سقطتْ آخرُ جدرانِ الحياءْ
وفرحنا.. ورقصنا..
وتباركنا بتوقيعِ سلامِ الجبناءْ
لم يعد يرعبنا شيءٌ..
ولا يخجلنا شيءٌ
فقد يبستْ فينا عروقُ الكبرياءْ...

سقطتْ.. للمرةِ الخمسينِ عذريّتنا..
دونَ أن نهتزَّ.. أو نصرخَ..
أو يرعبنا مرأى الدماءْ..
ودخلنا في زمانِ الهرولهْ..
ووقفنا بالطوابيرِ، كأغنامٍ أمامَ المقصلهْ
وركضنا.. ولهثنا
وتسابقنا لتقبيلِ حذاءِ القتلهْ..

جوَّعوا أطفالنا خمسينَ عاماً
ورمَوا في آخرِ الصومِ إلينا..
بصلهْ...

سقطتْ غرناطةٌ
للمرّةِ الخمسينَ – من أيدي العربْ.
سقطَ التاريخُ من أيدي العربْ.
سقطتْ أعمدةُ الروحِ، وأفخاذُ القبيلهْ.
سقطتْ كلُّ مواويلِ البطولهْ.
سقطتْ إشبيليهْ..
سقطتْ أنطاكيهْ..
سقطتْ حطّينُ من غيرِ قتالٍ..
سقطتْ عموريَهْ..
سقطتْ مريمُ في أيدي الميليشياتِ
فما من رجلٍ ينقذُ الرمزَ السماويَّ
ولا ثمَّ رجولهْ..

سقطتْ آخرُ محظيّاتنا
في يدِ الرومِ، فعنْ ماذا ندافع؟
لم يعدْ في قصرِنا جاريةٌ واحدةٌ
تصنعُ القهوةَ.. والجنسَ..
فعن ماذا ندافعْ؟؟

لم يعدْ في يدنا أندلسٌ واحدةٌ نملكها..
سرقوا الأبوابَ، والحيطانَ، والزوجاتِ، والأولادَ،
والزيتونَ، والزيتَ، وأحجارَ الشوارعْ.
سرقوا عيسى بنَ مريمْ
وهوَ ما زالَ رضيعاً..
سرقوا ذاكرةَ الليمون..
والمشمشِ.. والنعناعِ منّا..
وقناديلَ الجوامعْ

تركوا علبةَ سردينٍ بأيدينا
تسمّى "غزّة"
عظمةً يابسةً تُدعى "أريحا"
فندقاً يدعى فلسطينَ..
بلا سقفٍ ولا أعمدةٍ..
تركونا جسداً دونَ عظامٍ
ويداً دونَ أصابعْ...