في كتاب الله تعالى الكثير من الأسرار الخفية التي لا يدركها إلا من تدبر هذا الكتاب العظيم. فجميع الآيات مترابطة بعضها مع بعض بقوة لتشكل بناء لغوياً محكماً، وهذا ما سنكتشفه من خلال النص القرآني التالي.
يقول تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس: 78-80].
هناك من ينكر إحياء الموتى بعد الموت ويقول إن الإنسان سيفنى ويتحول إلى تراب والعظام سوف تبلى وتتلف وهذه هي النهاية، ولذلك فقد ردّ الله تعالى على أمثال هؤلاء فقال: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) فهذا هو الدليل الأول، أي أن الذي خلق هذه العظام من لا شيء، أسهل عليه أن يعيد بناءها من جديد.
فالمهندس الذي قام بإنشاء برج من مواد أولية بلا شك يقدر على إعادة بنائه في حال تحطمه، هذا جائز بحق البشر فكيف بقدرة رب البشر سبحانه وتعالى؟!
الدليل الثاني يقدمه الله تعالى كمثال من عالم الشجر الذي نشاهده كل يوم حيث يقول: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا) أي أن الذي هيَّأ الظروف للأشجار والنباتات بعدما فنيت واندثرت وغاصت في التراب وتفتت ولم يبقَ منها شيء يُذكر... إن الذي تركها لتتخمر وتتحول إلى نفط وغاز وفحم حجري... وهذه الأشياء نستطيع اليوم أن نستفيد منها في كوقود في التدفئة والصناعة والنقل... إن الذي خلق هذه الظروف والقوانين التي تضمن إعادة الحياة للشجر على شكل وقود... قادر على أن يخلق ظروفاً جديدة تعيد الحياة للبشر بعد موتهم وقد فنوا!
والسؤال هنا: لماذا ضرب الله هذا المثل وما علاقة العظام بالشجر؟؟ للوهلة الأولى يبدو لنا أ،ه لا علاقة بينهما ولكن الاكتشاف الجديد يؤكد وجود علاقة قوية بين تشكل العظام والشجر بطريقة لا تخطر على بال أحد من البشر، لولا هذا الاكتشاف الجديد.
لقد توصل علماء ايطاليون من مركز أبحاث جامعة فلورنسا إلى اكتشاف طريقة لصناعة العظام من خشب بعض الأشجار وهذا ما يوفر مادة جديدة لصناعة بدائل العظام المهشمة بسبب الحوادث أو السرطان!!!
ويعتمد الاكتشاف العلمي الجديد على تحويل الخشب إلى مادة صلبة قوية التحمل تحاكي إلى حد ما خواص العظام البشرية، وتقول الباحثة "أنا تامبيري" Anna Tampieri رئيسة مجموعة البحث: إن تصنيع العظم يتم بتسخين الخشب عدة مرات ومعالجته بضغط عال مع تغيير التركيب الكيماوي له بإضافة الكالسيوم والفوسفات إليه ليصبح مادة قوية وشديدة التحمل يمكن لحمها بالعظام الحقيقية ثم يتم العمل على جعل بنيتها الداخلية مماثلة لعظام الإنسان
إن تصنيع عظام من الشجر أمر حديث لم يكن لأحد علم به زمن نزول القرآن، وبما أن القرآن قد استخدم مثال الشجر في موضع إحياء العظام وهي رميم، فهذه إشارة خفية لوجود علاقة بين العظم والشجر، ولكن العظم الذي صنعه الله تعالى يتميز بنفخ الروح فيه على عكس العظم الذي صنعه البشر حيث لا روح فيه.
الأمر الثاني أن الله تعالى يستخدم الحقائق العلمية لإثبات صدق كتابه وصدق وعده، فهذا الذي أنكر إعادة خلق العظام، يحتاج لدليل علمي ليقتنع بأنه من الممكن تصنيع عظام من مادة الشجر على يد البشر، ومن البديهي أن الله أقدر وأعظم من عباده، فهو قادر على إعادة تصنيع أو خلق هذه العظام من جديد.
الأمر الثالث أن الله تبارك وتعالى أشار إلى أمر مهم وهو وجود طاقة في الشجر، هذه الطاقة على شكل نار أودعها الله في الأشجار، بقيت للآلاف السنين وبسبب العوامل الطبيعية تحولت هذه الأشجار لفحم حجري وغاز طبيعي وبترول...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)