Dr.Hasan
04-05-2011, 01:11 PM
الحديث عن الفساد في سورية لم يعد مقتصرا على دوائر صغيرة، بل تعدى حدود الهمس بين الأصدقاء، وها هو موقع 'دي برس' الذي يبتعد عن شبهة المعارضة، بل يأخذ على عاتقه مهمة تسويق وجهة النظر الرسمية لما يجري في سورية منذ اندلاع أحداث درعا، يُفاجئنا باستطلاع آراء تحت عنوان 'سورية.. هل تكفي إقالة المحافظين للحدّ من الفساد؟'. وهذا نص الخبر/ الاستطلاع كاملاً:
'طالب الكثير من السوريين في الآونة الأخيرة بإقالة محافظي مدنهم، ومنهم مواطنو حمص الذين خرجوا بهتافات (الشعب يريد إسقاط المحافظ)، متهمين المحافظين بالفساد واستغلال المناصب لتسيير أمورهم الشخصية وبسط نفوذهم على حساب تعطيل مصالح المواطنين، وإبقاء العديد من الملفات دون حل، الأمر الذي دفعهم لتحميل المحافظين مسؤولية تدني مستوى الخدمات، وسوء أوضاع المحافظات، مؤكدين عدم جدوى اللقاءات (الاستثنائية) التي يعقدها هؤلاء المحافظون مع المواطنين.
بالمقابل يرى البعض الآخر أنه من المجحف تعميم صفة الفساد على كافة المحافظين، مع وجود قلة منهم ترغب بالتغيير، لافتين إلى وجود عناصر أخرى تتحمل مسؤولية الفساد، المسؤولين المحليين، رؤساء البلديات والوحدات الإدارية.
ما رأيك؟'
(الشعب يريد إسقاط المحافظ) شعار تردد في مدينة حمص وغيرها من المدن السورية بحسب الموقع آنف الذكر، ومع ذلك جرت إقالة محافظ درعا فقط، وما زال محافظ حمص يدير شؤون مدينة ابن الوليد، وكذلك باقي المحافظين، دون أن يعني ذلك أنهم أقل فسادا أو أكثر، بل هي الآلية المطلوب إصلاحها إن كان للإصلاح سبيل.
وبالرجوع إلى استطلاع 'دي برس' نجد أن صياغة الفقرة الأخيرة منه لفتت الانتباه إلى وجود عناصر أخرى تتحمل مسؤولية الفساد، لكنها حصرت اهتمامها بالمسؤولين المحليين ورؤساء البلديات والوحدات الإدارية، أي من هم دون المحافظ موقعا وظيفيا، في حين يجري الحديث عن بنى وعلاقات أكبر للفساد يجب فكفكتها لوضع الاقتصاد السوري وعجلة التنمية على سكتها الصحيحة، وليس مصادفة أن تترافق هذه الإجراءات مع إقالة الحكومة السورية ككل.
وها هو الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب في سورية يعترف في سياق آخر على ذات الموقع 'أن تأخر الإصلاحات هو ما أدى إلى الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن تلك الإصلاحات لو اتخذت في وقتها لما جرى ما جرى' مؤكدا مشروعية المطالب الشعبية بالإصلاح.
بالمقابل نجد أن الإعلام الرسمي والخاص في سورية ما زال يغطّ في سباته مغمض العينين، رافضا رؤية ما يجري على الأرض، وهو ما يذكرنا بموقف السيد وزير الإعلام على إحدى الفضائيات العربية التي كانت تقدم ريبورتاجا صحافيا عن أزمة الوقود في سورية منذ أكثر من عامين، فهو ينكر وجود أزمة المحروقات بينما الريبورتاج المصور يفضح وجود طوابير من المواطنين بانتظار الحصول على حاجتهم من مادة المازوت للتدفئة!.
وهاهو الآن يكرر ذات النكتة حين يرفض رؤية ما يجري في سورية مدعيا أن الأوضاع هادئة جدا، في حين يستطيع أي مواطن في أقصى الريف السوري وصولا إلى البادية أن يدرك خطورة الأحداث التي تعصف بالبلاد، مما اضطر حتى الإعلام السوري وأطياف المسؤولين أيضا للتحدث عنها وصولا إلى خطاب السيد رئيس الجمهورية.
الدكتور النائب محمد حبش وصف تصريحات وزير الإعلام بأنها استغباء للناس، وغير ضرورية، محملا وزارة الإعلام السورية مسؤولية تفاقم الأوضاع 'من خلال تعاطيها مع الأزمة وعدم التغطية الكافية لها' لأن ما يجري في أغلب المدن السورية شيء مكشوف ولا يمكن التغاضي عنه.
وإذا كان الدكتور حبش وصف السياسة الإعلامية للوزير بلال بأنها استغباء للناس فهنالك من يرى فيها تضليلا للقيادة السياسية، ولعمري هذا أخطر بكثير.
وقد لفت انتباهي يوم الأربعاء، قبيل خطاب السيد رئيس الجمهورية بيوم، الإعلان في التلفزيون السوري والإذاعات الرسمية والخاصة وبشكل متكرر، والذي يحذر من منشورات ورسائل نصية عبر الموبايلات تدعو الناس للتجمع في ساحة الأمويين، وقد فاجأني سائق التكسي الذي كان يقلني باتجاه المنزل بسؤاله: إذا كان هدف المنشورات وتلك الرسائل تبليغ الناس جميعا، فإن الإعلام السوري يساهم بفعالية كبيرة في إيصال هذه الرسالة لمن لم تصلهم بعد، وفي تخويف المواطنين الآخرين الذين يخشون وقوع أحداث عنف!
فقلت له: أليس مستغربا أنك تُدرك ذلك بينما وزير الإعلام لا يُدركه؟!
تحجر الإعلام الرسمي والخاص في سورية انطلق منذ بداية الأحداث في نعت التظاهرات التي انتشرت في مساحة الوطن بلفظة 'عصابة'، بكل ما تحمله هذه اللفظة من دلالة في القاموس اللغوي السوري كإشارة لعصابة الإخوان المسلمين في فترة الصراع على السلطة ثمانينيات القرن المنصرم، لكنها الآن تأتي دون الربط مع الإخوان المسلمين، وبالتالي تبقى لفظة 'عصابة' مبهمة ودون تحديد، مما يثير جزع المواطن السوري دون أن تقدم له أية معلومة. وقد سار الإعلام بهذه 'التخريجة' حتى يظن القارئ أو المستمع أن سورية كلها قد تحولت إلى عصابات مسلحة تروع المواطنين وأجهزة الأمن على السواء، بل نقول أن هذا الإعلام ساهم لأول مرة في إظهار عجز الأجهزة الأمنية في البلد عن القيام بدورها في حفظ أمن الوطن والمواطنين معا.
ومن مؤشرات بؤس الإعلام السوري ما قدمته الإخبارية السورية في ردها على الشيخ القرضاوي حين أخذت تضع عبارات من أقواله على شاشتها، وكأنها تمارس عملية دعائية لصالحه، مع أنه كان الأجدى تجاهله، أو الرد عليه بفتوى دينية مقابلة ليس أكثر.
يُذكر أن حكومة العطري التي شهدت أكثر من تعديل وزاري خلال سنواتها السبع العجاف، وكان الإعلاميون يأملون في كل مرة أن تأتي الرياح في صالحهم وتذهب بوزيـــــرهم المعتصــم بحبل شهادته الطبية التي لا تنفع في إعلام ولا تغني عن فساد، وأكثر ما نخشاه في حكومتنا العتيدة أن تعجز عن تجاوزه في التغيير القادم.
وأعود لحديث الدكتور حبش في موقع 'دي برس' الذي وصف فيه حكومة العطري بأنها 'كانت غير قادرة على حل المشكلات كونها حكومة مليئة بالفساد والترهل والعجز' على حد قوله وقول الموقع، والذي يستفاد منه أن بؤس الإعلام الذي نتحد ث عنه يمكن إدراجه في خانة الفساد، على ذمة الراوي، لأن ناقل الكفر ليس بكافر في النهاية.
'طالب الكثير من السوريين في الآونة الأخيرة بإقالة محافظي مدنهم، ومنهم مواطنو حمص الذين خرجوا بهتافات (الشعب يريد إسقاط المحافظ)، متهمين المحافظين بالفساد واستغلال المناصب لتسيير أمورهم الشخصية وبسط نفوذهم على حساب تعطيل مصالح المواطنين، وإبقاء العديد من الملفات دون حل، الأمر الذي دفعهم لتحميل المحافظين مسؤولية تدني مستوى الخدمات، وسوء أوضاع المحافظات، مؤكدين عدم جدوى اللقاءات (الاستثنائية) التي يعقدها هؤلاء المحافظون مع المواطنين.
بالمقابل يرى البعض الآخر أنه من المجحف تعميم صفة الفساد على كافة المحافظين، مع وجود قلة منهم ترغب بالتغيير، لافتين إلى وجود عناصر أخرى تتحمل مسؤولية الفساد، المسؤولين المحليين، رؤساء البلديات والوحدات الإدارية.
ما رأيك؟'
(الشعب يريد إسقاط المحافظ) شعار تردد في مدينة حمص وغيرها من المدن السورية بحسب الموقع آنف الذكر، ومع ذلك جرت إقالة محافظ درعا فقط، وما زال محافظ حمص يدير شؤون مدينة ابن الوليد، وكذلك باقي المحافظين، دون أن يعني ذلك أنهم أقل فسادا أو أكثر، بل هي الآلية المطلوب إصلاحها إن كان للإصلاح سبيل.
وبالرجوع إلى استطلاع 'دي برس' نجد أن صياغة الفقرة الأخيرة منه لفتت الانتباه إلى وجود عناصر أخرى تتحمل مسؤولية الفساد، لكنها حصرت اهتمامها بالمسؤولين المحليين ورؤساء البلديات والوحدات الإدارية، أي من هم دون المحافظ موقعا وظيفيا، في حين يجري الحديث عن بنى وعلاقات أكبر للفساد يجب فكفكتها لوضع الاقتصاد السوري وعجلة التنمية على سكتها الصحيحة، وليس مصادفة أن تترافق هذه الإجراءات مع إقالة الحكومة السورية ككل.
وها هو الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب في سورية يعترف في سياق آخر على ذات الموقع 'أن تأخر الإصلاحات هو ما أدى إلى الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن تلك الإصلاحات لو اتخذت في وقتها لما جرى ما جرى' مؤكدا مشروعية المطالب الشعبية بالإصلاح.
بالمقابل نجد أن الإعلام الرسمي والخاص في سورية ما زال يغطّ في سباته مغمض العينين، رافضا رؤية ما يجري على الأرض، وهو ما يذكرنا بموقف السيد وزير الإعلام على إحدى الفضائيات العربية التي كانت تقدم ريبورتاجا صحافيا عن أزمة الوقود في سورية منذ أكثر من عامين، فهو ينكر وجود أزمة المحروقات بينما الريبورتاج المصور يفضح وجود طوابير من المواطنين بانتظار الحصول على حاجتهم من مادة المازوت للتدفئة!.
وهاهو الآن يكرر ذات النكتة حين يرفض رؤية ما يجري في سورية مدعيا أن الأوضاع هادئة جدا، في حين يستطيع أي مواطن في أقصى الريف السوري وصولا إلى البادية أن يدرك خطورة الأحداث التي تعصف بالبلاد، مما اضطر حتى الإعلام السوري وأطياف المسؤولين أيضا للتحدث عنها وصولا إلى خطاب السيد رئيس الجمهورية.
الدكتور النائب محمد حبش وصف تصريحات وزير الإعلام بأنها استغباء للناس، وغير ضرورية، محملا وزارة الإعلام السورية مسؤولية تفاقم الأوضاع 'من خلال تعاطيها مع الأزمة وعدم التغطية الكافية لها' لأن ما يجري في أغلب المدن السورية شيء مكشوف ولا يمكن التغاضي عنه.
وإذا كان الدكتور حبش وصف السياسة الإعلامية للوزير بلال بأنها استغباء للناس فهنالك من يرى فيها تضليلا للقيادة السياسية، ولعمري هذا أخطر بكثير.
وقد لفت انتباهي يوم الأربعاء، قبيل خطاب السيد رئيس الجمهورية بيوم، الإعلان في التلفزيون السوري والإذاعات الرسمية والخاصة وبشكل متكرر، والذي يحذر من منشورات ورسائل نصية عبر الموبايلات تدعو الناس للتجمع في ساحة الأمويين، وقد فاجأني سائق التكسي الذي كان يقلني باتجاه المنزل بسؤاله: إذا كان هدف المنشورات وتلك الرسائل تبليغ الناس جميعا، فإن الإعلام السوري يساهم بفعالية كبيرة في إيصال هذه الرسالة لمن لم تصلهم بعد، وفي تخويف المواطنين الآخرين الذين يخشون وقوع أحداث عنف!
فقلت له: أليس مستغربا أنك تُدرك ذلك بينما وزير الإعلام لا يُدركه؟!
تحجر الإعلام الرسمي والخاص في سورية انطلق منذ بداية الأحداث في نعت التظاهرات التي انتشرت في مساحة الوطن بلفظة 'عصابة'، بكل ما تحمله هذه اللفظة من دلالة في القاموس اللغوي السوري كإشارة لعصابة الإخوان المسلمين في فترة الصراع على السلطة ثمانينيات القرن المنصرم، لكنها الآن تأتي دون الربط مع الإخوان المسلمين، وبالتالي تبقى لفظة 'عصابة' مبهمة ودون تحديد، مما يثير جزع المواطن السوري دون أن تقدم له أية معلومة. وقد سار الإعلام بهذه 'التخريجة' حتى يظن القارئ أو المستمع أن سورية كلها قد تحولت إلى عصابات مسلحة تروع المواطنين وأجهزة الأمن على السواء، بل نقول أن هذا الإعلام ساهم لأول مرة في إظهار عجز الأجهزة الأمنية في البلد عن القيام بدورها في حفظ أمن الوطن والمواطنين معا.
ومن مؤشرات بؤس الإعلام السوري ما قدمته الإخبارية السورية في ردها على الشيخ القرضاوي حين أخذت تضع عبارات من أقواله على شاشتها، وكأنها تمارس عملية دعائية لصالحه، مع أنه كان الأجدى تجاهله، أو الرد عليه بفتوى دينية مقابلة ليس أكثر.
يُذكر أن حكومة العطري التي شهدت أكثر من تعديل وزاري خلال سنواتها السبع العجاف، وكان الإعلاميون يأملون في كل مرة أن تأتي الرياح في صالحهم وتذهب بوزيـــــرهم المعتصــم بحبل شهادته الطبية التي لا تنفع في إعلام ولا تغني عن فساد، وأكثر ما نخشاه في حكومتنا العتيدة أن تعجز عن تجاوزه في التغيير القادم.
وأعود لحديث الدكتور حبش في موقع 'دي برس' الذي وصف فيه حكومة العطري بأنها 'كانت غير قادرة على حل المشكلات كونها حكومة مليئة بالفساد والترهل والعجز' على حد قوله وقول الموقع، والذي يستفاد منه أن بؤس الإعلام الذي نتحد ث عنه يمكن إدراجه في خانة الفساد، على ذمة الراوي، لأن ناقل الكفر ليس بكافر في النهاية.