سوسن
02-28-2010, 03:24 PM
"مصعب" عميل الشاباك يعترف: كرهت عرفات وراقبت البرغوثي وساعدت على اعتقال أبي!! http://www.factjo.com/newsImages/14639_l.jpg
كشف مصعب حسن يوسف، ابن القيادي في حركة حماس الشيخ حسن يوسف المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تفاصيل مثيرة عن فترة عمله لمصلحة جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية "الشاباك" منذ العام 1997.
ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس مقابلة مطولة مع العميل مصعب الذي يعيش حاليا في الولايات المتحدة. وتضمنت المقابلة، اعترافات مثيرة كشف فيها عميل "الشاباك" أنه ساعد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في الوصول إلى العديد من قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية وتصفيتهم أو اعتقالهم، مستغلا سهولة وصوله إلى المعلومات ونسج العلاقات مع قادة العمل الميداني في حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، كونه ابن مجاهد كان وما يزال يحظى بالاحترام في أوساط المنظمات وفي الشارع الفلسطيني.
ويسرد عميل "الشاباك" في هذه المقابلة، وفي كتاب يستعد لإصداره ويحمل عنوان "ابن حماس"، تفاصيل دوره في اعتقال القيادي في فتح مروان البرغوثي والقيادي الميداني في حماس إبراهيم حامد، إضافة إلى مساهمته في إحباط عشرات العمليات الاستشهادية.
ويقول العميل مصعب الذي تسميه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "الأمير الأخضر"، إنه كان يجري اتصالات هاتفية منتظمة مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
ويجاهر العميل مصعب بكراهيته للرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي يقول إنه التقاه مرة واحدة عندما كان برفقة والده، ويؤكد أنه كان يمول العمليات المسلحة ضد إسرائيل، وأنه أمر الكوادر والقيادات الميدانية بتفجير الانتفاضة.
ويعتبر العميل مصعب، القائد الفتحاوي المعتقل في السجون الاسرائيلية مروان البرغوثي إرهابيا على يديه دم إسرائيلي كثير.
ويسرد عميل الشاباك تفاصيل دقيقة عن التنسيق بين القيادات الميدانية لحركتي حماس وفتح في بداية الانتفاضة الثانية، ويقول إن كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح تشكلت في الأصل من مقاتلين كانوا يعملون في القوة 17 وهي قوة أمن الرئاسة. ويروي كيف كانت "كتائب الأقصى" تخطط لعمليات مشتركة مع حماس، مشيرا إلى لقاءات سرية جرت بين الجانبين في رام الله.
ويعترف الجاسوس مصعب بأنه بدأ العمل مع الشاباك بعد اعتقاله أول مرة، وما تلا ذلك من اعتقالات تعرض لها خلال أكثر من عشر سنوات عمل فيها ضد شعبه كانت اعتقالات مفبركة، وتمثيليات تهدف إلى إبعاد الشكوك عنه.
ويؤكد عميل الشاباك أنه لو كان الآن في غزة لارتدى بدلة عسكرية إسرائيلية وعمل على "تحرير" الجندي الإسرائيلي المأسور جلعاد شاليط.
وفيما يلي نص المقابلة التي معه صحيفة هاآرتس العبرية، وننوه اننا في "الحقيقة الدولية" اذا ننشر هذه المقابلة نقلا عن الزميلة "الغد الاردنية، الانتباه الى مواضع "دس السم في الدسم" التي تعمدت نشرها الصحافة العبرية، وتوقيتها غداة اغتيال الشهيد محمود المبحوح.
"ليتني كنت الآن في غزة"، يقول مصعب حسن يوسف في مكالمة هاتفية من كاليفورنيا. "في الماضي جئت بمعلومات عن مكان سائق سيارة أجرة اختطف في رام الله وحررته الوحدة الخاصة في هيئة القيادة العامة". إنه يعلم اسم الوحدة بل إنه اشترى قميصا مع شعار "الوحدة الخاصة لهيئة القيادة العامة" بالإنجليزية. "لو كنت في غزة لارتديت بزة عسكرية وانضممت إلى القوات الإسرائيلية الخاصة لاطلاق جلعاد شاليط. لو كنت هناك لكنت أستطيع المساعدة. أضعنا سنين كثيرة في التحقيقات والاعتقالات كي نمسك بأولئك الإرهابيين الذين يريدون الآن اطلاقهم عوض شاليط. لا يجوز فعل ذلك".
يقول هذا الكلام ابن الشيخ حسن يوسف، من كبار قادة حماس في الضفة. مصعب، في الثانية والثلاثين، يصدر هذا الاسبوع في الولايات المتحدة كتابه "ابن حماس" عن دار سولت ريفر. وهو يسرد فيه لأول مرة قصة حياته الكاملة ويكشف فوق كل شيء هنا في صحيفة "هآرتس" وفي الكتاب السر الكبير الذي صحبه منذ 14 سنة.
التقيت مصعب يوسف آخر مرة في تموز (يوليو) العام 2008 في كاليفورنيا. وقص علي آنذاك التحول الذي جرى على حياته: في العام 1999 بدأ يقرأ المسيحية وبعد مضي بضع سنين غير دينه وأصبح مسيحيا. وقد نشر ملحق صحيفة "هآرتس" آنذاك هذا الخبر وحظي على الفور برد غاضب من حماس التي أنكرت الأمر. لكن المنظمة الاسلامية لم تتخيل آنذاك ان هذا طرف قصة أكثر دراماتيكية.
بعد مضي سنة ونصف استقر رأي مصعب يوسف على كشف الصورة الكاملة: فلمدة أكثر من عشر سنين عمل ابن رئيس حماس في الضفة عميلا للشاباك – لا لبواعث اقتصادية او مصلحية بل عن عقيدة خالصة.
نجح يوسف في هذه السنوات في إحباط عشرات العمليات الانتحارية، وكشف عن خلايا منتحرين ومخربين تشتمل على أولئك الذين خططوا لاغتيال مسؤولين كبار في إسرائيل مثل شمعون بيريز الذي كان وزير الخارجية آنذاك، والحاخام عوفاديا يوسف. واعتبر يوسف في الشاباك المصدر الأكثر ثقة وعظما الذي نجح جهاز الأمن العام في استخدامه في قيادة حماس وحظي بلقب "الأمير الأخضر": "الأمير" – لكونه ابن رئيس حماس في الضفة. و"الأخضر" – بسبب لون راية المنظمة الإسلامية.
في أشد فترات الانتفاضة الثانية، قاد مصعب يوسف إلى اعتقال كبار المطلوبين الذين تتوج أسماؤهم كل يوم عناوين الصحف، مثل إبراهيم حامد ومروان البرغوثي، بل إنه تسبب في اعتقال أبيه كي لا يغتاله الجيش الإسرائيلي.
قصته التي لا تصدق يكشف عنها شخص شاب ذكي يثور بشجاعة على الحركة التي نشأ فيها بقصد إنقاذ حياة الناس، بل إنه يقنع الشاباك باعتقال مطلوبين بدل اغتيالهم.
أراد إنقاذ حياة الناس!
يصعب على "الكابتن لؤي"، وهو المسؤول عن استخدام مصعب يوسف في الشاباك، أن يخفي تقديره لـ"مصدره". ويقول "يدين الكثير من الأشخاص بحياتهم له بل إنهم لا يعلمون بذلك". ويضيف "إن أشخاصا فعلوا أقل منه كثيرا حظوا بجائزة أمن إسرائيل. من المحقق أنه يستحق ذلك. عرفته مدة ست سنين، كمسؤول عن المنطقة. وأقول لك، إذا كان عندنا "س" مركز استخبارات في المنطقة، فبفضله أصبح عندنا في واقع الأمر س + 1. كان هو المركز الآخر. أتعلم، كان أفضل من أكثرنا من غير أن نهين أحدا".
ترك الكابتن لؤي جهاز الأمن العام. وهو اليوم ضابط أمن في وسط البلاد وطالب جامعي. لكن يلحظ عليه أنه يشتاق إلى تلك الأيام والليالي التي قضاها في مطاردة المطلوبين والمخربين المنتحرين. ويقول عن يوسف "الشيء المدهش أن كل نشاطه لم يكن من أجل المال. لقد قام بأشياء آمن بها. أراد أن ينقذ حياة الناس. ولم يكن فهمه الاستخباري أسوأ مما عندنا. الأفكار والإدراك. كان إدراكه يساوي عندي ألف ساعة تفكير لأفضل الخبراء.
"سأقص عليك قصة. ذات يوم تلقينا معلومة عن أن مخربا منتحرا يفترض أن يصل ميدان المنارة في مركز رام الله، كي يحملوه وينقلوا إليه حزاما ناسفا. لم نعرف صورته بالضبط أو اسمه، لكن عرفنا فقط أنه في العشرينيات من عمره، يلبس قميصا أحمر. أرسلنا "الأمير الاخضر" إلى الميدان وحدد الهدف بأحاسيسه الذكية في غضون دقائق. عرف من الذي نقله، وتابع السيارة وقادنا إلى اعتقال المنتحر والشخص الذي كان يجب أن يعطيه الحزام. وهذا إحباط لعملية أخرى لا يكاد أحد يذكرها. لا يفتح أحد زجاجات شمبانيا أو يندفع إلى الرقص والغناء. لقد أظهر شجاعة، وحواسا ذكية، وقدرة على مجابهة الخطر. علمنا أنه يعطي أقصى ما عنده في كل وضع، في المطر أو الثلج أو الصيف.
التعذيب والتجنيد
يتذكر مصعب يوسف جيدا اليوم الذي دخل فيه رجل شاباك زنزانته في المعتقل في المسكوبية، واقترح عليه أن يعمل من أجل إسرائيل، أو بعبارة أخرى أن يصبح متعاونا. كان حتى ذلك الاعتقال عضوا في خلية طلاب حماس في جامعة بيرزيت وكان مشاركا في رمي حجارة. زج به في السجن بعد أن اشترى سلاحا فقط في العام 1996. في حاجز قرب رام الله أوقف جنود سيارة السوبارو التي قادها وأمروه بإطفاء المحرك.
ويقول مصعب "أخرجوني من السيارة وقبل أن استطيع الدفاع عن نفسي رموني أرضا وضربوني بشدة". ويوضح أنه لم يخطط لأن يصبح متعاونا ولا قرر ذلك فجأة. "نقلت الى المعتقل، المسكوبية، وتعرضت إلى تعذيب غير سهل وضربوني مرة بعد أخرى في التحقيق، وقيدوا يدي بقوة. آنذاك أتى رجل الشاباك وعرض علي أن اعمل معه. لم أطلب مالا لأن وضعي المالي كان جيدا. فكرت في أن أقول له إنني موافق كي اصبح عميلا مزدوجا ولأنتقم من الشاباك ومن إسرائيل لاعتقالي وللأمور التي فعلوها بأبي. كانت خطتي أن أجمع معلومات عن الشاباك من الداخل وأن استعمل ذلك في مواجهة إسرائيل. علمت أن الحديث عن جهة ظلامية سيئة وعن أشخاص سيئين يقومون باشياء فظيعة كإرغامهم شخصا على أن يصبح متعاونا. لم أعلم آنذاك ما الذي يتحدث عنه وما هو الشاباك حقا. وبعد أن وافقت تركوني في السجن مدة 16 شهرا كي لا أخرج مبكرا جدا، لأن ذلك كان سيثير ارتيابا بأنني عميل للشاباك".
يقول إنه شهد في فترة سجنه أشياء فظيعة. "مكثت في السجن مع أعضاء حماس، ومع مسؤولين كبار في المنظمة استعملوا جهازا يسمى مجد – وهو جسم أمني داخلي في حماس يرمي إلى الكشف عن عملاء لإسرائيل. كانوا يعذبون السجناء، وأكثرهم من حماس، لأنهم شكوا في تعاونهم. كان عملي أن أسجل الاعترافات وشهادات المحقق معهم واعتمدوا علي لأنني كنت ابن الشيخ. هناك فقدت ثقتي بحماس. لقد قتلوا أشخاصا بلا سبب. في حين كان الجميع يحذرونني من الشاباك، رأيت لأول مرة في حياتي أعضاء حماس يعذبون رفاقهم وأبناء شعبهم بقسوة لا مثيل لها. لم تهمهم الحقيقة قط. كان يكفي أن يرتابوا بشخص ما حتى تنتهي قصته. لقد عذبوا بقسوة، وأحرقوا أجساد المحقق معهم، ووخزوهم بالأبر واطفأوا السجائر في أجسادهم.
"أقسمت لنفسي أنني عندما أتحرر لن أظل في حماس ولن أعمل مع إسرائيل ايضا. اطلقت من السجن في العام 1997 وأنشأ الشاباك صلة بي. استقر رأيي على قطع الصلة بيني وبينهم، وأردت أن أجابههم كي أفعل ذلك كما يجب. فاجأني أن اللقاء الأول كان وديا جدا ولذيذا. كنت في فضول لأعلم أكثر، لم تكن عندي خطط لقتل أحد أو للتجسس، كنت فضوليا ببساطة. وهكذا وافقت على لقاء مستخدمي، الكابتن لؤي، مرة ثانية وبعدها مرة بعد أخرى".
يقول إن ضابط الشاباك نجح في المرة الثانية في مفاجأته. "بين لي أنني إذا كنت أريد العمل مع الشاباك فعلي أن احترم عددا من القواعد. لا يجوز لك مصادقة نساء فاسدات وأن تسلك سلوكا غير أخلاقي، هذا ما قاله لي. لا تجامع نساء وتسلك سلوكا أزعر، أنت خاصة، ابن شيخ، يجب عليك أن تجد عملا وأن تسوي أمورك. ذات مرة، في منتصف لقاء مع الكابتن لؤي في القدس، أوقف اللقاء وسألني: هل صليت الظهر؟ كنت متفاجئا وقلت لا. فطلب مني أن اذهب لأتوضأ وأصلي الظهر ثم نكمل.
"كان من المهم لهم أن استمر على البقاء كما أنا، وألا أتغير، وأن أكون جديا. فهم يريدون أشخاصا محترمين يقدرهم مجتمعهم لا أولئك الذين لهم سمعة سيئة. وأصبحت أكثر فضولا وأردت ان أتعلم عنهم أكثر. عاد مستخدمي وقالوا لي كل مرة من جديد: عليك أن تحترم أباك وأمك وألا تسيء إلى أحد. لم يطلبوا حتى ذلك الحين معلومات عن أي شخص وأصبحت أكثر جدية في الصلة بهم. احترمني مستخدمي من جهتهم وعاملوني معاملة حسنة جدا بل ساعدوني في الدراسة. كنت مندهشا لسلوكهم. لم يريدوا العمل ضد الفلسطينيين اطلاقا بل ضد المتطرفين. نظرت إلى هؤلاء الناس الذين أردت في الماضي كثيرا أن أقتلهم وتبين لي أن كل ما علمته عنهم لم يكن صحيحا".
كانت تلك أيضا الفترة التي بدأ فيها يقترب من المسيحية وقرأ الانجيل. "أذكر أنني صادفت جملة "أحب أعداءك"، ما جعلني أفكر – هؤلاء أعدائي، الشاباك، والجنود الذين يحاولون فقط أداء عملهم. فكرت بيني وبين نفسي كيف تسلك حماس في وضع عكسي، هل كانوا يظهرون الرحمة لليهود؟ وفكرت في نفسي من الذي تهزأ به، أكانت حماس وفتح تسلكان مسلكا أكثر انسانية؟ ما عدت أستطيع تعريف من هو عدوي. صحيح، ارتكب الشاباك أخطاء وقتل أناسا غافلين لكن هدفه الرئيس وهدف إسرائيل كان الحفاظ على مبادئ دولة ديمقراطية. يوجد 1.2 مليون فلسطيني يعيشون في إسرائيل، داخل الخط الاخضر، ويتمتعون بحقوق وبنماء ورفاهة في إسرائيل أكثر مما في أي دولة عربية. ومع ذلك كله أخذ هؤلاء الجنود أبي أمام عيني، واطلقوا النار على اشخاص أمام عيني. وصدقني أنه لم يكن سهلا عليّ أن أعمل من أجل هؤلاء الأشخاص، كان هذا تحولا حقيقيا".
كشف مصعب حسن يوسف، ابن القيادي في حركة حماس الشيخ حسن يوسف المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تفاصيل مثيرة عن فترة عمله لمصلحة جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية "الشاباك" منذ العام 1997.
ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس مقابلة مطولة مع العميل مصعب الذي يعيش حاليا في الولايات المتحدة. وتضمنت المقابلة، اعترافات مثيرة كشف فيها عميل "الشاباك" أنه ساعد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في الوصول إلى العديد من قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية وتصفيتهم أو اعتقالهم، مستغلا سهولة وصوله إلى المعلومات ونسج العلاقات مع قادة العمل الميداني في حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، كونه ابن مجاهد كان وما يزال يحظى بالاحترام في أوساط المنظمات وفي الشارع الفلسطيني.
ويسرد عميل "الشاباك" في هذه المقابلة، وفي كتاب يستعد لإصداره ويحمل عنوان "ابن حماس"، تفاصيل دوره في اعتقال القيادي في فتح مروان البرغوثي والقيادي الميداني في حماس إبراهيم حامد، إضافة إلى مساهمته في إحباط عشرات العمليات الاستشهادية.
ويقول العميل مصعب الذي تسميه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "الأمير الأخضر"، إنه كان يجري اتصالات هاتفية منتظمة مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
ويجاهر العميل مصعب بكراهيته للرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي يقول إنه التقاه مرة واحدة عندما كان برفقة والده، ويؤكد أنه كان يمول العمليات المسلحة ضد إسرائيل، وأنه أمر الكوادر والقيادات الميدانية بتفجير الانتفاضة.
ويعتبر العميل مصعب، القائد الفتحاوي المعتقل في السجون الاسرائيلية مروان البرغوثي إرهابيا على يديه دم إسرائيلي كثير.
ويسرد عميل الشاباك تفاصيل دقيقة عن التنسيق بين القيادات الميدانية لحركتي حماس وفتح في بداية الانتفاضة الثانية، ويقول إن كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح تشكلت في الأصل من مقاتلين كانوا يعملون في القوة 17 وهي قوة أمن الرئاسة. ويروي كيف كانت "كتائب الأقصى" تخطط لعمليات مشتركة مع حماس، مشيرا إلى لقاءات سرية جرت بين الجانبين في رام الله.
ويعترف الجاسوس مصعب بأنه بدأ العمل مع الشاباك بعد اعتقاله أول مرة، وما تلا ذلك من اعتقالات تعرض لها خلال أكثر من عشر سنوات عمل فيها ضد شعبه كانت اعتقالات مفبركة، وتمثيليات تهدف إلى إبعاد الشكوك عنه.
ويؤكد عميل الشاباك أنه لو كان الآن في غزة لارتدى بدلة عسكرية إسرائيلية وعمل على "تحرير" الجندي الإسرائيلي المأسور جلعاد شاليط.
وفيما يلي نص المقابلة التي معه صحيفة هاآرتس العبرية، وننوه اننا في "الحقيقة الدولية" اذا ننشر هذه المقابلة نقلا عن الزميلة "الغد الاردنية، الانتباه الى مواضع "دس السم في الدسم" التي تعمدت نشرها الصحافة العبرية، وتوقيتها غداة اغتيال الشهيد محمود المبحوح.
"ليتني كنت الآن في غزة"، يقول مصعب حسن يوسف في مكالمة هاتفية من كاليفورنيا. "في الماضي جئت بمعلومات عن مكان سائق سيارة أجرة اختطف في رام الله وحررته الوحدة الخاصة في هيئة القيادة العامة". إنه يعلم اسم الوحدة بل إنه اشترى قميصا مع شعار "الوحدة الخاصة لهيئة القيادة العامة" بالإنجليزية. "لو كنت في غزة لارتديت بزة عسكرية وانضممت إلى القوات الإسرائيلية الخاصة لاطلاق جلعاد شاليط. لو كنت هناك لكنت أستطيع المساعدة. أضعنا سنين كثيرة في التحقيقات والاعتقالات كي نمسك بأولئك الإرهابيين الذين يريدون الآن اطلاقهم عوض شاليط. لا يجوز فعل ذلك".
يقول هذا الكلام ابن الشيخ حسن يوسف، من كبار قادة حماس في الضفة. مصعب، في الثانية والثلاثين، يصدر هذا الاسبوع في الولايات المتحدة كتابه "ابن حماس" عن دار سولت ريفر. وهو يسرد فيه لأول مرة قصة حياته الكاملة ويكشف فوق كل شيء هنا في صحيفة "هآرتس" وفي الكتاب السر الكبير الذي صحبه منذ 14 سنة.
التقيت مصعب يوسف آخر مرة في تموز (يوليو) العام 2008 في كاليفورنيا. وقص علي آنذاك التحول الذي جرى على حياته: في العام 1999 بدأ يقرأ المسيحية وبعد مضي بضع سنين غير دينه وأصبح مسيحيا. وقد نشر ملحق صحيفة "هآرتس" آنذاك هذا الخبر وحظي على الفور برد غاضب من حماس التي أنكرت الأمر. لكن المنظمة الاسلامية لم تتخيل آنذاك ان هذا طرف قصة أكثر دراماتيكية.
بعد مضي سنة ونصف استقر رأي مصعب يوسف على كشف الصورة الكاملة: فلمدة أكثر من عشر سنين عمل ابن رئيس حماس في الضفة عميلا للشاباك – لا لبواعث اقتصادية او مصلحية بل عن عقيدة خالصة.
نجح يوسف في هذه السنوات في إحباط عشرات العمليات الانتحارية، وكشف عن خلايا منتحرين ومخربين تشتمل على أولئك الذين خططوا لاغتيال مسؤولين كبار في إسرائيل مثل شمعون بيريز الذي كان وزير الخارجية آنذاك، والحاخام عوفاديا يوسف. واعتبر يوسف في الشاباك المصدر الأكثر ثقة وعظما الذي نجح جهاز الأمن العام في استخدامه في قيادة حماس وحظي بلقب "الأمير الأخضر": "الأمير" – لكونه ابن رئيس حماس في الضفة. و"الأخضر" – بسبب لون راية المنظمة الإسلامية.
في أشد فترات الانتفاضة الثانية، قاد مصعب يوسف إلى اعتقال كبار المطلوبين الذين تتوج أسماؤهم كل يوم عناوين الصحف، مثل إبراهيم حامد ومروان البرغوثي، بل إنه تسبب في اعتقال أبيه كي لا يغتاله الجيش الإسرائيلي.
قصته التي لا تصدق يكشف عنها شخص شاب ذكي يثور بشجاعة على الحركة التي نشأ فيها بقصد إنقاذ حياة الناس، بل إنه يقنع الشاباك باعتقال مطلوبين بدل اغتيالهم.
أراد إنقاذ حياة الناس!
يصعب على "الكابتن لؤي"، وهو المسؤول عن استخدام مصعب يوسف في الشاباك، أن يخفي تقديره لـ"مصدره". ويقول "يدين الكثير من الأشخاص بحياتهم له بل إنهم لا يعلمون بذلك". ويضيف "إن أشخاصا فعلوا أقل منه كثيرا حظوا بجائزة أمن إسرائيل. من المحقق أنه يستحق ذلك. عرفته مدة ست سنين، كمسؤول عن المنطقة. وأقول لك، إذا كان عندنا "س" مركز استخبارات في المنطقة، فبفضله أصبح عندنا في واقع الأمر س + 1. كان هو المركز الآخر. أتعلم، كان أفضل من أكثرنا من غير أن نهين أحدا".
ترك الكابتن لؤي جهاز الأمن العام. وهو اليوم ضابط أمن في وسط البلاد وطالب جامعي. لكن يلحظ عليه أنه يشتاق إلى تلك الأيام والليالي التي قضاها في مطاردة المطلوبين والمخربين المنتحرين. ويقول عن يوسف "الشيء المدهش أن كل نشاطه لم يكن من أجل المال. لقد قام بأشياء آمن بها. أراد أن ينقذ حياة الناس. ولم يكن فهمه الاستخباري أسوأ مما عندنا. الأفكار والإدراك. كان إدراكه يساوي عندي ألف ساعة تفكير لأفضل الخبراء.
"سأقص عليك قصة. ذات يوم تلقينا معلومة عن أن مخربا منتحرا يفترض أن يصل ميدان المنارة في مركز رام الله، كي يحملوه وينقلوا إليه حزاما ناسفا. لم نعرف صورته بالضبط أو اسمه، لكن عرفنا فقط أنه في العشرينيات من عمره، يلبس قميصا أحمر. أرسلنا "الأمير الاخضر" إلى الميدان وحدد الهدف بأحاسيسه الذكية في غضون دقائق. عرف من الذي نقله، وتابع السيارة وقادنا إلى اعتقال المنتحر والشخص الذي كان يجب أن يعطيه الحزام. وهذا إحباط لعملية أخرى لا يكاد أحد يذكرها. لا يفتح أحد زجاجات شمبانيا أو يندفع إلى الرقص والغناء. لقد أظهر شجاعة، وحواسا ذكية، وقدرة على مجابهة الخطر. علمنا أنه يعطي أقصى ما عنده في كل وضع، في المطر أو الثلج أو الصيف.
التعذيب والتجنيد
يتذكر مصعب يوسف جيدا اليوم الذي دخل فيه رجل شاباك زنزانته في المعتقل في المسكوبية، واقترح عليه أن يعمل من أجل إسرائيل، أو بعبارة أخرى أن يصبح متعاونا. كان حتى ذلك الاعتقال عضوا في خلية طلاب حماس في جامعة بيرزيت وكان مشاركا في رمي حجارة. زج به في السجن بعد أن اشترى سلاحا فقط في العام 1996. في حاجز قرب رام الله أوقف جنود سيارة السوبارو التي قادها وأمروه بإطفاء المحرك.
ويقول مصعب "أخرجوني من السيارة وقبل أن استطيع الدفاع عن نفسي رموني أرضا وضربوني بشدة". ويوضح أنه لم يخطط لأن يصبح متعاونا ولا قرر ذلك فجأة. "نقلت الى المعتقل، المسكوبية، وتعرضت إلى تعذيب غير سهل وضربوني مرة بعد أخرى في التحقيق، وقيدوا يدي بقوة. آنذاك أتى رجل الشاباك وعرض علي أن اعمل معه. لم أطلب مالا لأن وضعي المالي كان جيدا. فكرت في أن أقول له إنني موافق كي اصبح عميلا مزدوجا ولأنتقم من الشاباك ومن إسرائيل لاعتقالي وللأمور التي فعلوها بأبي. كانت خطتي أن أجمع معلومات عن الشاباك من الداخل وأن استعمل ذلك في مواجهة إسرائيل. علمت أن الحديث عن جهة ظلامية سيئة وعن أشخاص سيئين يقومون باشياء فظيعة كإرغامهم شخصا على أن يصبح متعاونا. لم أعلم آنذاك ما الذي يتحدث عنه وما هو الشاباك حقا. وبعد أن وافقت تركوني في السجن مدة 16 شهرا كي لا أخرج مبكرا جدا، لأن ذلك كان سيثير ارتيابا بأنني عميل للشاباك".
يقول إنه شهد في فترة سجنه أشياء فظيعة. "مكثت في السجن مع أعضاء حماس، ومع مسؤولين كبار في المنظمة استعملوا جهازا يسمى مجد – وهو جسم أمني داخلي في حماس يرمي إلى الكشف عن عملاء لإسرائيل. كانوا يعذبون السجناء، وأكثرهم من حماس، لأنهم شكوا في تعاونهم. كان عملي أن أسجل الاعترافات وشهادات المحقق معهم واعتمدوا علي لأنني كنت ابن الشيخ. هناك فقدت ثقتي بحماس. لقد قتلوا أشخاصا بلا سبب. في حين كان الجميع يحذرونني من الشاباك، رأيت لأول مرة في حياتي أعضاء حماس يعذبون رفاقهم وأبناء شعبهم بقسوة لا مثيل لها. لم تهمهم الحقيقة قط. كان يكفي أن يرتابوا بشخص ما حتى تنتهي قصته. لقد عذبوا بقسوة، وأحرقوا أجساد المحقق معهم، ووخزوهم بالأبر واطفأوا السجائر في أجسادهم.
"أقسمت لنفسي أنني عندما أتحرر لن أظل في حماس ولن أعمل مع إسرائيل ايضا. اطلقت من السجن في العام 1997 وأنشأ الشاباك صلة بي. استقر رأيي على قطع الصلة بيني وبينهم، وأردت أن أجابههم كي أفعل ذلك كما يجب. فاجأني أن اللقاء الأول كان وديا جدا ولذيذا. كنت في فضول لأعلم أكثر، لم تكن عندي خطط لقتل أحد أو للتجسس، كنت فضوليا ببساطة. وهكذا وافقت على لقاء مستخدمي، الكابتن لؤي، مرة ثانية وبعدها مرة بعد أخرى".
يقول إن ضابط الشاباك نجح في المرة الثانية في مفاجأته. "بين لي أنني إذا كنت أريد العمل مع الشاباك فعلي أن احترم عددا من القواعد. لا يجوز لك مصادقة نساء فاسدات وأن تسلك سلوكا غير أخلاقي، هذا ما قاله لي. لا تجامع نساء وتسلك سلوكا أزعر، أنت خاصة، ابن شيخ، يجب عليك أن تجد عملا وأن تسوي أمورك. ذات مرة، في منتصف لقاء مع الكابتن لؤي في القدس، أوقف اللقاء وسألني: هل صليت الظهر؟ كنت متفاجئا وقلت لا. فطلب مني أن اذهب لأتوضأ وأصلي الظهر ثم نكمل.
"كان من المهم لهم أن استمر على البقاء كما أنا، وألا أتغير، وأن أكون جديا. فهم يريدون أشخاصا محترمين يقدرهم مجتمعهم لا أولئك الذين لهم سمعة سيئة. وأصبحت أكثر فضولا وأردت ان أتعلم عنهم أكثر. عاد مستخدمي وقالوا لي كل مرة من جديد: عليك أن تحترم أباك وأمك وألا تسيء إلى أحد. لم يطلبوا حتى ذلك الحين معلومات عن أي شخص وأصبحت أكثر جدية في الصلة بهم. احترمني مستخدمي من جهتهم وعاملوني معاملة حسنة جدا بل ساعدوني في الدراسة. كنت مندهشا لسلوكهم. لم يريدوا العمل ضد الفلسطينيين اطلاقا بل ضد المتطرفين. نظرت إلى هؤلاء الناس الذين أردت في الماضي كثيرا أن أقتلهم وتبين لي أن كل ما علمته عنهم لم يكن صحيحا".
كانت تلك أيضا الفترة التي بدأ فيها يقترب من المسيحية وقرأ الانجيل. "أذكر أنني صادفت جملة "أحب أعداءك"، ما جعلني أفكر – هؤلاء أعدائي، الشاباك، والجنود الذين يحاولون فقط أداء عملهم. فكرت بيني وبين نفسي كيف تسلك حماس في وضع عكسي، هل كانوا يظهرون الرحمة لليهود؟ وفكرت في نفسي من الذي تهزأ به، أكانت حماس وفتح تسلكان مسلكا أكثر انسانية؟ ما عدت أستطيع تعريف من هو عدوي. صحيح، ارتكب الشاباك أخطاء وقتل أناسا غافلين لكن هدفه الرئيس وهدف إسرائيل كان الحفاظ على مبادئ دولة ديمقراطية. يوجد 1.2 مليون فلسطيني يعيشون في إسرائيل، داخل الخط الاخضر، ويتمتعون بحقوق وبنماء ورفاهة في إسرائيل أكثر مما في أي دولة عربية. ومع ذلك كله أخذ هؤلاء الجنود أبي أمام عيني، واطلقوا النار على اشخاص أمام عيني. وصدقني أنه لم يكن سهلا عليّ أن أعمل من أجل هؤلاء الأشخاص، كان هذا تحولا حقيقيا".