محمد أمين
04-15-2011, 10:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر أبو فراس الحمداني
من هو:
هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني يعود بعمومته إلى تغلب. ولد عام 320 هـ - 932 م، وقيل إنه ولد في الموصل فسماه والده
الحارث وكناه بابي فراس "أي الأسد".
حياته:
حين بلغ الثالثة من عمره قُتل والده على يد ابن أخيه حسن الملقب بناصر الدولة أمير الموصل في زمن الراضي بالله الخليفة العباسي ، وذلك حين طمع سعيد بولاية الموصل بدلاً من ناصر الدولة الذي ارتاب بأمر عمه رغم تكتمه فتظاهر بأنه خارج إلى لقائه ، لكنه اتخذ طريقاً غير الطريق التي كان سعيد قادماً منها ، وعندما دخل سعيد إلى المدينة برجاله الخمسين وسار إلى قصر ابن أخيه ، وهذا ما كان يرغب فيه ناصر الدولة ، لأن عمه أصبح في حوزته فأرسل إليه بعض غلمان فقتلوه ونكلوا به .
هكذا ربي أبو فراس يتيما تحتضنه أمه ويعطف عليه ابن عمه سيف الدولة أخو ناصر الدولة. وعندما غدا سيف الدولة حاكماً لإمارة حلب اصطحبه معه إليها ليتمرس في العلم والأدب والفروسية.
عرفت مجالسه الفارابي ، والمتنبي ، والسري بن أحمد الموصلي ، وأبا الفرج الببغاء ، وأبا فرج الوأواء ، وأبا اسحق ، وإبراهيم بن هلال الصابي لكن سيف الدولة ميز أبا فراس بالإكرام عن سائر قومه ، وقربه منه واصطحبه في غزواته واستخلفه على أعماله فقلده بداية إمارة منبج .
ذاق أبو فراس وهو أمير لمنبج مرارة الأسر والغربة وذلك بعد أن نصب له الروم كمينا حين كان في رحلة صيد مع بعض أفراد حاشيته وساقوه أسيراً إلى القسطنطينية عاصمتهم وفرح بهذه الغنيمة ملكها المعروف باسم الدمستق الذي كان قد خسر عدة معارك مع سيف الدولة وأسر خلالها ابن أخت له أبقاه الدمستق رهينة عنده مطالباً بفدية ينوء بها كاهل الملك العربي وأهمها كان مبادلة الشاعر أبي فراس بالأمير الروماني.
ويطول صمت سيف الدولة ويمتنع عن افتداء الأسرى فتمتد غربة الشاعر سبع سنوات وتضطرب روحه النبيلة في نفس ظن صاحبها أنه يتفرد لدى أميره ويبرح به الشوق إلى إخوته وموطنه وأصحابه كما يحزنه مماطلة ابن عمه وتحيره وتفقده جَلَده وصبره فأنشد جميل شعره وهو بالأسر بما عُرف بالروميات ويعرف كل من يقرأ هذه القصائد للشاعر أبي فراس أن له نفساً تفيض بالنبل والوفاء وحبًا لا تزعزعه الخيبة ، بل يبعث ماضي الصداقة الوثيقة نسقًا يحافظ على ما نسجته الأيام والقرابة من وشائج بين الفارسين الشاعرين ، لكن الواقع المرير ما يلبث أن يعيد الأحزان عبر وقائع عابرة أهمها وعي الشاعر أبي فراس بتأثير حاشية سيف الدولة عليه وهي خليط من الأعاجم والفرس والترك والحاسدين ، وتكون استجابته لفك اسر أبي فراس بطيئة ، وخاصة عندما كاتب الأسرى صاحب خراسان وغيرها من أصحاب الولايات والبلدان ليقدموا فدية لهم ، فيغضب منهم سيف الدولة وينشد له أبو فراس من جميل شعره :
أَبَى غَرْب هذا الدمعِ إلا تَسَرُّعا ..... ومكنونُ هذا الحب إلا تَضَوُّعا
وكنت أرى أني مع الحزمِ واجدٌ ..... إذا شئتُ لي ممضىً وإن شئتُ مَرجعاً
فلما استمرّ الحبُّ في غُلوائه ..... رَعَيت مع المِضياعة الحبَّ ما رعى
فحزني حزنُ الهائمين مُبَرِّحاً ..... وسِري سِر العاشقين مُضَيَّعاً
الخاتمة:
انتهت حياة الشاعر أبي فراس عام 357 هـ 967 م عن سبعة وثلاثين عاماً مخلفة قصائد شعرية هي عطر ديوان العرب ، قال فيها الصاحب : بدئ الشعر بملك وختم بملك ، ويقصد امرأ القيس وأبا فراس الذي خلدته رومياته وأبقته واحداً من شعراء الحنين والألم الإنساني الشفيف تلوح أطياف روحه في نسيج الشعر العربي عبر الدهور.
الشاعر أبو فراس الحمداني
من هو:
هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني يعود بعمومته إلى تغلب. ولد عام 320 هـ - 932 م، وقيل إنه ولد في الموصل فسماه والده
الحارث وكناه بابي فراس "أي الأسد".
حياته:
حين بلغ الثالثة من عمره قُتل والده على يد ابن أخيه حسن الملقب بناصر الدولة أمير الموصل في زمن الراضي بالله الخليفة العباسي ، وذلك حين طمع سعيد بولاية الموصل بدلاً من ناصر الدولة الذي ارتاب بأمر عمه رغم تكتمه فتظاهر بأنه خارج إلى لقائه ، لكنه اتخذ طريقاً غير الطريق التي كان سعيد قادماً منها ، وعندما دخل سعيد إلى المدينة برجاله الخمسين وسار إلى قصر ابن أخيه ، وهذا ما كان يرغب فيه ناصر الدولة ، لأن عمه أصبح في حوزته فأرسل إليه بعض غلمان فقتلوه ونكلوا به .
هكذا ربي أبو فراس يتيما تحتضنه أمه ويعطف عليه ابن عمه سيف الدولة أخو ناصر الدولة. وعندما غدا سيف الدولة حاكماً لإمارة حلب اصطحبه معه إليها ليتمرس في العلم والأدب والفروسية.
عرفت مجالسه الفارابي ، والمتنبي ، والسري بن أحمد الموصلي ، وأبا الفرج الببغاء ، وأبا فرج الوأواء ، وأبا اسحق ، وإبراهيم بن هلال الصابي لكن سيف الدولة ميز أبا فراس بالإكرام عن سائر قومه ، وقربه منه واصطحبه في غزواته واستخلفه على أعماله فقلده بداية إمارة منبج .
ذاق أبو فراس وهو أمير لمنبج مرارة الأسر والغربة وذلك بعد أن نصب له الروم كمينا حين كان في رحلة صيد مع بعض أفراد حاشيته وساقوه أسيراً إلى القسطنطينية عاصمتهم وفرح بهذه الغنيمة ملكها المعروف باسم الدمستق الذي كان قد خسر عدة معارك مع سيف الدولة وأسر خلالها ابن أخت له أبقاه الدمستق رهينة عنده مطالباً بفدية ينوء بها كاهل الملك العربي وأهمها كان مبادلة الشاعر أبي فراس بالأمير الروماني.
ويطول صمت سيف الدولة ويمتنع عن افتداء الأسرى فتمتد غربة الشاعر سبع سنوات وتضطرب روحه النبيلة في نفس ظن صاحبها أنه يتفرد لدى أميره ويبرح به الشوق إلى إخوته وموطنه وأصحابه كما يحزنه مماطلة ابن عمه وتحيره وتفقده جَلَده وصبره فأنشد جميل شعره وهو بالأسر بما عُرف بالروميات ويعرف كل من يقرأ هذه القصائد للشاعر أبي فراس أن له نفساً تفيض بالنبل والوفاء وحبًا لا تزعزعه الخيبة ، بل يبعث ماضي الصداقة الوثيقة نسقًا يحافظ على ما نسجته الأيام والقرابة من وشائج بين الفارسين الشاعرين ، لكن الواقع المرير ما يلبث أن يعيد الأحزان عبر وقائع عابرة أهمها وعي الشاعر أبي فراس بتأثير حاشية سيف الدولة عليه وهي خليط من الأعاجم والفرس والترك والحاسدين ، وتكون استجابته لفك اسر أبي فراس بطيئة ، وخاصة عندما كاتب الأسرى صاحب خراسان وغيرها من أصحاب الولايات والبلدان ليقدموا فدية لهم ، فيغضب منهم سيف الدولة وينشد له أبو فراس من جميل شعره :
أَبَى غَرْب هذا الدمعِ إلا تَسَرُّعا ..... ومكنونُ هذا الحب إلا تَضَوُّعا
وكنت أرى أني مع الحزمِ واجدٌ ..... إذا شئتُ لي ممضىً وإن شئتُ مَرجعاً
فلما استمرّ الحبُّ في غُلوائه ..... رَعَيت مع المِضياعة الحبَّ ما رعى
فحزني حزنُ الهائمين مُبَرِّحاً ..... وسِري سِر العاشقين مُضَيَّعاً
الخاتمة:
انتهت حياة الشاعر أبي فراس عام 357 هـ 967 م عن سبعة وثلاثين عاماً مخلفة قصائد شعرية هي عطر ديوان العرب ، قال فيها الصاحب : بدئ الشعر بملك وختم بملك ، ويقصد امرأ القيس وأبا فراس الذي خلدته رومياته وأبقته واحداً من شعراء الحنين والألم الإنساني الشفيف تلوح أطياف روحه في نسيج الشعر العربي عبر الدهور.