صفحة 1 من 16 12311 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 63

الموضوع: عابر سرير - أحلام مستغانمي

العرض المتطور


  1. #1
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    عابر سرير - أحلام مستغانمي

    d8a3d8ad-d982d984d985.jpg

    عابر سرير
    أحلام مستغانمي



    اهداء
    الى أبي... دوما.
    والى شرفاء هذه الأمة ورجالهاالرائعين, الذين يعبرون بأقدارهم دون انحناء, متشبثين بأحلام الخاسرين.
    واليك فيفتنة عبورك الشامخ, عبورك الجامح,يوم تعثر بك قدري...كيتقيم.

    أحلام




    "
    عابرة سبيل هيالحقيقة..
    ولا شيء يستطيع أن يعترض سبيلها".
    ايميلزولا










    █║S│█│Y║▌║R│║█


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    الفصل الأول

    كنا مساء اللهفةالأولى, عاشقين في ضيافة المطر, رتبت لهما المصادفة موعدا خارج المدن العربيةللخوف.
    نسينا لليلة أن نكون على حذر, ظنا منا أن باريس تمتهن حراسةالعشاق.
    إن حبا عاش تحت رحمة القتلة, لا بد أن يحتمي خلف أول متراس متاح للبهجة. أكنا إذن نتمرن رقصا على منصة السعادة, أثناء اعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة؟ أم أنبعض الحزن من لوازم العشاق؟

    في مساء الولع العائد مخضبا بالشجن. يصبح همككيف تفكك لغم الحب بعد عامين من الغياب, وتعطل فتيله الموقوت, دون أن تتشظىبوحا.
    بعنف معانقة بعد فراق, تود لو قلت "أحبك" كما لو تقول "ما زلت مريضابك".
    تريد أم تقول كلمات متعذرة اللفظ , كعواطف تترفع عن التعبير, كمرض عصي علىالتشخيص.
    تود لو استطعت البكاء. لا لأنك في بيته, لا لأنكما معا, لا لأنها أخيراجاءت, لا لأنك تعيس ولا لكونك سعيدا, بل لجمالية البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرركمصادفة.

    التاسعة والربع ,وأعقاب سجائر.
    وقبل سيجارة من ضحكتها الماطرةالتي رطبت كبريت حزنك.
    كنت ستسألها , كيف ثغرها في غيابك بلغ سن الرشد؟
    وبعيدقبلة لم تقع, كنت ستستفسر: ماذا فعلت بشفتيها في غيبتك؟ من رأت عيناها؟ لمن تعرىصوتها؟ لمن قالت كلاما كان لك؟
    هذه المرأة التي على ايقاع الدفوف القسنطينية, تطارحك الرقص كما لو كانت تطارحك البكاء. ماالذي يدوزن وقع أقدامها, لتحدث هذاالاضطراب الكوني من حولك؟
    كل ذاك المطر. وأنت عند قدميها ترتل صلوات الاستسقاء. تشعر بانتماءك إلى كل أنواع الغيوم. إلى كل أحزاب البكاء, إلى كل الدموع المنهطلةبسبب النساء.

    هي هنا. وماذا تفعل بكل هذا الشجن؟ أنت الرجل الذي لا يبكي بليدمع, لا يرقص بل يطرب, لا يغني بل يشجى.
    أمام كل هذا الزخم العاطفي, لا ينتابكغير هاجس التفاصيل, متربصا دوما برواية.
    تبحث عن الأمان في الكتابة؟ ياللغباء!
    ألأنك هنا, لا وطن لك ولا بيت, قررت أن تصبح من نزلاء الرواية, ذاهباالى الكتابة, كما يذهب آخرون الى الرقص, كما يذهب الكثيرون الى النساء, كما يذهبالأغبياء الى حتفهم؟
    أتنازل الموت في كتاب؟ أم تحتمي من الموت بقلم؟

    كنافي غرفة الجلوس متقابلين, على مرمى خدعة من المخدع. عاجزين على انتزاع فتيل قنبلةالغيرة تحت سرير صار لغيرنا.
    لموعدنا هذا , كانت تلزمنا مناطق منزوعة الذكريات, مجردة من مؤامرة الأشياء علينا, بعيدة عن كمين الذاكرة. فلماذا جئت بها إلى هذاالبيت بالذات, إذا كنت تخاف أن يتسرب الحزن إلى قدميها؟
    ذلك أن بي شغفا إلىقدميها. وهذه حالة جديدة في الحب. فقبلها لم يحدث أن تعلقت بأقدام النساء.
    هي ماتعودت أن تخلع الكعب العالي لضحكتها, لحظة تمشي على حزن رجل.
    لكنها انحنت ببطءأنثوي, كما تنحني زنبقة برأسها, وبدون أن تخلع صمتها, خلعت ما علق بنعليها من دمي, وراحت تواصل الرقص حافية مني.
    أكانت تعي وقع انحنائها الجميل على خساراتي, وغواية قدميها عندما تخلعان أو تنتعلان قلب رجل؟
    شيء ما فيها, كان يذكرني بمشهد "ريتا هاورث" في ذلك الزمن الجميل للسينما, وهي تخلع قفازيها السوداوين الطويلين منالساتان, إصبعا إصبعا, بذلك البطء المتعمد, فتدوخ كل رجال العالم بدون أن تكون قدخلعت شيئا.
    هل من هنا جاء شغف المبدعين بتفاصيل النساء؟ ولذا مات بوشكين في نزالغبي دفاعا عن شرف قدمي زوجة لم تكن تقرأه.

    في حضرتها كان الحزن يبدو جميلا. وكنت لجماليته, أريد أن أحتفظ بتفاصيله متقدة في ذاكرتي, أمعن النظر إلى تلك الأنثىالتي ترقص على أنغام الرغبة, كما على خوان المنتصرين, حافية من الرحمة بينما أتوسدخسارات عمري عند قدميها.

    هي ذي , كما الحياة جاءت, مباغتة كل التوقعات, لكأنها تذهب الى كل حب حافية مبللة القدمين دوما, لكأنها خارجة لتوها من بركةالخطايا أو ذاهبة صوبها.
    اشتقتها! كم اشتقتها, هذه المرأة التي لم أعد أعرفقرابتي بها, فأصبحت أنتسب الى قدميها.
    هي ذي . وأنا خائف, إن أطلت النظر إلىالعرق اللامع على عري ظهرها , أن يصعقني تيار الأنوثة.
    هي أشهى, هكذا. كامرأةتمضي مولية ظهرها, تمنحك فرصة تصورها, تتركك مشتعلا بمسافة مستحيلها.

    أناالرجل الذي يحب مطاردة شذى عابرة سبيل, تمر دون أن تلتفت. تميتني امرأة تحتضنهاأوهامي من الخلف. ولهذا اقتنيت لها هذا الفستان الأسود من الموسلين, بسبب شهقةالفتحة التي تعري ظهره, وتسمرني أمام مساحة يطل منها ضوء عتمتها.
    أو ربمااقتنيته بسبب تلك الاهانة المستترة التي اشتممتها من جواب بائعة, لم تكن تصدق تماماأن بامكان عربي ذي مظهر لا تفوح منه رائحة النفط, أن ينتمي الى فحش عالمالاقتناء.

    كنت أتجول مشيا قادما من الأوبرا, عندما قادتني قدماي الى "فوبورسانت أونوريه" . ما احتطت من شارع تقف على جانبيه سيارات فخمة في انتظار نساءمحملات بأكياس فائقة التميز, ولا توجست من محلات لا تضع في واجهاتها سوى ثوب واحدأو ثوبين. لم أكن أعرف ذلك الحي , أصلا.
    عرفت اسم الحي في مابعد, عندما أمدتنيالبائعة ببطاقة عليها العربون الذي دفعته لأحجز به ذلك الثوب.
    بتلك الأنفةالمشوبة بالجنون, بمنطق" النيف" الجزائري تشتري فستان سهرة يعادل ثمنه معاشك فيالجزائر لعدة شهور, أنت الذي تضن على نفسك بالأقل. أفعلت ذلك رغبة منك في تبذير مالتلك الجائزة التي حصلت عليها, كما لتنجو من لعنة؟ أم لتثبت للحب أنك الأكثر سخاءمنه؟
    أن تشتري فستان سهرة لامرأة لم تعد تتوقع عودتها, ولا تعرف في غيابك ماذافعل الزمن بقياساتها, أهي رشوة منك للقدر؟ أم معابثة منك للذاكرة؟ فأنت تدري أن هذاالفستان الذي بنيت عليه قصة من الموسلين لم يوجد يوما, ولكن الأسود يصلح ذريعة لكلشيء.
    ولذا هو لون أساسي في كل خدعة.

    أذكر يوم صادفتها في ذلك المقهى, منذأكثر من سنتين, لم أجد سوى ذريعة من الموسلين
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #3
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    التي تبدو خبيرة في النفس البشرية, على التمييز بين من هو مستعدللموت من أجلها, ومن هو مستعد أن يبذل حياته من أجل قتلها. انه عماء المبدعين فيسذاجة طفولتهم الأبدية.
    ربما كان عذرها في كونها طفلة تلهو في كتاب. هي لا تأخذنفسها مأخذ الأدب, ولا تأخذ الكتابة مأخذ الجد. وحدها النار تعنيها.
    ولذا, قلتلها يوما: " لن أنتزع منك أعواد الثقاب, واصلي اللهو بالنار من أجل الحرائقالقادمة".

    ذلك أن الرواية لم تكن بالنسبة لها, سوى آخر طريق لتمرير الأفكارالخطرة تحت مسميات بريئة.
    هي التي يحلو لها التحايل على الجمارك العربية, وعلىنقاط التفتيش, ماذا تراها تخبئ في حقائبها الثقيلة, وكتبها السميكة؟
    أنيقةحقائبها. سوداء دائما. كثيرة الجيوب السرية, كرواية نسائية , مرتبة بنية تضليلية, كحقيبة امرأة تريد إقناعك أنها لا تخفي شيئا.
    ولكنها سريعة الانفتاح كحقائبالبؤساء من المغتربين.
    أكل كاتب غريب يشي به قفل, غير محكم الإغلاق, لحقيبةأتعبها الترحال, لا يدري صاحبها متى, ولا في أي محطة من العمر, يتدفق محتواها أمامالغرباء, فيتدافعون لمساعدته على لملمة أشيائه المبعثرة أمامهم لمزيد من التلصصعليه؟ وغالبا ما يفاجأون بحاجاتهم مخبأة مع أشيائه.
    الروائي سارق بامتياز. سارقمحترم. لا يمكن لأحد أن يثبت أنه سطا على تفاصيل حياته أو على أحلامه السرية. منهنا فضولنا أمام كتاباته, كفضولنا أمام حقائب الغرباء المفتوحة على السجادالكهربائي للأمتعة.

    أذكر, يوم انفتحت حقيبة تلك المرأة أمامي لأول مرة , كنتيومها على سرير المرض في المستشفى, عندما خطر على بال عبد الحق, زميلي في الجريدة, أن يهديني ذلك الكتاب.. كتابها.
    كنت أتماثل للشفاء من رصاصتين تلقيتهما في ذراعياليسرى, وأنا أحاول التقاط صور للمتظاهرين أثناء أحداث أكتوبر 1988 .
    كانتالبلاد تشهد أول تظاهرة شعبية لها منذ الاستقلال, والغضب ينزل الى الشوارع لأولمرة, ومعه الرصاص والدمار والفوضى.
    لم أعرف يومها , أتلقيت تينك الرصاصتين منأعلى أحد المباني الرسمية , عن قصد أم عن خطأ؟ أكان العسكر يظنون أنني أمسك سلاحاأصوبه نحوهم, أم كانوا يدرون أنني لا أمسك بغير آلة تصويري, عندما أطلقوا رصاصهمنحوي قصد اغتيال شاهد إثبات.
    تماما, كما سوف لن أدري يوما: أعن قصد, أم عنمصادفة جاءني عبد الحق بذلك الكتاب.
    أكان ذلك الكتاب هدية القدر؟ أم رصاصتهالأخرى؟ أكان حدثا أم حادثا آخر في حياتي؟ ربما كان الاثنان معا.

    ليس الحب, ولا الاعجاب, بل الذعر هو أول احساس فاجأني أمام ذلك الكتاب ." ليس الجمال سوىبداية ذعر يكاد لا يحتمل" . وكنت مذعورا أمام تلك الرؤى الفجائية الصاعقة, أمام ذلكالارتطام المدوي بالآخر.
    أي شيء جميل هو في نهايته كارثة. وكيف لا أخشى حالة منالجمال.. كان يزمني عمر من البشاعة لبلوغها.
    كنت أدخل مدار الحب والذعر معا, وأنا أفتح ذلك الكتاب. منذ الصفحة الأولى تبعثرت أشياء تلك المرأة على فراشمرضي.
    كانت امرأة ترتب خزانتها في حضرتك. تفرغ حقيبتها وتعلق ثيابها أمامك, قطعةقطعة, وهي تستمع الى موسيقى تيودوراكيس, أو تدندن أغنية لديميس روسوس.
    كيف تقاومشهوة التلصص على امرأة, تبدو كأنها لا تشعر بوجودك في غرفتها , مشغولة عنك بترتيبذاكرتها؟
    وعندما تبدأ في السعال كي تنبهها الى وجودك, تدعوك الى الجلوس علىناصية سريرها, وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك, واذ بك تكتشف أنها كانت تخرجمن حقيبتها ثيابك, منامتك, وأدوات حلاقتك, وعطرك , وجواربك, وحتى الرصاصتين اللتيناخترقا ذراعك.
    عندها تغلق الكتاب خوفا من قدر بطل أصبحت تشبهه حتى في عاهته. ويصبح همك, كيف التعرف على امرأة عشت معها أكبر مغامرة داخلية. كالبراكين البحرية, كل شيء حدث داخلك. وأنت تريد أن تراها فقط, لتسألها " كيف تسنى لها أن تملأ حقيبتهابك؟"

    ثمة كتب عليك أن تقرأها قراءة حذرة.
    أفي ذلك الكتاب اكتشفت مسدسهامخبأ بين ثنايا ثيابها النسائية, وجملها المواربة القصيرة؟
    لكأنها كانت تكتبلتردي أحدا قتيلا, شخصا وحدها تعرفه. ولكن يحدث أن تطلق النار عليه فتصيبك. كانتتملك تلك القدرة النادرة على تدبير جريمة حبر بين جملتين, وعلى دفن قارئ أوجدهفضوله في جنازة غيره. كل ذلك يحدث أثناء انشغالها بتنظيف سلاح الكلمات!

    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #4
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    كنتأراها تكفن جثة حبيب في رواية, بذلك القدر من العناية, كما تلفلف الأم رضيعا بعدحمامه الأول.
    عندما تقول امرأة عاقر: " في حياة الكاتب تتناسل الكتب", هي حتماتعني "تتناسل الجثث" وأنا كنت أريدها أن تحبل مني , أن أقيم في أحشائها, خشية أنأنتهي جثة في كتاب.
    كنت مع كل نشوة أتصبب لغة صارخا بها: " احبلي .. إنها هنيهةالإخصاب"
    وكانت شفتاي تلعقان لثما دمع العقم المنحدر على خديها مدرارا كأنهاعتذار.
    أحاسيس لم أعرفها مع زوجتي التي كنت لسنوات أفرض عليها تناول حبوب منعالحمل, مهووسا بخوفي أن أغتال فتتكرر في طفلي مأساتي. فكرة أن أترك ابني يتيما كانتتعذبني, حتى انني في الفترة التي تلت اغتيال عبد الحق, كنت أستيقظ مذعورا كما علىصوت بكاء رضيع.
    مع حياة ,اكتشفت أن الأبوة فعل حب, وهي التي لم أحلم بالإنجاب منسواها. كان لي معها دوما "حمل كاذب".
    لكن, إن كنا لا ننجب من "حمل كاذب" , فإننانجهضه. بل كل إجهاض ليس سوى نتيجة حمل تم خارج رحم المنطق, وما خلقت الروايات إلالحاجتنا الى مقبرة تنام فيها أحلامنا الموءودة.

    إن كنت أجلس اليوم لأكتب , فلأنها ماتت.
    بعدما قتلتها, عدت لأمثل تفاصيل الجريمة في كتاب.
    كمصور يترددفي اختيار الزاوية التي يلتقط منها صورته, لا أدري من أي مدخل أكتب هذه القصة التيالتقطت صورها من قرب, من الزوايا العريضة للحقيقة.
    وبمنطق الصورة نفسها التيتلتقطها آلة التصوير معكوسة, ولا تعود الى وجهها الحقيقي الا بعدما يتم تظهيرها فيمختبر, يلزمني تقبل فكرة أن كل شيء يولد مقلوبا, وان الناس الذين نراهم معكوسين, همكذلك, لأننا التقينا بهم, قبل أن تتكفل الحياة بقلب حقيقتهم في مختبرها لتظهيرالبشر.
    إنهم أفلام محروقة أتلفتها فاجعة الضوء, ولا جدوى من الاحتفاظ بهم. لقدولدوا موتى.

    ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة. اذنيمكننا بالنسيان, أن نشيع موتا من شئنا من الأحياء, فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ماعادوا هنا.
    بامكاننا أن نلفق لهم ميتة في كتاب, أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتةقلمية مباغتة كحادث
    سير, مفجعة كحادثة غرق, ولا يعنينا ذكراهم لنبكيها, كما نبكيالموتى. نحتاج أن نتخلص من أشيائهم, من هداياهم, من رسائلهم, من تشابك ذاكرتنا بهم. نحتاج على وجه السرعة أن تلبس حدادهم بعض الوقت, ثم ننسى.

    لتشفى من حالةعشقية, يلزمك رفاة حب, لاتمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق, مصرا على ذياكالبريق الذي انخطفت به يوما. يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناساليك.
    أنت من يتأمل جثة حب في طور التعفن, لا تحتفظ بحب ميت في براد الذاكرة, أكتب , لمثل هذا خلقت الروايات.
    أذكر تلك الأجوبة الطريفة لكتاب سئلوا لماذايكتبون. أجاب أحدهم " ليجاور الأحياء الأموات" , وأجاب آخر " كي أسخر من المقابر" , ورد ثالث " كي أضرب موعدا" .
    أين يمكنك, الا في كتاب, أن تضرب موعدا لامرأة سبقأن ابتكرت خديعة موتها, مصرا على إقحام جثتها في موكب الأحياء, برغم بؤسالمعاشرة.
    أليس في هذه المفارقة سخرية من المقابر التي تضم تحت رخامها , وتتركالأموات يمشون ويجيئون في شوارع حياتنا.

    وكنت قرأت أن (الغوليين) سكان فرنساالأوائل, كانوا يرمون الى النار الرسائل التي يريدون إرسالها الى موتاهم. وبمكاتيبمحملة بسلاماتهم وأشواقهم وفجيعتهم.
    وحدها النار, تصلح ساعي بريد. وحدهابامكانها انقاذ الحريق. أكل ذلك الرماد, الذي كان نارا, من أجل صنع كتابجميل؟
    حرائقك التي تنطفئ كلما تقدمت في الكتابة, لا بد أن تجمع رمادها صفحةصفحة, وترسله الى موتاك بالبريد المسجل, فلا توجد وسيلة أكثر ضمانا منكتاب.
    تعلم اذن أن تقضي سنوات في انجاز حفنة من رماد الكلمات, لمتعة رمي كتابالى البحر, أن تبعثر في البحر رماد من أحببت, غير مهتم بكون البحر لا يؤتمن علىرسالة, تماما كما القارئ لا يؤتمن على كتاب.
    فكتابة رواية تشبه وضع رسالة فيزجاجة والقائها في البحر. وقد تقع في أيدي أصدقاء أو أعداء غير متوقعين. يقولغراهام غرين, ناسيا أن يضيف أنه في أغلب الظن ستصطدم بجثث كانت لعشاق لنا يقبعون فيقعر محيط النسيان. بعد أن غرقوا مربوطين الى صخرة جبروتهم وأنانيتهم. ما كان لناالا أن نشغل أيدينا بكتابة رواية, حتى لا تمتد الة حتف انقاذهم. بامكانهم بعد ذلك, أن يباهوا بأنهم المعنيون برفاة حب محنط في كتاب.
    ام حبا نكتب عنه, هو حب لم يعدموجودا, وكتابا نوزع آلاف النسخ منه, ليس سوى رماد
    █║S│█│Y║▌║R│║█



  • صفحة 1 من 16 12311 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. سرير مرسيدس رومانسي
      بواسطة En.Khaled Alfaiomi في المنتدى صور طريفة مضحكة كاريكاتير
      مشاركات: 11
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 05:34 AM
    2. أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:28 AM
    3. زوج يجعل من ابنة زوجته الطفلة ضرة لها ويعاشرهما على سرير واحد
      بواسطة روح الحلا في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 05-31-2010, 09:28 AM
    4. جميع روايات احلام مستغانمي
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-01-2010, 01:44 AM
    5. مقالة للكاتبة والأدبية أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 03-13-2010, 09:24 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1