ودنانيره، بإذن الله، مقدَّسات، ما هنَّ بالحرج ملدسات،والحزامة من سومه وشيمه، فلا يدفع إلى مقارض شيئاً من عيمه أي مختاراته وفي الكتاب العزيز: " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤدَّه إليك " وهذا قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وقد كان في زمانه من تخرج، يتضمخ بالنسك ويتأرخ، فأما اليوم فلو أمن كتابي على نميٍَّ، لأسرعت إليه الظنَّن إسراع رميّ والرَّمي ههنا سحاب سريع الإقشاع، من قول الهذلي:
أولئك و دعوت أتاك منهم
رجال مثل أرمية الحميم وما عنيت بالكتابي، من نسب إلى توارةٍ وإنجيل، دون من نسب إلى القرآن البجيل،على أنّه لا بدّ من أمانةٍ مفترقة في البلاد، تكون للخيّر من التّلاد، وإنّها في الآخرة لأشرف، وأرحض لما يقترف، فليشفق على الصّبابة، إشفاق الندَّس ذي اللَّبابة، فكل واحدٍ منها دينار أعزةٍ، يبعث الرّابي على الهزّة، كما قال سحيم:
تريك غداة البين كفاً ومعصماً
ووجهاّ كدينار الأعزَّة صافيا ولو نظر إليه قيس بن الخطيم لما شبّه به وجه كنوده، وجعله من أنصر جنوده، ولم يسمح أن يقول:
صرمت اليوم حبلك من كنودا
لتبدل وصلها وصلاً جديدا عشيَّة طالعت فأرتك قصراً
محاسن فخمة منها وجيدا ووجهاً خلته لمّا بدا لي
غداة البين ديناراً نقيدا ولمثله قصد ربيعة بن المكدَّم، لمّا أيقن بحتفٍ مقدَّم، فقال:
شديّ علىَّ العصب أنَّ سيّار
فقد رزيت فارساً كالدّينار أو ملكه مالك بن دينار مع زهده، وبلوغه في الورع أقصى جهده، لجاز أن يحجأ به على دينار أبيه، وقد يكذب قائل في التشبيه.
وكلّ هبرزيٍ من هذه الصُّفر المباركة، أبلغ في قضاء الحاجة من دينارٍ الذي اختاره للمأربة قائل هذا البيت:
هل أنت باعث دينارٍ لحاجتنا
أو عبد ربٍ أخا عون بن مخراق وهذا البيت يتداوله النحويوّن، وزعم بعض المتأخرين من أهل العلم أنّه مصنوع، وما أجدره بذلك! فأمّا قول الفرزدق:
رأيت ابن دينارٍ يزيد رمى به
إلى الشام يوم العنز، والله قاتله و كان دينار هذا المذكور كأحد هذه الدّنانير، لأرب به أن ينسب إليه يزيد،وأين هي من دنانير النّخَّة التي قال في واحدها القائل:
عميّ الذي منع الدّينار ضاحيّةّ
دينار نخَّة جرمٍ وهو مشهود ودينار النَّخَّة دينار كان يأخذه المصدَّق إذا فرغ من الجباية،وكل نقيشٍ من هذه الرّاجعة بعد اليأس، أنقع لغليل الصَّديان، من دينار الذي دعاه لسقيه راكب فلاةٍ، وهو على كور علاةٍ فقال:
أقول لدينارٍ وهنَ شوائل
بنا كنعامٍ طالبات رئال لكّ الويل أدركني بشربة آجن
من الماء، ما مشروبها بزلال فما كاد دينار يغيث بنطفة
حشاشة نفسٍ آذنت بزوال ولا هو كدينار الأخطل الذي ذكره في قوله:
كمت ثلاثة أحوال بطينتها
حتى اشتراها عبادي بدينار لو وقع إلى عبادي لما مذل
به لخمَّار، ولو حسب في الضمَّار ولا كالدّينار في البيت الذي أنشده أبو عمرو الزّاهد:
وفي الكتاب أسطر محكوكه
لا حظَّ في الدّينار للكاروكه زعم أن الكاروكة القوادة،والعجب لها تفر من بنان السّارق، فرار دنانير الشَّارق، وصفها أبو الطيب فقال:
وألقى الشّرق منها في ثيابي
دنانيراً تفر من البنان لو رآها كثيرَّ عزة لآلى أوكد أليةٍ، أنّها أحسن من الهرقليَّة، التي شبه بمنفردها نفسه فقال:
يروق عيون النّاظرين كأنّه
هرقلي وزنٍ، أحمر التبّر، راجح وإن كانت زائدة على الثمانين
فقد أوفت على عدَّة أصحاب موسى الذين جاء فيهم: " واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا " وعلى عدّة الاستغفار المذكور في قوله: " إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم " ، وعلى عدّة أذرع السّلسلة في قوله تعالى: " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه " .
ولو كان الإنسان في قليب عمقه ثمانون قامةً، جاز أن تستنقذه هذه المصفرَّة من غير مرضٍ، والزّائلة بما يعترض من الجرض وإنّما ذكرت ذلك لقول الأعشى:
ولو كنت في جبٍ ثمانين قامةً
ورقيِّت أسباب السّماء بسَّلم ولو كانت سنو زهير مثلها لما وصف نفه بالسآمة، ولكانت له أنهض قامة والقامة الأعوان، كأنّها جمع قائم. قال الرّاجز:
وقامني ربيعة بن كعب
حسبك ما عندهم وحسبي ولو أدركه عروة بن حزام وهو يقول:
يكلفّني عمّي ثمانين ناقة
وما لي يا عفراء غير ثمان لجاز أن يرقّ له فيغيثه من هذه الثّمانين ببعضها أو يسمح له بكلّها، لأنّه كريم طبع، وعوده في النُّوب عود نبعٍ؛ ولو صارت في يد عروة هذه الثمانون، لبلغ بها الأمنية لأنّ النّاقة في ذلك الزّمان كانت ربّما اشتريت بعشرةٍ دراهم.
[عدل] الفرزدق
وفي بعض أخبار الفرزدق، أنّ رجلاً من ملوك بني أمية أعطاه مائة من إيل الصّدقة، فباعها بألفٍ وخمسمائة درهم، بعدما عني به، وزيد في الثمن. وقد مرّت به الحكاية التي يذكرها أصحاب التاريخ، أن الجمل كان يباع في زمن أبي جعفر المنصور بدرهمٍ، وأنّه صادر قوماً من أصحابه، وكانت لهم نعج، فباعوها ثماني نعاجٍ بدرهم. هذا ممّا وجد بخط المرزبانيّ في تاريخ ابن شجرة. وهي أنصر من الثمّانين التي ذكرها العلوي البصري في قوله:
عبرت إليهم في ثمانين فارساً
فأدركت منهم بغيتي ومراديا ولولا خشية الغلوِّ لقلت: ومن ثمانين ألفاً ذكرها السِّنبسيُّ في قوله:
ثمانون ألفاً، ولم أحصهم
وقد بلغت رجمها أو تزيد وكيف لهمَّام بن غالبٍ أن ترميه الحوادث بهذه الثمانين، كما رمته بسنيه في قوله:
رمتني بالثِّمانين اللّيالي
وسهم الدّهر أقتل سهم رام ولو ملكها راعي ثمانين الذي يقال فيه، أحمق من أعي ضأنٍ ثمانين، لجعلت له عقلاً صافياً، وثوباً من الدّّعة ضافياً.
والمثل السّائر: وجدان الدّعة والرَّقين، يذهب أفن أفين، ويروى: يغطِّي أفن ألأفين. وليس للرِّقة، شرف هذه الأشكال المشرقة، وللذهب على الفضَّة صرف، والمكارم لها عرف.
وهو يعرف حكاية الحطيئة مع سعيد بن العاص لمَّا قال له: أيُّ النّاس أشعر؟ قال: الذي يقول، وهو أبو دؤادٍ الإياديُّ:
لا أعدُّ الإقتار عدماً ولكن
فقد من قد رزئته الإعدام قال: ثمّ من؟ قال: الذي يقول وهو حسان بن ثابت:
ربَّ علمٍ أضاعه الما
ل وجهلٍ غطِّى عليه النّعيم قال: ثمّ: قال: الذي يقول وهو أعشى قيس:
بيضاء ضحوتها وصف
راء العشيّة كالعراره قال: ثمّ من؟ قال: ثمّ حسبك بي إذا وضعت رجلاً على رجل، ثم عويت في آثار القوافي، كما يعوي الفصيل في آثار الإبل،وقال الشاعر:
وجدت بني الجعراء قوماً أذلَّةً
ومن لا يهنهم يمس وغداً مهضَّما وأحمق من راعي ثمانين ترتعي
يجنب السَّتار بقل روضٍ موسَّما