ثم قال: قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا فأخبر سبحانه أن العبد لا يعصمه أحد من الله إن أراد به سوءا غير الموت الذي فر منه فإنه فر من الموت لما كان يسوءه فأخبر الله سبحانه أنه لو أراد به سوءا غيره لم يعصمه أحد من الله وأنه قد يفر مما يسوءه من القتل في سبيل الله فيقع فيما يسوءه مما هو أعظم منه وإذا كان هذا في مصيبة النفس فالأمر هكذا في مصيبة المال والعرض والبدن فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمته سلبه الله إياه أو قيض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنيا ولا أخرى بل فيما يعود عليه بمضرته عاجلا وآجلا وإن حبسه وادخره منعه التمتع به ونقله إلى غيره فيكون له مهنؤه وعلى مخلفه وزره وكذلك من رفه بدنه وعرضه وآثر راحته على التعب لله وفي سبيله أتعبه الله سبحانه أضعاف ذلك في غير سبيله ومرضاته وهذا أمر يعرفه الناس بالتجارب
قال أبو حازم: لما يلقى الذي لا يتقي الله من معالجة الخلق أعظم مما يلقى الذي يتقى الله من معالجة التقوى
واعتبر ذلك بحال إبليس فإنه امتنع من السجود لأدم فرارا أن يخضع له ويذل وطلب إعزاز نفسه فصيره الله أذل الأذلين وجعله خادما لأهل الفسوق والفجور من ذريته فلم يرض بالسجود له ورضى أن يخدم هو وبنوه فساق ذريته
وكذلك عباد الأصنام أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر وأن يعبدوا إلها واحدا سبحانه ورضوا أن يعبدوا آلهة من الأحجار
وكذلك كل من امتنع أن يذل لله أو يبذل ماله في مرضاته أو يتعب نفسه وبدنه في طاعته لابد أن يذل لمن لا يسوى ويبذل له ماله ويتعب نفسه وبدنه في طاعته ومرضاته عقوبة له كما قال بعض السلف من امتنع أن يمشي مع أخيه خطوات في حاجته أمشاه الله تعالى أكثر منها في غير طاعته
فصل
في خاتمة لهذا الباب هي الغاية المطلوبة وجميع ما تقدم كالوسيلة إليها وهي: أن محبة الله سبحانه والأنس به والشوق إلى لقائه والرضى به وعنه: أصل الدين وأصل أعماله وإراداته كما أن معرفته والعلم بأسمائه وصفاته وأفعاله أجل علوم الدين كلها فمعرفته أجل المعارف وإرادة وجهه أجل المقاصد وعبادته أشرف الأعمال والثناء عليه بأسمائه وصفاته ومدحه وتمجيده أشرف الأقوال وذلك أساس الحنيفية ملة إبراهيم
وقد قال تعالى لرسوله: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين
وكان النبي
http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png يوصي أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا: أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين
وذلك هو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله وعليها قام دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء والمرسلين وليس لله دين سواه ولا يقبل من أحد دينا غيره: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
فمحبته تعالى بل كونه أحب إلى العبد من كل ما سواه على الإطلاق من أعظم واجبات الدين وأكبر أصوله وأجل قواعده ومن أحب معه مخلوقا مثل ما يحبه فهو من الشرك الذي لا يغفر لصاحبه ولا يقبل معه عمل قال تعالى: ومن الناس من يتخد من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله وإذا كان العبد لا يكون من أهل الإيمان حتى يكون عبد الله ورسوله أحب إليه من نفسه وأهله وولده ووالده والناس أجمعين ومحبته تبع لمحبة الله فما الظن بمحبته سبحانه وهو سبحانه لم يخلق الجن والإنس إلا لعبادته التي تتضمن كمال محبته وكمال تعظيمه والذل له ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه وعلى ذلك وضع الثواب والعقاب وأسست الجنة والنار وانقسم الناس إلى شقي وسعيد وكما أنه سبحانه ليس كثله شيء فليس كمحبته وإجلاله وخوفه محبة وإجلال ومخافة
فالمخلوق كلما خفته استوحشت منه وهربت منه والله سبحانه كلما خفته أنست به وفررت إليه والمخلوق يخاف ظلمه وعدوانه والرب سبحانه إنما يخاف عدله وقسطه
وكذلك المحبة فإن محبة المخلوق إذا لم تكن لله فهي عذاب للمحب ووبال عليه
وما يحصل له بها من التألم أعظم مما يحصل له من اللذة وكلما كانت أبعد عن الله كان ألمها وعذابها أعظم
هذا إلى ما في محبته من الإعراض عنك والتجني عليك وعدم الوفاء لك إما لمزاحمة غيرك من المحبين له وإما لكراهته ومعاداته لك وإما لاشتغاله عنك بمصالحه وما هو أحب إليه * منك وإما لغير ذلك من الآفات
وأما محبة الرب سبحانه فشأنها غير هذا الشأن فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها وفاطرها فهو إلهها ومعبودها ووليها ومولاها وربها ومدبرها ورازقها ومميتها ومحييها فمحبته نعيم النفوس وحياة الأرواح وسرور النفوس وقوت القلوب ونور العقول وقرة العيون وعمارة الباطن فليس عند القلوب السليمة والأرواح الطيبة والعقول الزاكية أحلى ولا ألذ ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من حبته والأنس به والشوق إلى لقائه والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه بذلك فوق كل حلاوة والنعيم الذي يحصل له بذلك أتم من كل نعيم واللذة التي تناله أعلى من كل لذة كما أخبر بعض الواجدين عن حاله بقوله: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب
وقال آخر: إنه ليمر بالقلب أوقات يهتز فيها طربا بأنسه بالله وحبه له
وقال آخر: مساكين أهل الغفلة خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها
وقال آخر: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ووجدان هذه الأمور وذوقها هو بحسب قوة المحبة وضعفها وبحسب ادراك جمال المحبوب والقرب منه وكلما كانت المحبة أكمل وإدراك المحبوب أتم والقرب منه أوفر كانت الحلاوة واللذة والسرور والنعيم أقوى
فمن كان بالله سبحانه وأسمائه وصفاته أعرف وفيه أرغب وله أحب وإليه أقرب وجد من هذه الحلاوة في قلبه مالا يمكن التعبير عنه ولا يعرف إلا بالذوق والوجد ومتى ذاق القلب ذلك لم يمكنه أن يقدم عليه حبا لغيره ولا أنسا به وكلما ازداد له حبا ازداد له عبودية وذلا وخضوعا ورقا له وحرية عن رق غيره
فالقلب لا يفلح ولا يصلح ولا يتنعم ولا يبتهج ولا يلتذ ولا يطمئن ولا يسكن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه ولو حصل له جميع ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن إليها ولم يسكن إليها بل لا تزيده إلا فاقة وقلقا حتى يظفر بما خلق له وهيء له: من كون الله وحده نهاية مراده وغاية مطالبه فإن فيه فقرا ذاتيا إلى ربه وإلهه من حيث هو معبوده ومحبوبه وإلهه ومطلوبه كما أن فيه فقرا ذاتيا إليه من حيث هو ربه وخالقه ورازقه ومدبره وكلما تمكنت محبة الله من القلب وقويت فيه أخرجت منه تألهه لما سواه وعبوديته له
فأصبح حرا عزة وصيانة... على وجهه أنواره وضياؤه
وما من مؤمن إلا وفي قلبه محبة لله تعالى وطمأنينة بذكره وتنعم بمعرفته ولذة وسرور بذكره وشوق إلى لقائه وأنس بقربه وإن لم يحس به لاشتغال قلبه بغيره وانصرافه إلى ما هو مشغول به فوجود الشيء غير الإحساس والشعور به
وقوة ذلك وضعفه وزيادته ونقصانه: هو بحسب قوة الإيمان وضعفه وزيادته ونقصانه ومتى لم يكن الله وحده غاية مراد العبد ونهاية مقصوده وهو المحبوب المراد له بالذات والقصد الأول وكل ما سواه فإنما يحبه ويريده ويطلبه تبعا لأجله لم يكن قد حقق شهادة أن لا إله إلا الله وكان فيه من النقص والعيب والشرك بقدره وله من موجبات ذلك من الألم والحسرة والعذاب بحسب ما فاته من ذلك ولو سعى في هذا المطلوب بكل طريق واستفتح من كل باب ولم يكن مستعينا بالله متوكلا عليه مفتقرا إليه في حصوله متيقنا أنه إنما يحصل بتوفيقه ومشيئته وإعانته لا طريق له سوى ذلك بوجه من الوجوه لم يحصل له مطلوبه فإنه ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن فلا يوصل إليه سواه ولا يدل عليه سواه ولا يعبد إلا بإعانته ولا يطاع إلا بمشيئته لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين
وإذا عرف هذا فالعبد في حال معصيته واشتغاله عنه بشهوته ولذته تكون تلك اللذة والحلاوة الإيمانية قد استترت عنه وتوارت أو نقصت أو ذهبت فإنها لو كانت موجودة كاملة لما قدم عليها لذة وشهوة لا نسبة بينها وبينها بوجه ما بل هي أدنى من حبة خردل بالنسبة إلى الدنيا وما فيها ولهذا قال النبي
http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فإن ذوق حقيقة الإيمان ومباشرته لقلبه يمنعه من أن يؤثر عليه ذلك القدر الخسيس وينهاه عما يشعثه وينقصه ولهذا تجد العبد إذا كان مخلصا لله منيبا إليه مطمئنا بذكره مشتاق قلبه إلى لقائه منصرفا عن هذه المحرمات لا يلتفت إليها ولا يعول عليها ويرى استبداله بها عما هو فيه كاستبداله البعر الخسيس بالجوهر النفيس وبيعه الذهب بأعقاب الجزر وبيعه المسك بالرجيع
ولا ريب أن في النفوس البشرية من هو بهذه المثابة إنما يصبو إلى ما يناسبه ويميل إلى ما يشاكله ينفر من المطالب العالية واللذات الكاملة كما ينفر الجعل من رائحة الورد وشاهدنا من يمسك بأنفه عند وجود رائحة المسك ويتكره بها لما يناله بها من المضرة
فمن خلق للعمل في الدباغة لا يجىء منه العمل في صناعة الطيب ولا يليق ولا يتأتى منه والنفس لا تترك محبوبا إلا لمحبوب هو أحب إليها منه أو للخوف من مكروه هو أشق عليها من فوات ذلك المحبوب
فالذنب يعدم لعدم المقتضى له تارة ولاشتغال القلب بما هو أحب إليه منه ولوجود المانع تارة ومن خوف فوات محبوب هو أحب إليه منه تارة
فالأول: حال من حصل له من ذوق حلاوة الإيمان وحقائقه والتنعم به ما عوض قلبه عن ميله إلى الذنوب
والثاني: حال من عنده داع وارادة لها وعنده إيمان وتصديق بوعد الله تعالى ووعيده فهو يخاف إن واقعها أن يقع فيما هو أكره إليه وأشق عليه فالأول: للنفوس المطمئنة إلى ربها والثاني: لأهل الجهاد والصبر وهاتان النفسان هما المخصوصتان بالسعادة والفلاح قال الله تعالى في النفس الأولى: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي
وقال في الثانية: ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم
فالنفوس ثلاثة: نفس مطمئنة إلى ربها وهي أشرف النفوس وأزكاها ونفس مجاهدة صابرة ونفس مفتونة بالسهوات والهوى وهي النفس الشقية التي حظها الألم والعذاب والبعد عن الله تعالى والحجاب
فصل
في بيان كيد الشيطان لنفسه قبل كيده للأبوين ثم لم يقتصر على ذلك حتى كاد ذرية نفسه وذرية آدم فكان مشئوما على نفسه وعلى ذريته وأوليائه وأهل طاعته من الجن والإنس
أما كيده لنفسه:
فإن الله سبحانه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام كان في امتثال أمره وطاعته سعادته وفلاحه وعزه ونجاته فسولت له نفسه الجاهلة الظالمة: أن في سجوده لآدم عليه السلام غضاضة عليه وهضما لنفسه إذ يخضع ويقع ساجدا لمن خلق من طين وهو مخلوق من نار والنار بزعمه أشرف من الطين فالمخلوق منه خير من المخلوق منها وخضوع الأفضل لمن هو دونه غضاضة عليه وهضم لمنزلته فلما قام بقلبه هذا الهوس وقارنه الحسد لآدم لما رأى ربه سبحانه قد خصه به من أنواع الكرامة فإنه خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وميزه بذلك عن الملائكة وأسكنه جنته فعند ذلك بلغ الحسد من عدو الله كل مبلغ وكان عدو الله يطيف به وهو صلصال كالفخار فيتعجب منه ويقول: لأمر عظيم قد خلق هذا ولئن سلط علي لأعصينه ولئن سلطت عليه لأهلكنه فلما تم خلق آدم عليه السلام في أحسن تقويم وأكمل صورة وأجملها وكملت محاسنه الباطنة بالعلم والحلم والوقار وتولى ربه سبحانه خلقه بيده فجاء في أحسن خلق وأتم صورة طوله في السماء ستون ذراعا قد ألبس رداء الجمال والحسن والمهابة والبهاء فرأت الملائكة منظرا لم يشاهدوا أحسن منه ولا أجمل فوقعوا كلهم سجودا له بأمر ربهم تبارك وتعالى فشق الحسود قميصه من دبر واشتعلت في قلبه نيران الحسد المتين فعارض النص بالمعقول بزعمه كفعل أوليائه من المبطلين وقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فاعرض عن النص الصريح وقابله بالرأي الفاسد القبيح ثم أردف ذلك بالاعتراض على العليم الحكيم الذي لا تجد العقول إلى الاعتراض على حكمته سبيلا فقال: أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا
وتحت هذا الكلام من الاعتراض معنى: أخبرني لم كرمته على وغور هذا الاعتراض: أن الذي فعلته ليس بحكمة ولا صواب وأن الحكمة كانت تقتضي أن يسجد هو لي لأن المفضول يخضع للفاضل فلم خالفت الحكمة
ثم أردف ذلك بتفضيل نفسه عليه وإزرائه به فقال: أنا خير منه
ثم قرر ذلك بحجته الداحضة في تفضيل مادته وأصله على مادة آدم عليه السلام وأصله فأنتجت له هذه المقدمات إباءه وامتناعه من السجود ومعصيته الرب المعبود فجمع بين الجهل والظلم والكبر والحسد والمعصية ومعارضة النص بالرأي والعقل فأهان نفسه كل الإهانة من حيث أراد تعظيمها ووضعها من حيث أراد رفعتها وأذلها من حيث أراد عزتها وآلمها كل الألم من حيث أراد لذتها ففعل بنفسه ما لو اجتهد أعظم أعدائه في مضرته لم يبلغ منه ذلك المبلغ ومن كان هذا غشه لنفسه فكيف يسمع منه العاقل ويقبل ويواليه قال تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوك بئس للظالمين بدلا
فصل
وأما كيده للأبوين فقد قص الله سبحانه علينا قصته معهما وأنه لم يزل يخدعهما ويعدهما ويمنيهما الخلود في الجنة حتى حلف لهما بالله جهد يمينه: إنه ناصح لهما حتى اطمأنا إلى قوله وأجاباه إلى ما طلب منهما فجرى عليهما من المحنة والخروج من الجنة ونزع لباسهما عنهما ما جرى وكان ذلك بكيده ومكره الذي جرى به القلم وسبق به القدر ورد الله سبحانه كيده عليه وتدارك الأبوين برحمته ومغفرته فأعادهما إلى الجنة على أحسن الأحوال وأجملها وعاد عاقبة مكره عليه ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله
وظن عدو الله بجهله أن الغلبة والظفر له في هذا الحرب ولم يعلم بكمين جيش: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ولا بإقبال دولة ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وظن اللعين بجهله أن الله سبحانه يتخلى عن صفيه وحبيبه الذي خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء من أجل أكلة أكلها وما علم أن الطبيب قد علم المريض الدواء قبل المرض فلما أحس بالمرض بادر إلى استعمال الدواء لما رماه العدو بسهم وقع في غير مقتل فبادر إلى مداواة الجرح فقام كأن لم يكن به قلبة بلي العدو بالذنب فأصر واحتج وعارض الأمر وقدح في الحكمة ولم يسأل الإقالة ولا ندم على الزلة وبلي الحبيب بالذنب فاعترف وتاب وندم وتضرع واستكان وفزع إلى مفزع الخليقة وهو التوحيد والاستغفار فأزيل عنه العتب وغفر له الذنب وقبل منه المتاب وفتح له من الرحمة والهداية كل باب ونحن الأبناء ومن أشبه أباه فما ظلم ومن كانت شيمته التوبة والاستغفار فقد هدي لأحسن الشيم