صفحة 9 من 21 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 33 إلى 36 من 81

الموضوع: الأضواء الكاشفة


  1. #33
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    أقول: المعلوم دينًا وعقلًا أن الأخبار إنما تحظر روايتها إذا ترتبت عليها مفسدة، وقد كثر في القرآن والسنة حكاية ما هو حق من الإسرائيليات وحكاية ما هو باطل مع بيان بطلانه، فدل ذلك على جواز ما كان من هذا القبيل، وبقي المحتمل، وما لا تظهر مفسدة في روايته على أنه محتمل.
    قال أبو رية: (روى أحمد عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي ص بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي ص فغضب وقال: «أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني» وفي رواية: «فغضب وقال: جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به»).
    أقول: هذا من رواية مجالد عن الشعبي عن جابر، ومجالد ليس بالقوي، وأحاديث الشعبي عن جابر أكثرها لم يسمعه الشعبي من جابر كما مر (ص38) وعلى فرض صحته فالغضب من المجيئ بذاك الكتاب كان لسببين: الأول: إشعاره بظن أن شريعتهم لم تنسخ، ولهذا دفع ذلك بقوله: «لو أن موسى كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني». والثاني: أنه قد سبق للمشركين قولهم في القرآن والنبي : { أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }. وفي اعتياد الصحابة الإتيان بكتب أهل الكتاب وقراءتها على النبي ترويج لذاك التكذيب، والسببان منتفيان عمن اطلع على بعض كتبهم بعد وفاة النبي كعبد الله بن عمرو.
    أما قوله: «لا تسألوا…إلخ» فقد بين أن العلة هي خشية التكذيب بحق أو التصديق بباطل، والعالم المتمكن من معرفة الحق من الباطل ومن المحتمل بمأمن من هذه الخشية، يوضح ذلك أن عمر رضي الله عنه وهو صاحب القصة كان بعد النبي ص يسمع من مسلمي أهل الكتاب وربما سألهم، وشاركه جماعة من الصحابة ولم ينكر ذلك أحد.
    قال: (وروى البخاري عن أبي هريرة: لا تصدقوا… إلخ).
    أقول: الذي في صحيح البخاري: عن أبي هريرة قال: «كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله ص: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم… إلخ».
    87
    فلم ينه عن السماع والاستماع، وإنما نهى عن التصديق والتكذيب، ولا ريب أن المنهي عنه هو التصديق المبني على حسن الظن بصحفهم، والتكذيب المبني على غير حجة، فلو قامت حجة صحيحة وجب العمل بها.
    قال: (وروى البخاري… عن ابن عباس أنه قال: «كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على رسول الله أحدث الكتب تقرءونه محضًا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه... إلخ».
    أقول: هذا من قول ابن عباس، وقد علمنا أنه كان يسمع ممن أسلم من أهل الكتاب وقد روي أنه سأل بعضهم، وأبو رية يسرف في هذا حتى يرمي ابن عباس بأنه: (تلميذ لكعب)، وبالتدبير يظهر مقصوده، ففي بقية عبارته: (لا والله ما رأينا رجلًا منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم) فدل هذا أن كلامه في أهل الكتاب الذين لم يسلموا، فأما الذين أسلموا فعمل ابن عباس يقتضي أنه لا بأس للعالم المحقق مثله أن يسأل أحدهم.
    قال (ص125): وروى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود قال: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا. إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل».
    أقول: في سنده نظر، فإن صح فقد تقدم معناه في حديث جابر وأثر ابن عباس.
    قال: «ولكن ما لبث الأمر أن انقلب بعد أن اغتر بعض المسلمين بمن أسلم من أحبار اليهود خدعة (؟) فظهرت أحاديث رفعوها إلى النبي تبيح الأخذ وتنسخ ما نهى عنه، فقد روى أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهما أن رسول الله ص قال: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
    أقول: صح هذا من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد الخدري؛ وليس بمخالف لما تقدم، كيف والحجة مما تقدم إنما هي في حديث أبي هريرة، فأما حديث جابر فلم يصح، وأثر ابن عباس من قوله. وقد بينه سياقه وفعله، وأثر ابن مسعود إن صح فقد تقدم حمله، ولو كان مخالفًا لكان رأي صحابي قد خالفه غيره، فالحجة في حديث أبي هريرة فقط، وهو بين في الإذن بالسماع والاستماع، ولم ينه إلا عن التصديق أو التكذيب بلا حجة، والرواية إما في معنى السماع والاستماع فيدل الحديث على الإذن فيها، وإما مسكوت عنها فتبين أن حديث: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» غير مخالف لحجة، ولو كان مخالفًا فأيما أولى أن يؤخذ به؟ أدلة المنع قد عرفت حالها، أما أدلة الجواز فصنيع القرآن والسنن الثابتة، وحديث صحيح صريح يرويه جماعة من الصحابة، وعمل عمر وعثمان وجماعة من الصحابة.
    88
    قال: (وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو من تلاميذ كعب الأحبار).
    أقول: لم يتعلما من كعب شيئًا وإنما سمعا منه شيئًا من الحكايات ظنًا أو جوزا صحتها فنقلاها، والذي يصح عنهما من ذلك شيء يسير، وكأن أبا رية يريد أنهما لما سمعا من كعب أحبا أن يرويا عنه فخافا أن ينكر الناس عليهما فافتريا -والعياذ بالله- على النبي ص ذاك الحديث يدفعان به إنكار الناس، وساعدهما على ذلك غيرهما من الصحابة كأبي سعيد الخدري. كأن أصحاب محمد ص جماعة من اللصوص لا يزَعهم دين ولا حياء وكأن صحبتهم له ومجالستهم وحفظهم للقرآن والسنن ومحافظتهم على الطاعة طول عمرهم لم تفدهم في دينهم وأخلاقهم شيئًا بل زادتهم وبالًا، فقد كانوا في جاهليتهم يتحاشون من الكذب. ولا ريب أن مثل هذا لا يقوله مسلم عاقل يعرف محمدًا ص ويؤمن بالقرآن وما فيه من الثناء البالغ على الصحابة ويعرف الصحابة أنفسهم، ولو أريد من ثلاثة معروفين من أصحاب السيد رشيد رضا أن يتفقوا على الكذب عليه لغرض من الأغراض لعز ذلك مع الفارق العظيم بين هذا وذاك من وجوه عديدة، هذا وسبيل المؤمنين الذي جرى عليه العمل في حياة النبي ص وفي عهد أصحابه قبول خبر الصحابي الواحد، فإن عرض احتمال خطأ أو نحو فقام صحابي آخر فأخبر بمثل ذاك لم يبق إلا القبول، كما يروى في خبر محمد بن مسلمة بمثل ما أخبره به المغيرة في ميراث الجدة فأمضاه أبو بكر، وكشهادة أبي هريرة لحسان بانشاده الشعر في المسجد في حياة النبي ص فأقره عمر، وكخبر أبي سعيد الخدري بمثل خبر أبي موسى في الاستئذان فاطمأن إليه عمر، وقد قال الله تبارك وتعالى: { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #34
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال أبو رية: (وقد جاءت الأخبار بأن الثاني وهو عبد الله بن عمرو بن العاص أصاب يوم اليرموك زاملتين من علوم أهل الكتاب فكان يحدث منها بأشياء كثيرة من الإسرائيليات، وقد قال فيهما الحافظ ابن كثير: إن منها المعروف والمشهور، والمنكور والمردود).
    أقول: هو نفسه رضي الله عنه لم يكن يثق بها، ولهذا كان يسمى صحيفته عن النبي (الصادقة) تمييزًا لها على تلك الصحف، وإنما كان يحكي من تلك الصحف، ماقام دليل على صدقه كصفة النبي ، أو كان محتملًا فيحكيه على الاحتمال.
    89
    قال: (رواية بعض الصحابة عن أحبار اليهود، كان من أثر وثوق الصحابة بمسلمة أهل الكتاب واغترارهم بهم أن صدقوهم فيما يقولون ويروون عنهم ما يفترون).
    أقول: إن أراد بالتصديق أن كعبًا مثلًا كان إذا قال: إني أجد في التوراة كيت وكيت، صدقوه في أن ذلك في التوراة التي بأيدي أهل الكتاب حينئذ وقد عرفوا أن فيها كثيرًا من التحريف والتبديل، فهذا محتمل؛ لأن كعبًا أسلم ثم تعلم الإسلام وبقي محافظًا على الإسلام مجتنبًا للكبائر متمسكًا بالعبادة والتقوى، فكان عدلًا عندهم فيما يظهر، فعاملوه بحسب ذلك، وهذا هو الحق عليهم، وإن أراد بالتصديق أن كعبًا مثلًا كان لو قال: إن من صفة الله تعالى كذا، لاعتقدوا -بناء على قوله أو صحفه- أن تلك صفة الله تعالى حقًا، فهذا كذب عليهم (راجع ص68)، أما أن مسلمي أهل الكتاب كانوا يفترون، فهذه دعوى يعرف حالها مما مر ويأتي.
    قال: (وقد نص رجال الحديث في كتبهم أن العبادلة الثلاثة وأبا هريرة ومعاوية وأنس وغيرهم قد رووا عن كعب الأحبار وإخوانه).
    أقول: أما الرواية عن كعب فقد ذكرت لهؤلاء ولعمر ولعلي ولابن مسعود كما في فتح المغيث للسخاوي (ص405) وعادة أهل الحديث أن يقولوا: (روى عنه فلان، روى عنه فلان) ولو لم يكن المروي إلا حكاية واحدة، وهذا هو الحال هنا تقريبًا، فأنك لا تجد لهؤلاء عن كعب إلا الحرف والحرفين ونحوها، وكثير من ذلك يأتي ذكر كعب فيه عرضًا. راجع ص69. وأما روايتهم عن إخوانه فمن هم؟ راجع ص70.
    قال (ص 126): (وكان أبو هريرة…. إلخ).
    أقول: ستأتي ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه وتعلم براءته.
    قال: (وقد استطاع أن يدس من الخرافات والأوهام والأكاذيب في الدين ما امتلأت به كتب التفسير والحديث والتاريخ فشوهتها وأدخلت الشك إليها).
    أقول: إنما كان كعب يخبر عن صحف أهل الكتاب، وقد عرف المسلمون قاطبة أنها مغيرة مبدلة، فكل ما نسب إليه في الكتب فحكمه حكم تلك الصحف، فإن كان بعض الآخذين عنه ربما يحكي قوله ولا يسميه فغايته أن يعد قولًا للحاكي نفسه وقوله غير حجة، وما جاوز هذا من شطحات أبي رية زيفته في غير هذا الموضع. (راجع ص 73).
    قال: (تكذيب الصحابة لكعب… نهى عمر كعبًا عن التحديث… وقال له: «لتتركن الحديث [عن الأول] أو لألحقنك بأرض القردة»).
    أقول: مر ما فيه (ص47) وقد أسقط أبو رية هنا كلمة (عن الأول) لحاجة في نفس إبليس [26] سيأتي شرحها في الكلام على ص163.
    قال: وكان علي يقول: (إنه لكذاب).
    أقول: لم يعز أبو رية هذا إلى كتاب، ولا عثرت عليه، ولو كان له أصل لذكر في ترجمة كعب من كتب الجرح والتعديل.
    90
    وذكر عن معاوية أنه: «ذكر كعبًا فقال: إنه من أصدق هؤلاء المحدثين عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب» وعلق على كلمة (أصدق) أن في رواية: أمثل وإنما وقع بلفظ: (أمثل) في عبارة نقلها (ص128) عن اقتضاء الصراط المستقيم وعلق هناك أنها هي الرواية الصحيحة، أما رواية "أصدق" (فيبدو أنها محرفة) كذا يجازف هذا المسكين، وصاحب الاقتضاء يورد في مؤلفاته الأحاديث من حفظه، وإنما الرواية (أصدق) كما في صحيح البخاري وغيره. هذا وقد بين أهل العلم أن مقصود معاوية بالكذب الخطأ. راجع فتح الباري (13: 282) وتهذيب التهذيب. والسياق يوضح ذلك، فالكلام إنما هو في التحديث عن أهل الكتاب، أي عن كتبهم. ولم يكن معاوية ينظر في كتبهم، وإنما كان كعب وغيره يحكون تنبؤات عما يستقبل من الأمور فيعلم الصدق أو الكذب بوقوعها وعدمه. والظاهر أنه كان عند كعب صحف فيها تنبؤات مجملة، وكانت له مهارة خاصة في تفسيرها، وبذلك كان أكثر صوابًا من غيره، ومن أعجب ما جاء في ذلك ما جرى له مع ابن الزبير، والذي يصح عنه من ذلك قليل، غير أن الوضاعين بعده استغلوا شهرته بذلك فكذبوا عليه كثيرًا لأغراضهم، وكان الكذب عليه أيسر عليهم من الكذب على النبي .
    قال: (قصة الصخرة بين عمر وكعب… إلخ).
    أقول: (قد تقدم النظر فيها ص75).
    قال (ص127): (…روى بعضهم عن كعب الأحبار أنه ذكر عند عبد الملك بن مروان وعروة بن الزبير حاضر أن الله قال للصخرة: «أنت عرشي الأدنى».
    أقول: واضع هذا جاهل، فإن قوله: عند عبد الملك بن مروان يعني في خلافته، وإنما ولي سنة (65) بعد وفاة كعب ببضع وثلاثين سنة.
    قال (ص128): (وفي مرآة الزمان لسبط بن الجوزي: «... وكان -أي: عمر - يضربه بالدرة ويقول له: دعنا من يهوديتك».
    أقول: لم يسند السبط هذه الحكاية، وهو معروف بالمجازفة.
    قال: (الإسرائيليات في فضل بيت المقدس).
    ذكر أخبارًا عن كعب منها خبر «أنت عرشي الأدنى» المار قريبًا ونسبها إلى بعض كتب الأدب وقد قال هو نفسه (ص129) (بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث في فضلها وفضل المسجد الأقصى) وإنما
    91
    بنيت قبة الصخرة بعد وفاة كعب ببضع وثلاثين سنة. وفي كتاب فضائل الشام للربعي سبع عشرة حكاية عن كعب قال فيها مخرجه الشيخ ناصر الدين الأرناؤط: (كل الأسانيد لا تصح) وفي هذا تصديق لما قلته مرارًا أن غالب ما يروى عن كعب مكذوب عليه. وبعد: فلو صح شيء من ذلك فإنما كان كعب يخبر عن صحف اليهود، ومعقول أن يكون فيها أمثال ذلك.
    قال: (وعن أبي هريرة… إلخ).
    أقول هذا كذب مفترى على أبي هريرة رضي الله عنه، وقد قال أبو رية (ص129): (بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث… إلخ) وإنما بنيت بعد وفاة أبي هريرة بعدة سنين. وقوله: (تلميذ كعب الأحبار) يطلقها ظالمًا على أبي هريرة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم من الصحابة الذين قال الله تعالى فيهم: { لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ }.


  • #35
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال: (ص129) (وفي حديث: أن الطائفة من أمته… إنهم في بيت المقدس وأكنافه).
    أقول: روي هذا من حديث أبي أمامة بسند ضعيف، وعلى فرض صحته فليس المراد أنهم هناك دائمًا، كيف ولم يكن هناك في عهد النبي أحد من المسلمين؟ وإنما المعنى أنهم يكونون هناك في آخر الزمان حين يأتي أمر الله.
    وقال: (ما قيل في المسجد الأقصى: كانت الأحاديث الصحيحة أول الأمر في فضل المسجد الحرام ومسجد رسول الله، ولكن بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث في فضلها وفضل المسجد الأقصى).
    أقول: أما الصخرة فنعم لا يثبت في فضلها نص، وأما المسجد ففضله ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.
    قال: (وقد روى أبو هريرة [مرفوعًا]: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد… إلخ»).
    أقول: الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وبصرة الغفاري، وجاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهم.
    وذكر قول ميمونة لامرأة نذرت أن تصلي في بيت المقدس: «اجلسي وصلي في مسجد رسول الله، فإني سمعت رسول الله يقول: صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة».
    قال أبو رية: (ولو أن المسجد الأقصى كان قد ورد فيه تلك الأحاديث لما منعت ميمونة هذه المرأة من أن توفي نذرها).
    92
    أقول: رأت ميمونة أن الصلاة في مسجد المدينة أفضل فلم تر فائدة لسفر وعناء لأجل صلاة يمكن أداء أفضل منها بدونهما. وهذا لا ينفي أن يكون للمسجد الأقصى فضل في الجملة كما هو ثابت، وأن يكون للصلاة فيه فضل دون فضل الصلاة في مسجد المدينة. وهذا واضح.
    قال (ص130): (اليد اليهودية في تفضيل الشام: … إن الشام ما كان لينال من الإشادة بذكره والثناء عليه إلا لقيام دولة بني أمية فيه… فكان جديرًا بكهنة اليهود أن ينتهزوا هذه الفرصة… وكان من هذه الأكاذيب أن بالغوا في مدح الشام).
    أقول: أما فضل الشام فقد ثبت بكتاب الله عز وجل كما مر (ص65)، والعقل يتقبل ذلك؛ لأنها كانت منشأ غالب الأنبياء والمرسلين، كما يتقبل أن ينوه النبي بفضلها تبيانًا للواقع وترغيبًا للمسلمين في فتحها والرباط فيها، أما الأخبار الكثيرة الواهية في فضل الشام وبيت المقدس والصخرة فالنظر في أسانيدها يبين أنها إنما اختلقت بعد كعب بزمان لأغراض أخرى غير اليهودية.
    قال: (مر بك ذرو مما قال هؤلاء الكهنة في أن ملك النبي سيكون بالشام).
    أقول: جاء هذا عن كعب، فإن صح فالظاهر أنه كذلك كان في صحف أهل الكتاب، فقد أثبت القرآن ذكر النبي فيها، ومن أبرز الأمور في شأنه ظهور ملك أصحابه بالشام. وراجع (ص71).
    قال: (وأن معاوية قد زعم… إلخ) أقول: هذا باطل. راجع (ص64).
    قال (ص131): (في الصحيحين: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» ثم قال: (روى البخاري: هم بالشام).
    أقول: الذي في صحيح البخاري ذكر الحديث من طريق عمير عن معاوية مرفوعًا ثم قال: (قال عمير فقال مالك بن يخامر، قال معاذ: وهم بالشام) وليس لمالك بن يخامر في الصحيح سوى هذا، وجعله من قول معاذ فيما يظهر، لا من الحديث؛ والواو فيه هي واو الحال أي: أنه يأتي أمر الله وهم بالشام، وإتيان أمر الله يكون آخر الزمان وليس المراد أنهم يكونون دائمًا بالشام، كيف ولم يكن بها في عهد النبي . والبخاري يحمل الطائفة على أهل العلم، ومعلوم أن معظمهم لم يكونوا بالشام في عصره ولا قبله.
    93
    قال: (وفي مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: «لا يزال أهل الغرب ظاهرين [على الحق] حتى تقوم الساعة»).
    أقول: إنما هو في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص، وليس عن أبي هريرة، والظاهر أن أبا رية تعمد خلاف الرواية، ولا أدري لماذا أسقط "على الحق".
    قال: (قال أحمد وغيره: هم أهل الشام).
    أقول: قد قيل وقيل. وأقرب الأقوال أن المراد بالغرب الحدة والشوكة في الجهاد، ففي حديث جابر بن سمرة: «لا يزال هذا الدين قائمًا تقاتل عليه عصابة… إلخ» وفي حديث جابر بن عبد الله: «…طائفة من أمتي يقاتلون» ونحوه في حديث معاوية وحديث عقبة بن عامر. أما ما يحكى أن بعضهم قال: (المغرب) فخطأ محض.
    قال: (وفي كشف الخفا… إلخ).
    أقول: قد تقدم أن كعبًا توفي وسط خلافة عثمان، وأنه لم يصح عنه ما نسب إليه في فضائل الشام شيء.
    قال: (ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي التي أشير عليها بالصحة).
    أقول: ليست تلك الإشارة معتمدة دائمًا.
    وذكر حديث: «الشام صفوة الله… إلخ»، وهو في المستدرك (4: 509) قال الحاكم: (صحيح الإسناد)، تعقبه الذهبي فقال: (كلا وعفير هالك)، يعني أحد رجال سنده.
    وذكر حديث: «طوبى للشام… إلخ» وهذا جاء من حديث زيد بن ثابت وصححه الحاكم وغيره من المتأخرين، وفي صحته نظر.
    وذكر حديث: «ليبعثن الله من مدينة بالشام… إلخ» وهذا روي من حديث عمر، وفي سنده أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم ضعيف مختلط.
    وقال في حاشية (ص132): (هذا هو الحديث الصحيح… إلخ).
    أقول: راجع (ص86).
    وذكر (ص134) فصلًا لصاحب المنار في الحط على كعب ووهب، وقد تقدم ما يكفي.
    وفيه (ص135): (… فمن المعتاد المعهود من طباع البشر أن يصدقوا كل خبر لا يظهر لهم دليل على تهمة قائله فيه ولا بطلانه في نفسه، فإذا صدق بعض الصحابة كعب الأحبار في بعض مفترياته التي كان يوهمهم
    94
    أنه أخذها من التوراة أو من غيرها من كتب أنبياء بني إسرائيل وهو من أحبارهم أو في غير ذلك فلا يستلزم هذا إساءة الظن بهم).
    أقول: أما من أسلم من أهل الكتاب وظهر حسن إسلامه وصلاحه فأخبر عن صحف أهل الكتاب بشيء فلا إشكال في تصديق بعض الصحابة له في ذلك بمعنى ظن أن معنى ذاك الخبر موجود في صحف أهل الكتاب، وإنما المدفوع تصديق الصحابة ما في صحف أهل الكتاب حينئذ مع علمهم بأنها قد غيرت وبدلت، وقول النبي : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم» وقد مر كلام ابن عباس وغيره في ذلك. (راجع ص68 و 89) فالحق أنهم لم يكونوا يصدقونها إلا أن يوجد دليل على صدقها، وذلك كخبر عبد الله بن عمرو عن صفة النبي في التوراة، ولذلك أقسم عليه (راجع ص71)، فأما ماعدا ذلك فغاية الأمر أنهم إذا وجدوا الخبر لا يدفعه العقل ولا الشرع ولا هو من مظنة اختلاق أهل الكتاب وتحريفهم أنسوا به، فإن كان مع ذلك مناسبًا في الجملة لآية من القرآن أو حديث عن النبي مالوا إلى تصديقه، وإخبار الإنسان عما يعلم السامعون أنه لم يدركه لا يعطي أنه جازم تصديقه؛ لأن مثل هذا الخبر كالمتضمن لقوله: (بلغني…).
    قال أبو رية (ص137): (الكيد السياسي… إلخ).
    ثم ذكر قصة عبد الله بن سبأ، وقد نقدها الدكتور طه حسين في الفتنة الكبرى فأجاد.
    وقال (ص138): (وقد وضع كعب يده في يد ابن سبأ… إلخ).
    أقول: هذا تخيل صرف.
    قال: (فقد روى وكيع عن الأعمش عن أبي صالح… إلخ).
    أقول: ينظر السند إلى وكيع، والأعمش مدلس، وأبو صالح لم يتبين إدراكه للقصة، ولو صحت لما دلت إلا على أحد أمرين: إما أن كعبًا وجد ذلك في صحفه كما يشهد له ما أخبر به ابن الزبير، وإما أنه كان عميق النظر وبعيده.
    قال (ص139): (وصفوة القول في هؤلاء اليهود… إلخ).


  • #36
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    أقول: الكيد اليهودي المحقق كيد جولدزيهر وإخوانه المستشرقين المحاولين تصوير الصحابة في صورة مغفلين خرافيين يتلاعب بهم كعب، وأبو رية ممن سقط فريسة لهذا الكيد ثم عاد فارسًا من فرسانه.
    المسيحيات

    95
    وذكر (ص140) (المسيحيات في الحديث…إلخ).
    وذكر تميمًا الداري رضي الله عنه فافترى عليه، وعلق في الحاشية أن تحوله إلى الشام بعد قتل عثمان كان لتمكين الفتنة، والناس يعرفون أنه إنما أتاها لأنها وطنه.
    وذكر (ص141) حديث الجساسة وكلام صاحب المنار فيه وقوله: (النبي ما كان يعلم الغيب… وكثيرًا ما صدق المنافقين والكفار… إلخ).
    أقول: قد مر (ص19) أنه لم يثبت أن النبي صدق كاذبًا، وإنما كان إذا احتمل عنده خبر إنسان أن يكون صادقًا وأن يكون كاذبًا يبني على احتمال صدقه ما لا يرى ببنائه عليه بأسًا، والفرق بين القضايا التي تقدمت هناك وبين خبر الجساسة عظيم جدًا، والأحاديث الثابتة في شأن الدجال كثيرة، ويعلم منها أن كثيرًا من شأنه خارج عن العادة، وكما أن الملائكة قد يأذن الله تعالى لهم فيتمثلون بشرًا يراهم من حضر، ثبت ذلك بالقرآن في قصة الملائكة مع إبراهيم ومع لوط، وفي تمثل الملك لمريم وغير ذلك، وثبت في السنة في عدة أحاديث، فكذلك قد يأذن الله تعالى للشياطين -لحكمة خاصة- فيتمثلون في صور يراها من حضر، فأما الجساسة فشيطان، وأما الدجال فقد قال بعضهم إنه شيطان، وعلى هذا فلا إشكال، كشف الله تعالى لتميم وأصحابه فرأوا الدجال وجساسته وخاطبوهما ثم عاد حالهما إلى طبيعة الشياطين من الإستتار، وإن كان الدجال إنسانًا فلا أرى ذلك إلا شيطانًا مثل في صورة الدجال؛ لأن النبي قال في أواخر حياته: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد» انظر فتح الباري (2: 61) والحكمة في كشف الله تعالى لتميم وأصحابه عما كشف لهم عنه أن يخبروا بذلك فيكون موافقًا لماكان النبي يخبر به فيزداد المسلمون وثوقًا به وهذا بين في الحديث، إذ قال النبي بعد ذكره لتميم «وحدثني حديثًا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال» ثم قال: «ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم. فقال: فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة».
    وقال: (ص144): (ومن المسيحيات في الحديث ما رواه البخاري عن أبي هريرة أن النبي قال: «كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين يولد غير عيسى بن مريم، ذهب يطعن فطعن
    96
    في الحجاب». وفي رواية: «إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخًا، غير مريم وابنها» ثم قال: وفقه هذا الحديث الذي سمعه الصحابي الجليل… حتى الرسل نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم وخاتمهم محمد صلوات الله عليهم وعلى جميع النبيين. فانظر واعجب).
    أقول: أما المؤمن فيعجب من جرأة أبي رية وتحكمه بجهله على رب العالمين أحكم الحاكمين عالم الغيب والشهادة. إن هؤلاء الرسل نبئوا بعد أن بلغ كل منهم أربعين سنة، وقد آتى الله تعالى يحيى وعيسى النبوة في صباهما، وقال الله تعالى في مريم وعيسى: { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا } هل يجحد أبو رية هذا؟ أم يجحد قول الله تعالى: { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا }.. الآيات؟ وقول الله تعالى لخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ونحوها من الآيات؟ أما المؤمنون فيؤمنون بهذا كله، ويؤمنون بأنبياء الله كلهم، لا يفرقون بين أحد منهم ولا يخوضون في المفاضلة بينهم اتباعًا للهوى، وأرجو أن لا يكون من ذلك ما يلجئ إليه مقتضى الحال هنا مما يأتي:
    إن الفضل الذي يعتد كمالًا تامًا للإنسان هو ما كان بسعيه واجتهاده، ومن هنا كان فضل الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام. أما طعن الشيطان بيده فليس من شأنه أن يثاب العبد على سلامته منه ولا أن يعاقب على وقوعه له، بل إن كان من شأنه أن يورث في نفس الإنسان استعدادًا ما لوسوسته فالذي يناله ذلك ثم يجاهد بسعيه ويخالف الشيطان ويتغلب عليه أولى بالفضل ممن لم ينله.
    ثم ذهب قاتله الله يسخر من حديث شق صدره ، قال: (ولم يقفوا عند ذلك
    97
    بل كان من رواياتهم أن النبي لم ينج من نخسة الشيطان إلا بعد أن نفذت إلى قلبه، وكان ذلك بعملية جراحية… وكأن العملية الأولى لم تنجح فأعيد شق صدره…).
    أقول: لم يكن شق الصدر لإزالة أثر النخسة كما زعم، وإنما كان لتطهير القلب من شيء يخلق لكل إنسان بمقتضى أنه خلق ليبتلى، أما تكراره فقد أنكره بعضهم كما في الفتح حملًا لما ورد من ذلك على خطأ بعض الرواة، وفي صحيح مسلم ذكر وقوعه في الطفولة وعند الإسراء وقال في الأول: «أتاه جبريل… فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله…» وقال في حديث الإسراء: «فنزل جبريل ففتح صدري ثم غسله… ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغها في صدري» فليس في الثاني ذكر إخراج القلب ولا إخراج علقة منه، ولا ذكر حظ الشيطان، وإنما فيه ذكر الصدر وزيادة ذكر إفراغ الحكمة والإيمان فيه، فتبين أن المقصود ثانيًا غير المقصود أولًا، وأن كلًا من المقصودين مناسب لوقت وقوعه، وفي الفتح: (قال ابن أبي جمرة: الحكمة في شق قلبه مع القدرة على أن يمتلئ قلبه إيمانًا وحكمة بدون شق: الزيادة في قوة اليقين؛ لأنه أعطي برؤية شق بطنه وعدم تأثره بذلك ما أمن معه من جميع المخاوف العادية، فلذلك كان أشجع الناس وأعلاهم حالًا ومقالًا، ولذلك وصف بقوله تعالى: { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى }. أقول: وحكمة عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى أدق وأخفى من أن يحيط بها البشر.
    قال أبو رية (ص146): (وإن هذه العملية الجراحية لتشبه من بعض الوجوه عملية صلب السيد المسيح عليه السلام، وهو لم يرتكب ذنبًا يستوجب هذا الصلب، وإنما ذكروا ذلك ليغفر الله خطيئة آدم…).
    أقول: شق الصدر لم يؤلمه البتة، وليس هو تكفير ذنبه ولا ذنب غيره فأين هو -قاتلك الله- من خرافة الصلب؟
    قال: (ولئن قال المسلمون… ولم لا يغفر الله لآدم خطيئته بغير هذه الوسيلة القاسية…، قيل لهم: ولم لم يخلق الله قلب رسوله الذي اصطفاه كما خلق قلوب إخوانه المرسلين؟)
    أقول: أما المسلمون فلا يقولون ما زعمت، وإنما يقولون: كيف يذنب آدم وهو عبد من عبيد الله فيعاقب الله عيسى، وهو عند زاعمي ذلك "ابن الله الوحيد" بتلك العقوبة القاسية التي تألم
    98
    لها عيسى بزعمهم أبلغ الألم وصرخ بأعلى صوته: (إيلي إيلي، لم شبقتني؟) أي: إلهي إلهي لِمَ تركتني؟
    ثم من أين علمت أن قلوب سائر المسلمين لم تخلق كما خلق قلب محمد؟ فقد تكون خلقت سواء وخص محمد بهذا التطهير أو طهرت أيضًا بهذه الوسيلة أو غيرها (والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
    وعلق (ص144) بحكاية شيء من هذر القسوس، وفيما تقدم كفاية.
    وقال (ص147): (ولا أدري والله أين ذهبوا مما جاء في سورة الحجر.. إلخ).
    أقول: فأين يذهب أبو رية من تدلية الشيطان لآدم إلى أن كان ما ذكره الله تعالى بقوله: { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } ومن قول موسى بعد قتله القبطي: { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ومن قول أيوب: { مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } وقول الله تعالى لمحمد : { خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ }. أما آية الحجر فعلى المشهور أن المراد بقوله: { إِنَّ عِبَادِي } عباده المخلصون خاصة، فقوله: { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } معناه والله أعلم: لن تسلط على إغوائهم الإغواء اللازم؛ لأن الكلام فيه لتقدم قوله { لأغوينهم أجمعين } وهذا لا ينافي أن يسلط على بعضهم لإغواء عارض، أو لإلحاق ضرر لا يضر بالدين.
    ثم ذكر (ص147) عن الرازي وغيره أن الخبر على خلاف الدليل لوجوه: (أحدها: أن الشيطان إنما يدعو إلى الشر من يعرف الخير والشر، والصبي ليس كذلك).

  • صفحة 9 من 21 الأولىالأولى ... 789101119 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 14 (0 من الأعضاء و 14 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الجزيرة يقيل مدربه العراقي عماد توما رغم بقاء الفريق بدوري الأضواء
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-13-2010, 02:30 AM
    2. «أصيلة» الإماراتي يخطف الأضواء في مهرجان سينما الأطفال
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 03:46 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1