يعتقد البعض بل ويجزمون بأنهم لا يحلمون أبدًا خلال نومهم، ولكنهم في المقابل لا يشكون من سوء النوم، فنومهم متواصل ونشاطهم بالنهار طبيعي، ولكنهم يستغربون أنه لا توجد لديهم أحلام يستطيعون سردها كما يفعل الآخرون.
لهؤلاء أود أن أشرح لهم بعض المفاهيم البسيطة عن مرحلة الأحلام في النوم. الأحلام مرحلة أساسية من مراحل النوم، ومن المعلوم طبيًا أن نشاط المخ خلال مرحلة حركة العينين السريعة التي تحدث فيها أكثر الأحلام يكون أعلى من نشاطه خلال الاستيقاظ، ويقضي الإنسان البالغ من 15 إلى 25 في المئة من نومه في هذه المرحلة. ويمر النائم خلال فترة النوم المعتادة (8 ساعات) بأربع إلى ست دورات من النوم يمر خلالها بمختلف مراحل النوم؛ حيث يبدأ بالمرحلة الأولى ثم الثانية وبعد ذلك النوم العميق (الثالثة والرابعة) حتى يصل إلى مرحلة الأحلام.

ويصل النائم في العادة إلى مرحلة الأحلام بعد 60 إلى 90 دقيقة من بدء النوم. كما أن نسبة مرحلة الأحلام تكون أعلى في دورات النوم المتأخرة مقارنة بالدورتين الأولى والثانية؛ لذلك تزيد الأحلام قبل الاستيقاظ. ولعل القراء قد لاحظوا أنه في حال تأخير استيقاظهم في الصباح لساعة أو أكثر عن الموعد المعتاد للاستيقاظ فإن جزءًا كبيرًا من نومهم المتأخر يحتوي على الأحلام. وظهرت العديد من النظريات والفرضيات حول أهمية الأحلام، كأهميته لنمو المخ؛ حيث يقضي حديثو الولادة نحو 50 في المئة من نومهم في هذه المرحلة، كما يعتقد البعض أن مرحلة الأحلام مهمة لتقوية الذاكرة والتركيز؛ حيث أظهرت إحدى الدراسات أن أداء الطلاب الذين لم يصلوا إلى هذه المرحلة في الامتحانات كان أقل من نظرائهم الذين وصلوا إلى مرحلة الأحلام، ويعتقد آخرون أن الأحلام مهمة لإزالة الأحاسيس والعواطف الضارة التي قد تؤثر في حالة الاستيقاظ، ولكن من المهم هنا أن أذكر أنه لا توجد أدلة علمية قوية تدعم ما سبق ذكره، ولا يزال الموضوع يحتاج إلى كثير من البحث، وهناك نظرية أخرى تقول إن الأحلام مهمة لحديثي الولادة للحفاظ على درجة حرارة المخ؛ حيث إن حرارة المخ ترتفع خلال مرحلة الأحلام.
لا يتذكر الكثير من الناس أحلامهم، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم لا يحلمون، فقد أظهرت الأبحاث في المختبر أن كل الأشخاص تقريبًا الذين لا يشكون من اضطرابات النوم مثل توقف التنفس أثناء النوم يمرون بمرحلة الأحلام، وقد يكون هناك عدة أسباب لعدم تذكر البعض أحلامهم، فالأشخاص الذين لا يشغلون بالهم بموضوع الأحلام ربما لا يتذكرونها، كما أن الشخص الذي ينام ساعات قليلة ربما لا يمر بالمرحلة الأخيرة من النوم التي تحدث فيها الأحلام الطويلة. كما أن الإنسان الذي يستيقظ خلال الحلم ويستمر مستيقظًا لعدة دقائق يتذكر الحلم، أما الذي لا يستيقظ خلال الأحلام أو يستيقظ لدقائق ثم يعود للنوم فإنه في العادة لا يتذكر حلمه. لذلك أطمئن الذين لا يتذكرون أحلامهم طالما أن نومهم مريح ونشاطهم بالنهار طبيعي، وأتمنى أحلامًا سعيدة لمن يتذكرون أحلامهم.