كل الآراء
ثمة مؤشرات و عوامل و إرهاصات تدعو إلى القلق الفعلي من إمكانية تحول موسم الحج المقبل حالة من حالات الصدام المفتعل و الذي غالبا ما تفتعله الأطراف الإيرانية المتطرفة و العقائدية في السلطة الإيرانية بإفتعالها في توقيتات متناسبة مع تفاعل ملف الأزمات الداخلية كما درجت عليه العادة خلال الحقب الماضية بكل ذكرياتها الدموية المرعبة التي لا بد من إستحضارها وأخذ العبرة منها و إستخلاص دروسها المرة, النظام الإيراني اليوم يعيش على إيقاعات مضطربة من الحيرة و التوجس و الإستعداد لمفاجآت المرحلة المقبلة في ظل التصعيد النضالي الذي ستقوم به الحركة الوطنية الإيرانية بكل أطيافها و شرائحها وهو تحرك سيحدث لا محالة و سيرسخ الربيع الثوري في إيران التي شهدت هدوءا بعد إنفجار الربيع العربي ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة , النظام الإيراني قد أطال خطوط المواجهة لأبعد من قدراته الذاتية وهو يخوض اليوم معركة مصيرية حاسمة للحفاظ على حلفائه الذين إعتمد عليهم طويلا في تمرير طروحاته وفي توسيع إندفاعاته الإقليمية التي تواصلت من كابول مرورا ببغداد ووصولا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ! كما أعلن هاشمي رفسنجاني ذات مرة , لقد أيقن قادة النظام الإيراني بأن المعركة في سورية التي يخوض شعبها حرب تقرير المصير ضد نظام البعث الوراثي البائس هي معركة خاسرة في النهاية وهم يضعون في حسابهم إمكانية إنهيار النظام الذي راهنوا عليه ودعموه و أقاموا معه تحالفا ستراتيجيا حقق لهم الكثير من المنافع الستراتيجية في الشرق العربي , ووفر لهم غطاء سياسيا وحركيا كان له من الأهمية الشيء الكثير , وبرغم دعمهم الإقتصادي وحتى القمعي لذلك النظام إلا أن الحقيقة العارية التي يعرفها قادة النظام الإيراني تؤكد ان أيام حليفهم السوري باتت معدودة و بأن التآكل الداخلي سيؤدي في النهاية إلى فناء النظام و بما سيؤدي بالضرورة إلى تقليص المجال الحيوي الإيراني و بما يفرض عليهم إدارة جديدة لملف الصراع الإقليمي يأخذ بنظر الإعتبار المتغيرات الناجمة عن ذلك التغيير , في العراق وحيث للنفوذ الإيراني أهمية ستراتيجية عظمى بعد أن تحول ذلك البلد العربي الكبير حديقة خلفية لمخابرات النظام الإيراني و لرجاله و غلمانه الذين تسيدوا مناصب الدولة العليا هناك , في العراق تدور أيضا رحى متغيرات هائلة قد لا تكون ظاهرة ولكنها محسوسة ستؤدي في نهاية المطاف إلى انحسار النفوذ الإيراني وتراجعه بشكل أكيد بعد هزيمة حلفائهم في دمشق , ولعل هزيمة المشروع التخريبي الإيراني في مملكة البحرين والدور الخليجي الكبير بقيادة السعودية في إجهاض المؤامرة الشنيعة هناك قد ترك صدمة حقيقية في نفوس مخططي الشر لأنهم كانوا يبنون آمالا عريضة على نجاح عملية التخريب الداخلي و إختراق السيادة البحرينية و إسقاط الشرعية الدستورية و التاريخية لصالح مشروعهم الطائفي العنصري المريض , ومن يعرف النفسية و العقلية الإيرانية السلطوية يعي جيدا انهم لا يمتصون الهزيمة بسهولة و لا يبتلعون نتائجها و ليست لديهم الروح الرياضية المعترفة بالهزيمة , بل يلجاءون لمختلف السبل وحتى لعمليات الضرب تحت الحزام من أجل الإنتقام خصوصا و إن الخلايا الإيرانية السرية أو العلنية منتشرة بشكل كبير وفاعل في المنظومة الخليجية و بعضها مفضوح حتى للمبصرين! في الفم ماء كثير و الرقابة لا تسمح بالإسترسال و التوضيح أكثر , و الحر تكفيه الإشارة , لذلك كان إستهداف السعودية من قبل المخابرات الإيرانية أمر حتمي و متوقع في ظل حالة الفوضى الإقليمية الراهنة وعدم حسم الكثير من الملفات الاخنة , والمحاولات الإيرانية للتسلل للثورات العربية بذريعة إنها ( صحوات دينية كانت من نتاج السياسة الإيرانية )!! وفي ذلك تشويه كبير للوقائع و لكفاح الشعوب من أجل الحرية و الكرامة و الإنعتاق , فليس في النموذج الإيراني القائم على الديكتاتورية و الإستبداد و القمع و الخرافة ما يغري الشارع العربي ? و ليس في التجربة الدموية السلطوية الإيرانية اي محفزات ثورية حقيقية للشعوب , فقط إنظروا كيف عامل النظام الإيراني قادة ثورة 1979 بدءا من المرجع الراحل آية الله حسين علي منتظري الذي مات مضطهدا لأنه قال كلمة الحق ورفض الإستبداد و ليس إنتهاء بآية الله كروبي أو السيد حسين موسوي الذي قاد الدولة الإيرانية في أحلك سنوات الحرب مع العراق وغيرهم الكثير من الذين تعرضوا لقمع الآلة السلطوية الإرهابية للحرس الثوري وهو المؤسسة الإرهابية التي تحكم إيران و تقودها نحو اليأس و الإفلاس و الدمار أيضا , يبدو واضحا و جليا بعد فشل المؤامرة الإيرانية في البحرين و المنطقة الشرقية من السعودية بأنهم في وارد التصعيد الإلتفافي و العودة لإثارة المشكلات في موسم الحج طبقا لرؤى خرافية يرفعها البعض و يحاول تطبيقها! و إستناداإلى لحسابات سياسية و أمنية وبهدف خلط الأوراق و سحب الإنتباه الدولي و الإقليمي لملفات أخرى , من المحتمل جدا لجوء العصابات الإيرانية إلى اشعال الموقف في موسم حج هذا العام بتظاهرات و شعارات تدليسية ستؤدي إلى مواجهات أمنية غير مطلوبة ولا محبذة ولربما تترك خسائر بشرية ومادية لا يستهان بها , الموقف حرج و التهديدات حقيقية وإستنادا إلى معلومات وقراءات لعقلية الطغمة الحاكمة في إيران وتصرفات ذيولها و عملائها المنتشرين في الخليج العربي , فالإيرانيون وهم يعيشون الحصار الاقليمي وإنحسار النفوذ لايمتلكون من وسيلة سوى التصعيد وعبر أكبر تجمع ديني سنوي , كل الإحتمالات ممكنة و كل الخيارات مفتوحة و الله يستر.
بقلم : داود البصري
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)