( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه شكره قومه على حسن اهتمامه ثم استعد الفريقان للقتال وجرت بينهم عدت وقائع واهوال انتصربها المهلهل وكسب اموالا كثيره وقتل سادات كثيره حتى ضعفت بنو بكر وذلت وبعد كثرتها قلت واضحمك ( قال الراوي ) فبينما هم في حاله الذل والانكسار واذا بغبار قد علا وثار قاصدا بلادهم وتلك الديار فشخصت اليه الابصار ساعه من النهار إلى ان ارتفع وتمزق وبان من تحته الف فارس وكلهمخ با لسلاح والدوق وفي اولهم فارس بالحديد غاطس كأنه قله من القلل او قطعه فصلت من ذيل جبل وعلى راسه البيارق والريات والسناجق فلما راه جساس استبشروا وايقن بالفرج بعد الشقا والكدر ولما اقترب للعيان ونأملته الفرسان واذا اسد الاجام الامير سيبون ابن الامير همام وكان المذكور قد خرج في جماعه من فرسان الصدام للغزو على بلاد الروم وذلك من عهد وقوع الزير في البحر كما سبق الكلام فلما عرفوا وتحققوا خرجوا اليه واستقبلوه وفرحوا بقدومه الي الديار وكان ذلك اليوم عندهم اعظم نهار فذبحوا الذبائح وطعموا الغادي والرائح وكان افراح الخلق ابوة همام وامه ضباع حيث لم يكن غيره سوى الذي قتل الزير على بير السباع فلما نزل بصيوانه بابطاله وفرسانه خاع عدته وغير بذلته ودقت له النوبات وقامت الافراح والمسرات وعمل جساس وليمه عظيمه لها قدر وقيمه استدعى اليها جميع الاكابر وامراء القبائل والعشائر وكان شيبون قد وجد السادات والاعيان في هموم واحزان فسال عن ذلك الشان فقال جساس له لاتسال يا ابن أخي عما اصابنا ودهانا من خالك الزير غالمهان فانه يكتف بقتل اخيك شيبان حتى جعلنا مثلا بين العربان على طول الزمان فانه افنى رجالنا واهلك ابطالنا وقد حرمنا هجوع الليل وهدمنا القوى والحيل كل هذا هو لايقبل منا ديه ولامال ديه ولامال ولافديه وقد اعلمنا بالقضيه واو قفناك على باطن الطويله فلما سمع شيبون هذا الكلام صار الضيا في عينيه كالضلام من عظم ما قاله اخمرت عينيه وشتم خاله ووعدهم بالمساعده والمعاضده وان يكون معهم على قتال خاله يد واحده ثم نظم هذه القصيده وارسلها لخاله على سبيل الملام والتهديد :
قال شيبون ابن همام الامير حامي الزينات طعان العدا مرعب الفرسان في يوم اللقا ساقيا للعدى كاس الردى ضر ب سيفي يقطع السيف المتين ثم يقدح الصخور الجمدا كل من يبغي قتالي يرتدي ويرتمي فوق الصعيد ممدا لم يبق لي مقارن في المجال حين يلقوني يولدا شردا وانت يا خالي مهلهل ياهمام شد عزمك للقتال إلى غدا ولاتقل يا خالي ما اعلمتني يا قليل العقل لاتتمردا ابرز الي في الصباح ولاقني ثم ابشر يا مهلهل بالردا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
( قال الراوي ) فلما فرغ شيبون من شعره ومقاله ختم الكتاب وارسله إلى خاله مع رجل من ابطاله فلما فتحه الزير وقرأه وعرف فحوى معناه أجارت وغاب من ديناه وقد شق عليه وتأسف وصفق كفا على كف وقال انه معذور في هذه الامور لانه جاهل مغرور فلقتضى ان ينتصح قبل ان يفتضح فاجابه على ابياته تقول :
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
قال أبو ليلى المهلهل انني مفرج الكروبات في يوم الزحام يا فتى شيبون يا ابن اختي ضباعا تهددني في كتابك يا غلام ثم تطلبني إلى سوق المجال وانت قصير على وضرب الحسام احتفظ من ان تجهل يا امير الجهل يسقيك كاسات المدام اطرد الشيطان ابليس اللعين وانتصح من قول خالك ياهمام لاتخالفني واسمع ما اقول يقتلك جهلك وما تبلغ مرام رد عما انت فيه ولاتزيد ان كنت تبغي حربي والصدام شد عزمك غدا انتلاقى سوى من طلوع الفجر إلى وقت الظلام
فلما انتهى الزير من شعره ونظامه ارسل الكتاب إلى ابن اخته شيبون فلما فتحه وعرف ما احتوى عليه من المضمون مزقه ولم يكترث ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح ودقت طبول الحرب والكفاح وركب شيبون وجساس وكذلك الزير الفارس الدعاس والتقوا با بطالهم ورجالهم وتشددا في قتالهم وكان شيبون قد برز إلى ساحه الميدان وتبعه الابطال والفرسان والتقى بفرسان تغلب وفعل بهم العجب فما صدم فارسا الااعطبه وعن ظهر جواده اقلبه ثم صاح وحمل بقلب اقوى من جبل وطلب براز خاله المهلهل وكان الزير لما شاهد افعال ابن اخته وما فعل بابطاله ورفقه حمل عليه واحمرت اماق عينينه وقال اذهب يا وجه العرب قبل ان تهلك وتعطب فقال إلى اين اذهب يا خالي وانت غايه بغيتي وامالي فو الله لاقتلك في هذا النهار واطفى اخبارك من بين القوم لانك طغيت وتجبرت وافتريت فاغتاظ الزير من هذا الكلام والتهديد والتقاه بقلب شديد وجرى بينهما في اليتال وقائع واهوال تشيب الاطفال ولما طال المطال قال له الزير امام تالابطال ارجع يا ابن اختي بامان قبل ان يحل بك الهوان وتلحق باخيك شيبان فارجع إلى اهلك وامك وارسل لي ابطال قومك مع جساس عمك فلم يجبه شيبون بكلام بل كان يقايل كسبع الاجام وكان الزير كلما حكم عليه باالضرب في الحرب تمنع عن اذاه شفقه عليه واكرام لخاطر والديه وما زال يقاتله ويداريه وينصحه بتلرجوع عما فيه إلى ان اقبل الظلام فعند ذلك توقف القتال ورجعت الفرسان الابطال عن ساحه المجال ثم والتقوا في اليوم الثاني وكان أول من برز إلى ساحة الميدان الامير شيبون فصاح وطلب براز المهلهل فالتقاه الزير ونهاه عن قتا له فلم ينتصح بمقا له بل تقد م ا ليه وهجم عليه واشار يقول متهددا اياه امام الفرسان والفحول :
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
أنا شيبون ابن همام الامير فارس الفرسان في يوم النكير استمع يازير قولي وافهم لابد من قتالك يا وغدا حقير مابقالك مخلص مني ولا من حسامي اليوم لو انك تطير ثم آخذ ثار اعمامي الجميع كم بطل صنديد صيرته حقير ليس لك قلب على اختك يحن وأولاد عمك ذاقوا منك النكير كم قتلت منهم خلق كثير كم يتمت كل طفل صغير سوف ترى حربي يا مهلهل في لقاء الابطال ما لي نظير قد اخبروني يوم جئت بانك يا قليل العقل تركب للحمير مايقنى الحمار الا الحمار ما انا مثلك ولاعقلي صغير هات لي سيفك ورمحك والثياب هات أبو حجلان كاطير يطير حتى اقتلك من حسامى والقنا وتطلب الجير ومثلى من يجير ان كنت لاتنصح فهذا حربنا ويكون النصر من رب القدير
فلما سمع الزير هذا الكلام وقع عليه اشد من ضرب الحسام فأجابه يقول :
قال أبو ليلى المهلهل ثم قال انت ياشيبون ماعاد لك بعير هرجت ياشيبون مافي قولك كثير الجحش لا تخطل كما يحمل بعير لو سقيت الجحش من سكر وسمن ولو خلطت له الصنوبر والشعير لا عاش اصله ماينفع منه الجميل اكيد هو مجنون من يقني الحمير وانت ياشيبون لو لم تكن حمار مارجعت اليوم إلى حربي تغير فاني قد عفوت عنك البارحه من امك وابوك نعم النصير وانت تعلم انني سبع الرجال قتلت منكم اثنى عشر الف امير هذا من غير التوابع والغريب تاه فيهن العدد ناس كثير كم نصيحه نصحتك لاتنتصح جاهل سوف تقع في وسط نير لم يبق لي ذنب ان اتك مني ضرب بهدى الابدان ماعاد لك مجير دونك الميدان ياشيبون قم وقو عزمك لايكون باعك قصير
( قال الراوي ) فلم يلتفت شيبون إلى كلامه ولا أكترث بالتوبيخ والملام بل حمل عليه حملة أسد الغاب واخذ معه في الطعان والضرب فالتقاه مهلهل بالعجل بقلب اقوى من الجبل واشتد القتال وعظمت الاهزال حتى تعبت من تحتها الخيل وارتخى منهما العزم والحيل ومالا على بعضهما البعض كل الميل وكان الزير يطاوله ويحاوله واستمر يقاتلان ثلاث ساعات من الزمان حتى استعظمت من قتالهما الفرسان وشخصت اليهما عيون الشجعان وكان الامير شيبون يود ان يقتل خاله ويعدمه الحياة ويفتخر
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)