"..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على " الرحمة المهداة " سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

قال تعالى : " وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعلبينهما
برزخاً وحجراً محجوراً " .. " صدق الله العظيم ..

ـ حاول أن تملأقدحين بماء أحدهما عذب والثاني مالح ، ثم صب أحدهما على الآخر
في إناء شفاف .. لاشك أنهما سيختلطان ولا يطفو أحدهما فوق الآخر ..
إذن فمن الذي يمنع من ملوحةالبحيرات العظام التي تصب فيها الأنهار .. كما أنها تصب
جميعها في البحار ؟والنتيجة التي نخلص إليها ، فكما أنهم يقولون : إن ملوحة البحار
كانت بسبب مانحتته الأنهار من الملوحة .. ( نقول ) وكذلك عذوبة البحيرات لم تتغير مع
أنهاأساساً مكونة من الأنهار .. بل بالعكس ينبغي أن تكون البحيرات التي تصبفيهـــــا
الأنهار أشد ملوحة من البحار لقلة مساحتها وكثرة الجداول والأنهارالتي تصب مياهها
فيها ، وقد علمت انهم يقولون : إن المحيطات كانت في بدء تكوينهاعذبة ، ثم أخــــــذت
الملوحة تدريجياً بسبب الملوحة التي حملتها معها الأنهارمن الجبال .. وبذا{ نصل إلــى
درجة اليقين أنه لا بد من الإعتقاد بوجود الإلهالعظيم الفاعل المختار }.. هو الذي جعل مياه
البحار مالحة ، والأنهار والبحيراتعذبة لكي تستقيم الحياة في البر والبحر ، إذ لولا وجود
الملوحة في البحار لأنتنتجميعها ولما كانت الكرة الأرضية صالحة للحياة ، وهذا لم يكـــن
مجرد المصادفةالعمياء ، بل هو بتخصيص الإله العظيم مليك الأرض والسماء ، القائــل
جل حلاله " مرج البحرين هذا عذب فرات " شديد العذوبة " وهذا ملح أجاج " شـــــــديد
الملوحةوالمرارة " وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً " ..
جاء قوله تعالى " هذا عذب .. وهذا ملح جواباً لسؤال مقدر كأن قائلاً قال " كيف مرجهما؟
فقيل هذا عذب فرات " شديد العذوبة " وهذا ملح أجاج " شديد الملوحة وقوله تعالى" وجعل
بينهما برزخا ً .. تقدم بيانه ..
والقائل جل جلاله " وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابهوهذا ملح أجاج ومن
كل تأكلون لحما طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيهمواخر لتبتغوا من فضله
ولعلكم تشكرون ..
وقوله تعالى " ومن كل تأكلون لحماًطرياً .. الخ .. إستطراد لبيان صفة البحر الملح ، والبحر
العذب وما فيهما منالمنافع .. والنعم التي لاتعد ولا تحصى .. وكلها توجب الشكر لله تعالى
على ذلك .. فهل أنتم شاكرون ؟ وبه مؤمنون ؟
والقائل جل جلاله " أفرأيتم الماء الذيتشربون . أأنتم أنزلتموه من المزن " السحاب جمع
مزنه " أم نحن المنزلون . لونشاء جعلناه أجاجاً " ملحاً مراً لايمكنكم شربه ، والإنتفاع به
وفي ذلك هلاككم ،ولكن الله جل جلاله لم يفعل ذلك رحمة بكم " فلولا تشكرون " أي هـــــلاّ
تشكرونالله على ذلك بطاعته ؟ " وقليل من عبادي الشكور " .. صدق الله العظيم ..
ـ أيهاالإنسان .. إلى أين المسير .. قف وأقبل على الله ..