السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته وكل عام وأنتم بألف خير

الأخوة والأخوات أعتذر منكم على هذا الانقطاع وذلك بسبب انشغالي بعض الشيء ومرضي الذي حال دون متابعتي لقصة صديقنا وسام الذي هو بدوره يبلغكم تحياته وتهانيه لكم بعيد الفطر السعيد .

اليوم نكمل معكم الجزء الرابع من قصة وسام والذي يحمل عنوان" وسام الخياط ", لن أطيل أكثر .. أدعكم الآن مع وسام الخياط .



سبق لي وأن قصصت لكم كيف أن وأمي أتت بي إلى دكان ذلك الرجل بائع الأحذية الذي أمن لي عمل جديد في مشغل لخياطة البياضات ( الشراشف والملاحف ) هو بالأصل شريك فيه مع أحد تجار السوق الذين ورثوا المهنة أباً عن جد , أخذ بائع الأحذية بيدي بعد أن ودعت والدتي وقبلت يدها وطلبت منها أن تدعو لي بالتوفيق في عملي الجديد .

وعلى بعد مائة متر من دكان بائع الأحذية دخلنا لأحد خانات السوق القديم , كان كبيراً تزينه عرائش ورق العنب التي كانت تضفي على أرضه منظر جميل لم أكن أشاهده إلا في المسلسلات التي تدور أحداثها إبان فترة الإحتلال الفرنسي والتركي لسوريا .

كان الجو صيفياً مشمس ترسل الشمس أشعتها من بين أغصان العريشة ومع قطرات الرزاز التي تنبعث من البحرة الموجودة بمنتصف ساحة الخان والتي تخلق نسمة رطبة تلامس جسد كل من يرتاده وتخفف عنه بعضاً من حر الصيف .

دخلت مع بائع الأحذية إلى مكتب شريكه ( مدير المشغل ) وقدمني إليه وعرفه بأني هو ذلك الطفل الذي حدثه عنه بأنه شاب نشيط سوف يعمل على تعلم المهنة بسرعة لكي يتسلم العمل على مكنة الخياطة بشكل سريع .

تقدم مدير المشغل مني وقال لي : أهلاً يا وسام , لقد حدثني شريكي عنك وقال أنك ( قبضاي ) أتمنى أن تكون كذلك وأعدك أن أعاملك مثل أبني الذي سيعمل معك وهو بعمرك .

قلت له بصوت ضعيف : إن شاء الله سوف أكون عند حسن ظنك بي .

دق أبا أحمد الجرس فأتى إليه أخيه مازن , ومازن يعمل في قسم التفصيل عمره أربعة وثلاثون عاماً تقريباً .

طلب منه أبا أحمد أن يأخذني لقسم الخياطة ويعرفني على مسؤول قسم الخياطة ليسلمني عملي الجديد , وبالفعل ذهبت مع مازن إلى قسم الخياطة وبدأت عملي كــ أجير يجلس أمام مكنة الخياطة ويقوم بطي القطعة التي تخرج من المكنة بعد أن ينتهي الصانع من حياكتها .

انتهيت اليوم الأول لي بعملي الجديد دونما أن أشعر كيف مضى , وراودني شعور بأنني أعيش حلم وتمنيت أن لا أستيقظ منه , دقت الساعة التاسعة أي أنه وقت العودة للمنزل ... عودة للمنزل !!! ... لست بحاجة إلى غسل يداي ووجهي بالمازوت !!! ... لست بحاجة إلى تبديل ملابس العمل بملابس نظيفة !!! ... هذه هي ملابسي نظيفة لا يشوبها شائبة !!! ... كل ما عليها بعض الخيوط الصغيرة التي تسلق إليها لتذركشها وتكسوها بألوان جميلة زاهية وسأحرص على أن لا أفقدها حتى أعود لأمي وأريها الفرق بين الشحوم والزيوت وبين هذه الخيوط الجميلة .

خرجت من الخان متجهاً نحو الشارع العام الذي يبعد مسافة قد تتجاوز الكيلو متر وذلك لأن السرفيس الذي يوصلني إلى بيتي لا يدخل إلى تلك الأحياء القديمة بسبب ضيق شوارعها , نصف ساعة وأنا أتسكع بأسواق حلب القديمة المتاخمة لمكان عملي , كم هي جميلة ويزداد جمالها في الليل مع إنارة المصابيح الصفراء المتواجد على طوال السوق تضفي عليه جواً أيضاً لم أراه في حياتي قط .

وصلت إلى المنزل واحتضنت والدتي وقبلت يداها ورأسها وأخبرتها عن سعادتي بعملي الجديد وعن العريشة والبحرة والفوانيس وعن أبا أحمد وعن مازن وعن كل شيء وتناولت عشائي وتوجهت إلى غطائي الحبيب الذي قصصت له هو الآخر كل ما رأيت وحصل معي في يومي هذا .

مضى الأسبوع الأول والثاني والثالث وأنا أذهب كل صباح إلى عملي وأعود مساءً والسعادة تغمرني إلى أن جاء ذلك اليوم الذي جعلني أكره هذا العمل والساعة التي عملت بها فيه .

نعم كرهته وذلك بسبب مازن ( أخو أبا أحمد ) .. القصة بدأت منذ الأسبوع الأول من عملي معه حيث بدأت يتقرب مني ويهتم بي كثيراً ويعطني كل يوم مبلغ من المال لكي أشتري به قطع الشوكولا والبسكويت .

في بداية الأمر اعتقدت أنه يهتم بي لأنه يعتبرني بمثابة أبن له ولكن بعد أيام اكتشفت أنه يريد مني شيء آخر , بدأ يحاول ملامستي وأن يمد يده إلى رجولتي ... نعم هو شاذ !!! ويبحث عن من يتحرش به حتى لو كان هذا الشخص الذي سيتحرش به هو طفل لم يكد يبلغ الحلم .

لم أكن أدري ماذا تسمى حالته ولكن عندنا حاولت أن اسأل بطريقة غير مباشرة عرفت أنه يوجد شريحة قليلة في مجتمعاتنا من الرجال مِن من يشعرون بالنشوة الجنسية حين يمارس أحدهم الرزيلة ويأتيهم من الخلف والعياذ بالله .

حاولت أن أبتعد عنه وأن أتحاشى التواجد معه في مكان واحد لوحدنا وبفضل الله استطعت أن أنجو من الوقوع بعمل يهتز له عرش الرحمن وبدأت مهمة مسابقة الزمن لسببين الأول هو تعلم الصنعة بأسرع وقت ممكن والثاني الإبتعاد عن هذا الشيطان المتمثل بجسد إنسان .




وأخيراً وليس آخراً لجأت إلى غطائي الحبيب ولكن هذه المرة تختلف عن المرة الأخيرة التي لجأت إليه فيها ولكن قد تشبه بشكل أو بآخر مرة من المرات الكثيرة التي لجأت إليه فيها , رأسي ممتلئ بالأفكار التي تأخذني يمنة ويسرة ... أريد أن أتكلم لكن الكلام في هذه الحالات كفر ... أحتاج من أشتكي إليه همي ... أحتاج من ينصحني ... أحتاج صدراً يضمني ... لكن أين ؟؟؟ ... من ؟؟؟ ... متى ؟؟؟ ... لماذا !!!! ... لا أحد غير هذا الغطاء ...












مواضيع متعلقة :


وسام والحذاء ( الجزء الثالث ) ... بقلم تاجر السعادة



وسام والعالم السفلي - ( الجزء الثاني ) .... بقلم تاجر السعادة

وسام الطفل الكبير ( الجزء الأول ) ... بقلم تاجر السعادة