http://www.mgtrben.com/portal/attach...190d1282662997
تاريخ الغجر في بلاد العرب :
ان الغجرلم يساهموا في صنع التاريخ العربي كباقي الفئات والقوميات التي عاشت في الارض العربية لانهم قوم عابرون في المكان والتاريخ ، غير انهم سببو بعض المتاعب و القلاقل في بلاد العرب كعادتهم إينما حلو ، ففي حروب الردّة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدّ من بني قيس بن ثعلبة الحطم بن ضبيعة ومن اتبعه من بكر بن وائل ، واستمال إليه الزط والسبابجة في جنوب العراق ، واثناء وقعة الجمل برزت فرقة الزط والسبابجة كإحدى الفرق الموالية للإمام علي رضي الله عنه ، وكانت بقيادة دنور بن علي ، واستغلهم الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان فدعم بهم ثغور الشام البحرية لما عرفوا به من جلد وتمرّس في القتال البحري .
وفي البطيحة جنوب العراق يقف التاريخ مسجلاً للزط صفة غريبة حين ثاروا على الخليفة العباسي المامون عام 201 هـ وقطعوا الطرقات ونهبوا الغلال من الضواحي ، والاكثر غرابة ان احد قادة المامون كان زطياً وهو السري بن الحكم بن يوسف الزطي ، وقد دخل مصر مع الجند الخراسانيين المرافقين لليث بن الفضل عامل الرشيد عام 182هـ ، وحين نشبت الفتنة بين الامين والمامون تزعم الزطي الجند الخراسانية ودعا للمامون واستولى على غرب الدلتا وصعيد مصر ، وبعد موت السري خلفه ابن ابو نصر محمد الذي مات عام 206هـ واعقبه اخوه عبيدالله بن السري فاستولى على مصر كلها بعد حروب دامية، ولما اراد المامون ان يقره واليا اعلن العصيان واستقل بملكه، وفي سنة 221 هـ، وجه المامون عبدالله بن طاهر إلى مصر فهزم الزطي الذي طلب الامان ثم رحل إلى العراق ليقضي نحبه في سامراء عام 251 هـ.
ثورة الزط عام 205هـ :
لما تعاظمت ثورة الزط عام 205هـ وتحكموا في منطقة جنوب العراق بكاملها ،
اضطر الخليفة المامون لتوجيه جيوش لحرب الزط بعد ان قطعوا الطريق بين وسط العراق وجنوبه ،
وقد اثرت ثورة الزط في هيبة الخليفة وهيبة الدولة بشكل كبير بسبب عجزها عن إخماد الثورة رغم قدرتها على إخضاع العديد من الثورات، وتوفي الخليفة المامون وفي قلبه حسرة ، وجاء المعتصم وهو قائد عسكري ،
فتفرّغ لإنهاء مشكلات الدولة العسكرية الداخلية منها والخارجية ، وكان الزط في مقدمة اهتماماته.
ومع مجيء سنة 219هـ ارسل المعتصم احد اشهر قواد الدولة وهو عجيف بن عنبسة لحربهم
وكان القائد المناسب في الوقت المناسب لذلك حيث جمع كل اخبارهم واماكن تحرّكاتهم وعرف الكثير عن قواتهم
ثم عمل على سد نهري بردودا والعروس حتى انقطع ماؤهما وسد كل الانهار المتفرعة عنهما
حتى جفّت مياههما بعد ان عرف كيف يتجمع الزط حولهما ، ثم هاجم مواضع الزط فاسر منهم من اسر
وقتل الكثيرين ولم يتوقف، ثم تابع عجيف حصاره لمناطق الزط ومهاجمة مواقعهم حتى ظفر بهم.
واستسلم الزط فنقلهم عجيف من مناطقهم بزوارق إلى بغداد وعددهم اثنا عشر الف مقاتل وخمس عشرة الف
امراة وطفل ، وكانت الزوارق تمر بموكب لثلاثة ايام وهم ينفخون بابواقهم ،
ومن بغداد نقلوهم إلى مواجهة الروم امام بوابات الاناضول، ولكن حين هاجم الروم الدولة العباسية عام 241هـ، استاقوا الزط قاطبة مع ممتلكاتهم إلى داخل بلاد الروم،
لم يفلت منهم احد لتبدا رحلة الشتات الكبرى للزط في اوربا ،
فبعد وصول الزط إلى القسطنطينية وإقامتهم حولها ، تحرّكوا غرباً متفرّقين إلى جماعات قليلة العدد
ودخلوا اوربا كرحّالة مسالمين ، ولم يرحل كل الزط من العراق بل بقي قلة ومنهم رجلا يدعى
ابا حاتم الزطي خرج عام 295هـ من زط السواد (جنوب العراق) والتحق ببقايا القرامطة
بعد هزيمتهم وتزعمهم ، ويحكى انه حرّم عليهم الثوم والبصل والفجل والكراث ، كما حرّم عليهم إراقة دماء الحيوانات،
الغجر في عهد الدولة العثمانية :
عرف الغجر في ظل الدولة العثمانية الحياة الحرة غير ان السلطان سليم في عام 1530م اصدر فرماناً يضبط فيه بقاء الغجر في عدد محدد من مقاطعات الإمبراطورية، واعفى ابنه السلطان سليم الثاني الغجر العاملين في مناجم البوسنة من الضرائب، ولكن مع تراجع موارد الدولة العثمانية في اواخر القرن السابع عشر ازدادت الضرائب عليهم حتى اثقلتهم ، إلا ان حياتهم بقيت في ترحال مستمر وتعددت اعمالهم وتحوّلت من الصناعات التعدينية إلى صناعة المكانس وتنظيف مداخن المنازل ، كما عملوا موسيقيين وراقصين ومدربي دببة وحدّادين . وفي البلاد العربية اعفاهم العثمانيون من الضرائب والتجنيد ، وعاشوا كما يشاءون يمارس بعضهم التسوّل ويحتالون على الناس بالتنجيم والشعوذة ويقيمون الحفلات الساهرة في بلادهم ، ويصنعون الطبول والغرابيل ، ويصنعون الخناجر والمقصات ويعالجون الاسنان . وقد تاثر بحياتهم بعض الشعراء، وابرزهم الشاعر الاردني مصطفى وهبي التل المعروف بعرار وهو اشهر مَن وصف حياة النَّوَر وخاصة بعدما اغرم بسلمى الراقصة الغجرية الممشوقة القد والقوام حتى قال:
ليت الوقوف بوادي السير إجباري وليت جارك يا وادي الشتا جاري
ولا ابالي إذا لاحت مضاربهم مقالة السوء في تاويل مشواري
بين الخرابيش لا عبد ولا امة ولا ارقاء في ازياء احرارِ
الكل زط مساواة محققة تنفي الفوارق بين الجار والجار
وقد تعدد الشعراء الذين مدحوا النَّور لكنهم لم يصرّحوا باسمائهم خجلاً او خشية الاضطهادات رغم مسالمتهم الدائمة في كل رحلاتهم.
الغجر في فلسطين :
الغجر كانوا يمرون في ارض الجولان ومنها إلى فلسطين، وقد كانوا يجوبون المدن الفلسطينية حتى استقر عدد كبير منهم في نابلس ، القدس وغزة. وبعد نكبة عام 1948 تهجّر الغجر كباقي ابناء الشعب الفلسطيني ، واستقر معظمهم في الاردن وتحديدًا في ضواحي عمان ، والقسم الآخر اتجه نحو مخيم جباليا في غزة. ولا يزال عدد من الغجر يعيشون حتى الآن في ضواحي القدس وفي مدينة نابلس ، ويمكن تمييزهم من خلال ملامحهم الخاصة التي لا تشبه العرب.
الغجر في الاردن :
للغجر في الاردن وجهة نظر اخرى فهم يعتقدون ان اصولهم تعود إلى بني مره ، وانهم عرب اقحاح وينكرون اصلهم الهندي ، ويستندون في هذه الرواية إلى "حرب البسوس" وإلى "سيرة الزير سالم" الذي انتقم من بني مرة وامر بتشتيتهم في الارض وحكم عليهم ان لا يركبوا الخيل وان لا يذوقوا طعم الراحة والامن والاستقرار، فهربوا ناجين بارواحهم ، وهاموا في صحاري الجزيرة العربية.
يتبع