جاء مَسْلمة قد جاء أهلُ الشام. وما أهل الشام إلاّ تِسْعة أسْيَاف منها سَبْعة مَعِي واثنان عَليّ وما مَسْلمة إلا جرادة صَفْراء وأما العبَّاس فبسطوس بن بسطوس أتاكم في بَرابرة وصَقالبة وجَرَامقة وأقْباط وأنباط وأخلاط أقبل إليكم الفَلاّحون والأوباش كأشلاء اللحم واللهّ ما لَقُوا قطُّ حدًّا كحدّكم ولا حديداً كحَديدكم. أعيرُوني سواعَدكم ساعةَ من نهار تصفقون بها خراطيمَهم فإنما هي غَدْوة أو رَوْحة حتى يحكم اللهّ بيننا وهو خيرُ الحاكمين. خطبة لقس بن ساعدة الأيادي ابن عبّاس قال: قَدِيم وَفْد إياد على رسول الله فقال: أيكم يعرف قُسي بن ساعدة الإياديّ قالوا: كُلنا يعرفه. قال: فما فَعل قالوا: هَلَك. قال: ما أنْساه بسُوق عُكاظ في الشهر الحَرام على جَمَل له أحْمر وهو يَخْطُب الناس ويقول اسمعوا وعُوا مَن عاش مات ومَن مات فات وكلّ ما هو آت آت إنّ في السماء لخبراً وإنّ في الأرْض لَعِبَرا سَحَائِبُ تَمُور ونُجُوم تَغُور لا فلك يَدور ويُقْسم قُسقٌ قَسَماً إن لله لدينا هو أرضى من دِينكم هذا. ثم قال: مالي أرى الناس يَذْهبون ولا يَرْجِعون أَرَضُوا بالإقامة فأقاموا أم تُركوا فناموا أيُّكم يَرْوي من شِعره فأنشد بعضهم: في الذَّاهبين الأوَّلي ن مِنَ القُرون لنا بَصَائرْ لما رأيتُ موارداً للمَوْتِ ليس لها مَصادر ورأيتُ قَوْمي نَحْوَها يَمْضي الأكابر والأصَاغر لا يَرْجِع الماضي ولا يَبقى من الباقِين غابِر أيقنتُ أنِّي لا مَحا لةَ حيثُ صار القومُ صائر خطبة لعائشة أم المؤمنين رحمها الله يوم الجمل: قالت: أيها الناس صَهْ صَه إنّ لي عليكم حُرْمَة الأمومة وحق المَوْعظة لا يتّهمني إلا مَنْ عَمى ربّه مات رسول الله بين سَحْري ونَحْري فأنا إحدَى نسائه في الجَنّة له ادّخَرَني ربِّي وخلصني من كل بُضْع وبي مَيّز مُؤمنكم من مُنافقكم وبي أرْخَصِ الله لكم في صَعِيد الأبْوَاء ثم أبِي ثاني اثنين اللهّ ثالثهما وأوَّل من سُمِّي صِدِّيقاً. مَضى رسولُ الله راضياً عنه وطَوَقه أعباء الإمامة ثم اضطرب حَبْل الدِّين بعده فَمَسَك أبي بطَرَفَيه وَرتَقَ لكم فَتْق النِّفاق وأغاض نَبْع الرِّدّة وأطفأ ما حَشِّت يهود وأنتم يومئذ جُحْظ العيون تَنْظرون العَدْوة وتَسْمعون الصَّيْحة فرأب الثّأْي وأوَدَ من الغِلْظَة واِمتاح من الهُوّة حتى اجْتَحى دفينَ الداء وحتى أَعْطن الوارد وأوْرد الصادر وعَلّ الناهل فقبضه اللهّ إليه واطئاً على هامات النّفاق مُذْكِيَاً نار الحَرْب علىِ المشركين فانتظمت طاعتُكم بحَبْلهِ فَوَلّى أمركم رجلاً مُرْعِيَاً إذ رًكِنَ إليه بعيداً ما بين الَّلابتين إذا ضُلّ عُرَكَة للأذاة بجَنبه صَفُوحاً عن أذى الجاهلين يقظان الليل في نُصْرَة الإسلام فسلك مَسْلك السابقيه ففرّق شَمْل الفِتْنَة وجَمَع أعضاد ما جَمَّع القرآن وأنا نُصْب المسألة عنِ مَسِيري هذا لم ألتمس إثماً ولم أُؤَرِّث فتنة أُوطئكموها. أقول قولي هذا صِدْقاَ وعَدْلاً وإعذاراً وإنذاراً وأسأل اللهّ أن يصلّي على محمد وأن يُخَلِّفه فيكم بأفضل خِلافة المُرسلين. خطبة لعبد الله بن مسعود أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العُرى كلمة التقوى أكرم الملل مِلَّة إبراهيم . خَيْر السُّنن سنةُ محمد شَرُّ الُأمور مُحْدَثاتُها وخيرُ الأمور أوْساطًها. ما قلَّ وكَفى خَيْرٌ مما كَثُرَ وألهى. لَنفس تُحييها خير من إمارة لا تُحْصيها. خيْرُ الغِنى غنى النَّفس. خيْرُ ما أُلْقِيَ في القلْب اليَقين. الخمرُ جماع الآثام. النساء حبائلُ الشيطان. الشِّباب شُعبة من الجنون. حُبًّ الكِفاية مِفْتاح الَمَعْجزة. شرّ الناس مَن لا يأتي الجماعة إلا دُبْراً ولا يذكر اللهّ إلا هُجْراً سِباب المؤمن فُسُوق وقِتاله كُفر وأكل لَحْمه معصية. من يَتأالِّ على الله يُكْذِبه ومَن يغفر يغفرْ له. مَكتوب في ديوان المُحْسنين: مَن عفا عُفِيَ عنه. الشقيَ شَقِىّ في بَطْن أُمِّه. السَّعيد مَن وُعظ بغيره. الُأمور بعواقبها. مِلَاك الأمْر خواتُمه. أحسنُ الهُدى هُدى الأنبياء. أقبح الضَّلالة الضلالة بعد الهُدَى. أشرَفُ الموْت الشَّهادة. مَن يَعرف البلاء ويَصْبر خطبة لعتبة بن غزوان بعد فتح الأبلة حِمدَ الله وأثنى عليه ثم صلّى على النبيّ وقال: إنّ الدنيا قد تولَّت وقد أذنَت أهلَها منها بصرم وإنما بَقي منها صُبَابة كصُبابة الإناء يَصْطَبُها صاحبُها. ألَا وإنكم مُفارقوها لا محالةَ فارقوها بأحسن ما يَحْضُركم. أَلا وإن من العجب أَني سمعت رسولَ اللهّ يقول: إنّ الحَجَر الضَّخْم يُرمى به في شَفِير جهنَّم فَيَهْوي قي النار سبعين خريفاً ولجهنم سبعة أبواب بين كل بابين منها مَسِيرةُ خَمْسُمائة عام وليأتينّ عليها ساعة ولها كَظيظ بالزحام. ولقد كنتُ مع رسول اللهّ سابعَ سبعة ما لنا طَعام إلّا وَرق البَشام حتى قرِحت أَشداقُنا فوجدتُ أنا وسعد بن مالك تمرة فشققتًها بيني وبينه نِصْفين وما منّا أحد اليوم إلّا وهو أمير على مِصْر. انه لم تكن نَبْوة قط إلّا تناسخت وأنا أَعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وفي أعين الناس صغيراً. خطبة لعمرو بن سعيد الأشرق لمّا عقد مُعاويةُ ليزيد البَيعة قام الناس يَخْطُبون فقال لعمرو بن سَعيد: قُم يا أبا أُمية. فقام فَحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنّ يزيدَ بنَ مُعاوية أَملٌ تأملونه وأجل تأمنونه إن استَضَفْتم إلى حِلمه وسَعكم وإن احتجتم إلى رأيه أَرْشدكم وإن افتقرتم إلى ذات يده أَغناكم جَذَع قارِح سُوبق فَسَبق ومُوجد فَمَجُد وقورع فَقَرع فهو خَلف أمير المؤمنين ولا خَلَف منه. فقال له له معاوية: أَوْسعتَ أبا أُمية فاجلس. خطبة لعمرو بن سعيد بالمدينة قال أبو الفَضل العبّاس بن الفَرج الرِّياشي: حَدّثنا ابن عائشة قال: قدِم عمرو بن سعيد بن العاص الَأشدق المدينة أميراً فخرجِ إلى مِنبر رسول الله فَقَعد عليه وغَمَّضَ عينيه وعليه جُبَّة خَزّ قِرْمِز ومُطْرَف خزّ قِرْمِز وعِمامة خَزّ قِرْمِز. فجعل أهلُ المدينة يَنْظرون إلى ثيابه إعجاباً بها. ففتح عَينيه فإذا الناسُ يَنْظرون إليه فقال: ما بالُكُها بأهل المدينة تَرفَعون إليّ أبصارَكم كأنكم تُريدون أن تَضْربونا بسيُوفكم! أغركم أنكمِ فَعلتم ما فَعلتم فَعَفَونا عنكم! أما إنّه لو أُثبتمِ بالأولى ما كانت الثانية. أَغرّكم أنكم قتلتم عثمان فوافقتم ثائرَنا منّا رفيقاً قد فني غضَبهُ وبَقي حِلْمُه! اغتنموأ أنفسَكم فقد والله مَلكناكم بالشَباب المُقْتَبل البعيد الَأمل الطويل الأجل حين فَرغ من الصِّغر ودَخل في الكبر حليم حديد ليّن شديد رقيق كثيف رفيقِ عنيف حين اشتدّ عَطمه واعتدل جِسْمه ورمى الدّهرَ ببمره واستقبله بأَشره فهو إن عَضّ نَهس وإن سَطا فَرس لا يُقَلْقل له الحَصى ولا تقرع له العَصا رلا يَمْشي السُمَّهى. قال: فما بَقِي بعد ذلك إلّا ثلاثَ سنين وثمانيةَ أشهر حتى قَصَمه اللهّ. خطبة لعمرو بمكة العُتبيّ قال استَعمل سعيدُ بن العاص وهو والٍ على المدينة ابنه عمرِو بن سَعيد والياً على مكة فلمّا قَدِم لم يَلْقه قُرشيّ ولا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
أُمويّ إلاّ أن يكون الحارث بن نَوْفل فلمّا لَقيه قال له: يا حار ما الذي مَنع قومَك أن يَلقَوْني كما لقَيتَني قال: ما مَنعهم من ذلك إلّا ما استقبلتنى به واللهّ ما كَنَّيتني ولا أئمَمْتَ اسمي وإنما أَنْهاك عن التّكبر على أَكْفائك فإنَ ذلك لا يَرْفعك عليهم ولا يَضَعهم لك. قال والله ما أَسأتَ المَوْعظة ولا أَتهمكُ على النَّصيحة وإنّ الذي رأيتَ منِّي لَخُلُق. فلمّا دَخل مكةَ قام على المِنْبر فَحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال: أمّا بعد مَعْشَر أهل مكة فإنّا سكنَاها حِقْبة وخَرجنا عنها رَغبة وكذاسك كُنَّا إذا رُفعت لنا لُهْوة بعد لُهوة أَخَذْنا أَسْناها ونَزَلِنا أعلاها ثمٍ شَدَخِ أَمْر أمرين فَقَتلنا وقُتلدنا فوالله ما نَزعْنا ولا نُزع عَنَّا حتى شرب الدَّم دماً وأكل اللحم لحماً وقَرع العَظْم عَظْماً فَوَلي رسولُ اللهّ برسالة الله إيّاه واختياره له ثم وَلِي أبو بكر لسابقتِه وفَضْله ثم ولَي عُمر ثم أُجيلت قِداح نُزعن من شُعب حول نبعة ففاز بحَظها أَصْلَبُها وأَعْتقها فكُنّا بعضَ قداحها ثم شَدَخ أَمر بين أمرين فقتَلنا وقُتلنا فوالله ما نَزعنا ولا نُزع عنا حتى شرَب الدم دماً وأكل اللحم لحماً وقَرعٍ العظم عظماً وعاد الْحَرامُ حلالاً وُأسْكت كلُّ ذِي حِسّ عنِ ضرْب مُهنَّد عَرْكا عَرْكاً وعَسْفاً عَسْفاً ووَخْزاً ونَهْساً حتى طابوا عن حَقّنا نَفْساً.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
العقد الفريد/الجزء الثالث/5
والله ما أَعْطَوْه عن هَوادة ولا رَضُوا فيه بالقضاء أُصْبحوا يقولون: حَقُّنا غُلبنا عليه فَجَزينا هذا بهذا وهذا في هذا. يأهلِ مكة أنفسَكم أنفسكم وسُفهاءكم سُفهاءكم فإن معي سوطاً نكالاً وسَيفاً وَبالاً وكل مصبوب على أهله ثم نزل. خطبة للأحنف بن قيس قال بعد حَمْد الله والثَّناء عليه: يا مَعْشر الأزْد ورَبيعة أنتم! إخوانُنا في الدِّين وشُركاؤنا في الصِّهْر وأَشقّاؤنا في النَّسب وجيرانُنا في الدار ويَدُنا على العدوّ. والله لأزْد البَصْرة أَحَبّ إلينا من تميم الكوفة ولأزْد الكوفة أحبًّ إلينا من تميم الشام فإن استشرى شنانكم وأَبَى حَسَد صُدوركم ففي أحلامنا وأَمْوالنا سَعة لنا ولكم. خطبة ليوسف بن عمر قام خطيباً فقال: اْتقوا اللهّ عباد الله فكم مُؤمِّل أملاً لا يَبْلغه وجامع مالاً لا يأكله ومانع عمّا سوف يَتركه ولعلّه من باطل جمعه ومن حق مَنَعه. أصابه حرِاماً وأَوْرثهً عدوِّاً حلالاً بم فاحتمل إصرَه وباء بوِزْره ووردَ على ربِّه أسفاً لَهِفاً خَسِرَ الدُّنيا والآخرة ذلك هو الخُسران المُبين. خطبة لشداد بن أوس الطائي حَمد الله وأثنى عليه وقال: ألَا إنّ الدُّنيا عَرَض حاضر يأكل منها البَرّ والفاجِر. ألَا إن الآخِرَة وَعْد صادق يحكم فيها مَلك قادر. ألَا إنّ الخَيْر كُلَّه بحذافيره في الجنّة ألا إن الشر كُلَّه بحذافيره في النار. فاعْملوا ما عَمِلتم وأنتم في يقين من الله واعلموا أنكم مَعْروضة أعمالكمِ على اللهّ فمَن يَعْمل مِثْقالَ ذَرَّة خيراً يَرَه ومَن يَعْمَل مِثْقال ذرّة شرّاً يَرَه وغفَر الله لنا ولكم. خطبة لخالد بن عبد الله القسريّ صَعِد المِنْبر يوم جُمعة وهو والي مكّة فذكر الحجّاج فأحمد طاعته وأثنى عليه خيراً. فلمّا كان في الجمعة الثانية وَرد عليه كتابُ سُليمان بن عبد الملك يأمره فيه بشَتْم الحجّاج وذِكْر عيوبه وإظهار البَراءة منه. فَصعد المِنْبر فَحَمد الله وأثنى عليه ثمِ قال إن إبليس كان مَلَكاً من الملائكة وكان يُظهر من طاعةِ الله ما كانت الملائكة ترى له به فَضْلاً وكان اللهّ قد عَلِم من غِشّه وخًبثه ما خَفِي على ملائكته فلمّا أَراد الله فضيحته ابتلاه بالسًّجود لآدم فظهر لهم ما كان يخفيه عنهم فَلعنوه وإنّ الحجّاج كان يُظهر من طاعة أمير المًؤمنينِ ما كُنا نرى له به فَضْلاً وكان الله قد أَطْلع أميرَ المُؤمنين من غِشّه وخُبثه على مَا خفِي عنَا فلمّا أراد فَضيحته أَجرى ذلك على يد أَمير المُؤمنين فالعنوه لَعنه الله. خطبة لمصعب بن الزبير قَدِم العِراق فَصَعد المِنْبر ثم قال: بِسم الله الرحمن الرحيم: طَسِم تِلْكَ آياتُ الكِتاب المُبين نَتلو عليكَ مِن نَبَأ مُوسى وفِرْعَوْنَ بالحقِّ لِقَوْم يُؤمِنُون. إنّ فِرْعوِن عَلاَ في الأرضْ وجَعَل أَهْلَها شِيَعاً يستضعف طائفةً منهم يُذبحُ أَبناءَهم ويَسْتحْي نِسَاءَهم إنه كان من المُفْسِدين - وأشار بيده نحو الشام ونُرِيد أَنْ نَمُنَّ على الذين اسْتُضْعِفُوا في الأرض ونَجْعَلَهم أَئَمةً ونَجْعَلَهم الوارثين - وأشار بيده نحو الحجاز - ونُمَكِّن لهم في الأرض ونُرِيَ فِرْعون وهامانَ وجنُودهما منهم ما كانوا يَحْذَرون - وأشار بيده نحو العراق. خطبة للنعمان بن بشير بالكوفة قال: إنّي واللهّ ما وجدتُ مَثَلي ومَثَلَكم إلّا الضّبُعِ والثّعلب أتيا الضّبّ في حُجْره فقالا: أبا حِسْل قال أَجَبتكما قالا: جئْناك نخْتصم قال: في بيته يُؤتىَ الحَكَم قالت الضبعُ: فتحتُ عيْني قال: فِعْل النًساء فَعَلْت قالت: فلقطتُ تَمْرة قال: حُلْواً اجتنيتِ قالت: فاختطَفها ثُعالةَ قال: لنفسه بَغى الخَيْر قالت: فلطمتُه لَطْمة قال: حقَّاً قَضَيْتِ قالت: فَلَطَمني أخرى قال: كان حُرِّاً فانتصر قالت: فاقض الآن بيننا قالت: حَدِّث امرأة حَدِيثين فإن أَبت فاربعْ خطبة شبيب بن شيبة قيل لبعض الخُلفاء إن شَبيب بن شيبة يَستعمل الكلام ويَسْتعدّ له فإنْ أمرتَه أن يَصْعد المِنبر لرجوتَ أن يَفْتضِح. قال: فأمر رسولَاً فأخذ بيده إلى المَسجد فلم يُفارقه حتى صَعد المنبر فحَمَد لله وأَثنىِ عليه وصلّى على النبيّ حقّ الصلاة عليه ثم قال: ألا إن لأميرِ المُؤمنين أشباهاَ أَرْبعة: الأسَد الخادِر والبَحْر الزاخر والقَمر الباهر والرَّبيع الناضر. فأمّا الأسد الخادر فأَشبهَ منه صَوْلَتَه ومَضاءه وأمِّا البحر الزاخر فأشبهَ منه جُودَه وعطاءه وأمّا القَمِر الباهر فأشبَه منه نُورَه وضِياءه وأمّا الرَّبيع الناضر فأشبَه منه حُسْنه وبهاءه ثم نزل عن المنبر وأنشأ يقول: ومَوْقف مثل حَدّ السَّيف قمت به أُحْمِي الذِّمَار وتَرْمِيني به الحَدَقُ فما زَلِقْتُ وما ألقيتُ كاذبةً إذا الرجالُ على أَمْثاله زَلِقوا خطبة لعتبة بن أبي سفيان بلغه عن أهل مِصْر شيءٌ فأَغضبه فقام فيهم فقال بعد أنْ حَمِد الله وأثنى عليه: يأهل مصر إيّاكم أن تَكُونوا للسيف حَصِيداً فإنّ الله فيكم ذَبِيحاً بِعُثمان أرجو أن يُولِّيني الله نُسكه. إنّ اللهّ جَمعكم بأمير المُؤمنين بعد الفرقة فأعْطى كُل ذي حَقّ حقَّه وكانَ والله أَذْكَرَكم إذا ذُكِّر بخُطة وأَصْفَحكِم بعد المَقْدرة عن حقّه نعمةً من الله فيكم ومِنّة منه عليكم. وقد بَلغنا عنكم نجْمُ قَوْل أَظْهره تَقدّمُ عَفْو مِنَا فلا تَصِيروا إلى وَحْشة الباطل بعد أُنْس الحق بإحياء الفتن وإماتة السُّنَن فَأَطَأَكم والله وَطْأَةً لا رَمَق معها حتى تُنْكروا منّي ما كنتم تَعْرفون وتَسْتخشنوا ما كُنتم تَسْتلينون وأَنا أُشهد عليكم الذي يعلم خائنةَ الأعْين وما تُخفي الصُدور. خطبة لعتبة بن أبي سفيان يا حامِلي الأم أُنوف رُكّبت بين أعين إنّما قَلَمت أَظْفاري عنكم لِيلينَ مَسيِّ إياكم وسألتُكم صلاحَكم إذ كان فَسادُك! راجعاً عليكم فأمّا إذ أبيتُم إلّا الطّعنَ على الوُلاة والتّنقّص للسَّلف فواللهّ لاقطعن على ظُهوركم بُطون السياط فإن حَسمتْ داءكم وإلّا فالسيفُ من ورائكم. ولستُ أَبخل عليكم بالعقُوبة إذا جُدْتم لنا بالمَعْصية ولا أُؤْيسكم من مُراجعة الحُسنى إن صِرْتم إلى التي هي أبرُّ وأَتْقى. خطبة لعتبة بن أبي سفيان لمّا اشْتكى شَكاتَه التِي مات فيها تَحامل إلى المِنْبَر فقال: يأهل مِصرْ لا غِنَى عن الربّ ولا مَهْرَب من ذنْب! إنِّه قد تَقَدَّمت منّي إليكم عُقوبات كُنْت أَرْجو يومئذ الأجرَ فيها وأنا أخافُ اليوم الوِزْر منها فليتَني لا أكونُ اخترتُ دُنياي على مَعادي فأَصْلحتكم بِفَسادي. وأنا أستغفرالله منكم وأتوب إليه فيكمِ فقد خِفْتُ ما كنتُ أرجو نفعاً عليه ورجوتُ ما كنتُ أخاف اغتيالاً به وقد شقي مَن هلك بين رحمة الله وعقوبته والسلامُ عليكم سلامَ مَن لا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
تَرَوْنه عائداً إليكم. قال: فلم يَعُد. وخطبة لعتبة العُتبيّ: قال سعد القَصر: احتبستْ عنَا كُتبُ معاوية بن أبي سُفْيان حتى أرجف أهلُ مِصْر بموتِه ثم قَدِم علينا كتابُه بسلامته فَصَعِد عُتبةُ المِنْبر والكتابُ في يده فَحَمِد الله وأَثنى عليه ثم قال: يأهل مصرْ قد طالت مُعاتبتنا إيّاكم بأطْراف الرِّماح وظُبات السُيوف حتى صِرْنا شَجىً في لَهَوَاتكم ما تُسيغه حُلوقُكم وأقْذَاءً في أعينكم ما تَطْرِف عليها جُفونُكم. أفحِين اشتدَت عُرَى الحقّ عليكم عَقْداً واسترخت عُقَد الباطِل عنكم حَلّا أرجفتم بالخَلِيفة وأردْتم تَهْوين الخِلافة وخُضْتم الحقَّ إلى الباطل وأقْدَمُ عَهْدكم به حديث فارْبحوا أَنْفُسَكم إذ خَسِرْتمِ دِينَكم فهذا كتابُ أمير المؤمنين بالخَبر السارّ عنه والعَهْد القَريب منه واعلموا أن سُلطاننا على أَبْدَانكم دون قلوبكم فأَصْلحوا لنا ما ظَهر ونَكِلُكم إلى الله فيما بَطَن واظهروا خَيْراً وإن أضمَرتم شَرّاً فإنكم حاصدُون ما أنتم زارعُون وعلى الله أَتوكّل وبه أستعين. ثم نزل. خطبة لعتبة في الموسم سعد القَصر مولى عُتبة بن أبي سُفيان قالت: دَفع عُتبة بن أبي سُفيان بالمَوْسم سنة إحدى وأربعين والناسُ حديثٌ عهدُهم بالفِتْنة فقال بعد أن حَمد الله وأثنى عليه: إنّا قد وَلينا هذا المَقامِ الذي يضاعف الله فِيه للمُحسنين الأجر وللمُسيئين الوِزْر ونحن على طريق ما قصدْنا له فلاَ تَمُدُّوا الأعناق إلى غيرنا فإنها تَنْقطع مِن دُوننا ورُبّ مُتَمنِّ حَتْفُه في أمْنِيّته. اقبلونا ما قَبِلْنا العافيةَ فيكم وقَبِلْناها منكم وإياكم ولَوْ فإن لو قد أتعبت مَن قَبلكم ولم تُرح مَن بعدكم فأسأل الله أن يُعين كلاً على كل. فناداه أعرابيّ من ناحية المسجد: أيها الخليفة قال: لستُ به ولم تُبْعِد فقال: يا أخاه فقال: سمعتُ فقُل فقال: والله لأن تُحسنوا وقد أسأنا خيرٌ لكم من أن تُسيئوا وقد أحسنا فإن كان الإحسان لكم فما أحقَّكم بإستتمامه وإن كان لنا فما أحقَّكم بمًكافأتنا رجل من بنىِ عامر بن صَعْصة يتلقَّاكم بالعُمومة ويَخْتص إليكم بالخُؤولة وقد كَثًر عياله ووَطئه زمانُه وبه فَقْر وفيه أجر وعنده شكر. فقال عتبة: أستغفر الله منكم وأسأله العون عليكم ولد أمرت لك بغِناك فليتَ إسراعَنا إليك يقوم بإبطائنا عنك. وخطبة لعتبة بن أبي سفيان سعد القَصر قال: وَجّه عُتبة بن أبي سُفيان ابن أخي أبي الأعور السُلميّ إلى مصر فمنعوه الخراج فَقدم عليه عُتبة فقام خطيباً فقال: يأهل مصْر قد كنتم تَعْتذرون لبعض المنع منكم ببَعْض الجَوْر عليكم فقد وَليكم مَن يقول ويَفعل ويَفْعل ويقول فإن رَدَدْتم رَدّكم بيده وإن استصعبتم رَدّكم بسَيفه ثم رجا في الأخِر ما أمل في الأوَّل. إن البَيْعة مُشَايعة فلنا عليكم السَّمْع والطاعةُ ولكم علينا العَدْل فأينا غَدر فلا ذِمّة له عند صاحبه والله ما انطلقتْ بها ألسنُتنا حتى عقدت عليها قلوبنُا ولا طَلبناها منكم حتى بذَلناها لكمِ ناجزاً بناجز ومن حَذر كمن بَشّر. قال: فَنادوه: سَمْعاً وطاعة فناداهم. عَدْلاً عَدْلاً. خطبة لعتبة قَدِم كتابُ معاوية إلى عُتبة بمصر: إنّ قِبَلك قوماً يَطْعنون على الوُلاة ويَعِيبون السَّلف. فَخَطبهم فقال: يأهل مصر خَفّ علِى ألسنتكم مَدْحُ الحقّ ولا تَفْعلونه وذَمّ الباطل وأنتم تَأْتونه كالحِمار يَحْمل أسفاراً وأثْقلَه حَمْلُها ولم يَنْفعه عِلْمُها وايم الله لا أداويكم بالسيّف ما صَلَحتم على السَّوط ولا أبلغ بالسوط ما كَفَتْني الدِّرة ولا أبطى عن الأولى ما لم تُسْرعوا إلى الأخرى فالزموا ما أمركم الله به تَسْتَوجِبوا ما فَرض الله لكم علينا وإيّاكم وقال ويقول قبل أن يُقال فَعل ويَفْعل وكونوا خَيْر قَوْس سَهْماً فهذا اليوم الذي ليس قَبله عِقاب ولا بعده عِتاب. خطب الخوارج خطبة قطري بن الفجاءة في ذم الدنيا صَعِد قطريّ بن الفُجَاءة مِنْبر الأزارقة وهم أحد بني مازن بن عمرو بنِ تميم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أحَذِّركم الدُّنيا فإنها حُلوة خضِرة حُفت بالشَّهوات وراقت بالقليل وتحبّبت بالعاجلة وغُمِرت بالآمال وتَحَلت بالأماني وأزّيّنت بالغُرور لا تَدُوم خضرتها ولا تُؤْمَن فَجْعَتها غَدَّارة ضَرَّارة وحائلة زائلة ونافدة بائدة لا تَعْدو إذا هي تَنَاهت إلى أمنية أهل الرغْبة فيها والرِّضا عنها أن تكون كما قال الله عز وجلَّ: " كماءٍ أنْزَلناه من السَّماء فاخْتَلط به نبات الأرْض فأصْبَحَ هَشِيماً تَذْروه الرِّياح وكانَ الله عَلَى كلِّ شيءٍ مُقْتَدرأ " مع أنَّ أمرأً لم يكن منها في حَبْرة إلا أعْقبته بعدها عَبْرة ولم يَلْق من سَرِّائها بَطْناً إلا مَنَحته من ضَرَائها ظَهْراً ولم تَطُلّه منها دِيمة رَخاء إلا هَطلت عليه مُزْنة بَلاء وحَرِيّ إذا أصبحتْ له مُنتصرة أنْ تُمْسي له خاذلة مُتَنَكِّرة وإنْ جانبٌ منها اعذوذب واحلولى أمرّ عليه منها جانب فأوْبى وإن لَبِس امرؤ من غَضَارتها ورفاهِيتها نِعماً أرْهَقَتْه من نوائبها غمّاً ولم يُمْس امرؤ منها في جَناح أمْن إلا أصْبح منها على قوادم خَوْف. غرارة عُرُور ما فيها فانية فانٍ ما عليها لا خيْرَ في شيء من زادها إلاّ التّقوى مَن أقل منها اسَتكثر مما يؤمّنه ومن استكثر منها استكثر مما يُوبقه. كم واثق بها قد فَجَعَته وذي طُمائينة إليها قد صَرَعَته وكم من ذي اختيال فيها قد خَدَعَته وكم من ذي أبهه فيها قد صيَرَّته
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 11 (0 من الأعضاء و 11 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)