*** *** ***
كان أخوان اثنان يعيشان في رغد وسعة من العيش ، أنجبأحدهما بنتا وأنجب الآخر ولدا ، ولم ينجبا بعدهما شيئاً ، اتفق الاثنان أن يزوجاالبنت للولد بعد بلوغهما سن الزواج وتعاهدا على ذلك ، مات أحدهما وهو أب البنت ، ثمماتت أمها فيما بعد ، وعاشت البنت عند عمها الذي لم يعش بعدهما طويلا .

أصبحالشاب يعيش مع بنت عمه في بيت واحد ، وكان لكليهما ماله وتجارته الموروثة عن أب كلمنهما ، كان للشاب صديق عزيز على قلبه ، عندما رأى بنت عمه خطبها إليه ، وافق الشابعلى زواج صديقه من بنت عمه ، تزوج الشاب الفتاة ، وسافر بها إلى بلاد بعيدة .

حزن الشاب على فراق بنت عمه حزنا شديدا ، وأثَّرت شدة حزنه على تجارتهوأرباحه ، وبدأ بالتراجع حتى خسر كل ما يملك من تجارة ومال .

شعر الشاب أنكل ما أصابه كان بسبب ذلك الشاب الذي تزوج من بنت عمه فعزم على الانتقام منه .

رحل الشاب من موطنه عازما على قتل صديقه ، وسافر الليالي والأيام حتىاهتدى إليه ، كان يسكن صديقه مع بنت عمه في قصر شامخ ، استأذن في الدخول على صديقهولكن صديقه امتنع عن مقابلته .

عاد الشاب حزينا هائما على وجهه ، وظل يمشيحتى وصل إلى شاطئ البحر، وهناك وجد اثنين يتخاصمان على صندوق كل يدعي ملكيته ، طلبالاثنان من الشاب أن يحكم بينهما وقد ارتضياه حكما لهما ، كان الشاب قد أصرّ فينفسه أمرا .

ألقى الشاب حجرا في البحر وقال لهما : اذهبا وابحثا عنه وأيكماأتاني به فالصندوق له .

ذهب الاثنان ليبحثان عن الحجر ، وخطف الشاب الصندوقوفرّ به هاربا ليجده ممتلئا بالذهب والمال .

عزم الشاب أن يعود إلى ذاتالبلدة التي يعيش فيها صديقه الذي تزوج من بنت عمه ، والذي كان سببا في دماره ، منأجل منافسته والكيد له ، وبدأ بالتجارة ، واشترى البيوت والقصور والمتاجر ببضائعها، حتى لمع نجمه وانتشر خبره وأصبح من كبار أعيان المدينة ، ترك العاملون عند صديقهأعمالهم والتجأوا إليه رغبة في زيادة الأجر ، وكان لا يرفض عاملا جاءه باحثا عنرزقه .

وفي يوم من الأيام جاءته امرأة عجوز أشفق عليها ، وجعلها تعمل فيتجارته ، كانت هذه المرأة العجوز تعتبر الشاب مثل أبنائها وكانت تهتم بشأنه كثيرا ،طلبت منه مرة أم يتزوج ، عارضة عليه أجمل بنات المدينة ، ولكنه رفض .

وفييوم دخلت على متجره بنت جميلة تريد الشراء ، نظر إليها الشاب وقال للعجوز : أريدهذه البنت .

ذهبت المرأة العجوز لخطبة الفتاة على ذلك الشاب ، ودعا الشابجميع وجهاء وأعيان المدينة ، حضر الجميع وكان صديقه من بين الحاضرين .

وعندما انتهى حفل الزفاف ، وذهب الجميع إلى بيوتهم ، نظر في مكان ما منقصره ، فإذا بصديقه يجلس ويرفض الخروج ، جاءه مسرعا ومخاطبا ، ما الذي يجلسك ؟ أليسكل المدعوين قد انصرفوا إلى بيوتهم ؟ .

قال صديقه : لا أريد الانصراف ،ففرحك هو فرحي ، وسعادتك هي سعادتي ، ويجب أن أقوم بواجبي معك كاملا ، ولن أتركك .

رد عليه الشاب قائلا : أنت كاذب ، ولو كنت صادقا لخرجت لاستقبالي يوم أنزرتك في قصرك .

قال صديقه : في يوم زيارتك لي ، كنت جالسا في اجتماع هاملكبار أعيان ووجهاء المدينة ، وقد أثنيت عليك بحضورهم ، وأبلغتهم عنك بأنك الوجيهالفاضل والشهم الكريم ، والتاجر الكبير ، ولما نظرت إليك من نافذة قصري وأنت فيثيابك البالية ، خشيت أن تدخل قصري فتتأثر صورتك التي رسمتها لهم فأكون في نظرهمكاذبا وتبدو أنت في نظرهم في صورة ليست بالصورة التي أبلغتهم عنك .

أماالمرأة العجوز التي كانت تحضنك وتخدمك فهي أمي .
وأما الاثنان اللذان كانايتخاصمان على الصندوق على شاطئ البحر فهما أخواي أرسلتهما لك ومن أجلك .
وأمازوجتك التي تزوجتها فهي ابنتي .
وأما العمال الذين هم عندك فهم عمالي أرسلتهم لك .

وأما بضاعتك وأملاكك وقصورك ومحلاتك التجارية فقد كانت ملكا لي تنازلتعنها لك ومن أجلك .
.
وأنا لا أنسى فضلك ، يوم أن آثرتني على نفسك وزوجتني منبنت عمك .