M-AraBi
03-04-2011, 09:37 AM
http://www.islamtoday.net/media_bank/image/2011/1/27/1_2011127_17133.jpg
بقلم: زين العابدين بن غرم الله الغامدي
إذا أرادت الشعوب أن تغيِّر واقعهـا وحال الاستبداد والاستضعاف التي تعيشهـا في ظل أنظمة مستبدة فلا بد أن تتغير هي، وتتحول من حالة الضعف إلى القوة، ومن واقع الذل والهوان إلى واقع العزة والكرامة.
التحوُّل التاريخي الذي ننشده ليس إسقاط الأنظمة أو محاولة الانقضاض على كراسي الحكم وقصور الظلم وتحطيمهـا أو حرق أعلامهـا.
لابد أن نبني في داخلنـا وأنفسنا القوة، لابد أن نستمد قوتنـا من ذواتنـا ببناء قوي وجديد. ما الذي يحصل حين نغيِّر الحاكم وننقضّ عليه ونطرده؟ سيأتي غيره مثله أو أسوأ منه، وسيبقى الحرس القديم يحكمنـا بسلطة الأمس. ليست هذه الطريقة مجدية على المدى البعيد ما لم تفرز الشعوب حكـامهـا وقوادهـا ومنظريهـا من أنفسهـا، من أرحام بطونهـا التي تنشئهـا خلقًا بعد خلق، بنـاءً بعد بنـاء، إنشاءً مختلفًا ومغايرًا للواقع، ومخالفًا للنمطية التي تعيشهـا الشعوب الذليلة.
مشكلة المجتمع العربي اليوم أنه استمرأ الذّلة وتعوّد عليهـا، وارتضى الاتكالية والعيش على موائد الآخرين.
الإنتاج الذي ينتجه العامل العربي أضعف بكثير من إنتاج العامل الشرقي الياباني أو الغربي الأوروبي أو الأمريكي. الطالب الجامعي في جامعاتنا العربية لا يقرأ كمـا يقرأ غيره؛ تعوّد على التلقين المستمر وعلى العلوم النظرية، وأهمل البحث والعلوم التطبيقية، ولم يمارس العملية التعليمية بشكل أفضل في حياته اليومية كمـا يمارسهـا الطلبة المتفوقون في الدول الأخرى المتقدمة، وقد يكون السبب في ضعف المعلم، وتخلّف الوسائل التعليمية، ودورانها في فلك أساليب قديمة لا تغني ولاتسمن من جوع، وفي بيئة تعليمية سيئة.
وليس بصحيح أن العقول العربية غير العقول الأخرى. العقول واحدة ولكن طرائق التفكير مختلفة، وطريقة التعاطي مع المادة واستعمالهـا فيمـا ينفع. مشكلة الشعوب العربية أنهـا تفتقر إلى الوعي الحضاري وتُعنى بسفاسف الأمور وتتعاطى مع المشكلات اليومية بكل سلبية، فظهرت أجيال تلو أجيال غير معنية بمصالحهـا ومقدراتهـا بل معنية فقط بلقمة العيش وكيفية تحصيلهـا، والقناعة بأقلِّ القليل. ليس هناك طموح أو تطلع إلى الأفضل على الأصعدة كافة: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية وغيرهـا. واقع مرير تتابعت عليه أجيال الشباب العربي، الذي تبني على أكتافه الشعوب النهضة الحضارية، والتي تتطلع إلى قيادة العالم وسياسته.
إذا أردات الشعوب أن تتحول نحو الأفضل فلابد من الالتفات إلى الجيل الجديد من الشباب، وبناء لحمته، وتقوية أصوله، وزراعته من جديد، وتنشئته على القوة والعمل الجاد، والتطلع نحو الأفضل، وعدم الرضا بالدون، والتركيز على اعتزازه بتراثه وتاريخه، وتكوينه تكوينًا علميـًا ممتازًا ليكون متميزًا ومنتجـًا، وتنمية روح المنافسة الشريفة بينه وبين أقرانه في الدول الأخرى، والاستفادة من تجارب الأمم الأخرى التي نهضت في فترة وجيزة، ونافست أممـًا سبقتهـا في ركب الحضارة منذ قرون.
الحياة المعاصرة اليوم تفرض علينـا أن نحدث تغييرًا جذريًا، وأن نحاول دراسة أسباب ضعفنـا وتخلّفنـا، وأن نسعى قصارى جهدنـا في معرفة أسباب التقدم، ونبذل في سبيلهـا كل الجهد والطاقة.
وفي سبيل البحث عن الحرية والعدالة والمسـاواة لابد أن نكون نحن أحرارًا من ربقة الجهل والضعف والتخلف، وأن لانرمي على الأنظمة الحاكمة كل أسباب فشلنـا وانهيارنا. التغيير يأتي من الداخل، من أعماق النفس البشرية، من ذاتها، من حالة الرضا بالقليل والاتكال على منتجات الأمم الأخرى، إلى حالة الإبداع والانتاج الذاتي ولابد ـ في سبيل ذلك ـ من معرفة الأمراض المزمنة التي تفشّت في عروقنـا كسرطان خبيث أصاب الأمة بالشلل التامّ والانصهـار في عوالم أخرى وفقدان الهوية أو ذوبانهـا.
لابد من بنـاء شخصية مستقلة استقلالاً ذاتيًا عن المجتمعات الأخرى، وهنـاك فرق بسيط بيننـا وبينهم؛ أن الواقع والبيئة التي يعيشون فيهـا مختلفة تمـامًا؛ فهي بيئة تساعد على التقدم والنمو، وتعطي الحرية الكاملة للإنتاج والإبداع، بينمـا الواقع العربي وبيئته اليوم وأنظمته لم توفر القدر الأدنى من الحرية؛ فانشغل المجتمع العربي بالبحث عن لقمة العيش، بعيدًا عن محاولة إيجاد مصادر جديدة للعيش الكريم في ظل الفقر والبطالة، وإذا تحرك ناهضًا توجه صوب الأنظمة المستبدة وقارعهـا الحرب. ليست هذه الطريقة مجدية على المدى البعيد. الذي يجدي وينفع أن تتغير الشعوب من داخل أنفسهـا وأن تبدِّل واقعهـا من الضعف إلى القوة، ومن الاستضعاف إلى الكرامة، ومن الخور والاتكال إلى العزيمة والرشد والعمل الجـاد المبدع، بإرادة لاتعرف الكلل أو اليأس والملل.
ودروس التاريخ كثيرة ونابضة بنمـاذج مشرفة في تراثنـا التاريخي الذي أثبتت الأجيال فيه بصور مشرقة أن التغيير ممكن، وأنه لابد من الأخذ بالأسباب، والتعاطي مع سنن الكون التي تلحُّ على أن التغيير ضرورة ممكنة وغير مستحيلة، وإذا وجدت الإرادة والهمة والإخلاص، وتم بذل الجهد في إطارٍ من الحرية والاستقلال تم التغيير المنشود نحو الأفضل، وتحركت عجلة التقدم والرقي، ولكن من ذواتنـا نحن، لامن غيرنـا، وليس بالضرورة أن يستجيب القدر في كل الأحوال.
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
بقلم: زين العابدين بن غرم الله الغامدي
إذا أرادت الشعوب أن تغيِّر واقعهـا وحال الاستبداد والاستضعاف التي تعيشهـا في ظل أنظمة مستبدة فلا بد أن تتغير هي، وتتحول من حالة الضعف إلى القوة، ومن واقع الذل والهوان إلى واقع العزة والكرامة.
التحوُّل التاريخي الذي ننشده ليس إسقاط الأنظمة أو محاولة الانقضاض على كراسي الحكم وقصور الظلم وتحطيمهـا أو حرق أعلامهـا.
لابد أن نبني في داخلنـا وأنفسنا القوة، لابد أن نستمد قوتنـا من ذواتنـا ببناء قوي وجديد. ما الذي يحصل حين نغيِّر الحاكم وننقضّ عليه ونطرده؟ سيأتي غيره مثله أو أسوأ منه، وسيبقى الحرس القديم يحكمنـا بسلطة الأمس. ليست هذه الطريقة مجدية على المدى البعيد ما لم تفرز الشعوب حكـامهـا وقوادهـا ومنظريهـا من أنفسهـا، من أرحام بطونهـا التي تنشئهـا خلقًا بعد خلق، بنـاءً بعد بنـاء، إنشاءً مختلفًا ومغايرًا للواقع، ومخالفًا للنمطية التي تعيشهـا الشعوب الذليلة.
مشكلة المجتمع العربي اليوم أنه استمرأ الذّلة وتعوّد عليهـا، وارتضى الاتكالية والعيش على موائد الآخرين.
الإنتاج الذي ينتجه العامل العربي أضعف بكثير من إنتاج العامل الشرقي الياباني أو الغربي الأوروبي أو الأمريكي. الطالب الجامعي في جامعاتنا العربية لا يقرأ كمـا يقرأ غيره؛ تعوّد على التلقين المستمر وعلى العلوم النظرية، وأهمل البحث والعلوم التطبيقية، ولم يمارس العملية التعليمية بشكل أفضل في حياته اليومية كمـا يمارسهـا الطلبة المتفوقون في الدول الأخرى المتقدمة، وقد يكون السبب في ضعف المعلم، وتخلّف الوسائل التعليمية، ودورانها في فلك أساليب قديمة لا تغني ولاتسمن من جوع، وفي بيئة تعليمية سيئة.
وليس بصحيح أن العقول العربية غير العقول الأخرى. العقول واحدة ولكن طرائق التفكير مختلفة، وطريقة التعاطي مع المادة واستعمالهـا فيمـا ينفع. مشكلة الشعوب العربية أنهـا تفتقر إلى الوعي الحضاري وتُعنى بسفاسف الأمور وتتعاطى مع المشكلات اليومية بكل سلبية، فظهرت أجيال تلو أجيال غير معنية بمصالحهـا ومقدراتهـا بل معنية فقط بلقمة العيش وكيفية تحصيلهـا، والقناعة بأقلِّ القليل. ليس هناك طموح أو تطلع إلى الأفضل على الأصعدة كافة: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية وغيرهـا. واقع مرير تتابعت عليه أجيال الشباب العربي، الذي تبني على أكتافه الشعوب النهضة الحضارية، والتي تتطلع إلى قيادة العالم وسياسته.
إذا أردات الشعوب أن تتحول نحو الأفضل فلابد من الالتفات إلى الجيل الجديد من الشباب، وبناء لحمته، وتقوية أصوله، وزراعته من جديد، وتنشئته على القوة والعمل الجاد، والتطلع نحو الأفضل، وعدم الرضا بالدون، والتركيز على اعتزازه بتراثه وتاريخه، وتكوينه تكوينًا علميـًا ممتازًا ليكون متميزًا ومنتجـًا، وتنمية روح المنافسة الشريفة بينه وبين أقرانه في الدول الأخرى، والاستفادة من تجارب الأمم الأخرى التي نهضت في فترة وجيزة، ونافست أممـًا سبقتهـا في ركب الحضارة منذ قرون.
الحياة المعاصرة اليوم تفرض علينـا أن نحدث تغييرًا جذريًا، وأن نحاول دراسة أسباب ضعفنـا وتخلّفنـا، وأن نسعى قصارى جهدنـا في معرفة أسباب التقدم، ونبذل في سبيلهـا كل الجهد والطاقة.
وفي سبيل البحث عن الحرية والعدالة والمسـاواة لابد أن نكون نحن أحرارًا من ربقة الجهل والضعف والتخلف، وأن لانرمي على الأنظمة الحاكمة كل أسباب فشلنـا وانهيارنا. التغيير يأتي من الداخل، من أعماق النفس البشرية، من ذاتها، من حالة الرضا بالقليل والاتكال على منتجات الأمم الأخرى، إلى حالة الإبداع والانتاج الذاتي ولابد ـ في سبيل ذلك ـ من معرفة الأمراض المزمنة التي تفشّت في عروقنـا كسرطان خبيث أصاب الأمة بالشلل التامّ والانصهـار في عوالم أخرى وفقدان الهوية أو ذوبانهـا.
لابد من بنـاء شخصية مستقلة استقلالاً ذاتيًا عن المجتمعات الأخرى، وهنـاك فرق بسيط بيننـا وبينهم؛ أن الواقع والبيئة التي يعيشون فيهـا مختلفة تمـامًا؛ فهي بيئة تساعد على التقدم والنمو، وتعطي الحرية الكاملة للإنتاج والإبداع، بينمـا الواقع العربي وبيئته اليوم وأنظمته لم توفر القدر الأدنى من الحرية؛ فانشغل المجتمع العربي بالبحث عن لقمة العيش، بعيدًا عن محاولة إيجاد مصادر جديدة للعيش الكريم في ظل الفقر والبطالة، وإذا تحرك ناهضًا توجه صوب الأنظمة المستبدة وقارعهـا الحرب. ليست هذه الطريقة مجدية على المدى البعيد. الذي يجدي وينفع أن تتغير الشعوب من داخل أنفسهـا وأن تبدِّل واقعهـا من الضعف إلى القوة، ومن الاستضعاف إلى الكرامة، ومن الخور والاتكال إلى العزيمة والرشد والعمل الجـاد المبدع، بإرادة لاتعرف الكلل أو اليأس والملل.
ودروس التاريخ كثيرة ونابضة بنمـاذج مشرفة في تراثنـا التاريخي الذي أثبتت الأجيال فيه بصور مشرقة أن التغيير ممكن، وأنه لابد من الأخذ بالأسباب، والتعاطي مع سنن الكون التي تلحُّ على أن التغيير ضرورة ممكنة وغير مستحيلة، وإذا وجدت الإرادة والهمة والإخلاص، وتم بذل الجهد في إطارٍ من الحرية والاستقلال تم التغيير المنشود نحو الأفضل، وتحركت عجلة التقدم والرقي، ولكن من ذواتنـا نحن، لامن غيرنـا، وليس بالضرورة أن يستجيب القدر في كل الأحوال.
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).