مشاهدة النسخة كاملة : عودة لروح الطرفة والفكاهة من النوادر والطرائف العربية
قالالأصمعي لأعرابي : أتقول الشعر ؟ .. قال الأعرابي : أنا ابن أمه وأبيه.
فغضبالأصمعي فلم يجد قافية أصعب من الواو الساكنة المفتوح ما قبلها مثل (لَوْ) قال فقلت : أكمل ، فقال : هات
فقال الأصمعي :
قــومٌ عهدناهــم .....سقاهم الله منالنو
الأعرابي :
النو تلألأ في دجا ليلةٍ .....حالكة مظلمةٍ لـو
فقالالأصمعي : لو ماذا ؟
فقال الأعرابي :
لو سار فيها فارس لانثنى..... على بهالأرض منطو
قال الأصمعي : منطو ماذا ؟
الأعرابي :
منطوِ الكشح هضيم الحشا ..... كالباز ينقض من الجو
قال الأصمعي : الجو ماذا ؟
الأعرابي :
جو السماوالريح تعلو به..... فاشتم ريح الأرض فاعلو
الأصمعي : اعلو ماذا ؟
الأعرابي :
فاعلوا لما عيل من صبره .....فصار نحو القوم ينعو
الأصمعي : ينعو ماذا؟
الأعرابي :
ينعو رجالاً للقنا شرعت .....كفيت بما لاقوا ويلقوا
الأصمعي : يلقوا ماذا ؟
الأعرابي :
إن كنت لا تفهم ما قلته .....فأنت عندي رجلبو
الأصمعي : بو ماذا ؟
الأعرابي :
البو سلخ قد حشي جلده .....بأظلف قرنينتقم أو
الأصمعي : أوْ ماذا ؟
الأعرابي :
أو أضرب الرأس بصيوانةٍ ..... تقـول في ضربتها قـو
قال الأصمعي :
فخشيت أن أقول قو ماذا ، فيأخذ العصىويضربني
قال أحد الرسامين لصديقه الفيلسو ف : لقد قضيت فترة أشتغل
بالرسم ثم تركته إلى الطب
فقال الفيلسوف : لقد أحسنت بذلك صنعا ، فأخطاء الرسم واضحة
للعيان بينما أخطاء الطب يسترها التراب
كان لرجل من الأعراب ولد اسمه حمزة، فبينما هو يمشي مع أبيه إذ برجل يصيح بشاب: يا عبدالله، فلم يجبه ذلك الشاب، فقال: ألا تسمع فقال: يا عم كلنا عبيدالله فأي عبدالله تعني، فالتفت أبو حمزة إلى ابنه وقال: يا حمزة ألا ترى بلاغة هذا الشاب، فلما كان من الغد إذا برجل ينادي شاباً حمزة، فقال حمزة ابن الأعرابي كلنا حماميز الله فأي حمزة تعني، فقال له أبوه: ليس يعنيك يا من أخمد الله به ذكر أبيه
دخل بعض المغفلين على مريض يعوده فلما خرج التفت إلى أهله وقال: لا تفعلوا بنا كما فعلتم مع فلان، مات ولم تخبرونا، إذا مات هذا فأعلمونا حتى نصلي عليه .
أرسل أحد الحمقى أبنه إلى السوق ليأتيه بحبل وبعد مدة ليست باليسيره رجع ذلك الولد النجيب قائلاً ما طول الحبل فقال الأب خمسة أمتار فقال الأبن في عرض كم
فقال الأب في عرض مصيبتي فيك
كان هشام بن عبد الملك منبسط الوجه يوما فقال لمن حضر : من يسبُّني ولا يفحش أعطيته هذا الثوب .
فقال له أحد الظرفاء : هاته يا أحول .
فضحك هشام وكان أحول وقال له : خذه قاتلك الله ..!!
روي :
أن المطلب بن محمد الحنظبي كان على قضاء مكة، وكان عنده امرأة مات عنها أربع أزواج، فمرض مرض الموت، فجلست تبكي عند رأسه وقالت : إلى من توصي بي ؟
قال : إلى السادس الشقي !
زعموا :
أن المتوكل قال يوما لجلسائه : أتدرون ما الذي نقم المسلمون من عثمان ؟
قالوا : لا
قال : أشياء. منها أن أبا بكر قام دون مقام الرسول صلى الله عليه وسلم بمرقاة، ثم قام عمر دون مقام أبي بكر بمرقاة، فصعد عثمان ذروة المنبر.
فقال أحد الحضور : ما أحد أعظم منّة عليك يا أمير المؤمنين من عثمان.
قال المتوكل : كيف ؟ ويلك ...
قال : لأنه صعد ذروة المنبر. فلو أنه كلما قام خليفة نزل عمن تقدمه، كنت أنت تخطبنا من بئر جلولاء ..
حكي :
أن أبا العباس الطوسي كان سيء الرأي في أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فأقبل عليه يوما وقال له : يا أبا حنيفة، إن أمير المؤمنين يدعو الرجل منا فيأمره بضرب عنق الرجل لا يدرى ما هو، أيسعه أن يضرب عنقه ؟
قال أبو حنيفة : يا أبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟
قال أبو العباس : بالحق
قال أبو حنيفة : أنفذ الحق حيث كان ولا تسأل عنه
فلما رحل أبو العباس، قال أبو حنيفة لمن حوله : إن هذا أراد أن يوثقني فربطته ..
سمع كسرى " الأعشى " - الشاعر العربي - يتغني بهذاالبيت :
أرقت و ما هذا السهاد المؤرق و ما بي سقم ، و لا بي تعشق
فقال كسرى : ما يقول هذا العربي ؟
قالوا : يتغنى .
فقال : بماذا ؟
قالوا : يزعم أنه سهر من غير مرض و لا عشق .
فقال : إذا هو لص !
كان أحد علماء الدين (الفقراء) يمشي مع ولده الصغير خلف جنازة، فشاهد الولد امرأة تبكي خلف الجنازة وتولول وهي تقول: (سيأخذونك إلى بيت ليس فيه سراج ولا فرش ولا خبز)!
فالتفت الولد إلى أبيه وقال: إنهم ذاهبون إلى بيتنا يا أبي!؟
أن يهوديا ناظر مسلما في مجلس المرتضى
فقال اليهودي : إيش أقول في قوم سماهم الله مدبرين ؟ (يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم حنين)
فقال المسلم : فإذا كان موسى أدبر منهم ؟!
قال اليهودي : كيف ؟؟؟
قال المسلم : لأن الله تعالى قال في موسى "فولى مدبرا ولم يعقّب" وهؤلاء ما قال فيهم : ولم يعقبوا ..
فانقطع اليهودي ...
أن أحد ولاة بني أمية أخذ رجلا من الخوارج، فأفلت منه، فأخذ أخاه وقال له : إن جئت بأخيك وإلا ضربت عنقك ..
قال الرجل : أرأيت إن جئت بكتاب من أمير المؤمنين، تخلي سبيلي ؟
قال الوالي : نعم
قال الرجل : فأنا آتيك بكتاب من العزيز الرحيم، وأقيم عليه شاهدين : موسى وإبراهيم !
(( أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى ))
قال الوالي : خلوا سبيله .. هذا رجل لقّن حجته ..
أن رجلا من اليهود قال لعلي بن أبي طالب : ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير ..
فقال علي : أنتم ما جفت أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم : "إجعل لنا إلها كما لهم آلهة" !!!
قال الشاعر:
لاتنكحن عجوزا إن دُعيت لها ** وإنحُبيت على تزويجها الذهبا
فإن أتوك وقالوا إنها نَصَفٌ *** فإن أطيب نصفيها الذيذهبا
فإذا قلتَ، وماذا أفعل ؟ سنقول لك ماقاله الشاعر :
عليك إذاماكنت لابد ناكحا *** ذوات الثنايا الغر والأعينِ النجلِ
وكل هضيم الكَشْحِخفاقة الحشا *** قطوف الخُطا بلهاء وافرة العقلِ
ولنا وقفات أخرى مع العجائز، ربما ستطول
خذها من أبي دلامة
وقديما قيل في عجوزٍ جميلة
مكسّرة الأنياب لو أنّ ريقها *** تداوى به الموتى لقاموا من القبر
مــن نــوادر الأدبــاء
1
ـ كان أبو علقمة من المتقعرين في اللغة وكان يستخدم في حديثه غريب الألفاظ ،
وفي أحد الأيام قال لخادمه : أصقعت العتاريف ؟ فأراد الخادم أن يلّقنه درسا ، فقال
له كلمة ليس لها معنى وهي : زيقيلم ، فتعجب أبو علقمه ، وقال لخادمه : يا غلام
ما زيقيلم هذه ؟ فقال الخادم : وأنت ، ما صقعت العتاريف هذه ؟ فقال أبو علقمة :
معناها : أصاحت الديكة ؟ فقال له خادمه : وزيقيلم معناها : لم تصح .
وعاد ( زار ) أحدهم نحويا فقال له : ما الذي تشكوه ؟ فقال : حمّى جاسية
نارها حامية ، منها الأعضاء واهية ، والعظام بالية ، فقال له : لا شفاك الله بعافية
يا ليتها كانت القاضية
وكان لبعضهم ولد نحوي يتقعر في كلامه فاعتل أبوه علّة شديدة أشرف منها
على الموت فاجتمع عليه أولاده وقالوا له : ندعو لك فلانا أخانا ، قال : لا ، إن
جاءني قتلني ، فقالوا : نحن نوصيه ألا يتكلم فدعوه ، فلما دخل عليه قال له : يا
أبتِ قل لا إله إلا الله ، تدخل الجنة ، وتفوز من النار ، يا أبتِ والله ما شغلني عنك
إلا فلان فإنه دعاني بالأمس فأهرس وأعدس واستبذج وسكبج وطهبج ودحلج
ولوزج وافلوذج ، فصاح أبوهم غمضوني فقد سبق ابن ....... ملك الموت إلى
قبض روحي
وقع نحوي في كنيف، فجاء كناس ليخرجه، فصاح به الكناس ليعلم أهو حي أم لا، فقال له النحوي: اطلب لي حبلا دقيقاً وشدني شداً وثيقاً واجذبني جذباً رفيقاً، فقال الكناس: امرأته طالق إن أخرجتك منه، ثم تركه وانصرف.
من كتاب أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزى
تدفق في البطحاء بعد تبهطـلِ وقعقع في البيداء غير مزركلِ
وسار بأركان العقيش مقرنصاً وهام بكل القارطـات بشنكـلِ
يقول وما بال البحاط مقرطمـاً ويسعى دواماً بين هك وهنكـلِ
إذا أقبل البعراط طـاح بهمـةٍ وإن أقرط المحطوش ناء بكلكلِ
يكاد على فرط الحطيف يبقبـق ويضرب ما بين الهماط وكندلِ
فيا أيها البغقوش لست بقاعـدٍ ولا أنت في كل البحيص بطنبلِ
معاني الكلمات
تبهطل : أي تكرنف في المشاحط
المزركل : هو كل بعبيط أصابته فطاطة
العقيش : هو البقس المزركب
مقرنطاً : أي كثير التمقمق ليلاً
البحطاط : أي الفكاش المكتئب
مقرطماً : أي مزنفلاً
هك : الهك هو البقيص الصغير
البعراط : هو واحد البعاريط وهو العكوش المضيئة
أقرط : أي قرطف يده من شدة البرد
المحطوش : هو المتقارش بغير مهباج
يبقبق : أي يهرتج بشدة
الهماط : هي عكوط تظهر ليلاً وتختفي نهاراً
الكندل : هو العنجف المتمارط
البغوش : هو المعطاط المكتنف
البحيص : هو وادٍ بشمال المريخ
الطنبل : هو البعاق المتفرطش ساعة الغروب
وبعد هذا الشرح المفصل للألفاظ والكلمات; نود أن نذكر أن قائل هذه الأبيات هو الليث بن فار الغضنفري ; وكان شاعراً فطحلاً ; روى الشعر وهو ابن عشرة أيام
قال أحد النحاة :
رأيت رجلا ضريرا يسأل الناس يقول :
ضعيفا مسكينا فقيرا ...
فقلت له : ياهذا ... علام نصبت ( ضعيفا مسكينا فقيرا )
فقال : بإضمار "ارحـــمـــوا" ....
قال النحوي : فأخرجت كل ما معي من نقود وأعطيته إياه فرحا ً بما قال
كان أحد النحويين راكباً في سفينة فسأل أحد البحارة: هل تعرف النحو؟
فقال له البحار: لا.
فقال النحوي: قد ذَهب نصف عمرك.
وبعد عدة أيام هبت عاصفة وكانت السفينة ستغرق فجاء البحار إلى النحوي
وسأله: هل تعرف السباحة؟ قال النحوي: لا.
فقال له البحار: قد ذَهب كل عمرك
قيل أن أحد الفقراء وقف على باب نحوي فقال من باب ؟ قال سائل فقال فلينصرف قال السائل : اسمي أحمد ممنوع من الصرف قال النحوي : اعطوا سيبويه كسرة
2- نــــــحوي ورجــــل يلحن :
قال رجل لسعيد بن عبد الملك الكاتب : تأمر بشيئا ؟
قال نعم بتقوى الله وإسقاط ألف شيء
قصد رجل الحجاج بن يوسف فأنشده :
أبا هشام ببابك قد شم ريح كبابك
فقال ويحك لم نصبت أبا هشام ؟
فقال الكنية كنيتي إن شئت رفعتها وإن شئت نصبتها ...
4- قال الأصمعي : رأيت أعرابيا ما سكا استار الكعبة وهو يقول : اللهم امتني ميتة أبي خارجة .
فقلت رحمك الله وكيف مات أبو خارجة ..؟
قال : أكل حتى امتلأ وشرب ونام في الشمس فمات شبعان ريان دفأن .
ملا حظة : قد يتبين لنا من هذه المواقف رغم طرافتها لكن مدى حرص العرب لا على لغتهم فحسب من الناحية اللغوية بل من الناحية الاعرابية كذلك ودقتهم في مواطنها وحنقهم على من لحن فيها وما ذلك إلا ليقينهم وعلمهم أن الموقع الاعرابي للكلمة قد يغير المعنى تغيرا جذريا وقد يقول قائل بل جاهل ما فائدة هذ التعقيد نقول له تلمح ذلك وأثره العظيم بل وخطورته في القرآن الكريم فحين فطن لذلك منكري صفة الكلام لله قالوا في الآية { وكلم الله موسى تكليما } بنصب لفظ الجلالة لأنه حينها يصبح مفعولا لافاعلا لينكروا صفة الكلام للرب والشواهد كثيرة جدا تدل على أهمية الإلمام بالمواقع الاعرابية حتى لا نقع فيما حرم الله عند قراءة القرآن ولن نعذر لأننا قادرين على التعلم
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
كان أعرابيان يطوفان بالبيت . فكان أحدهما يقول :
اللهم هل لي رحمتك ، فاغفر لي فإنك تجد من تعذبه غيري ، ولا أجد من يرحمني غيرك .
فقال الآخر : اقصد حاجتك ولا تغمز بالناس
كان أبو نواس خارجا من دار الخلافة فتبعه الرقاشي الشاعر وقال له : أبشر أبا علي ، إن الخليفة قد ولاك في هذه الساعة ولاية .
قال أبو نواس : وما هي ويلك ؟ قال الرقاشي : ولاك على القردة والخنازير. قال أبو نواس : إذا فاسمع وأطع
قال بعضهم لأبي العيناء : يا قرد !! فقال : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه:
قدم على ابن علقمة النحوي ابن أخيه فقال له : ما فعل أبوك ؟ قال : مات ، قال : ومـــا كانت علته ؟ قال : ( ورمت قدميه ) . قال : قل قدماه . قال فارتفع الورم إلى ركبتاه . قال : قل : ركبتيه . فقال : دعني يا عم فما موت أبي بأشد علي من نحوك هــــــــذا
وقف نحوي على بياع يبيع أرزاً بعسل وبقلاً بخل ، فقال : بكم الأرز بالأعسل والأخلل بالأبقل ؟ فقال : بالأصفع في الأرؤس والأضرط في الأذقن . ( المستطرف في كل فن مستظرف
قال بشّار بن برد:
رأيت حماري البارحة في النوم ، فقلت له : ويلك لِمَ متَّ ؟
قال الحمار :
أنسيت أنَّكَ ركبتني يوم كذا وكذا وأنَّك مررتَ بي على باب( الأصبهاني) فرأيت أتاناً (حمارة) عند بابه فعشقتها ،
حتى متُّ بها كمداً ؟
ثم أَنشدني(الحمار) :
سيِّــدي مَــل بعَناني *** نحوَ بابِ الأصْبَهــــانــــــي
إنَّ بـالبــابِ أَتانـــــاً *** فضلـــت كـــــلَّ أتـــــــــانِ
تيَّمتنــي يـومَ رِحــنْــا*** بثنـــايـــاهَـــا الحِـــســـانِ
وبغنــــــــــــج ودلالٍ *** ســلَّ جسمِـــي وبــرانِـــــي
ولَهَــا خـــــدٌّ أَسيــــلُ ** مثـــل خــــدِّ الشيفـــــرانِ
فبهـــا مِــتَُ وَلَــو عِشــتُ ** إذاً طــال هـــوانِـــي !
فقال له رجل من القوم:
وما الشيفران يا ( أبا معاذ) ؟
قال بشار:
هذا من غريب الحمار ، فإذا لقيته لكم مرَّةً ثانية . سألتهُ ....
ويروى: أنه أن الفرزدق أنشد سليمان بن عبد الملك هذهالقصيدة، فلما بلغ إلى قوله فيها:
ثَلاثٌ واثنتان فَهُنَّ خَمْس ... وَسادِسةٌ تميل إلى شِمامِي
دُفِعْنَ إلي لم يَطمثهنّ قبلي ... وهنَّ أَصحَّ منبيض النَّعاَمِ
فَبِتْنَ بِجانِبِيَّ مَصرَّعاتٍ ... وبتُّ أَفضُّ أَغلاَقَالخِتاَمِ
كأَنّ مَغالِقَ الرَّمان فيه ... وَجمرَ غضًى قَعدْن عليهحَامِ
قال سليمان: أقررت عندي بالزنا وأنا إمام، ولابد من إقامة الحد عليك.! فقال الفرزدق: ومن أين أوجبته علي يا أمير المؤمنين؟ فقال: يقول الله عز وجل: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " .
فقال الفرزدق: إن كتابالله عز وجل يدرأ عني الحد، يقول الله تبارك وتعالى: " والشعراء يتبعهم الغاوون،ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون " وإنما قلت ما لم أفعل! فتبسم سليمان، وقال: أولى لك.!!
يروى أن تاجرا عراقياً قدم إلى مدينة الرسول الله (ص)، بعدْل من الخُمُر، فباعها كلها إلا السود، فلم يجد لها طالبا، فكسدت عليه وضاق صدره فقيل لـه: ما ينفقها لك إلا مسكين الدارمي، وهو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف والخلاعة، فقصده فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فأتاه وقص عليه القصة. فقال له: وكيف أعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه الحال؟. فقال له التاجر: أنا رجل غريب وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرّع إليه. فقال له الدارمي: "ما تجعل لي على أن أحتال لك حيلة قد تبيعها كلها على حكمك؟" فأجابه التاجر العراقي: "ما شئتَ". فخرج الدارمي من المسجد، وعمد إلى ثياب نسكه فألقاها عنه، وأعاد لباسه الأول، وقال شعراً ورفعه إلى صديق له من المغنيين، فغنى به وكان الشعر:
قل
للمليحة في الخمار الأسود
ماذا فعلت بزاهد متعبد
قد كان شّمر للصلاة ثيابه
حتّى خطرت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد
فشاع هذا الغناء في المدينة، وقالوا: قد رجع الدارمي وتعشق صاحبة الخمار الأسود، فلم تبق مليحة بالمدينة إلا واشترت خماراً أسوداً، وباع التاجر ما كان معه، فجعل إخوان الدارمي من النساك يلقون الدارمي، فيقولون له: ماذا صنعت؟. فيقول: ستعلمون بنبأه بعد حين. فملا أنفذ العراقي ما كان معه رجع الدارمي إلى نسكه ولبس ثيابه"
وسأل بعض الأعراب آخرا عن اسمه , فقال : بحر , قال : ابن من ؟
قال : ابن فياض . قال : ما كنيتك ؟ فقال : أبو الندى , فقال : لاينبغي لأحد لقاؤك إلا في زورق !
عن الأصمعي قال: كنت بالبصرة أطلب العلم، وأنا فقير. وكان على باب زقاقنا بقّال، إذا خرجتُ باكرا يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدّث. وإذا عدت مساء يقول لي: من أين؟ فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ. فيقول البقال: يا هذا، اقبل وصيّتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء، واطلب عملا يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة، ما أعطيتُك! فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام، صرت أخرج من بيتي ليلا وأدخله ليلا، وحالي، في خلال ذلك، تزداد ضيقا، حتى اضطررت إلى بيع ثياب لي، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق ثوبي، واتّسخ بدني.
فأنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي: أجب الأمير. فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ فلما رأى سوء حالي وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار، وقال: قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك، وأطعِمك من هذا الطعام، وأبخّرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه. فسررت سرورا شديدا، ودعوتُ له، وعملتُ ما قال، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان. فلما سلّمتُ عليه، قرّبني ورفعني ثم قال: يا عبد الملك، قد سمعت عنك، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فتجهّز للخروج إلى بغداد. فشكرته ودعوت له، وقلت: سمعا وطاعة. سآخذ شيئا من كتبي وأتوجّه إليه غدا.
وعدت إلى داري فأخذت ما احتجت إليه من الكتب، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها، وأقعدت في الدار عجوزا من أهلنا تحفظها. فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد.
قال: أنت عبد الملك الأصمعي؟ قلت: نعم، أنا عبد أمير المؤمنين الأصمعي. قال أعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه. وها أنا أسلم إليك ابني محمدا بأمانة الله. فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماما. قلت: السمع والطاعة. فأخرجه إليّ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم. فأقمت معه حتى قرأ القرآن، وتفقّه في الدين، وروي الشعر واللغة، وعلم أيام الناس وأخبارهم.
واستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال: أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها. فحفّظتُه عشرا، وخرج فصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالا عظيما اشتريت به عقارا وضياعا وبنيت لنفسي دارا بالبصرة. فلما عمرت الدار وكثرت الضياع، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة، فأذن لي. فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي. وتأمّلت من جاءني، فإذا بينهما البقال وعليه عمامة وسخة، وجبّة قصيرة. فلما رآني صاح: عبد الملك! فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له: يا هذا! قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرَة! من كتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي.
قال بعضهم : خرج أبو جوالق ( أحد الحمقى المشهورين ) يوما فلقيه بعض أصدقائه فقال : إلى أين ياأبا جوالق ؟ فقال أشتري حمارا . فقال صديقه : قل إن شاء الله , فقال : ماهذا موضع إن شاء الله , الدراهم في كمي والحمار في السوق , ومضى إلى السوق , فسرقت دراهمه , فعاد فرآه فقال له : اشتريت الحمار ؟ فقال له : سرقت دراهمي إن شاء الله !
دخل يزيد بن منصور الحميري على المهدي وبشار بن برد بين يديه ينشده قصيدة امتدحه بها . فلما فرغ من شعره أقبل عليه يزيد , وكانت فيه غفلة , فقال : ياشيخ , ما صناعتك ؟ فقال بشار: أثقب اللؤلؤ .
فضحك المهدي , ثم قال لبشار : أغرب ويلك , أتتنادر على خالي؟
فقال: بشار: ما أصنع به ؟ يرى شيخا أعمى ينشد الخليفة شعرا ويسأ له عن صناعته !
ذهب جحا إلى السوق , واشترى حمارا وربطه بحبل ومشى وسحبه وراءه , فتبعه لصان وحل واحد منهما الحبل ووضعه حول عنق نفسه , وهرب الآخر بالحمار , وجحا لا يدري . ثم التفت خلفه فوجد إنسانا مربوطا في الحبل فتعجب وقال له : أين الحمار ؟ فقال : أنا هو , فقال : كيف هذا ؟ قال : كنت عاقا لوالدتي فدعت الله أن يمسخني حمارا . فلما أصبح الصباح قمت من نومي فوجدت نفسي ممسوخا حمارا , فذهبت إلى السوق وباعتني للرجل الذي اشتريتني منه . والآن أحمد الله لأن أمي رضيت عني , فعدت آدميا . فقال جحا : لا حول ولا قوة الا بالله , وكيف كنت استخدمك وأنت آدمي , أذهب إلى حال سبيلك , وحل الحبل من حول عنقه وهو يقول له : إياك أن تغضب أمك مرة أخرى , والله يعوضني خيرا . وفي الأسبوع الثاني ذهب جحا إلى السوق ليشتري حمارا فوجد حماره الذي اشتراه من قبل , فتقدم إليه وجعل فمه في إذنه وقال له : يا مشؤوم عدت إلى عقوق أمك , ألم أقل لك لا تغضبها ؟ إنك
تستحق ماحل بك !
يُحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار،
وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض
فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج،
وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه،
وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس
وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل،
ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة،
وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج
شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء،
تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور
لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له:
ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور،
وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي ، وآلمه اليأس ولم يلبث
أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج .
العبرة
إنك إن ركنت إلى واقعك السلبي تصبح أسيراً وفقاً لما تؤمن به
فإذا كنت نسراً وتحلم لكي تحلق عالياً في سماء النجاح
فتابع أحلامك ولا تستمع لكلمات الدجاج( الخاذلين لطموحك ممن حولك !)
حيث أن القدرة والطاقة على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى .
واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك !
لذا فاسع أن تصقل نفسك ، وأن ترفع من احترامك ونظرتك
لذاتك فهي السبيل لنجاحك ، ورافق من يقوي عزيمتك
دخل عمرو بن معد يكرب الزبيدي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال عمر : أخبرني عن أجبن من لقيت وأحيل من لقيت وأشجع من لقيت
قال عمرو : نعم يا أمير المؤمنين خرجت مرة أريد الغارة ، فبينما أنا سائر إذا بفرس مشدود ورمح مركوز ، وإذا رجل جالس كأعظم ما يكون من الرجال خلقاً ، وهو محتب بحمائل سيفه، فقلت له : خذ حذرك فإني قاتلك . فقال : ومن أنت ؟ قلت : أنا عمرو بن معد يكرب الزبيدي ، فشهق شهقة فمات . فهذا يا أمير المؤمنين أجبن من رأيت
وخرجت مرة حتى انتهيت إلى حي فإذا أنا بفرس مشدود ورمح مركوز ، وإذا صاحبه في وهدة يقضي حاجته ، فقلت : خذ حذرك فإني قاتلك . فقال : ومن أنت ؟ فأعلمته بي
فقال : يا أبا ثور ما أنصفتني أنت على ظهر فرسك وأنا على الأرض، فأعطني عهداً أنك لا تقتلني حتى أركب فرسي ، فأعطيته عهداً فخرج من الموضع الذي كان فيه واحتبى بحمائل سيفه، وجلس
فقلت : ما هذا ؟ فقال : ما أنا براكب فرسي ولا بمقاتلك فإن نكثت عهدك فأنت أعلم بناكث العهد . فتركته ومضيت . فهذا يا أمير المؤمنين أحيل من رأيت
وخرجت مرة حتى انتهيت إلى موضع كنت أقطع فيه الطريق فلم أر أحداً فأجريت فرسي يميناً وشمالاً وإذا أنا بفارس ، فلما دنا مني ، فإذا هو غلام حسن نبت عذاره من أجمل من رأيت من الفتيان ، وأحسنهم . وإذا هو قد أقبل من نحو اليمامة ، فلما قرب مني سلم علي ورددت عليه السلام وقلت : من الفتى ؟ قال: الحارث بن سعد فارس الشهباء فقلت له : خذ حذرك فإني قاتلك
فقال: الويل لك ، فمن أنت ؟
قلت: عمرو بن معد يكرب الزبيدي
قال: الذليل الحقير ، والله ما يمنعني من قتلك إلا استصغارك
فتصاغرت نفسي ، يا أمير المؤمنين ، وعظم عندي ما استقبلني به
فقلت له: دع هذا وخذ حذرك فإني قاتلك ، والله لا ينصرف إلا أحدنا
فقال: اذهب ، ثكلتك أمك ، فأنا من أهل بيت ما أثكلنا فارس قط
فقلت: هو الذي تسمعه
قال: اختر لنفسك فإما أن تطرد لي ، وإما أن أطرد لك فاغتنمتها منه
فقلت له : أطرد لي
فأطرد وحملت عليه فظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فإذا هو صار حزاماً لفرسه ثم عطف عليّ فقنع بالقناة رأسي وقال : يا عمرو خذها إليك واحدةً ، ولولا أني أكره قتل مثلك لقتلتك
قال: فتصاغرت نفسي عندي ، وكان الموت، يا أمير المؤمنين أحب إلي مما رأيت
فقلت له : والله لا ينصرف إلا أحدنا . فعرض علي مقالته الأولى
فقلت له: أطرد لي
فأطرد فظننت أني تمكنت منه فاتبعته حتى ظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فإذا هو صار لبباً لفرسه ، ثم عطف عليّ فقنع بالقناة رأسي وقال : خذها إليك يا عمرو ثانية
فتصاغرت عليّ نفسي جداً ، وقلت : والله لا ينصرف إلا أحدنا فاطرد لي فاطرد حتى ظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فوثب عن فرسه ، فإذا هو على الأرض فأخطأته فاستوى على فرسه واتبعني حتى قنع بالقناة رأسي
وقال: خذها إليك يا عمرو ثالثة ولولا كراهتي لقتل مثلك لقتلتك
فقلت: اقتلني أحب إلي ولا تسمع فرسان العرب بهذا
فقال: يا عمرو ، إنما العفو عن ثلاث ، وإذا استمكنت منك في الرابعة قتلتك
وأنشد يقول
وكدت إغلاظـاً من الإيمـان
إن عدت يا عمرو إلى الطعان
لتجـدن لـهـب السـنـان
أولاً فلست من بنـي شيبـان
فهبته هيبة شديدة ، وقلت له : إن لي إليك حاجة
قال : وما هي ؟
قلت : أكون صاحباً لك
قال : لست من أصحابي
فكان ذلك أشد عليّ وأعظم مما صنع ، فلم أزل أطلب صحبته حتى قال : ويحك أتدري أين أريد ؟
قلت : لا والله
قال : أريد الموت الأحمر عياناً
قلت : أريد الموت معك
قال : امض بنا
فسرنا يومنا أجمع حتى أتانا الليل ومضى شطره . فوردنا على حي من أحياء العرب
فقال لي : يا عمرو في هذا الحي الموت الأحمر فإما أن تمسك عليّ فرسي فأنزل وآتي بحاجتي ، وإما أن تنزل وأمسك فرسك فتأتيني بحاجتي
فقلت: بل أنزلت أنت . فأنت أخبر بحاجتك مني ، فرمى إلي بعنان فرسه
ورضيت والله يا أمير المؤمنين بأن أكون له سائساً ، ثم مضى إلى قبة فأخرج منها جارية لم تر عيناي أحسن منها حسناً وجمالاً ، فحملها على ناقة
ثم قال: يا عمرو ، فقلت : لبيك ! قال : إما أن تحميني وأقود الناقة أو أحميك وتقودها أنت ؟
قلت: لا بل أقودها وتحميني أنت ، فرمى إلي بزمام الناقة ثم سرنا حتى أصبحنا
قال: يا عمرو قلت: ما تشاء ؟ قال: التفت فانظر هل ترى أحداً ؟
فالتفت فرأيت رجالاً فقلت: اغذذ السير
ثم قال: يا عمرو انظر إن كانوا قليلاً فالجلد والقوة وهو الموت الأحمر ، وإن كانوا كثيراً فليسوا بشيء
فالتفت وقلت: وهم أربعة أو خمسة قال: اغذذ السير ففعلت ، ووقف وسمع وقع حوافر الخيل عن قرب
فقال: يا عمرو ، كن عن يمين الطريق وقف وحول وجه دوابنا إلى الطريق ففعلت ووقفت عن يمين الراحلة ووقف عن يسارها ودنا القوم منا وإذا هم ثلاثة أنفار شابان وشيخ كبير ، وهو أبو الجارية والشابان أخواها ، فسلموا فرددنا السلام
فقال الشيخ: خل عن الجارية يا ابن أخي
فقال: ما كنت لأخليها ولا لهذا أخذتها
فقال لأحد ابنيه: اخرج إليه ، فخرج وهو يجر رمحه فحمل عليه الحرث
وهو يقول
من دون ما ترجوه خضـب
الذابل من فارس ملثم مقاتـل
ينمي إلى شيبان خير وائـل
ما كان يسري نحوها بباطل
ثم شد على ابن الشيخ بطعنة قد منها صلبه ، فسقط ميتاً ، فقال الشيخ لابنه الآخر اخرج إليه فلا خير في الحياة على الذل
فأقبل الحارث وهو يقول
لقد رأيت كيف كانت طعنتي
والطعن للقرم الشديد همتـي
والموت خير من فراق خلتي
فقتلتـي اليـوم ولا مذلتـي
ثم شد على ابن الشيخ بطعنة سقط منها ميتاً ، فقال له الشيخ : خل عن الظعينة يا ابن أخي ، فإني لست كمن رأيت
فقال : ما كنت لأخليها ، ولا لهذا قصدت
فقال الشيخ : يا ابن أخي اختر لنفسك فإن شئت نازلتك وإن شئت طاردتك، فاغتنمها الفتى ونزل
فنزل الشيخ وهو يقول
ما أرتجي عند فناء عمـري
سأجعل التسعين مثـل شهـر
تخافني الشجعان طول دهري
إن استباح البيض قصم الظهر
فأقبل الحارث وهو ينشد ويقول
بعد ارتحالي ومطال سفري
وقد ظفرت وشفيت صدري
فالموت خير من لباس الغدر
والعار أهديـه لحـي بكـر
ثم دنا فقال له الشيخ: يا ابن أخي إن شئت ضربتك ، فإن أبقيت فيك بقية فيَّ فاضربني وإن شئت فاضربني . فإن أبقيت بقية ضربتك
فاغتنمها الفتى وقال: أنا أبدأ
فقال الشيخ: هات
فرفع الحارث يده بالسيف فلما نظر الشيخ أنه قد أهوى به إلى رأسه ضرب بطنه بطعنة قد منها أمعاءه ووقعت ضربة الفتى على رأس الشيخ فسقطا ميتين
فأخذت يا أمير المؤمنين أربعة أفراس وأربعة أسياف
ثم أقبلت إلى الناقة فقالت الجارية: يا عمرو: إلى أين ولست بصاحبتك ولست لي بصاحب ولست كمن رأيت
فقلت : اسكتي
قالت : إن كنت لي صاحباً فأعطني سيفاً أو رمحاً فإن غلبتني فأنا لك وإن غلبتك قتلتك
فقلت: ما أنا بمعط ذلك ، وقد عرفت أهلك وجراءة قومك وشجاعتهم فرمت نفسها عن البعير ثم أقبلت تقول
أبعد شيخي ثم بعد أخوتـي
يطيب عيشي بعدهم ولذتي
وأصحبن من لم يكن ذا همةٍ
هلا تكون قبـل ذا منيتـي
ثم أهوت إلى الرمح وكادت تنزعه من يدي ، فلما رأيت ذلك منها خفت إن ظفرت بي قتلتني ، فقتلتها
فهذا يا أمير المؤمنين أشجع من رأيت
Powered by vBulletin™ Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions,