بعد أكثر من عامين حملت خلالها رسالة "سورية للتواصل والسلام.". السفينة الشراعية فينيقيا ترسو في أروادبعد رحلة استمرت 26 شهرا عادت السبت إلى جزيرة أرواد السفينة الشراعية الفينيقية فينيقيا مختتمة رحلتها حول القارة الإفريقية في محاولة لإحياء التراث الفينيقي حاملة رسالة السلام والتواصل الثقافي التي دأبت سورية على نشرها على امتداد تاريخها.
وكانت السفينة فينيقيا انطلقت من الساحل السوري إحياء لرحلة الفينيقيين قبل حوالي 2600 عام الذين نقلوا معهم الحضارة والعلوم إلى سائر أنحاء العالم في مهمة إنسانية ثقافية وتجارية ما زالت آثارها ونتائجها ماثلة حتى اليوم.
وقال الدكتور عاطف النداف محافظ طرطوس إن سورية تشهد اليوم عبر هذه الرحلة امتداد الماضي إلى الحاضر في حدث تاريخي ذلك أن أجدادنا الفينيقيين هم أول من أبحروا حول أفريقيا منذ غابر العصور لنشر الحضارة والمعرفة.
ولفت النداف إلى الاهتمام الكبير الذي أولي لهذا الحدث الهام منذ إطلاق السفينة بتاريخ 23-8-2008 من جزيرة أرواد وإلى الرعاية التي أولتها السيدة أسماء الأسد ومتابعتها الدائمة لبعثة فينيقيا طوال رحلتها ولغاية وصولها إلى مرفأها الأم أرواد وإلى الدعم الذي قدمته الجمعية السورية اليريطانية برئاسة الدكتور فواز الأخرس مؤكدا أن ذلك دلالة على نبل هذه الرسالة وأهميتها على الصعيدين المحلي والدولي.
بدوره أشار عبد القادر صبرا رئيس غرفة الملاحة البحرية إلى القيمة والأهمية الثقافية والتاريخية لرحلة فينيقيا التي أحيت إنجازات الفينيقيين الذين أهدوا البشرية الأبجدية الأولى كما تبرز البعد العالمي لحضارتهم وتجدد واحدة من رحلاتهم التي نشروا خلالها خبراتهم وثقافتهم كما أن الرحلة بينت موقع سورية على الخريطة الحضارية العالمية ودورها المستمر في تعزيز التواصل الثقافي بين شعوب العالم لافتا إلى أن إعادة بناء فينيقيا وإعادة إطلاقها إلى العالمية تأكيد على بعد حضاري مهم جداً نظراً لأن الفينيقيين كانوا حملة حضارة وسلام إلى العالم.
ولفت صبرا إلى أن أرواد هي الجزيرة الوحيدة في العالم القادرة على صناعة سفينة كتلك التي كان يصنعها أجدادنا الفينيقيون مشيرا إلى أن إنجاز سفينة فينيقيا تم من قبل بحارة متمرسين بدعم من الجمعية السورية البريطانية والجمعية الملكية الجغرافية البريطانية والمتحف البريطاني وبمشاركة عدد من الجغرافيين والمؤرخين وعلماء الآثار.
من جانبه تحدث فيليب بيل كابتن السفينة عن الرحلة التي استمرت أكثر من عامين والصعاب التي واجهتها أثناء الرحلة كالرياح والعواصف والموج العالي في جنوب أفريقيا لافتا إلى أن أصعب مرحلة مرت بها الرحلة كانت خلال شهر كانون الأول الماضي في الصومال حيث تعرضت السفينة لمطاردة من قبل قارب صغير مدة ساعتين إلى أن ساعدتهم سفينة كبيرة وحمتهم للوصول إلى مكان أكثر أمنا.
وأشار بيل إلى البناء المتين للسفينة ما مكنها من تحمل ما تعرضت له من صعوبات أثناء الإبحار ومجابهتها للأمواج العاتية وعدم تعرض الطاقم البحري لأي مشكلة موضحا أن السفينة قطعت مسافة20 ألف ميل بحري وعلى متنها خمسون بحارا من جنسيات مختلفة وصل منهم إلى أرواد 14 بحارا.
من جهته قال المهندس محمد عبد الكريم عثمان منسق الاستقبال إن السفينة طافت 16 دولة في العالم ورست في حوالي عشرين ميناء وقبل أن تصل إلى طرطوس رست بميناء طرابلس حيث تم استقبالها بحفل كبير ومميز مضيفا أن السفينة هي إعادة بناء لنموذج السفينة الفينيقية القديمة التي بناها الفينيقيون في الجزيرة بطريقتها البدائية التي اعتمدت على تعشيق الألواح الخشبية فيما بينها دون هيكل معدني يربطها مضيفا أن رحلة السفينة أثبتت حقيقة علمية مفادها أن السفينة الفينيقية القديمة قادرة على الطواف في البحار ومقاومة أعاصيره.
بدوره قال خالد حمود الحرفي وقائد فريق العمل الذي صنع السفينة فينيقيا إن السفينة تم تصنيعها خلال تسعة أشهر وبمشاركة خمسة من صانعي السفن من جزيرة أرواد وذلك باستخدام خشب الجوز والصنوبر الحلبي والزيتون حيث تم وضع الألواح الخارجية قبل الأضلاع الداخلية لهيكل السفينة بعكس بناء السفن في أي مكان من العالم.
وأشار علي نجم رئيس مجلس بلدية أرواد إلى أن تصنيع وخروج وعودة السفينة من أرواد وإليها بمثابة حدث تاريخي كبير سيبقى نقطة مضيئة في حياة سكان جزيرة أرواد حيث أن السفينة صنعت في الجزيرة التاريخية التى استوطنها الفينيقيون فى الألف الثانية قبل الميلاد واستفادوا من موقعها الجغرافى الممتاز فى توسيع علاقاتهم التجارية والثقافية.
ولفت نجم إلى أن فينيقيا نسخة طبق الاصل عن السفن التى بناها الفينيقيون اذ صنعها خبراء الجزيرة الذين توارثوا صناعة هذا النوع من السفن واستخدموا مواد بناء تقليدية فينيقية وربطوا الواحها الخشبية بمسامير خشبية مصنوعة بنفس الاسلوب الذى اتبعه الفينيقيون حيث يبلغ طولها 21،5م وعرضها 5،75م.
من جانبه تحدث المحامي هشام عبد الرزاق المشارك في رحلة فينيقيا من أرواد إلى بور سعيد عن رحلته الخاصة مع السفينة التي استمرت خمسة أيام بأجواء هادئة بدون ضجيج المحركات واصفا إياها بالمغامرة الحقيقية فيها الترفيه والاستكشاف إضافة إلى المصاعب مشيرا إلى أن المميز في الرحلة استخدام نجم القطب الذي كان يستخدمه الفينيقيون سابقا من خلال وضعه على السارية لتحديد الاتجاهات.
بدوره أشار محمود اسماعيل أحد المهتمين بالتراث الفينيقي إلى أهمية هذا الإنجاز لسورية بشكل عام وجزيرة أرواد بشكل خاص التي كانت في الأصل مملكة لصناعة هذه السفن مضيفا أن سفينة فينيقيا تؤكد للعالم أن العرب اصحاب حضارة واصحاب نظرة ثاقبة لبناء المستقبل وهي رسالة فحواها اننا نستطيع صناعة الحضارة بأنفسنا.
وتخلل استقبال السفينة عرض فني قدمته فرقة أرادوس للفنون الشعبية بطرطوس تضمن عدة لوحات فنية وفقرات من التراث الفلكلوري البحري.
يشار إلى أن السفينة فينيقيا أطلقت من جزيرة أرواد في 23-8-2008 معلنة بدء رحلتها التي تحاكي اول رحلة سفينة شراعية فينيقية حول القارة السمراء منذ اكثر من 2600 سنة وهي تعبير عن استمرار الاتصال الحضاري بين اجيال سورية ولا سيما انها صنعت بايدي ارواديين توارثوا مهنة اجدادهم الفينيقيين حتى انفردوا بصناعة هذا النوع من السفن لتشكل جزءا من تاريخنا وتراثنا ففي عام 600 قبل الميلاد انطلق ثلة من أسياد البحر وهو لقب يطلق على البحارة الفينيقيين من جزيرة ارواد على متن سفينتهم الشراعية ليجوبوا الاصقاع مستعينين بالنجوم اذ كانوا اول من اهتدى بها واول من اكتشف النجم القطبي يحملون ابجديتهم الشهيرة للكون لتدور سفينتهم حول القارة السمراء في اول رحلة استكشافية يعتقد أن سفينة شراعية قامت بها.
الآن وبعد مرور أكثر من ألفي عام تستعاد هذه الرحلة /الحلم/ إحياء لما فعله الفينيقيون الأوائل بعد أن حظيت بموافقة الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية ولقيت اهتماما من قبل جامعات وهيئات ثقافية وأثرية وعلمية وفنية عدة في كل من سورية وبريطانيا ودول أخرى في العالم.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)