المرأة مخلوق عظيم ولطيف...
أشبه ما يكون بالملاك الطاهر والفردوس الحالم...
هي في زماننا الجزيرة الرائعةالمفقودة...
هي ألحان أنشودة...
هي الحياة ولا معنى للحياة بدونالمرأة.
تمهل...!
أنا لا أقصد بالمرأة تلك الفتاة المراهقةالفاتنة...!
كلا....
أوتلك الحوراء التي تقلب الرجل الحليم حيران..!
بل أقصد بالمرأة... تلك الإنسانةالتي بدا على وجهها الشاحب عناء الكد والكدح...
أراها من بعيد قادمة ويثقل مشيها أغلال التشرد والعناء... ويشوه قرع أقدامهارنين القيود!
تضع الكرامة يدهاعلى صدر المرأة... فتسمع صوت قلبها يخفق في خوف وذهول..
ويقول:
أنا المخلوق المظلوم...!
أنا الملاك المهضوم..!
أنا الوردة المقتولة...!
أنا الطفلةالموؤودة...!
أنا القمر المخسوف..!
أنا الشمس المكسوفة..!
أنا لوحة الدموعوأنا دموع اللوحة...!
أنا الأم... الأخت... الزوجة... البنت!
ألاتشعرون؟!
ألا تحسون؟؟
ألا تسمعون!
ثم نظرت إليَّ بنظرة اليأس القاتلة،وذهبت تخترق السراب الساخن تتوارى خلف أدخنة المصانع الضخمة.
ذهبت تجر ذيول الخيبة والخسران!
ذهبت وهي تلعق جروحها في صمت رهيب!
ذهبت وهي تلعن الرجل (الديوث) الذي تخلى عن حمايتها ليلقي بها في أحضان الغرباء!
ذهبت وفي نظراتهاشرود مذهل وكأن أحزان العالم القديم مصبوبة في عينيها...
آه
هذه هي المرأةالإنسانة التي عانت وتعاني جور الحضارات وخسف الجهالات...
خلقت حواء الرائعةلتكون حبيبة قلب آدم...
ورافقته حياته وشاركته أحزانه..
وتحملت معه أخطاءه... وبكت ببكائه، وتبسمت لضحكاته، كانت نعم البيت له في شتائه، ونعم المؤتمن على سره،كانت له كل شيء، وكان لها الطفل المدلل المطيع.
ودارت دواليب الحياة إلى أن خرج الرجل من رجولته وفرد عضلاته على شقيقته وحبيبته...
قامت حضارة من أعظم الحضارات، الحضارة اليونانية..
وأنتجت أعظم أطروحات فلسفية...
ودخل اليونان التاريخ من أوسع أبوابه حتى اقترنت الفلسفة باليونان وصارا كوجهين لعملةواحدة...
في هذه الحضارة العظيمة.. ما هو الدور الذي قامت به المرأة؟
يقول (ول.ديورانت) في كتابه (حياة اليونان):
(
في أوج مدينة اليونان تبذلت المرأة،واختلطت بالرجال في الأندية والمراقص، فشاعت الفاحشة، حتى أصبح الزنى أمراً غيرمنكر، وغدت دور البغايا مراكز للسياسة والأدب).
وقال خطيب اليونان (ديموستين):
(
إننا نتخذ العاهرات للذة، ونتخد الخليلات للعناية بصحة أجسامنا،ونتخذ الزوجات ليكون لنا الأبناء الشرعيون بالرجال في الأعمال؟!)) .
).
ولما رأى فيلسوف آخر شيوع البلاءوالفواحش في مجتمعه قال:
(
يجب علينا أن نمحو وجود المرأة كما محونااسمها).
مسكينة هي المرأة!
أخرجها الرجل من بيتها ليلهو بها، ثم حملها وحدهاسبب الفساد!
وهكذا أخرجت المرأة من بيتها، وخرجت هي استجابة لوساوس الرجل.
لم تخرج فيلسوفة ولا قائدة جيش، بل خرجت تعمل في بيوت الدعارة ومواخير الفسق..
بلهولها الشيطان... ويضحك منها الصبيان!!
خرجت لتكون من الكماليات التي يقتنيهاالرجل..
تصب له كأس الخمر...
ترقص له وتغني بحضوره وأمامه...
تبكي خلفه تحن لبيتها وتشكو ظلمه..
تتمنى عطفه.. ولكن بعد فوات الأوان!
وعقارب الساعةأبداً لا تعود للوراء... إلا بمعجزة.
وهكذا لم تستمر هذه الحضارة وانهارت على يدالرومان الفرسان القادمين من روما العظمى!!!
ومرت المرأة عبر أطوار التاريخ تحمل معها جراحها، وتكفكف دمعاتها، وتحبس أناتها كي لا يسمعها الرجل الشيطان!!