وكاتب جُند يحتاج إلى أن يَعرف مع الحساب الأطماعَ وشِيات الدواب وحُلَى الناس وكاتب قاضٍ يحتاج إلى أن يكون عالماً بالشّروط والأحكام والفُروع والناسخ والمَنسوخ والحلال والحرام والمواريث وكاتب شُرطة يحتاج إلى أن يكون عالماً بالجُروح والقِصاص والعقول والدَيات. فأيهم أنت أعزّك اللهّ قال: قلت: كاتب رسائل. قال: فأخبرني إذا كان لك صديق تكتب إليه في المحبوب والمكروه وجميع الأسباب فتزوجتْ أمهُ فكيف تكتب له أتهنِّيه أم تُعزِّيه قلت: والله ما أقفُ على ما تقول. قال: فلستَ بكاتب رسائل فأيهمِ أنت قلت: كاتب خراج. قال: فما تقول أصلحك اللهّ وقد ولاك السلطان عملاَ فَبَثَثْتَ عُمّالك فيه فجاءك قوم يتظلّمون من بعض عُمّالك فأردتَ أن تَنْظر في أمورهم وتًنصفهم إذا كنت تُحبّ العدل والبِرّ وتُؤثر حُسن الأحدوثة وطيب الذِّكر وكان لأحدهم قَرَاح كيف كنت تمسحه قال: كنت أضرب العُطوف في العَمُود وأنظر كم مقدار ذلك. قال: إذن تظلَم الرجل. قلتُ: فامسح العَمود على حِدَة. قال: إذا تظلَم السلطان. قلت: والله ما أدري. قال: فلستَ بكاتب خراج فأيهم أنت قلت: كاتب جُنْد. قال: فما تقول في رجلين اسم كل واحد منهما أحمد أحدهما مَقْطوع الشفة العليا والآخرً مقطوع الشَّفة السُّفلى كيف كنت تكتب حِلّيتهما قال: كنت أكتب أحمدُ الأعلم وأحمد الأعلم. قال: كيف يكون هذا ورِزْقُ هذا مائتا درهم ورزق هذا ألفُ درهم فيقبض هذا على دَعْوة هذا فتظلِم صاحب الألف! قلت: واللهّ ما أدري. قال: فلستَ بكاتب جُند فأيهم أنت قلتُ: كاتب قاض. فمال: فما تقول أصلحك الله في رجل تُوفي وخَلَّف زوجة وسُرِّيّة وكان للزوجة بنت وللسُرّيَّة ابن فلما كان في تلك الليلة أخذت الحُرّة ابن السُرّية فادَّعَته وجعلتْ ابنتها مكانه فتنازعا فيه فقالت هذه: هذا ابني وقالت هذه: هذا ابني كيف تحكم بينهما وأنت خليفةُ القاضي قلت: والله لمست أدري. قال: فلستَ بكاتب قاض فأيّهم أنت قلت: كاتب شرطة. قال: فما تقول: أصلحك الله في رجل وَثب على رجل فشجَّه شَجة مُوضحة فوثب عليه المَشجوج فشجه شجّة مَأْمُومة قلتُ: ما أعلم. ثم قلت: أصلحك الله قد سألتَ ففسِّر لي ما ذكرتَ. قال: أما الذي تزوّجت أمّه فتكتبُ إليه: أما بعد فإن أحكامَ الله تَجْري بغير مَحابّ المَخْلوقين والله يختار للعباد فخار الله لك في قَبْضها إليه فإن القبرَ أكرمُ لها والسلام وأما القَراح فتضرب واحداً في مساحة العُطوف فمن ثَمَّ بابُه وأما أحمد وأحمد فتكتب حِلْية المَقْطوع الشّفة العُليا: أحمد الأعلم والمَقْطوع الشفة السفلى أحمد الأشرم وأما المرأتان فيُوزن لبن هذه ولبن هذه فأيّهما كان أخف فهي صاحبة البنت وأما الشّجّة فإن في المُوضحة خمساً مني الإبل وفي المأمومة ثلاثاً وِثلاثين وثُلثاً فيَرُدّ صاحبُ المأمومة ثمانيةً وعشرين وثُلثاً. قلت: أصلحك اللهّ فلا نزع بك إلى هنا قال ابنُ عمّ لي كان عاملاً على ناحية فخرجتُ إليه فألفيتُه مَعْزولاً فقُطع بي فأنا خارج أضطرب في المعاش. قلتُ: ألستَ ذكرتَ أنك حائك قال: أنا أحُوك الكلام ولستُ بحائك الثياب. قال: فدعوتُ المُزَيِّن فأخذ من شَعَره وأدْخِل الحمّام فطَرحْتُ عليه شيئاً من ثيابي. فلما صرتُ إلى الأهواز كلمت الرخّجيّ فأعطاه خمسةَ آلاف درهم ورَجع معي فلما صرتُ إلى أمير المؤمنين قال: ما كان من خَبرك في طريقك فأخبرتُه خبري حتى حدَّثتُه حديث الرجل. فقال لي: هذا لا يُستغنى عنه فلأيّ شيء يصلُح قلت: هذا أعلم الناس بالمساحة والهندسة. قال: فولاه أميرُ المؤمنين البناء والمَرمَّة. فكنتُ والله ألقاه في المَوكب النبيل فينحطّ عن دابته فأحلِف عليه فيقول: سُبحان الله! إنما هذه نِعْمتك وبك أفدتُها.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 9 (0 من الأعضاء و 9 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)