««صديقة الدرب»»
تفترش أم وأولادها الثلاثة الأرض وتلتحف السماء منذ أكثر من شهرين في حديقة الأندلس بالقرب من دوار الأزهري في مدينة اللاذقية، يأكلون ويشربون مما يتصدق ويجود عليهم جيران الحديقة من طعام وشراب.
منزل تحت شجرة
توجهت سيريانيوز الى الحديقة، لتقف أمام سيدة شابة تبلغ من العمر حوالي 29 عاماً، وقربها رضيع لم يتجاوز الشهر الرابع من عمره، ام الطفلان اخران(لم يكونا بالمكان) الأكبر 7سنوات والأوسط 6سنوات، يعيشون في الحديقة الأندلس منذ أكثر من شهرين تحت شجرة من السرو.
ظل الشجرة بات منزلهم يقعدون وينامون به ليلاً ونهاراً على سجادة مهترئة وحصيرة أصبح لونهما من لون الأرض، وتتوزع حولهم أغراضهم التي لا يملكون سواها تحت قبة السماء والمؤلفة من بعض الملابس وغاز صغير وقليل من أواني الطبخ وبعض "المدات" الأسفنجية التي ينامون عليها، إضافة لبعض الأغطية.
أثناء وصولنا كان الرضيع يبكي باستمرار، وبدا جسده نحيلاً وهزيلاً وبانت عظامه بسبب سوء التغذية الذي يعاني منه، وكان أشبه بالأطفال في بعض دول أفريقيا الذين يعانون من المجاعة كما نراهم في التلفزيون، يتابع الصراخ والبكاء وكأنه ينادي أمه لكي تنقذه من الذباب الذي كان يهاجمه ويغف على وجهه ويمنعه من النوم ليقاسمه آثار الحليب التي علقت على شفتيه، أو لربما كان يصرخ بسبب أشعة الشمس المباشرة على وجهه.
وفي سؤال عن الطفلين الآخرين، قالت الأم بأنهما ذهبا يلعبان ويلهوان بعيداً، وطيلة وجودنا في المكان لم نشاهدهما وغادرنا دون ان يعودا.
رفض أهلها استقبالها
في البداية الأم رفضت الحديث ولم تذكر اسمها ولا اسم زوجها ولا حتى اسم من أسماء أولادها، لكن بعد أخذ ورد طويلين قالت بأنه "لم يبق قسم شرطة إلا واستدعاها وإذا كنت تريد معرفة قصتي فيمكنك الذهاب إلى الشرطة".
الأم كانت ومنذ عدة سنوات تعيش وأولادها مع زوجها في منزله الكائن بمدينة بانياس لكنها تركته منذ أكثر من سنة وتخلت عن النفقة وعن كل شيء يخصه ولا تريد منه شيئاً فقط أن يدعها وشأنها ،والسبب "المعاملة السيئة و القسوة والعذاب" الذي لاقته منه، حيث كان يضربها دائماً وتحولت حياتها معه إلى جحيم، حيث "كان يمضي معظم وقته في الشرب والسكر".
فضلت الام الرحيل على البقاء بهذا الوضع، وعاشت مع أولادها لفترة من الزمن في غرفة بأحد فنادق اللاذقية لكن لم يعد باستطاعتها الاستمرار حين نفذ المال القليل الذي كانت تملكه ولم يعد لديها أي مكان تلجأ إليه سوى هذه الحديقة.
وتقول: "حاولت اللجوء إلى أهلي الموجودين في القرية التابعة لمدينة جبلة لكنهم رفضوا استقبالي لأني تركت زوجي، ويريدونني أن أعود إليه، لكني أفضل الموت على العودة إليه".
وأضافت "والداي كان قاسياً عليها جداً منذ أن كانت صغيرة وهو الذي أجبرني على الزواج من ذلك الرجل، وقبض لقاء ذلك مبلغاً من المال من الزوج الذي اختاره ، والآن يملك معملاً للبلوك وأرضاً زراعية".
كان يمكن لوالدها أن يخصص لها غرفه لـتأوي أولادها لكنها تقول" الجميع تخلوا عني ورفضوا مساعدتي...أخي يملك سيارة تكسي يعمل عليها في كراج جبلة، والآخر يملك سيارة كيا بيك آب يعمل عليها أيضاً لكنهم جميعاً أغلقوا الباب في وجهي".
وأشارت بأن الشرطة بعد أن حققت معها اتصلت بأهلها لكنهم أصروا على رفض استقبالها.
يأكلون مما يجود به البعض
وفيما يخص كيفية تأمين الطعام والشراب خاصة وأنه ليس لديها أي عمل قالت أنها تأكل وتشرب هي وأولادها بما يجود عليهم الجيران المطلين على الحديقة، "البعض أصبحوا يحسبون حسابنا من الطعام الذي يطبخونه في منازلهم والبعض يرسل لنا بعلب سيرلاك وحليب".
وتابعت بأن "المحاولات جارية من الناس الأجاويد للحصول على غرفة في أحد الأحياء الفقيرة في مدينة اللاذقية،لكن وللأسف أجرتها حوالي 2000 ل.س، وإذا ما حصلت عليها أعتقد بأن مشكلتي ستحل".
وحول كيفية تأمين أجرة الغرفة قالت "سأعمل أي شيء وأسدد أجرتها".
وكشفت الأم بأنها تتعرض للتحرش من بعض الشباب الطائشين وتضطر للصراخ خوفاً منهم ،كما أنها تعرضت لسرقة بعض أغراضها عندما اضطرت لمغادرة الحديقة إلى المشفى الوطني لأن الرضيع كان يعاني من ضعف شديد وأضطر الأطباء لتعليق سيروم له لمدة أربعة أيام.
يَا سُـــورْيَا لاَ تنْحَنِيِ .. .. أَنَا لاَ أُذَلُ وَلاَ أُهَــــاَنْ
خَلِّي جَبِينَكِ عَاَلِيـــــاً .. .. مَادُمْتِ صَاحِبَةُ الْمَكَانْ
للاستفسار او مساعدة راسلوني على هاد الايميل
[email protected]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)