(ج) الحالة الاجتماعية
- فرضت الدولة الضرائب الباهظة على كل السكان البلاد، وكان أكثرها وأثقلها على الفقراء دون الأغنياء.
- كان المجتمع الروماني ينقسم إلى أحرار وهم السادة، وعبيد وهم ثلاثة أضعاف الأحرار من حيث العدد، ولا يتمتعون بأية حقوق بل مصيرهم في أيدي سادتهم، كما أنهم ليس لهم أي احترام وسط المجتمع، لدرجة أن الفيلسوف (أفلاطون) صاحب فكرة المدينة الفاضلة (يوتوبيا) كان يرى أنه يجب ألا يعطى العبيد حق المواطنة.
الحضارة الفارسية قبل الإسلام
كان الوضع في تلك الدولة يمثل مأساة حضارية بكل المقاييس في كل الجوانب الأخلاقيّة، والاجتماعيّة، والدينيّة على السواء
(أ) الحالة الأخلاقيّة
- انتشر الانحلال الأخلاقي، حتى سقط الفرس في مستنقع زواج المحارم فـ (كسرى يزدجرد الثاني) كان متزوجًا من ابنته ثمّ قتلها، وتزوج (بهرام جوبين) بأخته، ومنهم من تزوج أمه، ولم يكن هذا الداء منتشرًا في الأمم في ذلك العصر، بل كان مستقبحًا، وكانت كل المجتمعات تستنكر على الفرس نكاحهم المحارم.
- في عهد (قباذ) ظهر رجل يذكر في الفلاسفة، بينما هو في الواقع مصيبة وكارثة ضربت الفرس في مقتل، فقد قال: إنّ الناس سواسية في كل شيء. وهذه الكلمة ظاهرها طيب، ولكنّ باطنها خبيث، فهو لم يدعُ إلى المساواة في الحقوق والواجبات، والمعاملات والاحترام، بل دعا إلى اشتراك الناس في المال والنساء، أي هم متساوون في ملكية هذين الشيئين، فهي في حقيقتها دعوة شيوعية خبيثة.
فأصبح الرجل القويُّ يدخل على الرجل الضعيف بيته، فيغلبه على ماله وزوجته، والضعيف لا يستطيع أن يعترض، فقد صارت الشيوعية دينًا لهم، وليس هناك احترام للملكية الخاصة، فامتنع الناس عن العمل، لعدم استفادتهم بما يكسبونه من أجر، وعمّت السرقات التي صارت الطريق الأسهل للحصول على المال، وباركها (كسرى قباذ) الذي كان يرى ذلك دينًا، وفسد الناس كلهم أجمعون.
قارن هذا الموقف بموقف رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي يقول: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".
(ب) الحالة الاجتماعية
- تقديس الأكاسرة: فقد كانوا يعتقدون أن الأكاسرة تجري بعروقهم دماء إلهية، وأنهم فوق البشر، وفوق القانون، فكانوا يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له.
- كانوا يقفون أمام كسرى حسب طبقاتهم، فأقرب الناس إليه هم طبقة الكهَّان، والأمراء والوزراء، وهؤلاء يقفون على مسافة خمسة أمتارٍ منه، ومن هم أقل منهم فكانوا يقفون على مسافة عشرة أمتار من كسرى.
- كانوا يضعون على أفواههم غلالة من القماش الأبيض الرقيق إذا دخلوا على كسرى حتى لا يلوثوا الحضرة الملكية بأنفاسهم.
يفعلون ذلك بينما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا استقبله رجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم يُرَ مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له (أي يتواضع لجليسه فلا يمد رجله أمامه). روى ذلك الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه.
- كانت مكانة الإنسان في المجتمع الفارسي تخضع لنظام شديد الطبقية، وفيه مهانة كبيرة للإنسانية فكان المجتمع مقسمًا إلى سبع طبقات:
* طبقة الأكاسرة: وهي أعلى الطبقات وأرقاها.
* طبقة الأشراف: وهي سبع عائلات لا يتخطاها الشرف إلى غيرها.
* طبقة رجال الدين.
* طبقة قوّاد الجيش ورجال الحرب.
* طبقة المثقفين: من الكُتّاب والأطباء والشعراء (لذا ليس مستغربًا أن يعمَّ الجهل، وتنتشر الخرافات في المجتمع، طالما أن أهل العلم في المؤخرة).
* طبقة الدهاقين: وهم رؤساء القرى، وجامعو الضرائب.
* عامة الشعب: وهم أكثر من 90% من مجموع سكان فارس من العمال والفلاحين، والتجار والجنود والعبيد، وهؤلاء ليس لهم حقوق بالمرة، لدرجة أنهم كانوا يربطون في المعارك بالسلاسل؛ ففي موقعة (الأُبلَّة) أولى المواقع الإسلامية في فارس بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه ، كان الفُرس يربطون ستين ألفًا من الجنود بالسلاسل كي لا يهربوا، كل سلسلة تضم عشرة جنود، كيف يستطيع هؤلاء في سلاسلهم أن يحاربوا قومًا وصفهم خالد بن الوليد رضي الله عنه في رسالته إلى زعيم الأبلة بقوله: "جئتكم برجال يحبون الموت، كما تحبون أنتم الحياة".