صفحة 1 من 21 12311 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 81

الموضوع: الأضواء الكاشفة

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الأضواء الكاشفة

    أقدم كتابي هذا إلى أهل العلم وطالبيه الراغبين في الحق، المؤثرين له على كل ما سواه، سائلًا الله تعالى أن ينفعني وإياهم بما فيه من الحق، ويقيني وإياهم شر ما فيه من باطل حكيته عن غيري أو زلل مني، فإن حظي من العلم زهيد، وكان جمعي للكتاب على استعجال مع اشتغالي بغيره، فلم أكثر من مراجعة ما في متناولي من مؤلفات أهل العلم، ولا ظفرت ببعضها، ومنها ما هو من مصادر الكتاب المردود عليه «أضواء على السنة».
    وقد سبقني إلى الرد عليه فضيلة الأستاذ العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، مدير دار الحديث بمكة المكرمة، والمدرس بالحرم الشريف، واستفدت من كتابه جزاه الله خيرًا.
    ولفضيلة السلفي الجليل المحسن الشهير نصير السنة الشيخ محمد نصيف اليد الطولى في استحثاثي لإكمال الكتاب، وإمدادي بالمراجع. وكذلك للأخ الفاضل البحاثة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الصنيع عضو مجلس الشورى، ومدير مكتبة الحرم المكي، فإنه أمدني ببعض المراجع من مكتبته الخاصة النفيسة. وبالمراجعة والبحث عن بعض النصوص. شكر الله سعيهم وأجزل أجرهم. ورجائي ممن يطالع كتابي هذا من أهل العلم أن يكتب إلي بما عنده من ملاحظات واستدراكات، لأراعيها أنا -أو من شاء الله تعالى- عند إعادة طبع الكتاب إن شاء الله تعالى. وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى.
    غرة شهر رجب سنة 1378
    المؤلف
    عبد الرحمن بن يحيى المعلمي

    أرقام صحفات الأصل - ص1
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
    أما بعد: فإنه وقع إلي كتاب جمعه الأستاذ محمود أبو رية وسماه: أضواء على السنة المحمدية فطالعته وتدبرته، فوجدته جمعًا وترتيبًا وتكميلًا للمطاعن في السنة النبوية، مع أشياء أخرى تتعلق بالمصطلح وغيره. وقد ألف أخي العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة -وهو على فراش المرض، عافاه الله- ردًا مبسوطًا على كتاب أبي رية لم يكمل حتى الآن. ورأيت من الحق عليَّ أن أضع رسالة أسوق فيها القضايا التي ذكرها أبو رية، وأعقب كل قضية ببيان الحق فيها متحريًا إن شاء الله تعالى الحق، وأسأل الله التوفيق والتسديد، إنه لا حول ولا قوة إلا به، وهو حسبي ونعم الوكيل.
    عُني أبو رية بإطراء كتابه، فأثبت على لوحه: (دراسة محررة تناولت حياة الحديث المحمدي وتاريخه، وكل ما يتعلق به من أمور الدين والدنيا. وهذه الدراسة الجامعة التي قامت على قواعد التحقيق العلمي (؟!) هي الأولى في موضوعها، لم ينسج أحد من قبل على منوالها). وكرر الإطراء في مقدمته وخاتمته، وكنت أحب له لو ترفع عن ذلك وترك الكتاب ينبئ عن نفسه، فإنه -عند العقلاء- أرفع له ولكتابه إن حمدوا الكتاب، وأخف للذم إذا لم يحمدوه.
    بل استجراه حرصه على إطراء كتابه إلى أمور أكرهها له، تأتي الإشارة إلى بعضها قريبًا إن شاء الله.
    كان مقتضى ثقته بكتابه وقضاياه أن يدعو مخالفيه إلى الرد عليه إن استطاعوا، فما باله يتقيهم بسلاح يرتد عليه وعلى كتابه، إذ يقول ص 14: (وقد ينبعث له من يتطاول إلى معارضته ممن تعفنت أفكارهم وتحجرت عقولهم). ويقول في آخر كتابه: (وإن تضق به صدور الحشوية وشيوخ الجهل من زوامل الأسفار، الذين يخشون على علمهم المزور من سطوة الحق، ويخافون على كساد بضاعته العفنة التي يأكلون بها أموال الناس بالباطل، أن يكتنفهم ضوء العلم الصحيح، ويهتك سترهم ضوء الحجة البالغة، فهذا لا يهمنا، وليس لمثل هؤلاء خطر عندنا ولا وزن في حسابنا). أما أنا، فأرجو أن لا يكون لي ولا لأبي رية ولا لمتبوعيه عند القراء خطر ولا وزن، وأن يكون الخطر والوزن للحق وحده.
    2
    قال أبو رية ص4: (تعريف بالكتاب)، يعني كتابه طبعًا. ثم ذكر علو قدر الحديث النبوي، ثم قال: (وعلى أنه بهذه المكانة الجليلة والمنزلة الرفيعة، فإن العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحق من العناية والدرس، وتركوا أمره لمن يسمون رجال الحديث، يتداولونه فيما بينهم ويدرسونه على طريقتهم، وطريقة هذه الفئة التي اتخذتها لنفسها قامت على قواعد جامدة لا تتغير ولا تتبدل، فترى المتقدمين منهم وهم الذين وضعوا هذه القواعد قد حصروا عنايتهم في معرفة رواة الحديث والبحث على قدر الوسع في تاريخهم، ولا عليهم بعد ذلك إن كان ما يصدر عن هؤلاء الرواة صحيحًا في نفسه أو غير صحيح، معقولًا أو غير معقول، إذ وقفوا بعلمهم عند ما يتصل بالسند فحسب، أما المعنى فلا يعنيهم من أمره شيء…).
    قضية العقل


    أقول: مراده بقوله: (العلماء) المشتغلون بعلم الكلام والفلسفة، ولم يكن منهم أحد في الصحابة والمهتدين بهديهم من علماء التابعين وأتباعهم والذين يلونهم، هؤلاء كلهم ممن سماهم (رجال الحديث) ومنهم عامة المشهورين عند الأمة بالعلم والإمامة من السلف، أولئك كلهم ليسوا عند أبي رية علماء؛ لأنهم لم يكونوا يخوضون في غوامض المعقول، بل يفرون منها وينهون عنها ويعدونها زيفًا وضلالًا وخروجًا عن الصراط المستقيم، وقنعوا بعقل العامة! وأقول: مهما تكن حالهم فقد كانوا عقلاء العقل الذي ارتضاه الله عز وجل لأصحاب رسوله ورضيهم سبحانه لمعرفته ولفهم كتابه، ورضي ذلك منهم، وشهد لهم بأنهم { الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا }، { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ }، { خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }. وقال لهم في أواخر حياة رسوله: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }. فمن زعم أن عقولهم لم تكن مع تسديد الشرع لها كافية وافية بمعرفة الله تعالى وفهم كتابه ومعرفة ما لا يتم الإيمان ولا يكمل الدين إلا بمعرفته؛ فأنما طعن في الدين نفسه. وكان التابعون المهتدون بهدي الصحابة أقرب الخلق إليهم عقلًا وعلمًا وهديًا، وهكذا من
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    اهتدى بهديهم من الطبقات التي بعدهم، وهؤلاء هم الذين سماهم أبو رية (رجال الحديث). قد يقال: أما نفي العلم والعقل عنهم فلا التفات إليه، ولكن هل راعوا العقل في قبول الحديث وتصحيحه؟
    أقول: نعم. راعوا ذلك في أربعة مواطن: عند السماع، وعند التحديث، وعند الحكم على الرواة، وعند الحكم على الأحاديث. فالمتثبتون إذا سمعوا خبرًا تمتنع صحته أو تبعد لم يكتبوه ولم يحفظوه، فإن حفظوه لم يحدثوا به، فإن ظهرت مصلحة لذكره ذكروه مع القدح فيه وفي الراوي الذي عليه تبعته. قال الإمام الشافعي في الرسالة ص 399: «وذلك أن يستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله أو ما يخالفه ما هو أثبت وأكثر دلالات بالصدق منه». وقال الخطيب في الكفاية في علم الرواية ص 429: (باب وجوب إخراج المنكر والمستحيل من الأحاديث). وفي الرواية جماعة يتسامحون عند السماع وعند التحديث، لكن الأئمة بالمرصاد للرواة، فلا تكاد تجد حديثًا بين البطلان إلا وجدت في سنده واحدًا أو اثنين أوجماعة قد جرحهم الأئمة، والأئمة كثيرًا ما يجرحون الراوي بخبر واحد منكر جاء به، فضلًا عن
    3
    خبرين أو أكثر. ويقولون للخبر الذين تمتنع صحته أو تبعد: (منكر) أو (باطل). وتجد ذلك كثيرًا في تراجم الضعفاء، وكتب العلل والموضوعات، والمتثبتون لا يوثقون الراوي حتى يستعرضوا حديثه وينقدوه حديثا حديثًا.
    فأما تصحيح الأحاديث فهم به أعنى وأشد احتياطًا، نعم ليس كل من حكي عنه توثيق أو تصحيح متثبتًا، ولكن العارف الممارس يميز هؤلاء من أولئك.
    هذا وقد عرف الأئمة الذين صححوا الأحاديث، أن منها أحاديث تثقل على بعض المتكلمين ونحوهم، ولكنهم وجدوها موافقة للعقل المعتد به في الدين، مستكملة شرائط الصحة الأخرى، وفوق ذلك وجدوا في القرآن آيات كثيرة توافقها أو تلاقيها، أو هي من قبيلها، قد ثقلت هي أيضًا على المتكلمين، وقد علموا أن النبي كان يدين بالقرآن ويقتدي به، فمن المعقول جدًا أن يجيء في كلامه نحو ما في القرآن من تلك الآيات.
    من الحقائق التي يجب أن لا يغفل عنها: أن الفريق الأول -وهم الصحابة ومن اهتدى بهديهم من التابعين وأتباعهم ومن بعدهم- عاشوا مع الله ورسوله، فالصحابة مع النبي وهديه ومع القرآن، والتابعون مع القرآن والصحابة والسنة وهلم جرا. وإن الفريق الثاني: وهم المتكلمون والمتفلسفون ونحوهم عاشوا مع النظريات والشبهات والأغلوطات والمخاصمات، والمؤمن يعلم أن الهدى بيد الله، وأنه سبحانه إذا شرع إلى الهدى سبيلًا فالعدول إلى غيره لن يكون إلا تباعدًا عنه وتعرضًا للحرمان منه، وبهذا جاء القرآن، وعليه تدل أحوال السلف واعتراف بعض أكابرهم في أواخر أعمارهم، والدقائق الطبيعية شيء والحقائق الدينية شيء آخر، فمن ظن الطريق إلى تلك طريقًا إلى هذه فقد ضل ضلالًا بعيدًا.
    واعلم أن أكثر المتكلمين لا يردون الأحاديث التي صححها أئمة الحديث، ولكنهم يتأولونها كما يتأولون الآيات التي يخالفون معانيها الظاهرة. لكن بعضهم رأى أن تأويل تلك الآيات والأحاديث تعسف ينكره العارف باللسان وبقانون الكلام وبطبيعة العصر النبوي، والذي يخشونه من تكذيب القرآن لا يخشونه من تكذيب الأحاديث، فأقدموا عليه وفي نفوسهم ما فيها، ولهم عدة مؤلفات في تأويل الأحاديث أو ردّها -قد طُبع بعضها- فلم يهملوا الحديث كما زعم أبو رية.
    البلاغة


    قول أبي رية: (والأدباء) يعني بهم علماء البلاغة، يريد أنهم لم يتصدوا لنقد الأحاديث بمقتضى البلاغة، قال في (ص6): (ولما وصلت من دراستي إلى كتب الحديث ألفيت فيها من الأحاديث ما يبعد أن يكون في
    4
    ألفاظه أو معانيه أو أسلوبه من محكم قوله وبارع منطقه صلوات الله عليه… ومما كان يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأحد أجلاف العرب أهتز لبلاغتها، وتعروني أريحية من جزالتها، وإذا قرأت لبعض ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية ولا ذاك الاهتزاز، وكنت أعجب كيف يصدر عنه صلوات الله عليه مثل هذا الكلام المغسول من البلاغة، والعارى عن الفصاحة، وهو أبلغ من نطق بالضاد، أو يأتي منه مثل تلك المعاني السقيمة، وهو أحكم من دعا إلى رشاد).
    أقول: أما الأحاديث الصحيحة فليست هي بهذه المثابة، والاهتزاز والأريحية مما يختلف باختلاف الفهم والذوق والهوى، ولئن كان صادقًا في أن هذه حاله مع الأحاديث الصحيحة فلن يكون حاله مع كثير من آيات القرآن وسوره إلا قريبًا من ذلك. هذا والبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال، والنبي كان همه إفهام الناس وتعليمهم على اختلاف طبقاتهم، وقد أمره الله تعالى أن يقول: { وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ }. والكلمات المنقولة عن العرب ليست بشيء يذكر بالنسبة إلى كلامهم كله، وإنما نقلت لطرافتها، ومقتضى ذلك أنه لم يستطرف من كلامهم غيرها. وكذلك المنقول من شعرهم قليل، وإنما نقل ما استجيد، والشعر مظنة التصنع البالغ، ومع ذلك قد تقرأ القصيدة فلا تهتز إلا للبيت والبيتين، ثم إن كثيرًا مما نقل عن النبي روي بالمعنى كما يأتي، فأما سقم المعنى فقد ذكر علماء الحديث أنه من علامات الموضوع، كما نقله أبو رية نفسه (ص 104). وذكر ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (ص351) في علامات الصحيح: (أن يكون كلامًا يصلح أن يكون من كلام النبوة) فإن كان أبو رية يستسقم معاني الأحاديث الصحيحة فمن نفسه أتي.
    ومن يكُ ذا فم مرّ مريض ** يجد مرًّا به العذبَ الزُّلالا
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قوله: (… أما المعنى فلا يعنيهم من أمره شيء) كذا قال، وقد أسلفتُ أن رعايتهم للمعنى سابقة، يراعونه عند السماع، وعند التحديث، وعند الحكم على الراوي، ثم يراعونه عند التصحيح، ومنهم من يتسامح في بعض ذلك، وهم معروفون كما تقدم. وقد قال أبو رية (ص104): (ذكر المحققون أمورًا كلية يعرف بها أن الحديث موضوع …) فذكر جميع ما يتعلق بالمعنى نقلًا عنهم. فإن قال: ولكن مصححي الأحاديث لم يراعوا ذلك. قلت: أما المتثبتون كالبخاري ومسلم فقد راعوا ذلك، بلى في كل منهما أحاديث يسيرة انتقدها بعض الحفاظ أو ينتقدها بعض الناس. ومرجع ذلك إما إلى اختلاف النظر، وإما إلى اصطلاح لهما يغفل عنه المنتقد، وإما إلى الخطأ الذي لا ينجو منه بشر، وقد انُتقدت عليهما أحاديث من جهة السند، فهل يقال لأجل ذلك: إنهما لم يراعيا هذا أيضًا؟
    5
    قال (ص5): (وعلى أنهم قد بذلوا أقصى جهدهم في دراسة علم الحديث من حيث روايته… فإنهم قد أهملوا جميعًا أمرًا خطيرًا … أما هذا كله.. فقد انصرف عنه العلماء والباحثون، وتركوه أخبارًا في بطون الكتب مبعثرة…) يعني: فجمعها هو في كتابه. وغالب ذلك قد تكفلت به كتب المصطلح، وسائره في كتب أخرى من تأليف المحدثين أنفسهم، ومنها ينقل أبو رية.
    وقال (ص6): (أسباب تصنيف هذا الكتاب… إلخ) إلى أن قال: (ومما راعني أني أجد في معاني كثير من الأحاديث ما لا يقبله عقل صريح). أقول: لا ريب أن في ما ينسب إلى النبي من الأخبار ما يرده العقل الصريح، وقد جمع المحدثون ذلك وما يقرب منه في كتب الموضوعات، وما لم يذكر فيها منه فلن تجد له إسنادًا متصلًا إلا وفي رجاله ممن جرحه أئمة الحديث رجل أو أكثر، وزعم أن في الصحيحين شيئًا من ذلك سيأتي النظر فيه وقد تقدمت قضية العقل.
    قال: (ولا يثبته علم صحيح ولا يؤيده حس ظاهر أو كتاب متواتر) أقول: لا أدري ما فائدة هذا، مع العلم بأن ما يثبته العلم الصحيح أو يؤيده الحس الظاهر لابد أن يقبله العقل الصريح، وإن القرآن لا يؤيد ما لا يقبله العقل الصريح.
    ثم قال: (كنت أسمع من شيوخ الدين عفا الله عنهم أن الأحاديث التي تحملها كتب السنة قد جاءت كلها على حقيقتها…)
    أقول: العامة في باديتنا اليمن، والعامة من مسلمي الهند، إذا ذكرت لأحدهم حديثًا قال: أصحيح هو؟ فإن قلت له: هو في سنن الترمذي -مثلًا- قال: هل جميع الأحاديث التي في الكتاب المذكور صحيحة؟ فهل هؤلاء أعلم من شيوخ الدين في مصر؟
    ثم ذكر حديث: «من كذب عليَّ… إلخ» وقضايا أخرى ذكر أنها انكشفت له، أجمل القول فيها هنا على أن يفصلها بعد، فأخرت النظر فيها إلى موضع تفصيلها.
    ثم قال (ص 13): (لما انكشف لي ذلك كله وغيره مما يحمله كتابنا، وبدت لي حياة الحديث المحمدي في صورة واضحة جلية تتراءى في مرآة مصقولة، أصبحت على بينة من أمر ما نسب إلى الرسول من أحاديث آخذ ما آخذ منه ونفسي راضية، وأدع ما أدع وقلبي مطمئن، ولا علي في هذا أو ذلك حرج، أو جناح).
    أقول: أما إنه بعد اطلاعه على ما نقله في كتابه هذا صار عارفًا بتاريخ الحديث النبوي إجمالًا فهذا قريب، لولا أن هناك قضايا عظيمة يصورها في كتابه هذا على نقيض حقيقتها كما سنقيم عليه الحجة الواضحة إن شاء الله تعالى. وأما أنه أصبح على بينة.. إلى آخر ما قال فهذه دعوى تحتمل تفسيرين: الأول أنه أصبح يعرف بنظرة واحدة إلى الحديث من الأحاديث حقيقة حاله من الصحة قطعًا أو ظنًا
    6
    أو احتمالا أو البطلان كذلك. الثاني أنه ساء ظنه بالحديث النبوي -إن لم يكن بالدين كله- فصار لا يراه إلا أداة يستغلها الناس لأهوائهم، فأصبح يأخذ منه ما يوافق هواه، ويرد ما يخالف هواه، بدون اعتبار لما في نفس الأمر من صحة أو بطلان.
    من الجور أن نزعم أن مراد أبي رية هو ما تضمنه التفسير الأول؛ لأن ذلك باطل مكشوف، وذلك أن للقضية شطرين: الأول: أن يدع الحديث، الثاني: أنه يأخذ به.
    فأما الشطر الأول، فالمسلم لا يدع الحديث وقلبه مطمئن إلا إذا بان له أنه لا يصح، والذي في كتاب أبي رية مما ذكر أنه يدل على عدم الصحة، إما أن يقتضي امتناع الصحة قطعًا، كمناقضة الخبر للعقل الصريح أو للحس أو لنص القرآن، وإما أن يقتضي استبعادها فقط، والأول لا يحتاج الناس فيه إلى كتاب أبي رية هذا، والثاني لا يكفي، فإنه قد يثبت الخبر ثبوتًا يدفع الاستبعاد، إذن فثمرة مجهوده وكتابه بالنظر إلى هذا الشطر ضئيلة لا يليق التبجح بها.
    وأما الشطر الثاني، فمن الواضح أن انتفاء الموانع الظاهرة كمناقضة العقل الصريح ونحوه إنما يفيد إمكان الصحة، ثم يحتاج بعد ذلك إلى النظر في السند، فإن كان موثق الرجال، ظاهر الاتصال، قيل: صحيح الإسناد، ثم يبقى احتمال العلة القادحة بما فيه من الشذوذ الضار والتفرد الذي لا يحتمل، والنظر في ذلك هو كما قال أبو رية (ص302): (لا يقوم به إلا من كان له فهم ثاقب وحفظ واسع، ومعرفة تامة بالأسانيد والمتون وأحوال الرواة) وهذه درجة لا تنال بمجهود أبي رية ولا بأضعاف أضعافه، فبان يقينًا أن أبا رية لا يمكنه الاستقلال بتصحيح حديث، بل كتابه ينادي عليه أنه لا يمكنه أن يستقل بتصحيح إسناد. إذن فلم يفده مجهوده شيئًا في هذا الشطر، وبقي فيه كما كان عالة على تصحيح علماء الحديث. هذا حال التفسير الأول، وأما التفسير الثاني فلا أدري، غير أنه يشهد له صنيع أبي رية في ما يأتي من كتابه من رد الأحاديث والأخبار الثابتة، والاحتجاج كثيرًا بالضعيفة والواهية والمكذوبة، والله أعلم.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال (ص13): (ولا يتوهمن أحد أني بدع في ذلك، فإن علماء الأمة لم يأخذوا بكل حديث نقلته إليهم كتب السنة، فليسعني ما وسعهم بعد ما تبين لي ما تبين لهم، وهذا أمر معلوم لا يختلف فيه عالم، اللهم إلا الحشوية الذين يؤمنون بكل ما حمل سيل الرواية، سواء كان صحيحًا أم غير صحيح، ما دام قد ثبت سنده على طريقتهم).
    أقول: لم يجهل أحد من أهل العلم ما قدمته قريبًا في شأن صحة الحديث، ولكنهم لا يجيزون مخالفة حديث تبين إمكان
    7
    صحته ثم ثبت صحة إسناده ولم يعلم ما يقدح فيه أو يعارضه. وأبو رية يعيب عليهم هذا، ويبيح لنفسه أن يعارض نصوص القرآن وإجماع أهل الحق بأحاديث وأخبار وحكايات لا يعرف حال أسانيدها، ومنها الضعيف والواهي والساقط والكذب، ويكثر من ذلك كما ستراه.
    قد يقال: ربما يدّعي أنه أصبحت له ملكة وذوق يعرف بهما الصحيح بدون معرفة سند ولا غيره!
    أقول: هذه دعوى لا تقع من عاقل يحترم عقول الناس، وقد قال أبو رية (ص21): (قد ثبت أن النبي كان يصدق بعض ما يفتريه المنافقون). ونقل (ص142) عن صاحب المنار محتجًا به قوله: (والنبي ما كان يعلم الغيب، فهو كسائر البشر يحمل كلام الناس على الصدق إذا لم تحف به شبهة، وكثيرًا ما صدق المنافقين والكفار في أحاديثهم) فهل يدّعي أبو رية لنفسه درجة لم يبلغها النبي ولا غيره؟ إذن فلن نعدم ممن عرف ما في كتابه هذا وأضعاف أضعافه من يعارضه قائلًا: قد حصل لي ملكة وذوق أعلى مما حصل لك، وأنا أعرف بطلان هذا الذي احتججت به، فتسقط الدعويان، ويقوم العقل والعدل. أما ما ذكره عن علماء الأمة فستأتي حكايته في ذلك ونبين حالها إن شاء الله، والحق أنه لم يكن في علماء الأمة المرضيين من يرد حديثًا بلغه إلا لعذر يحتمله له أكثر أهل العلم على الأقل، ولو كان حال أبي رية في الرد والعذر كحال أحدهم لساغ أن يقال: يسعه ما يسعهم، وإن كان البون شاسعًا جدًا. ولكن له شأن آخر كما يأتي.
    قال: قال ابن أبي ليلى: (لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع) وقال عبد الرحمن بن مهدي: (لا يكون إمامًا في الحديث من تتبع شواذ الحديث، أو حدث بكل ما يسمع، أوحدث عن كل أحد).
    أقول: هذا موجه إلى فريق من الرواة كانوا يكتبون ويروون كل ما يسمعون من الأخبار، يرون أنه ليس عليهم إلا الأمانة والصدق وبيان الأسانيد، تاركين النقد والفقه في الحديث والإمامة لغيرهم. فأما الأخذ والرد للعمل والاحتجاج، فكل أحد يعلم أنه يؤخذ ما يصح، ويترك ما لا يصح. ومر قريبًا حال أبي رية في هذا.
    قال أبو رية: (ولما كان هذا البحث لم يعن به أحد من قبل كما قلنا…).
    أقول: قد تقدم أن الذي يسوغ له ادعاؤه هو أنه جمع في كتابه هذا ما لم يجمع في كتاب من قبل، والقناعة راحة.
    ثم قال: (وكان يجب أن يفرد بالتأليف منذ ألف سنة عندما ظهرت كتب الحديث المعروفة… حتى توضع هذه الكتب في مكانها الصحيح من الدين، ويعرف الناس حقيقة ما روي فيها من أحاديث …).
    أقول: إن ما جمعه في كتابه من كلام غيره منه ما هو مقبول، ومنه ما يعلم حاله من رسالتي هذه. فأما المقبول فمن مؤلفات
    8
    المحدثين نقل، وفيها أكثر منه وأنفع وأرفع، وأما المرذول فليس له حساب، وقد نبهوا عليه في مؤلفاتهم، وكثرة الباطل نقصان، غير أن للباطل هواة: منهم طائفة يثني عليها أبو رية من قلبه، وطائفة لا يرضاها ولكنه رأى أن في كلامه ما يعجبها فراح يتملقها في مواضع رجاء أن يروج لديها كتابه كما راج لديها كتاب فلان.
    ثم قال (ص14): (ولأن هذا البحث كما قلنا طريف أو غريب).
    أقول: قد خجلت من كثرة مناقشة أبي رية في إطرائه لكتابه، مع أنه عنده بمنزلة ولده يتعزى به عن ولده العزيز مصطفى، ولذلك جعله باسمه كما ذكره أول الكتاب تحت عنوان: (الإهداء)، وأحسبه يتصور أن الرد على كتابه معناه أن يلحق هذا الولد بمصطفى، ولذلك يقول هنا: (وقد ينبعث له من يتطاول إلى معارضته ممن تعفنت أفكارهم وتحجرت عقولهم) ولو قال: قلوبهم لكان أنسب لحاله.
    قال: (فقد استكثرت فيه من الأدلة التي لا يرقى الشك إليها، وأتزيد من الشواهد التي لا ينال الضعف منها).
    أقول:
    سوف ترى إذا انجلى الغبار ** أفرسٌ تحتك أم حمار!
    قال: (وبرغمي أن أنصرف في هذا الكتاب عن النقد والتحليل، وهي الأصول التي يقوم العلم الصحيح في هذا العصر عليها).
    أقول: قد ذكر هو (ص327) أن علماء الحديث قد عرفوا تلك الأصول ونقل عن صاحب المنار قوله: (إن لعلماء فقه الحديث من وراء نقد أسانيد الأخبار والآثار نقدًا آخر لمتونها.. ويشاركهم في هذا النوع من النقد رجال الفلسفة والأدب والتاريخ ويسمونه في عصرنا: النقد التحليلي) فإن كان أبو رية يحسنه فإنما عدل عنه ليتسع له المجال فيما يكره أن يتضح للمثقفين.
    لكن قال بعد هذا: (وقد اضطررت إلى ذلك؛ لأن قومنا حديثو عهد بمثل هذا البحث، على أني أرجو أن يكون قد انقضى ذلك العهد الذي لا يشيع فيه إلا النفاق العلمي والرئاء الديني، ولا ينشر فيه إلا ما يروج بين الدهماء ويرضى عنه من يزعمون للناس زورا أنهم من المحدِّثين أو العلماء). وهذا يشعر أو يصرح بأنه يريد بالنقد التحليلي أمرًا آخر انصرف برغمه عنه اتقاء لعلماء المسلمين وعامتهم وأخذًا بنصيب مما يسميه بالنفاق العلمي والرئاء الديني. وفي كتابه أشياء تدل على قرب وأشياء تدل على بعد، وعبارته هذه ونحوها قريب من الضرب الأول وتلفت النظر إلى الثاني، فمنه ما مر في أول كتابه من الإشارة إلى أن جميع الذين اشتهروا في القرون الأولى

  • صفحة 1 من 21 12311 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الجزيرة يقيل مدربه العراقي عماد توما رغم بقاء الفريق بدوري الأضواء
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-13-2010, 02:30 AM
    2. «أصيلة» الإماراتي يخطف الأضواء في مهرجان سينما الأطفال
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 03:46 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1