««صديقة الدرب»»
نيويورك: غينا كولاتا*
توصلت وكالة الغذاء والدواء الأميركية، الشهر الماضي، إلى استنتاج مفاده أن نوعين من الأدوية قد يسببان، في بعض الأحيان، مشكلات صحية خطيرة كان من المفترض أن يساعدا على الوقاية منها.
والنوع الأول هو أدوية «البيفوسفونايت» bisphosphonates، التي تستخدم على نطاق واسع للوقاية من الكسور، خاصة في مفصل الورك والعمود الفقري، التي تظهر بصورة كبيرة في المرضى الذين يعانون من هشاشة العظام. وسوف تحمل هذه الأدوية، التي من بينها «فوساماكس» Fosamax و«أكتونيل» Actonel و«بونيفا» Boniva الآن علامات تحذر من أنها قد تؤدي إلى كسور نادرة في عظام الفخذ، وهو اكتشاف مدهش جديد جاء بعد مفاجأة أخرى جديدة، وهي أن هذه الأدوية يمكن أن تسبب أيضا ضمورا وتآكلا نادرا في عظام الفك.
والنوع الثاني هو دواء «أفانديا» Avandia، الذي يوصف على نطاق واسع لمرضى السكري المعرضين لخطر الإصابة بالنوبات القلبية وقصور عمل القلب. ويموت ثلثا المصابين بمرض السكري بسبب مشكلات في القلب، والسبب الرئيسي لإعطائهم عقار «أفانديا» هو حمايتهم من هذا الخطر.
ولكن الآن أصدرت إدارة الدواء والغذاء والمسؤولون عن تنظيم صناعة الدواء في أوروبا قرارا يقيد استخدام «أفانديا» لأنه يبدو أنه يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
* أدوية هشاشة العظام
* وفي حالة «البيفوسفونايت»، فإن خبراء علاج أمراض العظام يرون أن فوائد الدواء بالنسبة للمرضى الذين يعانون من هشاشة العظام لا تزال تفوق مخاطره، ولذلك لم تصدر أي جهة حتى الآن قرارا يقيد استخدامه.
ولكن تظل الحقيقة هي أنه مع عقود من استخدام هذا الدواء لعلاج هذا المرض المزمن، فإن ما قد يكون أمرا بعيد الحدوث الآن قد يحدث في المستقبل.
ويقول دانييل كاربنتر، الأستاذ بجامعة هارفارد والخبير في صناعة الدواء، إن هناك شيئا جديدا يحدث، وهو أن كثيرا من السكان أصبحوا مسنين ويعانون من أمراض مزمنة، والشركات تسعى وراء الأسواق العملاقة وتقوم بعمل حملات إعلانية مكثفة عن الأدوية التي يتم تناولها على مدى الحياة.
وقال الدكتور كاربنتر إن الطريقة التي يتم من خلالها تقييم العقاقير الطبية، التي تركز على تأثير هذه العقاقير على المدى القصير وتجرى قبل الموافقة على طرحها في الأسواق، تعتبر غير فعالة، ويستطرد كاربنتر قائلا: «نحن أمام فشل مؤسسي واسع النطاق، لقد خصصنا موارد لعملية تقييم العقاقير قبل طرحها في الأسواق أكثر مما خصصناه لتقييمها بعد الطرح والاستخدام».
وأعرب الدكتور جيسون كارلاويش، أستاذ الأخلاقيات بجامعة بنسلفانيا الذي يدرس أساليب تطوير ونشر الأدوية الجديدة، عن مخاوف مماثله.
وقال كارلاويش: «المشكلة ليست في أن هذه العقاقير سيئة، ولكن في أن الأدوية التي تعطى لعلاج الأمراض المزمنة تمثل مجموعة جديدة من التحديات تتعلق بكيفية تقييم سلامتهم».
لكن هذه المناقشات أثارت غضب الدكتورة اثيل سيريس، خبيرة العظام في مركز «كولومبيا بريسبيتيرين» الطبي. وقالت سيريس إنه قد تم إجراء دراسات مستفيضة على عقاقير «البيفوسفونايت»، وإن كسور الفخذ الناتجة عن استخدامها - على الرغم من أنها غريبة - نادرة الحدوث إلى حد بعيد. وتخشى الدكتورة سيريس من أن المرضى الذين يحتاجون العقار قد يتوقفون عن تناوله بسبب مثل هذه النقاشات.
* دراسة مؤشرات السلامة
* وليس من الواضح كيف يمكن للدولة أن تتعامل مع هذه المرحلة الجديدة التي تتطلب استخدام أدوية على نطاق واسع لعلاج أمراض مزمنة.
وقال الدكتور كليفورد جيه روزين، مدير «مركز أبحاث مين لهشاشة العظام» إن «النقطة الأساسية هي أنه ليست لدينا مؤشرات سلامة جيدة على المدى البعيد في ما يتعلق بالأمراض المزمنة المنتشرة التي نستخدم لعلاجها بعض الأدوية الرئيسية». وكان الدكتور روزين، بالإضافة إلى دراسته لمرض هشاشة العظام، عضوا في اللجنة الاستشارية لإدارة الدواء التي نظرت في الأدلة التي تربط بين عقار «أفانديا» ومخاطر الإصابة بأمراض القلب.
وتكمن الصعوبة في معرفة كيفية تقييم سلامة الأدوية التي يتم تناولها لسنوات طولية، حيث إن التجارب السريرية لا تزيد على بضع سنوات في أفضل الظروف.
ويتفق خبراء الصحة على أن النظام المعمول به اليوم، الذي يعتمد بصورة أساسية على الطلب من الأطباء كتابة تقارير عن التأثيرات المختلفة للعقار ومحاولات الباحثين دراسة تجارب المرضى من خلال مجموعة متنوعة من قواعد البيانات، مثل سجلات الخطط الصحية، ليست فعالة. ويقول الدكتور روزين: «يجب أن يكون هناك نظام أفضل». وقد منح الكونغرس مؤخرا إدارة الدواء سلطة طلب دراسات عن العقاقير الطبية بعد الموافقة على طرحها في الأسواق، لكن الإدارة لم تستخدم هذه السلطة إلا في حالات نادرة.
ويطالب بعض الأطباء، مثل الدكتور روزين والدكتور كاربنتر، بضرورة إجراء تجارب سريرية واسعة بعد الموافقة على طرح العقاقير وأن تستمر هذه التجارب لسنوات طويلة، حتى على العقاقير التي تلبي جميع الشروط المطلوبة للموافقة على طرحها في الأسواق.
لكن الدكتور كارلاويش شكك في هذا الطرح، مشيرا إلى أنه بمجرد الموافقة على طرح العقار، فإنه سيكون من الصعب إقناع الأطباء أن يصفوا لمرضاهم بصورة عشوائية علاجا أو آخر تمت الموافقة عليه، وأن هذا النوع من الدراسات المقترحة سيحتاج إلى لسنوات طويلة، مما يزيد من صعوبة تنفيذه. واستطرد كارلاويش قائلا إنه يفضل شيئا آخر، وهو تطوير قاعدة بيانات إلكترونية وطنية عن الأدوية التي سوف تساعد على كشف مدى استخدام العقاقير المختلفة ومضاعفاتها. في غضون ذلك، قال كارلاويش، إنه لا يستطيع أن يتقبل مفارقة أن بعض الأدوية تسبب المشكلات الصحية التي كان من المفترض أن تساعد في علاجها أو الوقاية منها. وعلق على ذلك قائلا: «هذا أمر لا يقدر بثمن».
يَا سُـــورْيَا لاَ تنْحَنِيِ .. .. أَنَا لاَ أُذَلُ وَلاَ أُهَــــاَنْ
خَلِّي جَبِينَكِ عَاَلِيـــــاً .. .. مَادُمْتِ صَاحِبَةُ الْمَكَانْ
للاستفسار او مساعدة راسلوني على هاد الايميل
[email protected]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)