أحمد عمشة كفيف من أهالي مدينة حماة، بلغ عامه الخامس و الستين قادته الموهبة الفذة إلى دائرة الإبداع، ليكون اليوم وبالمفهوم العملي شيخ كار صناعة الخيزران في حماة، بالرغم من إعاقته التي حرمته من رؤية ما تبدعه يداه المجعدتان من تشكيلات خيزرانية فريدة أقل ما يقال فيها أنها تحف فنية .
وأحمد عمشة لا يزال يمارس هذه المهنة، التي هو شيخها، ليقوم بصناعة أدوات المطبخ ومعدات الديكور والأرائك والمقاعد والطاولات وإطارات الصور والمرايا وإكسسوارات البيت الصغيرة كالسلال الصغيرة والصناديق بأحجام متعددة والكراسي وأطقم السفرة والكراسي الهزازة وأسرة الأطفال .
و عن بداياته، يوضح عمشة أن ولعه بتصميم الاشكال الفنية من العيدان والخيوط منذ صغره قاده إلى معهد رعاية المكفوفين باللاذقية لتعلم أصول صناعة هذه الحرفة ولم تمنعه أداوتها الحادة مثل المقص والمثقب والمخرز من المتابعة وإنجاز التدريب بكل إصرار لمدة ثمانية أشهر تقريباً لينتقل بعدها إلى حماة ويبدأ بمزاولة المهنة في بيته تدريجياً .
ولم تقف موهبة "شيخ الكار" عند هذا الحد، حيث دفعته الحاجة لمصدر رزق إضافي للعمل في مهنة صيانة الأدوات الكهربائية _ التي تحتاج البصر أيضاً _، فبرع فيها وأصبحت لديه ورشة في حي بحماة، يرتادها الزبائن من الريف والمدينة على السواء لإصلاح البرادات والغسالات وأجهزة الغاز المنزلي، إلا أن ارتفاع سعر إيجار الورشة دفعه للتخلي عن المهنة والعودة لصناعة الخيزران، لا سيما أنه تم بحماة افتتاح سوق المهن اليدوية الذي يضم مجموعة الحرف اليدوية التي تشتهر بها المحافظة وتقدم بطلب لاتحاد الجمعيات وحصل على ورشة صغيرة بسعر رمزي واليوم يواصل العمل في المهنة التي لازمته أكثر من 30 عاماً .
يهوى عمشة لعب الشطرنج ويبرع فيه، كما يحب اللعب بالدومينو، ويحضر قهوته وشايه بنفسه، ويسير لمسافات طويلة في شوارع حماة، دون مساعدة، إلا في حالات اضطرارية .
و يرى زملاء عمشة فيه مثالا يحتذى به في السوق، فهو الحرفي الوحيد الكفيف في سوق المهن اليدوية إلا أنه الأبرع والأكثر جدية ويمتلك هدوءا واتزانا أثناء تأدية عمله .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)