اتهم مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) تيم بيرنرز لي، مواقع التواصل الاجتماعي بالخروج عن مبادئها المعلنة وإنشاء صومعة مغلقة المحتوى.
وحذر بيرنرز لي من ان مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" تمثل واحدة من عدة تهديدات لمستقبل الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
وكتب بيرنرز لي مقالا في مجلة العلوم الاميركية اشار فيه الى ان "فيس بوك" ومواقع التواصل الاجتماعي الاخرى التي حققت نجاحات كبيرة تخلت عن مبادئها التأسيسية.
واشار في مقاله الذي تناقلته الصحف والمواقع الالكترونية وقدمت صحيفة "الغارديان" البريطانية خلاصة له، الى ان مواقع الشبكات الاجتماعية التي لا تسمح لمستخدميها بتمرير المعلومات التي يضعوها على تلك المواقع الى مواقع أخرى، إنما تضع هؤلاء المستخدمين في "مشكلة" تفتت شبكة الانترنت الى "جزر مبعثرة".
وكان بيرنرز لي قد طور في عام 1991 نظام الشبكة العنكبوتية (الويب) لربط الصفحات وتصفحها وتنظيمها على شبكة الإنترنت ، وبدأت فكرة الويب على ان كل شيء مفتوح على بعضه الا اذا كان بهدف الاشتراك في خدمة معينة "مثل صحيفة او قاعدة بيانات مكتبية".
وكسر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" هذه القاعدة بشكل كبير باستقطابه 620 مليون مستخدم، هم عمليا خلف اسوار رقمية لا يمكن لبقية الانترنت اختراقها، كما ان المستخدمين لا يسمح بعضهم لبعض ان يتداخلوا معلوماتياً فيما بينهم.
ووصف مخترع الويب هذه الحالة بـ "جزر مستقلة ضمن سياج كبير اسمه فيس بوك" ، وأعرب عن ألمه لقيام الشركات والمواقع بانتاج برامجها الخاصة للتعامل مع الانترنت دون المرور بالويب.
وهذا يدفع المستخدم الذي يريد أن يقرأ صحيفة مثلاً الى تصفحها مباشرة من خلال تطبيقها الخاص، دون الحاجة لاستدعائها من خلال المتصفح، الامر الذي سيقتل فكرة الويب ، وأصبحت الانترنت مجرد بنية تحتية لعدد كبير من التطبيقات بعدما كان الويب/المتصفح هو التطبيق الاساس.
وأكد تيم بيرنرز لي ان الويب تطور ليصبح أداة قوية في كل مكان لأنه بني على مبادئ المساواة، معبراًعن خشيته بتلاشي هذا التنوع عبر تهديده بطرق مختلفة.
وعبر عن قلقه من أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تصبح أكبر مما هي عليه الان، الأمر الذي يدفعها الى الاحتكار وتقضي على كل فكرة تدعو الى الابتكار.
وشبه الامر في احتجاز متسوق بمخزن واحد مقفل الجدران بدلاً من أن يكون في سوق مفتوحة ، وكان موقع "فيس بوك" قد سجل اضافة 500 مليون مستخدم في شهر تموز/يوليو الماضي.
وتشير أرقام شركة كومسكور للمقاييس الى وجود 620 مليون مشترك في "فيس بوك" في جميع أنحاء العالم، وهناك أكثر من 33 مليون مشترك في المملكة المتحدة.
وعبر بيرنرز لي عن دعمة لانتاج تطبيقات خاصة بالانترنت وعدم اقتصارها على التطبيقات الخاصة كما هو الحال مع الهواتف الذكية، مؤكدا ان تلك التطبيقات تهدد مستقبل الانترنت.
واشار الى ان الكثير من المستخدمين في المناطق الريفية والبلدان الافريقية مثلا يتواصلون مع الانترنت عبر الهواتف المحمولة فقط الامر الذي يهدد القيمة الفعلية التي وجد من أجلها الانترنت كفضاء عالمي مفتوح.
وطالب بان يكون مصدر الوصول الى الانترنت من خيار المستخدم عبر كمبيوتره الشخصي وليس بفرض تقنية "واي فاي" على الهواتف المحمولة وحدها.
وكان محرك البحث "غوغل" قد صعد من حدة نزاعه مع "فيس بوك" بعد أن أعلن عن نيته إيقاف مشاركة بيانات مستخدمي غوغل عبر حساباتهم مع المواقع والشبكات الاجتماعية التى لا تدعم مشاركة البيانات بالمثل.
ويصف الخبراء هذا التغيير الجذري فى السياسة موجهاً إلى شبكة"فيس بوك" تحديدا، التى تسمح للمستخدمين باستقدام البيانات ولكنها لا تسمح لهم بإخراجها.
ويرى الخبراء أن"فيس بوك" ليس الوحيد الذى انتهج أسلوب منع البيانات وعدم السماح للخدمات والمواقع الأخرى الخارجية بجلب بيانات مستخدميها، فهناك الكثير من المواقع التى تنتهج مثل هذا النهج وتطبق طريق البيانات المسدود.
ورحب "غوغل" بعمل مزامنة لبيانات مستخدميها مع الشبكات والمواقع التي تسمح هى أيضاً بذلك، ولكن المواقع الأخرى على غرار"فيس بوك" على حد تعبير الشركة فى بيانها - غير مرحب بها وسيتم حجبها من خدمات المزامنة.
ومن المنتظر ألا يؤثر هذا التغيير على عمليات المزامنة التى يقوم بها مستخدمو "غوغل" على أجهزة "أي فون"، فأغلبية الأجهزة تسمح بتبادل المعلومات والبيانات مع الجهات المختلفة.
وتأتى هذه الضربة من "غوغل" إلى أكبر موقع للتواصل الاجتماعي ومستخدميه كرد على رفضه تسهيل عملية الحصول والبحث عن البيانات المتوافرة داخل الشبكة أمام محرك البحث العملاق.
ويخشى موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" استغلال "غوغل" لهذه البيانات لأغراض دعائية تحت ستار البحث.
وكان "فيس بوك" قد قدم مؤخراً ميزة السماح بتحميل المعلومات الخاصة بالمستخدم، الا انه لم يسمح بتصدير أهم البيانات التى يملكها.
ويعلن "فيس بوك" دائماً أن هناك حساسية فى السماح بنقل معلومات الاتصال، وفى الوقت نفسه لا يتوانى عن سحب كل ما يمكن أن يحصل عليه من بيانات كما أنه عقد صفقات مع "هوت ميل" و"****" تتيح له الحصول على بيانات مستخدميهما، ولكنه لم يعقد صفقات مماثلة مع "غوغل".
وسبق ان دعا تيم بيرنرز لي الذي منحته ملكة بريطانيا لقب سير الى الحكم على الدول وفقا لمدى قبولها باشراك مواطنيها بقواعده المعلومات المتوفرة لديها.
ووصف بيرنرزلي "مبدأ فتح الدولة لقواعد معلوماتها وحيادية شبكة الانترنت" بأنها بـ"أهمية حرية التعبير" ، وشبه مخترع الانترنت حرية الوصول الى المعلومات بالحريات الاساسية للمواطنين.
وفي مقابلة اجرتها معه هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" قال ان "اي مجتمع ديمقراطي، يجب ان يكون الناخبون على اطلاع ولهم الحق ان يعرفوا كل المعلومات التي يطلبونها اذا كانت متوفرة".
واشار الى ان ذلك مهم جدا كذلك في البلدان النامية مضيفا ان "شفافية الحكومات وعدم خوفها من نشر قواعد معلوماتها للعلن هي التي تعطي المستثمرين الثقة لبدء مشاريع في تلك البلدان".
وكان بيرنرز لي قد طور برنامج النصوص الفائقة (هايبرتكست) أثناء وجوده بمعهد الفيزياء الجزيئية في سيرن بمدينة جنيف السويسرية.
وسهل البرنامج الذي طوره بيرنرز لي للعلماء تبادل الأبحاث والبيانات فيما بينهم عبر شبكة حاسب داخلية والتي أصبحت فيما بعد شبكة الإنترنت.
وأطلق في التسعينيات على النظام الذي طوره بيرنرز "الشبكة الدولية" التي تمثل العمود الفقري لشبكة الإنترنت الحالية.
يذكر أن بيرنرز لي يترأس حاليا اتحاد الشبكة الدولية بمعهد ماساشوسيتس للتقنية بمدينة بوسطن حيث يتخذ من المعهد مقر لعمله كأكاديمي.
ويعكف بيرنرز لي الآن على تطوير ما يعرف باسم "شبكة الدلالات اللفظية" التي ستعطي معنى أعمق للمواقع على شبكة الإنترنت الأمر الذي سيجعل نتائج البحث أكثر "ذكاء".
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)