لديها من الصبر ما يكفي لتنتشي بهزة أرضية،
المعلقة في سوق الحميدية ما يكفي للاحتفال بخمسين دكتاتور.
لديها من الحبال ما يكفي لنشر الغسيل الوسخ للعالم أجمع،
يكفي سكان آسيا ليحتسوا قهوتها ويدخنوا سجائرهم على مهل.
لديها من القبل ما يكفي كل حرمان المجذومين،
لديها من النهايات ما يكفي ثمانين ألف رواية،
ومن الأجنة ما يكفي لتشغيل
لديها شعراء بعدد شرطة السير،
وقصائد بعدد مخالفات التموين،
ألوان الطيف وما فوق وتحت البنفسجي والأحمر.
لا فضول لدمشق،
لا تريد أن تعرف ولا أن تسرع الخطى،
وهي تنتظرهم هناك إلى حيث سيصلون.
دمشق هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تقبل القسمة على اثنين في
أرقى أحيائها تسمع وجع "الطبالة"، وفي ظلمة "حجرها الأسود" يتسلق كشاشي
الحمام كتف قاسيون ليصطادوا حمامة شاردة من "المهاجرين".
دمشق لا تُقسم إلى محورين،
فليست كبيروت غربية وشرقية،
ولا كما باريس ديغول وفيشي
ولا كمدن الخليج العربي مواطنين ووافدين
ولا كبغداد منطقة خضراء وأخرى بلون الدم ....
دمشق مكان واحد فإذا طرقت باب توما ستنفتح نافذة لك من باب الجابية وإذا
أقفل باب مصلى فلديك مفاتيح باب السريجة
وإن أضعت طريق الجامع الأموي ،
ستدلك عليه " كنيسة السيدة "
ولا تحتار فهي تسخر من كل من يدعي أنه يحميها
تود أن تدخلها فاتحاً أم سائحاً،
متذكراً كل شيء دفعة واحدة.
فتخرج سيجارة حمرا طويلة تشعلها بخمسة أعواد كبريت ماركة" الفرس"، وتقول
جملة واحدة للجميع
(إنها دمشق )