كان عسيراً الوصول إلى احد التلاميذ الذين ظهروا في مقطع الفيديو الشهير والتي ظهرت فيه معلمتان تقومان بضرب تلاميذ في الصفوف الابتدائية ..
ففي تل حاصل القرية التي شهدت القصة التي سرت كالنار في الهشيم وانتشرت بسرعة بالغة على الشبكة العنكبوتية وأنشأت لأجلها مجموعات تضامن و أصبحت الشغل الشاغل لوزارة التربية والتي انتهت فصولها بإصدار رئيس مجلس الوزراء قراراً تسريح المعلمتين اللتين ظهرتا في التسجيل ، في تلك القرية لم يكن هناك احد على علم بالحدث وتداعياته ..
زيارة القرية أكثر من مرة أثمرت في النهاية عن الوصول إلى تلاميذ بدا وكأن الضرب كان جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية عندهم ، فالحادثة كانت يوم في المدرسة مثل باقي الايام ، ولكن الفرق ربما هو انه تم توثيقه بالتصوير وانتشاره بطريقة او باخرى
أطفال القرية
التقت بعدد من طلاب مدرسة تل حاصل شرقي جميعهم لم يتذكروا القصة،الفلقة كانت طقساً معتاداً والكسول والمشاغب هما الهدف الدائم لعصا المعلمات .
كما انه اكثر من عشرين طفلاً وفتى تتراوح أعمارهم بين 10 و 15 سنة لم يسمع أحد منهم بقصة الفيديو الذي انتشر عبر الانترنت.
حميد وعمره 14 سنة قال "أنا كنت شاطر والآنسة تحبني ولا تضربني لأني لا أنس الوظيفة وأحفظ الدرس و أقرأ كل يوم بشكل جيد "
من جهته نوح بكر أكد أن جميع المعلمات كن يستخدمن العصا و أنه لم يسمع بقصة الفيديو ولكنه يتذكر أن المعلمات اختلفوا مع المدير بسبب الضرب وتم نقلهم جميعاً من المدرسة بعد شكاوى الأهالي .
كلا الطالبين لا يعرف ما هو الانترنيت و إن كانا يعرفان البلوتوث الذي يمكّن من نقل مقاطع الفيديو الملتقطة عبر الجوالات .
ليس من الضروري أن يتواصل جميعهم من الشبكة العنكوبوتية لكي يطلعوا على المقطع إذ أنه يكفي أن يتداول شخص واحد الفيديو على جواله لكي ينتقل،ورغم ذلك لم نعثر على شخص واحد رأى مقطع الفيديو الذي شغل الناس طويلاً .
مدير إحدى مدراس القرية الأربعة والذي أكد على عدم نشر اسمه قال " خطوط الانترنيت هنا ديل أب وهي بطيئة جداً جداً ، و هي لا تسمح بتحميل أي ملف فيديو " .
المدير أجرى عدة اتصالات هاتفية مع مصادر مطلعة في قريته أكدت له وقوع الحدث ولكن قبل ست سنوات ولكنه جدد نفيه أن يكون شاهد الفيديو وبالتالي لا يمكنه المساعدة في الوصول إلى بعض التلاميذ ممن ظهروا في المقطع.
ولما عرضنا الفيديو عليه لم يتمكن من معرفة سوى بضعة تلاميذ ورغم ذلك اعتذر عن إيصالنا إلى منزل ذويهما أو إعطاءنا اسميهما أو دلالتنا على المنزلين معتبراً أن ذلك " سيخلق بلبلة كبيرة في القرية " .
خليل وهو شاب جامعي من القلة من أهل القرية على اطلاع بقضية الفيسبوك على اعتبار أن شقيقته ظهرت في الفيديو وهي تبكي بعد معاقبتها ،وبعد أن رحب بنا ودخل لإخبار شقيقته التي تركت المدرسة لاحقاً عاد ليعتذر لأن والده لم يوافق ولا يريد الحديث عن الموضوع .
عصا وفلقة
وبعد البحث والتدقيق وصلنا الى الطالب رمضان خلوصي الذي أكد تعرضه للضرب من قبل الآنسة " ر " عدة مرات ولكنه لا يذكر أن إحدى المعلمات قامت بتصوير ذلك بجهاز خلوي أو بكاميرا.
و قال رمضان " إن المعلمة ( ر ) كانت قاسية جداً وأنا أكره المدرسة و كتابة الوظائف ، كانت تضربنا ، ولم أكن أعرف أيامها أن الموبايل يصور مثل الكاميرا " .
الفتى ذكر أن معلمته كانت تريد منه قراءة الدرس بدون أخطاء وذلك أمر لا يمكنه إتقانه وقال "التدرب على القراءة كان مثل الأعمال الشاقة و لا أحد في البيت يساعدني ويعلمني مع أن أبي يريد أن أتعلم في المدرسة " .
وتابع رمضان " كل يوم كنت ( أكل 5 عصايات ) على الأقل إما بسبب عريفة الصف أو بسبب الوظيفة،متعود على العقوبة ،كنت أخاف من العقوبة وأتمرن على الدرس لكن كل قراءتي كانت أخطاء ".
رمضان اعتبر أن نصف العقوبات كانت بسبب العريفة وقال "عريفة صفنا كانت من الصف السادس والآنسة تطلب منها أن تكتب اسم كل من يتكلم أو يترك المقعد ولا تمحيه وعندما تأتي المعلمة تضربنا 3 عصايات ووقت المذاكرة مصير الضعفاء الى ( الفلق ) ".
عقوبة مكعبة
لجنة التحقيق التي كلفتها مديرية التربية بحلب في العام 2004 النظر في مشكلة مدرسة تل حاصل اقترحت نقل المعلمتين وإنهاء تكليف معلمة ثالثة " وكيلة " ونقل مدير المدرسة .
و بعد إثارة القضية مجدداً على شبكة الانترنيت قررت مديرية تربية حلب بعد كشف هوية المعلمتين معاقبتهما مجدداً حيث تم منعهما من العمل في وظيفية تعليمية ونقلهما إلى منطقة نائية .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد نجي عطري القرار رقم 5594 المستند إلى اقتراح اللجنة اقتراح اللجنة المشكلة وفقاً لأحكام المادة 137 من قانون العاملين الأساسي في الدولة ، والذي قضى بصرف المعلمتين اللتين ظهرتا في مقطع فيديو وهما تعذبان التلاميذ في إحدى قرى حلب من الخدمة وتصفية حقوقهما في المادة الأولى وفق القوانين والأنظمة النافذة.
مدير تربية حلب نضال مريش اعتبر أن قرار الصرف من الخدمة صائب وفي محله و قال في تصريحات صحفية " جاء قرار رئيس مجلس الوزراء الذي كان صائباً في محله لأن المعلمتين خالفتا التعليمات الوزارية وارتكبتا تصرفات تسيء للعملية التعليمية بشكل خاص وللمجتمع بشكل عام فجاءت العقوبة كي لا تتكرر الحادثة ثانية".
وهكذا وجدنا انه في (تل حاصل ) الجميع لا يعرفون ما هو حاصل حولهم ، المعلمتان نسيتا تلك القرية وشقتا طريقهما في الحياة كل في اتجاه،الأطفال والأهالي نسوا قصة هي من أبجديات العملية التربوية العائلية والمدرسية في ذلك الريف .
والقرارات التي صدرت لاحقا دلت بانه لا تقادم لدىى المعنيين في قضايا بمثل هذا النوع ويبقى السؤال هل سينتهي العنف في المدارس بعد ان طويت اخر فصول هذه القصة؟
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)