تقوم بتسريعها؟ وهل هناك أي قلق من أن ما يحدث في مصر يمكن أن يصيب سورية؟
السيد الرئيس: إذا لم تكن قد رأيت حاجة للإصلاح قبل أن يحدث ما حدث في مصر وفي تونس فان الوقت سيكون قد تأخر كثيراً للقيام بأي إصلاح. هذا أولاً. ثانياً، إذا قمت بالإصلاح فقط بسبب ما حدث في مصر و تونس فسيكون مجرد رد فعل وليس فعلاً. وطالما كان ما تفعله هو رد فعل فإنك ستفشل. إذاً من الأفضل أن تفعل ذلك عن قناعة: لأنك مقتنع به. وهذا أمر نتحدث عنه في كل مقابلة وكل اجتماع. نحن دائماً نقول إننا نحتاج إلى الإصلاح، ولكن أي نوع من الإصلاح. هذا أولاً ثانياً، إذا أردت أن تجري مقارنة بين ما يجري في مصر وسورية، فعليك أن تنظر من زاوية مختلفة. لماذا سورية مستقرة على الرغم من أن لدينا ظروفاً أكثر صعوبة؟ مصر مدعومة مالياً من الولايات المتحدة فيما نحن تحت الحظر الذي تفرضه غالبية دول العالم. لدينا نمو على الرغم من أننا لا نملك الكثير من الاحتياجات الأساسية للناس. وعلى الرغم من كل هذا لا تجد الناس يخرجون في انتفاضة. لذلك فالأمر لا يتعلق فقط بالاحتياجات وليس فقط بالإصلاح، ولكنه متعلق بالعقيدة والمعتقدات والقضية. هناك فرق بين أن تكون لديك قضية وبين أن يكون هناك فراغ. إذاً، وكما قلت، لدينا الكثير من الأمور المشتركة، لكن وفي الوقت نفسه لدينا بعض الاختلافات.
وول ستريت جورنال: إذاً، وبطريقة ما، يجب أن يكونوا قادرين على التحرك بسرعة أكبر، أليس كذلك؟
السيد الرئيس: بالضبط. وما يحدث هو العكس. إنهم يطلبون منك المضي في الإصلاح بشكل أسرع ويفرضون في الوقت نفسه حظراً. إن جزءاً من التحرك بسرعة أكبر ذو طبيعة تقنية. وجزء من المشكلة هو كيف تطور إدارتك، لأنه وفي النهاية كل شيء في المجتمع سيكون مرتبطاً بالإدارة مثل القوانين، والنظام القضائي وقضايا تقنية أخرى. وما لم تفعل ذلك من أجل اقتصاد أفضل وأداء أفضل، فإن الناس لن يكونوا راضين. والنقطة الأكثر أهمية في أي إصلاح هي المؤسسات. لا يمكن أن تكون لديك ديمقراطية بدون مؤسسات. لا يمكن أن يكون لديك ديمقراطية على أساس أمزجة لأشخاص ذوي مصلحة خاصة. إذاً فالبداية تكمن في الحوار والمؤسسات.
وول ستريت جورنال: هل تريد القول إن بعض الإصلاحات هنا أفسدتها وأضعفتها الحرب على العراق، لأنك أتيت إلى الحكم عندما بدأت المرحلة تصبح صعبة جداً والآن يبدو أن هذه المرحلة اقتربت من نهايتها، في لبنان أيضا؟
السيد الرئيس: بالتأكيد. وسأقول لك كيف. لقد تكلمت للتو عن العقول المنفتحة والعقول المنغلقة. لا يمكن أن يكون لديك إصلاح فيما أنت منغلق العقل. بالطبع سيكون عليك أن تكون فاعلاً وليس سلبياً لأنك لن تنتظر حتى ينفتح العقل بنفسه. عليك أن تقوم بشيء فعال بهدف مواجهة هذه الحالة. ولكن عندما يكون هناك حروب سيكون هناك يأس و توتر. وعندما يكون لديك توتر ستصبح منطوياً وليس منفتحاً ولن يكون بإمكانك الخلق أو التطوير. لذلك فان الإصلاح يجب أن يجري على أساس العقل المنفتح. وانفتاح العقل لا يأتي من خلال المراسيم أو القوانين. إنه يأتي من مجموعة كاملة من الظروف والتي، في حال لم تكن تمتلكها، فإن أي شيء تفعله لن يكون مثمراً أو ستكون له نتائج عكسية.
وول ستريت جورنال:هل لديك إطار زمني للمضي في هذا الاتجاه؟
السيد الرئيس: هذا يعتمد على ما إذا كنت الربان الوحيد للسفينة. ونحن لسنا الربان الوحيد. لقد شرحت للتو كيف تأثرنا بالوضع في العراق أو في لبنان. كان هناك الكثير من الأشياء التي أردنا فعلها عام /2005/ ونحن نخطط لفعلها عام/2012/ أي بعد سبع سنوات. ليس من الواقعية أن تحدد إطاراً زمنيا لأنك لا تعيش في وضع حيث بإمكانك التحكم بالإحداث. لقد بدأت بالقول إنه وكل أسبوع لدينا شيء جديد. لذلك لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث العام المقبل. بالطبع أنت دائما تضع إطاراً زمنياً ولكن من النادر أن تستطيع تنفيذه.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد بأننا نمضي نحو حقبة جديدة كلياً مع قوى جديدة مثل تركيا وسورية؟
السيد الرئيس: إنها حقبة جديدة ولكنها لم تبدأ الآن. هذه هي النقطة. لقد بدأت مع الثورة الإيرانية. ولكن تلك هي المشكلة فنحن دائما ننسى. نحن ننسى أن أمراً حدث في إيران عام/1979/ ومن ثم و لأنه لم يحدث أي أمر مماثل فيما بعد نسينا. ولكن هذه نفس الحقبة. إنها انتفاضة ضد أي شخص يريد معارضة ما يؤمن به الشعب. وكما قلت أنا شخص يرى الأمور من الخارج الآن ولا أستطيع الحديث عما يحدث في الداخل هناك و أريد أن أكون محدداً وموضوعياً. ولكن هذه ليست بداية حقبة. ربما في العالم العربي هي كذلك، ولكن إيران جزء من منطقتنا فهي على حدود العراق. وكان لدينا انتفاضة في العراق عام/1991/ ضد صدام لكنه جرى قمعها بدعم من الولايات المتحدة وخصوصاً في الجنوب. لقد منعوه من اضطهاد الأكراد لكنهم سمحوا له باضطهاد السكان في الجنوب، وهم الشيعة في ذلك الوقت.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد بأنه وخلال هذه الحقبة وما تتضمنه سيكون للولايات المتحدة نفوذ أقل؟
السيد الرئيس: في هذه الحقبة كان لدينا إيران ولدينا الانتفاضة في فلسطين عام /1987/ وأيضا عام/1993/ و الآن تجدها في العالم العربي. إذاً هو نفس المفهوم، ويتمحور حول اليأس والغضب. في فلسطين هناك إحباط بسبب اتفاق أوسلو، وقبل أوسلو، لأنه ليست لديهم حقوق. والآن الانتفاضة هي ضد ما يحدث في العالم العربي. والجديد فيها هو أنها تحدث داخل بلدان مستقلة في العالم العربي. إنه أمر جديد ولكنني لن ادعوها حقبة جديدة لأنها ليست حقبة جديدة، بل هي شيء جديد سيغير الكثير من الأشياء، على الأقل في الطريقة التي نفكر بها كحكومات و كمسؤولين فيما يتعلق بشعوبنا. هذه هي أهم نقطة. والأمر الآخر الذي سيتغير هو الطريقة التي سينظر بها الغرب والقوى العظمى إلى منطقتنا والطريقة التي سينظرون بها إلى دولنا ومسؤولينا. هل تريد شيئاً فقط ليسترضيك أم تريد شيئاً يسترضي الناس؟ هذا هو السؤال. أي منهما ستختار؟ هذا هو السؤال الذي على الغرب أن يجيب عليه بأسرع وقت ممكن من أجل أن يعرف كيف يتعامل مع مصالحه في المنطقة. إذاً هو أهم أمر بالنسبة إلينا، وهو الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى الوضع، وما الدروس التي سيتعلمونها.
وول ستريت جورنال: هل تعتقد أن الغرب أو الولايات المتحدة سيكون لها تأثير أقل أو قدرة أقل على الإملاء بسبب هذه التغيرات؟
السيد الرئيس: هذه هي المرة الأولى التي نسمع كلمة "إملاء" من الغرب في حين يطلق علينا لقب الدكتاتورات، والدكتاتور هو الذي ينبغي أن يملي الأوامر. والجواب هو نعم، لأنكم تملون من خلال المسؤولين والحكومات ولكنكم لا تستطيعون الإملاء من خلال الشعب. و طالما أن الشعب ستكون له الكلمة العليا في المستقبل، فسيكون رأيكم ثانوياً في الولايات المتحدة، وليس فقط في الولايات المتحدة، بل إن ذلك ينطبق على كل من يريد أن يؤثر في المنطقة من الخارج.