يعتبر الخوف من الأمراض التي تؤثر على الإنسان، وقد ينتج عنه الكثير من المشاكل التي تؤثر على سلوكيات الإنسان وتضعف من قدرته على التعامل مع الواقع بشكل سليم وطبيعي، ولهذا الشعور أيضاً انعكاسات على شخصية المريض، وقد لا يتمكن من تادية التزاماته تجاه المجتمع والآخرين.
والشعور بالخوف يجبر الإنسان على القيام بعمل أو سلوك معين، كرد فعل لموقف أو ظرف معين حدث فعلاً أو على وشك الحدوث، ويعتبر شيئاً طبيعياً في حياة الإنسان اليومية، حيث أن هذه المشاعر حسب رأي خبراء الصحة النفسية ما هي سوى صمام الأمان، والذي يقوم بتحذير الإنسان من وجود خطر ما يهدد الجسم وضرورة تجنب هذا الخطر من خلال سلوك أو ردود فعل معينة.
وفي الواقع فإن الجسم يقوم عند حدوث مشاعر الخوف والقلق، بسلسلة من التغييرات الفسيولوجية الداخلية والتي من شأنها مساعدة الإنسان على التعامل مع موقف الخطر الوشيك سواء بالهرب من الموقف أو مواجهة الموقف.
ولتحليل التصرفات التي تحدث أثناء الشعور بالخوف، توصل علماء يابانيون إلى طريقة لمنع الإنسان من الشعور بالخوف عن طريق حقن مادة مخدرة في مركز الخوف في الدماغ وهذا يفتح الأمل للتوصل إلى علاج لمرض الخوف أو ما يدعي بـ"الفوبيا".
وقد أجرى الباحثون من جامعة "هيروشيما" اختباراتهم على السمكة الذهبية والتي قاموا بتدريبها على الخوف من ومض الضوء، ووجدوا أن السمك الذي تم حقنه بمادة "ليدوكين" في المخيخ سجل معدلات نبض قلب مستقرة ولم يظهر أي علامات للخوف.
وأظهرت الدراسة أن المخيخ يتحكم في الخوف لدى الأسماك والإنسان أيضاً، موضحة أنه يجب القاء الضوء على تطور الخوف وعلى آليات الأعصاب لدى الإنسان، الأمر الذي قد يؤدي إلى علاج جديد لمرض "الفوبيا".
يذكر أن "الليدوكين" هى مادة يستخدمها أطباء الأسنان للتخدير الموضعي، كما يتم استخدامه للعمليات البسيطة التي تحتاج إلى تخدير موضعي فقط وتأثيره مؤقت.
الخوف من خيال الإنسان
رأت مارثا بيك الخبيرة النفسية الأمريكية، أن معظم هذه المخاوف ومصادر القلق هي من خيال الإنسان ومن بنات أفكاره أكثر مما هي واقعية، مبينة في الوقت نفسه أنه يجب عليه مواجهتها للتغلب عليها.
وأكدت بيك أن الأبحاث النفسية الحديثة أثبتت أن الإنسان عندما يخاف من أحد الأمور، كأن يفقد منزله أو يخسر ماله، يتحول هذا الأمر إلى هاجس في لاشعوره، بحيث يصبح جزءاً منه يتمنى أن تحدث الكارثة التي يخشاها، ليتوقف التوتر الذي يصيبه بشكل مستمر.
وأوضحت بيك أن هذا الخوف والتوتر الزائد، الذي يولد الصراع النفسي داخل الإنسان، يدفعه إلى أن يرتكب أبشع الأخطاء، وأن يتصرف بطريقة خاطئة تضر به وبمصالحه، فيصبح قلقاً طوال الوقت ويتعامل بعصبية مفرطة مع الآخرين، مما يجعلهم ينفرون منه، وهو الأمر الذي سيضر، بنظر الخبيرة، باسمه وسمعته أمام الناس.
وبينت بيك أن هذا التوتر الشديد يقود إلى نتائج عكسية، إذ يدفع صاحبه بدلاً من تجنب مخاوفه، إلى أن يرتكب الكثير من الأخطاء، سواء في حياته المهنية أو الشخصية، وهو الأمر الذي قد يحّول ما يهابه الإنسان، من فقر أو أداء رديء في العمل، إلى حقيقة واقعة.
وعلاجاً لهذه المسألة، رأت بيك أنه من الضروري على الشخص أن يواجه نفسه، وأن يحسب مخاوفه، ليرى في النهاية أنها أمر مبالغ فيه دائماً، وأن الصعوبات التي يواجهها في الحياة تنعكس بصورة مضخمة للغاية في رأسه، على عكس ما هي في الواقع.
وفي النهاية، رأت بيك أنه عندما يواجه الإنسان مخاوفه، يدرك أن الحياة مليئة بالفرص، وأن هناك دائماً فرصة جديدة للنهوض مجدداً بعد أي فشل في الحياة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيل مثل هذا المخاوف، ويظهر للشخص القَلِق أن خوفه كان في غير محله.
وحذرت بيك من أنه عندما لا يواجه الناس مخاوفهم، فإنهم يعرضون أنفسهم للصراع النفسي داخل لشعورهم، والذي سيطفو على السطح عاجلاً أم آجلاً، وسيكون ضرره جلياً وجسيماً في آن واحد.
الخوف يفقدك السيطرة على نفسك
أفادت مصادر طبية ألمانية بأن الإنسان قد يصاب بنوبة ذعر فى أى مكان ويترتب على ذلك زيادة فى سرعة نبضات القلب، وينتاب المصابون بنوبات الذعر رغبة جامحة لا يمكن تفسيرها فى الفرار. وأشارت المصادر الطبية إلى أن الشباب يمثلون الفئة الرئيسة التى تصاب بنوبات الذعر، ويمكن أن يشعر المرء بالفزع فى أى مكان دون سابق انذار، كما أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بالذعر مقارنة بالرجل. وأوضحت البروفيسورة ان كارو وهى طبيبة أمراض نفسية بجامعة ايبندورف فى هامبورج بالمانيا قائلة "إن الخوف فى الأساس هو شعور جيد لأنه يؤدى إلى رد فعل دفاعى فى المواقف الخطرة". من جانبها، قالت البروفيسورة أنجيليكا ايرهاردت وهى عضو فى فريق بحثى بمعهد ماكس بلانك لدراسات القلق فى ميونيخك "إن معظم أشكال الخوف تواكبها أعراض بدنية مثل تصبب العرق أو الارتجاف أو زيادة فى سرعة نبضات القلب"، مضيفة: "قد يصاب البعض بنوبات ذعر دون وجود أسباب واضحة، وكثيراً ما يصاحب نوبات الذعر خوف مرضى من الأماكن المفتوحة". وأوضح البروفيسور هانز مارتين هارتمان من مركز أبحاث القلق فى برلين أن المرء يشعر فى هذه الحالة بالخوف من الأماكن المزدحمة ويشعر بعدم القدرة على التعامل مع الموقف الذى يواجهه والرغبة فى الفرار إلى مكان آمن.
ضيق التنفس أحد علامات الخوف
أفاد علماء ألمان بأن ضيق التنفس قد يكون علامة على الإصابة بنوبة خوف، حيث أن معظم المصابين بهذه النوبات يشعرون بضعف مفاجىء ودوار دون تفسير أو سبب عضوى.
وأشارت كريستا روت ساكنهايم البروفسورة المتخصصة بعلم النفس، إلى أن هذه الأعراض يمكن أن يترافق مع أعراض أخرى كسرعة فى ضربات القلب والشعور بالالم والانزعاج والرعشة.
وأوضحت ساكنهايم أن هذه الاعراض تظهر دون سابق انذار وتصبح شديدة الحدة بعد بضع دقائق قبل أن تختفى، وغالباً ما يصاحب هذه الأعراض الشعور بالخوف من الإصابة بالجنون أو الإصابة بانهيار عصبي.
لذا بدأ الباحثون منذ فترة قصيرة فى البحث وراء أسباب نوبات الخوف وهم يعتقدون أن السبب هو خلل ما فى قدرة الجسم على التعامل مع المخاوف والهواجس ومن النادر أن يشفى المريض تماماً دون تلقى العلاج السليم.
الخوف الدائم وراء الأمراض القلبية
كشفت دراسة حديثة أن النساء اللاتي يعانين من الاضطرابات الانفعالية أكثر عرضة للموت بأمراض القلب، حيث تبين أن النساء اللاتي لديهن مستويات عالية من الاضطرابات النفسية، وحالات مستمرة من الرعب والخوف لأسباب مختلفة، يكن تحت خطورة الإصابات القليبة بنسبة تصل إلى 59%، مع احتمالات لإصابات أخرى غير قلبية بنسبة 31%.
وأفاد العلماء بأنه حتى ومع السيطرة على عوامل خطورة الإصابات القلبية، تبقى النساء أكثر استعداداً للموت الفجائي القلبي.
وقد كانت دراسات سابقة، قد أظهرت أن العوامل النفسية مثل المشاعر العاطفية، الانفعال، الغضب، كلها يمكن أن تزيد من خطورة الأمراض القلبية والموت بسببها.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)