( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) هود 87.


( أصلاتك ) : أديانتك، أعبادتك، لأن الصلاة مخ العبادة. وربما استخدم هذا التعبير لأن شريعته لم تكن شريعة كاملة كالشريعة التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، وهي خاتمة الشرائع.


( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) : التقدير : وأن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء.
وليس التقدير : أن نترك .. أو أن نفعل. أي جملة ( أن نفعل ) ليست معطوفة على جملة ( أن نترك )، كما هو الظاهر الشكلي، لأن المعنى يأباه. فلو كان كذلك لكان التقدير : تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، وهو عكس المعنى المراد.


وقد يكون التقدير : أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو تنهاك أن نفعل في أموالنا ما نشاء.


( نفعل في أموالنا ما نشاء ) : هو مذهب الحرية الاقتصادية ولو أدى ذلك إلى الغش والظلم والسلب والنهب والابتزاز ونقص المكيال والميزان والكيل بمكيالين وبخس الناس أشياءهم وأكل أموالهم بالباطل والإفساد في الأرض، كما هو المذهب الرأسمالي السائد في عصرنا هذا.


( إنك لأنت الحليم الرشيد ) : قولهم هذا قد يكون على سبيل السخرية. وقد يكون له معنى آخر، فكأنهم يريدون منه أن يجعل العقل فوق النقل. أي إذا كان الدين مخالفًا للعقل والرشد فلماذا يجب علينا اتباعه؟! أما علم هؤلاء أن علم البشر محدود وعلم الله غير محدود، وأنه إذا تعارض العلمان فعلم البشر صفر، لأن نسبة المحدود إلى اللامحدود هي الصفر؟


( إنك لأنت الحليم الرشيد ) : ( الحليم ) العاقل، وقد لا يخطر هذا المعنى على البال لأول وهلة. ( الرشيد ) : الرشيد اقتصاديًا. ومذهب الحرية الاقتصادية اليوم كله قائم على ما يوصف بأنه العقلانية الاقتصادية أو الرشد الاقتصادي.