الأمير أفضل؛ قال: فإني قد بعثت إلى عتاب بن ورقاء؛ وهو قادم عليكم الليلة أو القابلة فيكون هو الذي يسير في الناس؛ قال زهرة بن حوية: أصلح الله الأمير! رميتهم بحجرهم، لا والله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل وقال له قبيصة بن والق: إني مشير عليك برأيي، فإن يكن خطأ فبعد اجتهادي في النصيحة لأمير المؤمنين وللأمير ولعامة المسلمين، وإن يك صوابًا فا لله سد دني له؛ إنا قد تحدثنا وتحدث الناس أن جيشًا قد فصل إليك من قبل الشام، وأن أهل الكوفة قد هزموا وفلوا واستخفوا بالصبر، وهان عليهم عار الفرار، فقلوبهم كأنها ليست فيهم، كأنما هي في قوم آخرين، فإن رأيت أن تبعث إلى جيشك الذي أمددت به من أهل الشام فيأخذوا حذرهم، ولا يبيتوا إلا وهم يرون أنهم مبيتون فعلت، فإنك تحارب حولا قلبًا، ظعانًا رحالا، وقد جهزت إليه أهل الكوفة ولست واثقًا بهم كل الثقة، وإنما إخوانهم هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك من الشام، إن شبيبًا بينا هو في أرض إذ هو في أخرى، ولا آمن أن يأتيهم وهو غارون فإن يهلكوا نهلك ويهلك العراق، فقال: لله أنت! ما أحسن ما رأيت! وما أحسن ما أشرت به علي! قال: فبعث عبد الرحمن بن الغرق مولى عقيل إلى من أقبل من أهل الشام. فأتاهم وقد نزلوا هيت بكتاب من الحجاج: أما بعد، فإذا حاذيتم هيت فدعوا طريق الفرات والأنبار، وخذوا على عين التمر حتى تقدموا الكوفة إن شاء الله، وخذوا حذركم، وعجلوا السير. والسلام. فأقبل القوم سراعًا. قال: وقدم عتاب بن ورقاء في الليلة التي قال الحجاج إنه قادم عليكم فيها. فأمره الحجاج فخرج بالناسفعسكر بهم بحمام أعين، وأقبل شبيب حتى انتهى إلى كلواذا فقطع منها دجلة، ثم أقبل حتى نزل مدينة بهر سير الدنيا. فصار بينه وبين مطرف بن المغيرة ابن شعبة جسر دجلة. فلما نزل شبيب مدينة بهرسير قطع مطرف الجسر، وبعث إلى شبيب: أن ابعث إلى رجالا من وجوه أصحابك أدارسهم القرآن، وأنظر فيما تدعو إليه، فبعث إليه شبيب رجالا من وجوه أصحابه؛ فيهم قعنب وسويد والمحلل، فلما أرادوا أن ينزلوا في السفينة بعث إليهم شبيب ألا تدخلوا السفينة حتى يرجع إلى رسول من عند مطرف، فرجع الرسول، وبعث إلى مطرف أن ابعث إلى من أصحابك بعدد أصحابي يكونوا رهنًا في يدي حتى ترد علي أصحابي. فقال مطرف لرسوله: القه وقل له: كيف آمنك أنا على أصحابي إذا أنا بعثتهم الآن إليك، وأنت لا تأمنني على أصحابك! فرجع الرسول إلى شبيب فأبلغه، فأرسل إليه شبيب: إنك قد علمت أنا لا نستحل الغدر في ديننا، وأنتم تفعلونه وتستحلونه، فبعث إليه مطرف الربيع بن يزيد الأسدي وسليمان بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني ويزيد بن أبي زياد مولاه وصاحب حرمه، فلما صاروا في يدي شبيب سرح إليه أصحابه، فأتوا مطرف فمكثوا أربعة أيام يتراسلون، ثم لم يتفقوا على شئ، فلما تبين لشبيب أن مطرفًا غير تابعه ولا داخل معه تهيأ للمسير إلى عتاب بن ورقاء وإلى أهل الشام. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط أن شعيبًا دعا رءوس أصحابه فقال لهم: إنه لم يثبطني على رأي قد كنت رأيته إلا هذا الثقفي منذ أربعة أيام، قد كنت حدثت نفسي أن أخرج في جريدة خيل حتى ألقى هذا الجيش المقبل من الشام رجاء أن أصادف غرتهم أو يحذروا فلا أبالي كنت ألقاهم منقطعين من المصر، ليس عليهم أمير كالحجاج يستندون إليه ولا مصر كالكوفة يعتصمون به؛ وقد جاءتني عيوني اليوم فخبروني أن أوائلهم قد دخلوا عين التمر، فهم الآن قد شارفوا الكوفة، وجاءتني عيوني من نحو عتاب بن ورقاء فحدثوني أنه قد نزل بجماعة أهل الكوفة الصراة، فما أقرب بيننا وبينهم! فتيسروا بنا للمسير إلى عتاب بن ورقاء. قال: وخاف مطرف أن يبلغ خبره وما كان من إرساله إلى شبيب الحجاج، فخرج نحو الجبال، وقد كان أراد أن يقيم حتى ينظر ما يكون بين شبيب وعتاب. فأرسل إليه شبيب: أما إذ لم تبايعني فقد نبذت إليك على سواء، فقال مطرف لأصحابه: اخرجوا بنا وافرين فإن الحجاج سيقاتلنا، فيقاتلنا وبنا قوة أمثل. فخرج ونزل المدائن؛ فعقد شبيب الجسر، وبعث إلى المدائن أخاه مصادًا، وأقبل إليه عتاب حتى نزل بسوق حكمة، وقد أخرج الحجاج جماعة أهل الكوفة مقاتلتهم، ومن نشيط إلى الخروج من شبابهم، وكانت مقاتلتهم أربعين ألفًا سوى الشباب، ووافى مع عتاب يومئذ أربعون ألفًا من المقاتلة وعشرة آلاف من الشباب بسوق حكمة فكانوا خمسين ألفًا، ولم يدع الحجاج قرشيًا ولا رجلا من بيوتات العرب إلا أخرجه. قال أبو مخنف: فحدثني عبد الرحمن بن جندب، قال: سمعت الحجاج وهو على منبر حين وجه عتابًا إلى شبيب في الناس وهو يقول: يا أهل الكوفة، اخرجوا مع عتاب بن ورقاء بأجمعكم، لا أرخص لأحد من الناس في الإقامة إلا رجلا قد وليناه من أعمالنا، ألا إن للصابر المجاهد الكرامة والأثرة، ألا وإن للناكل الهارب الهوان والجفوة. والذي لا إله غيره لئن فعلتم في هذا الموطن كفعلكم في المواطن التي كانت لأولينكم كنفًا خشنًا، ولأعركنكم بكلكل ثقيل. ثم نزل، وتوافى الناس مع عتاب بسوق حكمة. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط، قال: عرضنا شبيب بالمدائن فكنا ألف رجل، فقام فينا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر المسلمين، إن الله قد كان ينصركم عليهم وأنتم مائة ومائتان وأكثر من ذلك قليلا، وأنقص منه قليلا، فأنتم اليوم مئون ومئون، ألا إني مصل الظهر ثم سائر بكم، فصلى الظهر ثم نودي في الناس: يا خيل الله اركبي وأبشري، فخرج في أصحابه، فأخذوا يتخلفون ويتأخرون، فلما جاوزنا ساباط ونزلنا معه قص علينا وذكرنا بأيام الله، وزهدنا في الدنيا، ورغبنا في الآخرة ساعة طويلة، ثم أمر مؤذن فأذن، ثم تقدم فصلى بنا العصر، ثم أقبل حتى أشرف بناعلى عتاب بن روقاء وأصحابه، فلما أن رآهم من ساعته نزل وأمر مؤذنه فأذن، ثم تقدم فصلى بنا المغرب، وكان مؤذنه سلام بن سيار الشيباني. وكانت عيون عتاب بن ورقاء قد جاءوه فأخبروه أنه قد أقبل إليه، فخرج بالناس كلهم فعبأهم، وكان قد خندق أول يوم نزل، وكان يظهر كل أنه يريد أن يسير إلى شبيب بالمدائن، فبلغ ذلك شبيبًا، فقال: أسير إليه أحب إلى من أن يسير إلى، فأتاه، فلما صف عتاب الناس بعث على ميمنته محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس، وقال: يا بن أخي، إنك شريف فاصبر وصابر، فقال: أما أنا فوالله لأقاتلن ما ثبت معي إنسان. وقال لقبيصة بن والق - وكان يومئذ على ثلث بني تغلب: اكفني الميسرة فقال: أنا شيخ كبير، كثير من أن أثبت تحت رايتي، قد أنيت مني القيام، ما أستطيع القيام إلا أن أقام؛ ولكن هذا عبيد الله بن الحليس ونعيم بن عليم التغلبيان - وكان كل واحد منهما على ثلثي من أثلاث تغلب - فقال: ابعث أيهما أحببت، فأيهما بعثت فلبتعثن ذا حزم وعزم وغناء. فبعث نعيم بن عليم على ميسرته، وبعث حنظلة بن الحارث اليربوعي - وهو ابن عم عتاب شيخ أهل بيته - على الرجالة، وصفهم ثلاثة صفوف: صف فيهم الرجال معهم السيوف، وصف وهم أصحاب الرماح، وصف فيه المرامية، ثم سار فيما بين الميمنة إلى الميسرة يمر بأهل راية راية؛ فيحثهم على تقوى الله، ويأمرهم بالصبر ويقص عليهم. قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله أن تميم بن الحارث الأزدي قال: وقف علينا فقص علينا قصصًا كثيرًا، كان مما حفظت منه ثلاث كلمات؛ قال: يا أهل الإسلام، إن أعظم الناس نصيبًا في الجنة الشهداء. وليس الله لأحد من خلقه بأحمد منه للصابرين، ألا ترون أنه يقول: " واصبروا إن الله مع الصابرن "! فمن حمد الله فعله فما أعظم درجته، وليس الله لأحد أمقت منه لأهل البغي؛ ألا ترون أن عدوكم هذا يستعرض المسلمين بسيفه، لا يرون إلا أن ذلك لهم قربة عند الله! فهم شرار أهل الأرض وكلاب أهل النار، أين القصاص؟ قال ذلك فلم يجيبه والله أحد منا؛ فلما رآى ذلك، قال: أين من يروي شعر عنترة؟ قال: فلا والله مرد عليه إنسان كلمةً، فقال: إنا لله! كأني بكم قد فررتم عن عتاب بن ورقاء وتركتموه تسفي في استه الريح ثم أقبل حتى جلس في القلب معه زهرة بن حوية جالس وعبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث وأبو بكر من محمد بن أبي جهم العدوي، وأقبل شبيب وهو في ستمائة وقد تخلف عنه من الناس أربعمائة، فقال: لقد تخلف عنا من لا أحب أن يرى فينا. فبعث سويد بن سليم في مائتين إلى الميسرة، وبعث المحلل بن وائل إلى القلب، ومضى هو في مائتين إلى الميمنة بين المغرب والعشاء الآخرة حين أضاء القمر، فناداهم: لمن هذا الريات؟ قالوا: رايات ربيعة، فقال: شبيب: رايات طالما نصرت الحق، وطالما نصرت الباطل، لها في كل نصيب، والله لأجاهدنكم محتسبًا للخير في جهادكم، أنتم ربيعة وأنا شبيب، أنا أبو المدله، لا حكم إلا للحكم، اثبتوا إن شئتم. ثم حمل عليهم وهو على مسناة أمام الخندق ففضهم، فثبت أصحاب رايات قبيصة بن والق بن الحليس ونعيم بن عليم، فقتلوا، وانهزمت الميسرة كلها وتنادى أناس من بني تغلب: قتل قبيصة بن والق. فقال شبيب: قتلتم قبيصة بن والق التغلبي يا معشر المسلمين! قال الله: " واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان منا الغاوين "، هذا مثل ابن عمكم قبيصة بن والق، أتى رسول الله فأسلم، ثم جاء يقاتلكم مع الكافرين! ثم وقف عليه فقال: ويحك! لو ثبت على إسلامك الأول سعدت، ثم حمل من الميسرة على عتاب بن ورقاء، وحمل سويد بن سليم على الميمنة وعليها محمد بن عبد الرحمن، فقاتل في الميمنة رجال من بني تميم وهمدان، فأحسنوا القتال، فما زالوا كذلك حتى أتوا فقيل لهم: قتل عتاب بن ورقان، فانفضوا، ولم يزل عتاب جالسًا على طنفسة في القلب وزهرة بن حورية معه، إذ غشيهم شبيب، فقال له عتاب: يا زهرة بن حوية، هذا يوم كثر فيه العدد، وقل فيه الغناء، والهفى على خمسمائة فارس من نحو رجال تميم معي من جميع الناس! ألا صابر لعدوه! ألا مؤاس بنفسه! فانفضوا عنه وتركوه، فقال له زهرة: أحسنت يا عتاب، فعلت فعل مثلك، والله والله لو منحتهم كتفك ما كان بقاؤك إلا قليلًا، أبشر فإني أرجو أن يكون الله قد أهدى إلينا الشهادة عند فناء أعمارنا؛ فقال له: جزاك الله خيرًا من جزى آمرًا بمعروف وحاثًا على تقوى. فلما دنا منه شبيب وثب في عصابة صبرت معه قليلة، وقد ذهب الناس يمينًا وشمالًا، فقال له عمار بن يزيد الكلبي من بني المدينة: أصلحك الله! إن عبد الرحمن بن محمد قد هرب عنك فانصفق معه أناس كثير، فقال له: قد فر قبل اليوم، وما رأيت ذلك الفتى يبالي ما صنع، ثم قاتلهم ساعة وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط موطنًا لم أبتل بمثله قط أقل مقاتلًا ولا أكثر هاربًا خاذلًا؛ فرآه رجل من بني تغلب من أصحاب شبيب من بني زيد بن عمرو يقال له عامر بن عمرو بن عبد عمرو، وكان قد أصاب دمًا في قومه، فلحق بشبيب، وكان من الفرسان، فقال لشبيب: والله إني لأظن هذا المتكلم عتاب بن ورقاء! فحمل عليه فطعنه، فوقع فكان هو ولي قتله. ووطئت الخيل زهرة بن حوية، فأخذ يذب بسيفه وهو شيخ كبير لايستطيع أن يقوم، فجاء الفضل بن عامر الشيباني فقتله، فانتهى إليه شبيب فوجده صريعًا فعرفه، فقال: من قتل هذا؟ فقال الفضل: أنا قتلته، فقال شبيب: هذا زهرة حوية، أما والله لئن كنت قتلت على ضلالة لرب يوم من أيام المسلمين قد حسن فيه بلاؤك، وعظم فيه غناؤك! ولرب خيل للمشركين قد هزمتها، وسرية لهم قد ذعرتها وقرية من قراهم جم أهلها قد افتتحتها، ثم كان في علم الله أن تقتل ناصرًا للظالمين! قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط قال: رأيناه والله توجع له، فقال رجل من شبان بكر بن وائل: والله إن أمير المؤمنين منذ الليلة ليتوجع لرجل من الكافرين! قال: إنك لست بأعرف بضلالهم مني، ولكني أعرف من قديم أمرهم مالا تعرف؛ ما لو ثبتوا عليه كانوا إخوانًا. وقتل في المعركة عمار بن يزيد الكلبي، وقتل أبو خثيمة بن عبد الله يومئذ، واستمكن شبيب من أهل العسكر والناس، فقال: ارفعوا عنهم السيف، ودعا إلى البيعة، فبايعه الناس من ساعتهم، وهربوا من تحت ليلتهم، وأخذ شبيب يبايعهم، ويقول إلى ساعة يهربون. وحوى شبيب على ما في العسكر، وبعث إليه أخيه، فأتاه من المدائن، فلما وافاه بالعسكر أقبل إلى الكوفة وقد أقام بعسكره ببيت قرة يومين، ثم توجه نحو وجه أهل الكوفة، وقد دخل سفيان بن الأبرد الكلبي وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي من مذحج فيمن معهما من أهل الشام الكوفة، فشدوا للحجاج ظهره، فاستغنى بهما عن أهل الكوفة، فقام على منبر الكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل الكوفة، فلا أعز الله من أراد بكم العز، ولا نصر من أراد بكم النصر، اخرجوا عنا، ولا تشهدوا معنا قتال عدونا، الحقوا بالحيرة فانزلوا مع اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا إلا من كان لنا عاملًا، ومن لم يكن شهد قتل عتاب بن ورقاء. قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط، قال: والله لخرجنا نتبع آثار الناس، فانتهى إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ومحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، وهما يمشيان كأني أنظر إلى رأس عبد الرحمن قد امتلاُ طينًا، فصددت عنهما، وكرهت أن أذعرهما، ولو أني أوذن بهما أصحاب شبيب لقتلا مكانهما، وقلت في نفسي: لئن سقت إلى مثلكما من قومي القتل ما أنا برشيد الرأي؛ وأقبل شبيب حتى نزل الصراة. قال أبو مخنف: فحدثني موسى بن سوار أن شبيبًا خرج يريد الكوفة، فانتهى إلى سوار، فندب الناس، فقال: أيكم يأتي برأس عامل سوار؟ فانتدب له بطين وقعنب وسويد ورجلان من أصحابه، فساروا مغذين حتى انتهوا إلى دار الخراج والعمال في سمرجة فدخلوا الدار وقد كادوا الناس بأن قالوا: أجيبوا الأمير، فقالوا: أي الأمراء؟ قالوا: أمير خرج من قبل الحجاج يريد هذا الفاسق شبيبًا، فاغتر بذلك العامل منهم. ثم إنهم شهروا السيوف وحكموا حين وصلوا إليه فضربوا عنقه، وقبضوا على ما كان من مال، ولحقوا بشبيب، فلما انتهوا إليه قال: ما الذي أتيتمونا به؟ قالوا: جئناك برأس الفاسق وما وجدنا من مال، والمال على دابة في بدوره، فقال شبيب: أتيتمونا بفتنة للمسلمين، هلم الحربة يا غلام، فخرق بها البدور، وأمر فنخس بالدابة والمال يتناثر من بدوره حتى وردت الصراة، فقال: إن كان بقي شيء فاقذفه في الماء. ثم خرج إليه سفيان بن الأبرد مع الحجاج، وكان اتاه قبل خروجه معه، فقال: إبعثني أستقبله قبل أن يأتيك، فقال: ما أحب أن نفترق حتى ألقاه في جماعتكم والكوفة في ظهورنا والحصن في أيدينا.