واختلفوأ فيما تحت الأرض فزعم بعض القدماء أن الأرض يحيط بها الماء والماء يحيط به الهواء والهواء يحيط به النار والنار تحيط بها السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة إلى السابعة ثم يحيط بها فلك الكواكب الثابتة ثم فوق ذلك الفلك الأعظم المستقيم ثم فوقه عالم النفس وفوق عالم النفس عالم العقل وفوق عالم العقل الباري جلت عظمته ليسى وراءه شيء فعلى هذا الترتيب أن السماء تحت الأرض كما هي فوقها، وفي أخبار قصاص المسلمين أشياء عجيبة تضيق بها صدور العقلاء أنا أحكي بعضها غير معتقد لصحتها. رووا أن الله تعالى خلق الأرض تكفأ كما تكفأ السفينمة فبعث الله ملكا حتى دخل تحت الأرض فوضع الصخرة على عاتقه ثم أخرج يديه إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب ثم قبض على الأرضين السبع فضبطها فاستقرت ولم يكن لقدمه قرار فأهبط الله ثورا من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة فجعل قرار قدمي الملك على سنامه فلم تصل قدماه إليه بعث الله ياقوتة خضراء من الجنة مسيرها كذا ألف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدماه وقرون الثور خارجة من أقطار الأرض مشبكة تحت العرش ومنخر الثور في ثقبين من تلك الصخرة تحت البحر فهو يتنفس كل يوم نفسين فإذا تنفس مد البحر وإذا رده جزر ولم يكن لقوائم الثور قرار فخلق الله تعالى كمكما كغلظ سبع سموات وسبع أرضين فاستقرت عليها قوائم الثور ثم لم يكن للكمكم مستقر فخلق الله تعالى حوتا يقال له بلهوت فوضع الكمكم على وبر ذلك الحوت والوبر الجناح الذي يكون في وسط ظهر السمكة وذلك الحوت على ظهر الريح العقيم وهو مزموم بسلسلة كغلظ السموات والأرضين معقودة بالعرش. قالوا: إن إبليس انتهى إلى ذلك الحوت فقال له إن الله لم يخلق خلقا أعظم منك فلم لا تزلزل الدنيا فهم بشيء من ذلك فسلط الله عليه بقة في عينيه فشغلته. وزعم بعضهم أن الله سلط عليه سمكة كالشطبة فهو مشغول بالنظر إليها ويهابها. قالوا وأنبت الله تعالى من تلك الياقوتة التي على سنام الثور جبل قاف فأحاط بالدنيا فهو من ياقوتة خضراء فيقاد والله أعلم أن خضرة السماء منه ويقال إن بينه ويين السماء قامة رجل وله رأس ووجه ولسان وأنبت الله تعالى من قاف الجبال وجعلها أوتادا للأرض كالعروق للشجر فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل بلدا أوحى الله إلى ذلك الملك أن زلزل ببلد كذا فيحرك عرقا مما تحت ذلك البلد فيتزلزل وإذا أراد أن يخسف ببلد أوحى الله إليه أن أقلب العرق الذي تحته فيقلبه فيخسف البلد. وزعم وهب بن منبه أن الثور والحوت يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فإذا امتلأت أجوافهما قامت القيامة. وقال آخرون: إن الأرض على الماء والماء على الصخرة والصخرة على سنام الثور والثور على كمكم من الرمل متلبد والكمكم على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم والريح على حجاب من الظلمة والظلمة على الثرى وإلى الئرى ينتهي علم الخلائق ولا يعلم ما وراء ذلك إلا الله قال الله تعالى: له ما في السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى طه: 6.
قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف الكتاب قد كتبنا قليلا من كثير مما حكي من هذا الباب وههنا اختلاف وتخليط لا يقف عند حد غير ما ذكرنا لا يكاد ذو تحصيل يسكن إليه ولا ذو رأي يعول عليه وإنما هي أشياء تكلم بها القصاص للتهويل على العامة على حسب عقولهم لا مستند لها من عقل ولا نقل وليس في هذا ما يعتمد عليه إلا خبر رواه أبو هريرة عن النبي
http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png وهو ما أخبرنا به حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة أبو علي المكبر البغداي إذ قال أخبرنا أبو الق اسم هبة الله بن الحصين قال حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب قال حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قراءة عليه فاقرأ به في سنة ست وستين وثلاثمائة قاك حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل
http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png قال حدثنا أبي حدثنا شريح حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال بينما نحن عند رسول الله
http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png إذا مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه فوقكم قلنا الله ورسوله أعلم. قال هذه العنان وروايا الأرض يسوقه إلى من لا يشكره من عباده ولا يدعونه ربا أتدرون ما هذه فوقكم قلنا الله ورسوله أعلم قال الرقيع موج مكفوف وسقف محفوظ أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمانة عام ثم قال أتدرون الذي فوقها قلنا الله ورسوله أعلم قال سماء أخرى أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات ثم قال أتدرون ما فوق ذلك قلنا الله ورسوله أعلم قال العرشى ثم قال أتدرون كم بينه وبين السماء السابعة قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام ثم قال أتدرون ما هذه تحتكم قلنا الله ورسوله أعلم قال الأرض أتدرون ما تحتها قلنا الله ورسوله أعلم قال أرض أخرى أتدررن كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة سبعمائة عام حتى عد سبع أرضين ثم قال وأيم الله لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط بكم على الله ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم الحديد: 3، قلت وهذا حديث صحيح أخرجه أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي عن عبد بن حميد عن يونس عن شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن الحسن البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه وفي لفظ الخبر اختلاف والمعنى واحد انتهى.
الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها
نبدأ أولا فنورد عنهم قولا مجملا يكون عمادا وبيانا لما نأتي به بعد وهو أشد ما سمعت في معناه وألخصه قالوا جميع مسافة دوران الأرض بالقياس المصطلح عليه مائة ألف ألف وستمائة ألف ميل كل ميل أربعة آلاف ذراع الذراع أريعة وعشرون إصبعا كل ثلاثة أميال منها فرسخ والأرض التي هي المساحة مقدار دورها ثلاثة أرباع مغمورة بالماء والربع الباقي مكشوف والمعمورة هي المسكون من هذا الربع المكشوف ثلثه وثبت عشره والباقي خراب وهذا المقدار من الربع المسكون مساحته ثلاثة وثلاثون ألف ألف ومائة وخمسون ألف ميل وهذا العمرن، هو مابين خط الاستواء إلى القطب الشمالي وينقسم إلى سبعة أقاليم واختلفوا في كيفيتها على ما نبينه واختلف قوم في هذه الأقاليم السبعة أفي شمالي الأرض وجنوبيها أم في الشمال دون الجنوب فذهب هرص إلى أن في الجنولب سبعة أقاليم كما في الشمال. قالوا: وهذا لا يعول عليه لعدم البرهان وذهب الاكثرون إلى أن الأقاليم السبعة في الشمال دون الجنوب لكثرة العمارة في الشمال وقلتها في الجنوب لذلك قسموها في الشمال دون الجنوب. ا وأما اشتقاق الأقاليم فذهبو إلى أنها كلمة عربية وأحدها إقليم وجمعها أقاليم مثل إخريط وأخاريط وهو نبت فكأنه أنما سمي إقليما لأنه مقلوم من الأرض التي تتاخمه أي مقطوع والقلم في أصل اللغة القطع. ومنه قلمت ظفر وبه سمي القلم لأنه مقلوم أي مقطوع مرة بعد مرة وكلما قطعت شيئا بعد شيء فقد قلمته. وقال محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني الإقليم على ما ذكر أبو الفضل الهروي في المدخل الصاحبي هو الميل فكأنهم يريدون به المساكن المائلة عن معدل النهار. قال وأما على ما ذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني وهو صاحب لغة ومعني بها فهو الرصتاق بلغة الجرامقة سكان الشام والجزيرة يقسمون بها المملكة كما يقسم أهل اليمن بالمخاليف وغيرهم بالكوثر والطساسيج وأمثالها. قال وعلى ما ذكر أبو حاتم الرازي في كتاب الزينة هو النصيب مشتق من القلم بإفعيل إذ كانت مقاسمة الانصباء بالمساهمة بالأقلام مكتوب عليها أسماء السهام كما قال الله تعالى: إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم أل عمران: 44. وقال حمزة الآصبهاني الأرض مستديرة الشكل المسكون منها دون الربع وهذا الربع ينقسم قسمين برا وبحرا ثم ينقسم هذا الربع سبعة أقسام يسمى كل قسم منها بلغة الفرس كشخر وقد استعارت العرب من السريانيين الكشخر إسما وهو الاقليم والاقليم اسم للرستاق فهذا في اشتقاق الاقليم ومعناه كاف شاف إن شاء الله تعالى. ثم للأمم في هيئة الأقاليم وصفاتها اصطلاحات أربع
الأول: اصطلاح العامة وجمهور الأمة وهو الجاري على ألسنة الناس دائما وهو أن يسموا كل ناحية مشتملة على عدة مدن وقرى إقليما نحو الصين وخراسان والعراق والشام ومصر وإفريقية ونحو ذلك فالأقاليم على هذا كثيرة لا تحصى.
الاصطلاح الثاني: لأهل الأندلس خاصة فإنهم يسمون كل قرية كبيرة جامعة إقليما وربما لا يعرف هذا الاصطلاح إلا خواصهم وهذا قريب مما قدمنا حكايته عن حمزة الأصفهاني فإذا قال الأندلسي أنا من إقليم كذا إنما يعني بلدة أو رستاقا بعينه.
الاصطلاح الثالث: للفرس قديما وكثر ما يعتمد عليه الكتاب. قال أبو الريحان: قسم الفرس الممالك المطيفة بإيرانشهر في سبع كشورات وخطوا حول كل مملكة دائرة وسموها كشورا وكشخرا اشتقاقهما على ما قيل من كنشه وهو اسم الخط في لغتهم ومعلوم أن الدوائر المتساوية لا تحيط بواحدة منها متماسة إلا إذا كانت سبعا تحيط ست منها بواحدة فقسموا إيرانشهر إلى كشورات ست والمعمورة بأسرها إلى سبع والأصل في هذه القسمة أخبر به زرادشت صاحب ملتهم من حال الأرض وإنها مقسومة بسبعة أقسام كهيئة ما ذكرنا أوسطها هنيرة وهوالذي نحن فيه ويحيط بها ستة. قال أبو الريحان: وأما الحقيقة لم جعلوها سبعا فما أجدني واجده بالطريق البرهاني فإن الكافة لم يتنازعوا إلا إلى عدد الكواكب السيارة مستدلين عليه بأيام الأسبوع التي لا يختلف فيها ولا في المبدأ الموضوع لها من يوم الأحد مختلفوا الأمم. وصورة الكشورات الداخلة في كشخر هنيرة على ما نقلته من كتاب أبي الريحان وخط يده الصورة الثالثة التالية ص: 33. قال أبو الريحان: وبهذه القسمة قال هرمس ما أسند إليه محمد بن إبراهيم الفزاري في زيجه إن كان هرمس من القدماء فكأنه لم يستعمل في زمانه غيرها وإلا فالأمور الرياضية النجومية بهرمس أولى. قال وزاد الفزاري إن كل كشور سبعمائة فرسخ في مثلها، قرأت في غير كتاب أبي الريحان أن كل إقليم من هذه السبعة التي قدمنا وصفها طول أرضه سبعمائة فرسخ إلا السابع فإنه مائتان وعثرون فرسخا والله أعلم.