الشبكة العنكبوتية
لفت هذه الشبكة حبالها حولنا .. و أوثقتَ رباطنا بها ..
فـ أصبحت جزء من حياة الأغلبية ..
يتفقدها يومياً .. بل و في أحيان أُخر .. أكثر من مرة فِـي اليوم ..
و يتلقى منها ما يتلقى في جميع المجالات التي يودها و يرغبها ..
و قد لا يرغبها بداية و لكنها تشدهُ إليها فـ ترغبهُ بها ..
كما تفعل الأم بـ صغيرها الذي يرفض الطعام ..
فـ تغريه بـ فتح فاها حتى يفتح فاهُ هو الآخر ..
فـ تُلقمه اللُقمة مع إبتسامة حانية فرحة ..
و هكذا تفتح لنا الشبكة فاها مع إبتسامة ماكرة جذابة ..
و هي تخفي في جعبتها الكثير .. أكثر مما تظهرهُ لنا ..
و بـ حسن نية منا نقتحم و نرحب و نلج و نفتح أذرعنا مرحبين ..
و كأننا عندما تصفحنا العالم ظنناه أصبح مُلكنا ..
و هنا سـؤال .. هل ملكنا أنفسنا .. حتى نملك العالم ..
و إن كان خيـالاً و أشباحاً لا تُرى ..
أحبتي ..
أعلمُ أن هذا العالم شيئاً كبيراً كنا نجهلهُ حقيقةٌ و نلسمهُ واقعاً ..
و كثيرون أصبحوا يعلمونهُ و يعلمون أين تقع حدود تلك الصفحات ..
و يعلمون متى تقل و متى تكثر .. و متى تفتحُ و متى تغلق ..
و كما أصبحوا يعلمون من ذاك الجديد القادم .. الجاهل ما يواجه ..
و الذي أتى بـ براءة لـ يكتشف هذا العالم المجهول المثير ..
و هناك العابثُ القديم و القدير يراقب بـ كثبٍ كي يثب ..
و يتحفز كي يقفز على ذاك الشخص و حاسوبه المسكين ..
هو مشدوهاً بـ ما يَرى .. و ما علم أن خلفه من يراقب ما يرى ..
أحبتي ..
الشبكة فتحت باباً للحرية .. بل قولوا عالماً جديداً واسعاً في أيدي الجميع ..
الشبكة أيضاً أخفت الهويات الشخصية للمستخدمين فـ أصبح الكل يظن أنهُ في أمان ..
و الكل يظن أنه حتى لو صادهُ هكرٌ .. فـ أن جُل ما يأخذهُ هو بريدٌ إلكترونيٌ أو معرفٌ لـ موقعٍ ..
أو أن يُـرسل ديداناً و فيروسات .. تُهاجم جهازه فـ ينهار .. فـ يُعيد بناء النظام عند أي دُكــان ..
الكثير ملأ قلبهُ الأمان و الاطمئنان .. و جعلهُ مستودعاً يرمي فيه همومه و مشاكله ..
بل حتى أخباره و تحركاته اليومية .. فـ أصبحتَ علاقاته و صداقاته أمام الجميع مرئية ..
و كل ذلك بـ براءة و بساطة عقله .. و قلة تفكيره و إداركه ..
و ربما سذاجة حُب الظهور .. و الغرور بـ بعض السطور ..
و هنا اتساءل و أتعجب ..!
أليس للبيوت أسرار ..؟ أم أنهُ تم كسر الأسوار .. ؟
أصار هذا العالم بـ أرواحه الخيالية تمثالاً للحرية ..؟
أصار الأمن و الثقة فيه و كل يومٍ فريسة تقعُ فيه ..
سواء بـ الإختراق و كشف المعلومات الخاصة و السرية ..
أو بـ الإستغلال المادي أو النفسي أو المعنوي ..
ثم بعد كل هذا .. أجدني اتألم و أتعصب ..
و أنا أرى تلك تبكي .. و تلك تشكي ..
هذا فضحني .. و ذاك ابتزني ..
أين العقول بـ الله عليكن ..
ما بالنا أصبحنا نمشي و راء كل كلمة جميلة نسمعها ..
ما بالنا أصبحنا نثق بـ كل إبتسامة { فيس} يظهر لنا ..
ما بالنا نتصور كل أناس المدينة الفاضلة يقابلوننا بـ ود ..
ما بالنا نجد طوابير من الجهل العميق يفيضُ بـ قوة ..
ما بالنا نتعمق و نتعمق في أدق تفاصيلنا الشخصية ..
التي بعضها نخجل أو حتى لا نحب أن نقولها لـ أحد على أرض الواقع ..
ما بال العقول يا أخوة .. نست هدفها و غايتها .. و تناست ملكيها ..
و يكتبان كل ما تقترف النفس من وزر .. و كل ما تفعل الحواس من ثقل ..
أُحبتي ..
اجعلوا من هذا العالم بابٍ لـ كل خير .. و اكسروا كل مفتاحٍ للشر ..
اجعلوا من هذا العالم حسنات جارية .. تلحقكم بعد موتكم ونشوركم ..
اجعلوا من هذا العالم قدوة للغير .. و ذكرى حسنة تدعوا لكم بـ الخير ..
اجعلوا من هذا العالم نافذة تعلمكم و توعيكم و تثقفكم و توجهكم ..
بـ مصادر علمية عملية على منهج ديننا و شريعتنا السمحة ..
و ألفظوا و أنفظوا كل باطل يأتيكم بـ أنيابه المصقولة أو مخالبه المدهونة ..
بـ ألوان جميلة .. براقة خادعة .. كل ضياءٍ يختفي و كل نورٍ يزول ..
إلا نــور الخير .. الصدق .. الحق .. و الإيمان و التقى ..
قبل أن تكتبوا حرفاً اعرفوا لمن تكتبوه .. و لمن سيكون الحصاد ..
قبل أن تنقلواً موضوعاً .. اسئلوا بـ ماذا سـ يفيدني و يفيد غيري و ماهي الزبدةُ منه ..
قبل أن تكتبوا رداً راعوا فيه مشاعر أخوتكم .. و لا تحملوا أنفسكم ما لا تطيقه ..
يكفي آثاماً تُقرأً .. يكفي آثاماً تُنقل ..
يكفي آثاماً تُرسل .. يكفي آثاماً تُشاهد ..
يكفيكم من الإثم القليل ..
و لا يكفيكم من الخير الكثير ..
قللوا من الإثم و لو كان بـ حجم الذرة ..
و أكثروا من الخير و لو كان عندكم منهُ جبال و بحار ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)