فيما تتسارع وتيرة التقارب المصري الايراني السوري وحلفائهما في المنطقة، يتصاعد القلق الامريكي تجاه هذا التقارب، بينما لا تخفي السعودية خشيتها على تهميش دورها المتراجع اصلا خاصة في ظل الثورات العربية المتصاعدة بالمنطقة.
ويرى مراقبون ان الإدارة الأمريكية تشعر بقلق بالغ من التحولات الجارية في السياسة الخارجية المصرية بعد اتخاذ المجلس العسكري الانتقالي قرارين لا يخفيان تغير التحالفات المصرية بالمنطقة، وجاء القرار الاول بالسماح لسفن ايران الحربية بالمرور عبر قناة السويس الى البحر المتوسط في طريقها الى ميناء سوري مما ادى الى اعادة رسم الممرات الاستراتيجية.
اما القرار الثاني فكان السماح لقادة حماس بالمرور من معبر رفح، بعد ان فرض عليهم نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الاقامة الاجبارية في القطاع لنحو عامين، بسبب رفضهم توقيع ورقة المصالحة المصرية، وتزامن القرار مع تصريحات دبلوماسية تعهدت برفع الحصار عن غزة، بدا جزء منها موجها الى الداخل المصري، وخاصة التيارات الاسلامية التي دخلت في 'تحالف' مع المجلس العسكري الحاكم.
وقالت صحيفة 'وول ستريت جورنال' إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق حيال مدير المخابرات العامة المصرية مراد موافي، خاصة بعد أن قام بزيارة غير معلنة إلى العاصمة السورية وتساءلت الصحيفة عما كان يفعله موافي فى دمشق ومع من التقى، ونقلت عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية قوله 'بصراحة، لدينا أفكارنا، لكننا لا نعرف شيئا محددا.. لن أقول إننا قلقون، لكن اهتمامنا هو أفضل كلمة لوصف الموقف'، إلا أن الصحيفة نقلت عن محمد علي بلال، وهو لواء سابق بالجيش تعامل مع موافي عن قرب قوله إن الأخير ومعه آخرون لديهم رؤية بأن العلاقة مع أمريكا يجب أن تكون مثلما كانت عليه قبل الثورة، فهذا عهد جديد ويجب مراعاة مصالح مصر. وتحدثت تقارير صحافية عن زيارة سرية قام بها الرئيس الجديد للمخابرات المصرية اللواء مراد موافي لسورية فى 18 اذار (مارس) الماضي، حيث التقى مسؤولين كبارا في الحكومة وحركة حماس.
ويرى مهتمون بالشأن السعودي ان مصر اصبحت ترى ان دور الرياض المتراجع اصلا بالمنطقة مع تنامي الدور الايراني لا يجعل من السعودية حليفا استراتيجيا عقب الثورة في مصر خاصة، والثورات العربية عامة، بينما لا يخفي الكتاب السعوديون عبر الاعلام السعودي الرسمي الخوف من هذا التقارب المصري الايراني.
والعنصر الأكثر أهمية في تقدير حجم الأهمية التي تحتلها ايران في مقابل السعودية، هو ان ايران تمسك بعدة ملفات في المنطقة لا تبدو الرياض قادرة على الإمساك بها، فمن افغانستان الى العراق الى لبنان وسورية وحركة حماس، تبدو إيران لاعبا كبيرا، بينما تبدو السعودية خالية الوفاض من كل تأثير، حسب المراقبين. وكان العراق هو أكبر هذه الملفات ويبدو هذا البلد وكأنه هو الجائزة الكبرى التي تركتها السعودية لتكسبها إيران، ولتكسب من خلالها مكانة كان من الأولى بالرياض ان تكون هي التي تحتلها، فالعراق جسر مهم بين سورية ولبنان والأردن وفلسطين، واحتلال هذا الجسر من جانب طهران يمنع السعودية من ان تترك تأثيرا حقيقيا في المنطقة.
جاء ذلك بينما أكد وزير الخارجية المصرية نبيل العربي أن إيران دولة من دول الجوار والحكومة المصرية لا تعتبرها دولة معادية أو عدوا بينما أعرب عن استعداد مصر بعد الثورة لفتح صفحة جديدة في العلاقة مع حزب الله و حركة حماس ومضيها في استعادة علاقة التعاون مع سورية.
وبينما ذكرت مصادر مطلعة ان الاتصالات المصرية السورية تسير في مناخ إيجابي فقد وصف رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي في إيران علاء الدين بروجردي إقامة علاقات مع مصر بانها 'فرصة مهمة' للدبلوماسية الإيرانية.
وأكد مجتبي أماني رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة أن اتصالات وجهودا تجرى حاليا بين القاهرة وطهران للإسراع بعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين.
ونقل عن أماني في تصريحات صحافية إن المسؤولين الإيرانيين تلقوا بارتياح وإيجابية كاملة تصريحات السيد نبيل العربي وزير الخارجية بشأن توجه مصر لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران.
وكان الرد الإيراني سريعا وتواقا بشأن التعاطي مع هذه الإشارات المصرية سواء من قبل وزير الخارجية الإيرانية ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري الإيراني. وأضاف أماني أن هناك آفاقا واسعة للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين فور عودة العلاقات، مشيرا إلي أن حجم التبادل التجاري لا يتجاوز مئة مليون دولار حاليا، وبالتالي يرغب الجانبان في زيادته بما يتناسب مع إمكانات وحجم البلدين في المنطقة. وأوضح أن قطع العلاقات طيلة الأعوام الثلاثين الماضية أثر بشكل سلبي علي التجارة والاستثمارات بين البلدين.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)