[نقاش حســــاس ] عار الماضي هل يمحوه اختراع اليوم؟!
ترميم غشاء البكارة أصبح حقيقة واقعة تخدم تبييض السجل الجنسي الأسود والرمادي
تعد البكارة رمزاً مهما في حياة الفتاة العربية، كونها تعني دليل الشرف وعدم ممارستها الجنس خلال أيام عزوبتها، والحفاظ عليها قد ينتج الألفة والتفاهم مع شريك العمر مدى الحياة، وإن فقدتها ستصبح حياتها كلها نفور وبغض، إضافة لذلك تنشده أنظار أفراد المجتمع العربي نحو ليلة "الدخلة" مع ما يرافقها من عادات وطقوس وسلوكيات حفظها الجميع، لكن ترميم غشاء البكارة أو ما يسمى ضمان ليلة العمر دون فضائح، وأيضاً ستر الماضي ولو كان فاحشاً، بات موضة تتبعها بعض فتيات اليوم وخاصة أن "الترميم-الترقيع" أصبح سهلاً وفي أي لحظة عند أطباء خبروا ذلك العمل وأجادوا فيه كي تتجاوز الفتاة نعت العاهرة أو الساقطة كصفة تلصتق بها فيما لو فقدت عذريتها بغض النظر عن أخلاقها وسلوكها
العذرية أولاً
تختلف الآراء حول سعي الفتاة العربية الفاقدة لعذريتها نحو عمليات "ترميم" غشاء البكارة، لكن تتفق في كونها تنشد إعادة فترة "العذرية" كوسيلة وحيدة نحو تحقيق أحد مقومات الزواج الرئيسة وخاصة أن هاجسها إخفاء فضيحة غشائها الممزق أياً كان سبب فقدانه سواء عبر علاقة غير شرعية أو تعرضها للاغتصاب أو نتيجة رضّه مباشرة كونها تعيش وسط مجتمع يجعل أنسجة ذلك الغشاء شرطاً لتحقيق الزواج وبرهان العفة الفتاة، وعليه تسعى نحو استعادة عذريتها عبر وسائل عديدة أولها العمل الجراحي وآخرها اختراع وافد من الصين أضحى حديث الناس كونه يشبه الغشاء الطبيعي إلا قليلاً.
عذرية جديدة بـ750ل.س
تشهد الأسواق السورية مؤخراً منتجاً صناعياً لم يلق رواجاً في بلده، يستخدم شخصياً كبديل عن غشاء البكارة الطبيعي دون الحاجة الجراحية، كما لا يتجاوز سعره 750 ل.س يعمل وفق مبدأ الواقي الذكري؛ حيث يتكون من حلقة مطاطية دائرية، مثقوبة المركز، تضم طبقتين إحداهما تحوي سائلاً أحمراً يتمزق أثناء الجماع كالغشاء الطبيعي تماماً، وأحياناً –ضمن حالات خاصة- يستعان بالطبيب بغية خياطة الغشاء الصيني فوق جدران المهبل, وبالمقابل أثار "الغشاء-الاختراع" جدلاً واسعاً بين الأوساط الدينية والاجتماعية كونه يشجّع الفتيات ممارسة الرذيلة دون مراعاة العواقب المترتبة، لعلمهن أنه يمكن ترميمه أو ترقيعه بسهولة وتحت سعر زهيد، لكن تجدر الإشارة أن سوء تصنيع البكارة الصينية البديلة، وعدم حاجة الصينيات الشابات له كون غشاء البكارة ليس أحد أساسيات الزواج سبب عدم رواجه عندهن.
ترويج بكاري
الغشاء الصناعي الصيني وسيلة غش راعى مصنعوه مد مستخدمته بكل خطوات الاستعمال موجهين حديثهم -كما يشير موقع الشركة المصنعة- لكل فتاة تريد ترميم عذريتها، أو ترغب إعادة ذكريات فترة النقاء, وتبدأ خطة النصب عبر إعلانات تؤكد سهولة الاستخدام بعبارات مثل: "استعيدي عذريتك خلال 5 دقائق"، و"أخيراً سرك الدفين سيمحى تماماً"، و"نعدك أن يكون أمر استخدامه أسهل من العد على الأصابع", ثم يأتي كتيب التعليمات واصفاً بالتفصيل كيفية استخدام الأغشية البلاستيكية التي توضع يدوياً محل الغشاء الحقيقي، والمملوءة بمقدار "ملعقة شاي" دم مزيف، وتنتهي تلك الخطة بتوجيهات مثل: "لا تنسي تصرفي كما لو كنت عذراء".
وفق الدراسات
تظهر دراسة هولندية أن أعدها د."أدريان لوجسمان" من جامعة روتردام ونشرتها مجلة الجورنال الطبي البريطاني أن عمليات "إعادة العذرية" تسهم في خفض نسبة جرائم الشرف التي يعج بها العالم العربي حتى نسبة 80% وذلك بعد قطف عينات من عائلات عربية مهاجرة ما زالت تصرّ على مفهوم وجود "البكارة" كشرط للزواج، وحسب الدراسة يتراوح معدل أعمار الفتيات اللواتي خضعن للجراحة بين 16 و23 عاماً، جميعهن لم يظهرن أي ندم بعد إجراء العملية، بل وجدنها عاملاً مساعداً لظروفهن العائلية والاجتماعية والدينية، فيما ذكرت دراسة لبنانية عنوانها "حول حقوق الشباب-الزواج والمعوقات" نشرتها مجلة العلوم الاجتماعية، أن 62.4% من الطلاب الجامعيين يرفضون تقبل فكرة إقامة علاقة جنسية قبل الزواج، بينما احتل اشتراط العذرية المرتبة الثالثة ضمن لائحة الشروط بنسبة قاربت 22.4%!
ضحية الأم وفشل الترقيع
فقدت "ليلى" بكارتها بعد أن اغتصبها قريبها مذ كان عمرها 19 عاماً وخوفاً من "القيل والقال" وانقطاع النصيب رفضت أمها إخبار السلطات المعنية وتثبيت تعرضها للاغتصاب عبر تقرير شرعي، ما جعلها تقصد عيادة أحد الأطباء بغية ترقيع غشاء بكارة ابنتها، لكن محاولتها باءت بالفشل مع ليلة الزفاف الأولى؛ حيث اكتشف الزوج المخدوع لعبتها ورمى ابنتها خارج عش الزوجية الذي لم تكتمل أركانه، وعليه كانت "ليلى" إحدى ضحايا حماقة الأم وعمليات الترقيع الفاشلة، وأصبحت مطلقة منذ ليلة زفافها الأولى.
فضل الأنامل السحرية
كانت "رشا" تدرك صعوبة موقفها في مجتمعها المحافظ الذي يعتبر أنها فقدت "أغلى ما تملكه البنت" بعدما قادها عشيقها نحو تخطي "حدوداً" كانت ترسمها دائماً لعبث أي عاشقين قائلة: "كانت صدمتي كبيرة، ولم أستطع إلا تخيل نفسي ضمن مسرحية جريمة شرف بطلها أخي أو والدي، أو ربما طردي خارج أسوار المنزل، وملاحقة كلام الناس ومستلزمات الفضيحة وخاصة بعدما تقدم شاب لخطبتي لا يمكن رفضه بسبب ضغط عائلتي وتخلي عشيقي السابق عني, ولم أجد حلاً إلا نصيحة صديقتي بإجراء عملية تقطيب غشاء البكارة", موضحة أنها الآن تعيش مع زوجها وطفلتها حياة سعيدة والفضل يعود "حسب رأيها" لأنامل الطبيب الذي أجرى عملية "التقطيب".
فرحة لم تكتمل
لم تتمكن "رنا/26 عاماً" ستر سرها رغم توبتها ومحبتها العيش حياة طبيعية كباقي النساء شارحة وضعها: "فقدت عذريتي بسبب علاقاتي غير الشرعية مع شبان عدة وقررت أخيراً التوبة والعودة إلى طريق الصواب، وتأسيس حياة زوجية نظيفة مع الرجل الذي سيسترني ويمحي ماضييّ الأسود, إلا إن القدر لم يستجب، ففي يوم زفافي ركبت الغشاء الصناعي، واتبعت التعليمات المرفقة بدقة، وبينما كنت أمشي بحرص نحو السرير انفلت الغشاء، ثم وقع وانقطع، وشعر حينها زوجي بالخيانة وطلقني صبيحة اليوم الثاني".
أنا كما أنا
قصة "سوزان/21 عاماً" تختلف كثيراً وإن كانت النتيجة واحدة "انفضاض غشاء البكارة"، لكن رغم موافقة أهلها تركيب الغشاء الصناعي تود مواجهة واقعها كما هو قائلة: "تعرضت لحادث أليم وعمري 13 عاماً تشقق نتيجته غشاء بكارتي، ورغم وجود تقرير طبي يثبت براءتي من تهمة قد يوجهها المجتمع نحوي, إلا أن صديقاتي نصحوني إجراء عملية ترميم غشاء البكارة، والأغرب تأييد أمي بغية الهرب من "ألسنة المجتمع الذي لا يرحم"، لكن قررت رغم ذلك عدم إجراء العملية ومواجهة عريس المستقبل بحالتي كما أنا دون تحايل أو كذب".
فحولة العسل
يجد الحلاق "عادل/25 عاماً" أن وجود غشاء البكارة وسلامته شرط أساسي في الزواج، ويرى أن أجمل ما في الزواج وأحلاه "شهر العسل" الذي يقضيه الشابان بعد زواجهما قائلاً: "الزواج بأنثى ليست عذراء يعني عدم قضاء شهر عسل "رجولي" يحلم به الذكور أكثر من الإناث، والشعور بفقدان الفحولة، فضلاً أن المرأة ليس لديها أعز من الشخص الذي فض بكارتها، كونه الوحيد الذي ينطبع في ذاكرتها مهما انقضت الأيام والشهور والسنون"، وبالنسبة لترميم الغشاء يعتبر "عادل" أنه لا ينفع المرأة أبدا لأنه قبل أن تكذب على وزجها خدعت نفسها أولاً.
تبييض السجل الجنسي
يرى "حسن/35 عاماً وموظف حكومي" أن الزواج بمن فقدت عذريتها أم حافظت عليها لا يقبل الجدال أو النقاش موضحاً: "اختار لنا الله سبحانه وتعالى أزواجنا قبل أن نختار لأنفسنا، أما ترميم غشاء البكارة أو استبداله بآخر صناعي خدعة تمارسها المرأة بغية إخفاء ماضيها غير النظيف، وما دامت البكارة أمر يمكن التلاعب فيه لن يكون الزواج مستقراً وسينتهي بالفشل حتماً، وخاصة أن لا شيء يصعب على "العربيات" إذا وجدن سبيلاً نحو تبييض سجلهن الجنسي من كل السوابق وكأن شيئاً لم يكن".
تعريف طبي
يعرف د."مصطفى علاوي" أخصائي توليد وأمراض النساء وجراحتها غشاء البكارة بأنه غشاء يغطي فتحة المهبل وله أنواع متعددة منها المثقّب ذو فتحة أو اثنتين أو أكثر وربما يكون دون فتحة وعندها يسمى بالأرتق ويحتاج أن يثقبه اختصاصي نسائية بغية التخلص من دم الحيض عبر تقرير طبي يوقعه الطبيب المعالج يحضره شهود, وأيضاً يوجد أنواع أخرى، لكن أكثرها شيوعاً الغشاء الحلقي ويكون ذو فتحة إما ضيقة أو واسعة وفي كلا الحالتين تتمزق أثناء الإيلاج التام إلا إذا كان الغشاء مرناً، كما يحدث التمزق أيضاً عند دخول جسم صلب قاس أو الوقوع على شيء بارز كعصا أو نتيجة رضّة مباشرة عليه, مضيفاً: "لا تؤدي حالات ركوب دراجة أو أثناء الفحص النسائي الظاهري العياني في الطبابة الشرعية، أو ممارسة بعض الرياضات إلى تمزق غشاء البكارة كما يُعتقد كونه عميقاً لا سطحياً ويكون محمياً، كما أن التمزق لا يحدث إلا بالجماع وإذا كان الرضّ مباشراً".
أسرار مدفونة
يشير د."علاوي" أن عمليات ترميم غشاء البكارة تجري وسط تكتمٍ وسريةٍ تامة يلتزم بها الطبيب والمريضة, وخاصة أن المجتمع العربي مغلق ينظر إلى شرف الفتاة عبر ثقب عذريتها، وغالباً ما يكون الزواج بعد فحص عذرية الأنثى، شارحاً كيفية إجراء العملية الجراحية تقنياً قائلاً: "يتكون الغشاء من دائرة أنسجة تلتف حول المهبل، وعند المجامعة تتمزق الدائرة من مكان أو اثنين, وعليه يوصل الجرّاح طرفي الدائرة السليمين شرط وجود كمية أنسجة سليمة كافية, وتتراوح كلفة العملية بين 10 و15 ألف ليرة، وقد تصل حتى 40 ألف وذلك حسب نوعها، فعملية الاستعادة الدائمة أغلى أجراً لأن الغشاء المرمم يبقى مدة زمنية أطول، بينما تكون عملية الترميم غير الدائمة أرخص وتجرى قبل يومين أو ثلاثة من موعد الزفاف، ويؤكد الأطباء عدم حاجة الفتاة موافقة الأهل كون الأجواء سرية تامة، لكن ذلك لا ينفي ممارسة الفتاة احتيالاً أقله أخلاقي وإن كان ينبغي تفهم ظروف الأنثى في المجتمع الشرقي".
دراسة علمية
يوضح د."فيصل القاق" أستاذ كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية أن غشاء البكارة ذو خواص مطاطية تختلف بين الإناث، ما يلغي شرط النزيف عند المجامعة الأولى، وخصوصاً إذا تمت العلاقة بطريقة صحية تراعي شروط الأنثى النفسية, متفقاً مع دراسة إنكليزية تظهر أن 40 حتى 60% من الفتيات العذراوات لا ينزفن عند تمزق غشاء بكارتهن أول مرة، ساخراً من اعتبار المجتمعات المحافظة العضو الذكري مشاعاً وجسد المرأة ملكية العائلة الخاصة واستعماله في تسويق تجارة الزواج حسب تعبيره، وعليه يؤيد د."القاق" عمليات ترميم البكارة، رافضاً وصفها بالاحتيال، ومستنكراً موقف الرجل الذي ينبش ماضي المرأة الجنسي قبله، وهل لها حق التحكم بماضيه أو ماضي جسده؟
قانون ولكن
وجهة النظر القانونية حول عمليات غشاء البكارة المتداولة وفق التشريع السوري يقول عنها المحامي "فادي نديم": "لم يعالج قانون العقوبات السوري موضوع عمليات استعادة غشاء البكارة ولا حتى قانون ممارسة مهنة الطب وذلك على اعتبار أن تلك القوانين وضعت قبل أن توجد مثل تلك العمليات، لكن في حال علمت وزارة الصحة أن طبيب نسائية ما يجريها قد تعاقبه عبر سحب شهادته ومنعه ممارسة مهنته".
تحقيق: محمد ابراهيم