سافر التاجر الصالح إلى حلب للتجارة، وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى 1914م ، وفي الطريق هطل ثلج كثير فسد الطرق ،فطرق باب أحد البيوت فلم تكن هناك فنادق يأوي إليها المسافرون ... لقد كان الغريبأو المسافر يطرق أي دار من دور المكان الذي يصل إليه ثم يحل ضيفاً بين ظهراني أهلهينام كما ينامون ويتناول من طعامهم بدون أجر أو مقابل ، ففتح له الباب رب الدارفأخبره بأنه ضيف الله ، فرحب به صاحب الدار وأدخله وتجارته إلى صحن داره وقدمالطعام للضيف ، وكان صاحب الدار فقيراً معدوماً ، وكان متزوجاً وله ولد واحد فيالعقد الثاني من عمره ، وكان في داره غرفتان ، غرفة يأوي إليها هو وزوجته ، والأخرىلولده واجتمعت العائلة حول الضيف وعرف المضيف من خلال الحديث مع الضيف أنه يحملمبلغاً من المال للتجارة ، وفي الهزيع الثاني من الليل آوى المضيف مع زوجته إلىغرفتهما وآوى الضيف إلى غرفة ولد المضيف ، فنام الولد على فراشه في الزاوية اليمنىمن الغرفة وآوى الضيف إلى فراشه في الزاوية اليسرى من الغرفة . وهمست الزوجة لزوجها : إلى متى نبقى في فقر شديد ، هذا الضيف غني ونحن في أشد الحاجة إلى ماله وتجارته ،إننا مقبلون على مجاعة شديدة وسنموت فيها بدون ريب ، إن الفرصة اليوم سانحة ولنتعود ، هلم إلى الضيف فاسلبه ماله وخذ تجارته حتى تبقي على حياتنا وحياة ولدناالوحيد ، وتردد الرجل ، وألحت المرأة وكان الشيطان ثالثهما وقالت : إن ما نفعلهضرورة لإنقاذنا من الموت الأكيد والضرورات تبيح المحظورات ، واقتنع الرجل أخيراً ،وعزم على قتل الضيف وسلب ما لديه من مال وتجارة . كان الوقت في الثلث الأخير منالليل ، وقصد الرجل خنجره وشحذه ثم توجه ناحية غرفة الضيف وابنه ، ومن وراءه زوجهتشجعه ، ومشى رويداً رويداً واتجه شطر الزاوية اليسرى من الغرفة حيث يرقد الضيفوتحسس جسمه حتى تلمس رقبته ثم ذبحه كما يذبح الشاة .. وجاءت الزوجة وتعاونا على سحبالجثة الهامدة إلى خارج الغرفة .. حيث اكتشفا هناك أنهما ذبحا ابنهما الوحيد فشهقالرجل والمرأة شهقة عظيمة وسقطا مغشياً عليهما ، وعلى صوت الجلبة استيقظ الضيفواستيقظ الجيران ليجدا ابن الرجل قتيلاً ، وسارع الضيف والجيران بالماء البارديرشونه على وجه الرجل وزوجته ، فلما أفاقا أخذ يبكيان بكاء مراً ، ، وجاءت الشرطة .. وعرفت ما حدث ، لقد قام الابن إلى فراش الضيف بعد أن غادر أباه الغرفة وأخذالرجلان يتجاذبان أطراف الحديث وطال الحديث حتى نام الولد على فراش الضيف بعد أنغلبه النعاس ، ولم يشأ الضيف أن يوقظ ابن مضيفه فترك له فراشه بعد أن أحكم عليهالغطاء لبرودة الجو ثم أوى إلى فراش ابن المضيف فنام عليه .. وحين قدم المضيف إلىغرفة الضيف وابنه كان متأكد من موضع فراش كل واحد منهما فذبح ابنه وهو يريد الضيف ،ودفن الجيران الولد القتيل ، واستقر والده في السجن .